كيف تعثر على هدفك وشغفك في الحياة؟

أنت لا "تجد هدفك"؛ بل تقاتل لأجله، وتتعلم من دروس الأشخاص الذين وجدوا شغفهم، ويكون ذلك أحياناً في وقت متأخر من الحياة.



سواء كان ذلك في أثناء اختبار الكفاءة المهنية أم محادثة من القلب إلى القلب بعد تسريحك من العمل، فمن المحتمل أنَّ شخصاً ما تحدَّث معك عن كيفية "العثور على هدفك". إنَّها إحدى تلك العبارات التي يتحدَّث الناس عنها، ولكنَّ "ديف إيساي" (Dave Isay)، مؤسس شركة "ستوري كوربس" (StoryCorps)، يعترض على طريقة العثور على هدف.

يقول: "العثور على هدفك ليس أمراً سلبياً"، و"عندما يجد الناس هدفهم، يتخذون قرارات وتضحيات صعبة من أجل القيام بالعمل الذي كان من المفترض أن يقوموا به"؛ وبعبارة أخرى، أنت لا تجد هدفك فحسب؛ بل عليك أن تقاتل لأجله، فهو شيء يستحق القتال.

يقول "إيساي" الحائز على جائزة "تيد" (TED) لعام 2015: "الأشخاص الذين اكتشفوا هدفهم كانوا مفعمين بالحماسة ويتوقون للاستيقاظ في الصباح والذهاب إلى أداء عملهم"، وعلى مدار أكثر من عقد من الاستماع لمقابلات "ستوري كوربس"، لاحظ "إيساي" أنَّ الناس غالباً ما يشاركون قصة كيفية اكتشافهم لهدفهم.

والآن، جمع العشرات من القصص الرائعة حول هذا الموضوع في كتاب جديد يُدعى: "الأهداف: الغاية من العمل وشغفه" (Callings: The Purpose and Passion of Work)، ويشارك 7 نقاط من الرحلة الصعبة التي يجب عليك خوضها للعثور على العمل الذي تحبه:

1. يكمن هدفك في تقاطع بين ثلاثة أشياء:

القيام بشيء تجيده، والشعور بالتقدير، والاعتقاد أنَّ عملك يجعل حياة الناس أفضل:

  • يقول "إيساي": "عندما تجتمع هذه الأشياء الثلاثة، تشكِّل قوة هائلة"؛ حيث إنَّه لا يقترح أن تكون جراحاً ينقذ الأرواح لتشعر بأنَّ لديك هدفاً؛ لذا فكِّر في النادلة التي تقدم العشاء وتتحدث إلى العملاء وتجعلهم يشعرون بأنَّهم محبوبون، فكيف تجد هذا التقاطع؟
  • يقول "إيساي": "عليك أن تستبعد كل الأحاديث التي يخبرك أصدقاؤك أن تفعلها، وما يطلب منك والداك والمجتمع أن تفعله، واذهب فقط إلى ذلك المكان الهادئ بداخلك الذي يعرف الحقيقة".

2. غالباً ما ينبع هدفك من التجارب الصعبة:

يشير "إيساي" إلى مقابلة مع المعلم "أيوديجي أوغونيي" (Ayodeji Ogunniyi) البالغ من العمر 24 عاماً؛ حيث كان يدرس ليصبح طبيباً عندما قُتِل والده، وحينها أدرك أنَّ ما كان عليه فعله هو أن يكون معلماً، يقول "إيساي": "يقول المعلم إنَّه في كل مرة يدخل فيها فصلاً دراسياً، يتذكر والده".

وهذا الموضوع المتمثل في تحويل الأشخاص لتجاربهم الصعبة إلى مسار جديد موجود بكثرة في الكتاب، ويقول "إيساي": "المرور بتجربة تصدمك حقاً وتذكِّرك بموتك يجعلك تفهم الحياة أكثر، وفي الكثير من الأحيان، يؤدي ذلك إلى تغييرات، ونحن نقضي الكثير من الوقت في العمل؛ لذلك يمكن أن تُغيِّر التجارب المؤلمة أولوياتنا فيما يتعلق بحياتنا العملية".

3. يتطلب الهدف في الكثير من الأحيان الشجاعة والجرأة:

أصبح "ويندل سكوت" (Wendell Scott)، أول سائق "ناسكار" (NASCAR) أمريكي من أصل أفريقي في عام 1952، واستمر في القيادة على الرغم من التهديدات ضد حياته، وتعاملَت العالمة "دوروثي واربورتون" (Dorothy Warburton) مع التمييز الجنسي الشديد في أثناء إجرائها بحثاً للتخلص من وصمة العار حول الإجهاض.

وافتتح "بورنيل كوتلون" (Burnell Cotlon) أول متجر بقالة في الحي بعد إعصار كاترينا؛ وذلك لأنَّه لم يكن يريد أن تتلاشى روح الحي القديم، يقول "إيساي": يبدأ الهدف باتخاذ موقف ضد الوضع الراهن غير المقبول ببساطة، ثم تكريس عملك لتغييره: "إنَّه عمل يوقده الأمل أو الحب أو التحدي، ويستمر بالعزيمة والمثابرة".

شاهد بالفديو: كيف تحدد أهدافك في الحياة؟

4. غالباً ما يدفعك الآخرون لتحقيق هدفك:

عملَت "شارون لونج" (Sharon Long) أعمالاً يدوية معظم حياتها، وكما يقول "إيساي": "كانت ابنتها تذهب إلى الكلية، وبينما كان أمين الصندوق يساعدهم في استمارات المساعدات المالية، قالت لنفسها بهدوء: أتمنى لو كان في إمكاني أن أذهب إلى الكلية، فأجاب أمين الصندوق لم يفت الأوان بعد".

التحقَت "شارون" ببرنامج فني، وبناء على اقتراح مستشارها اختارت أنثروبولوجيا الطب الشرعي، ويقول "إيساي": "لم يقترح المستشار هذا البرنامج لأي سبب آخر سوى أنَّه كان يعتقد أنَّه أسهل مقرر علمي، ولكن في اللحظة التي جلسَت فيها في ذلك الفصل، وجدَت أنَّ هذا هو هدفها".

يروي "إيساي" هذه القصة لتوضيح كيف أنَّ الهدف، على الرغم من كونه شخصياً للغاية، فهو أيضاً يعتمد على العلاقات بين الناس؛ حيث يقول، غالباً دون أن تدرك ذلك: "تلتقي بالناس بطريقة أو بأخرى، وعندما يجد الناس هدفهم، فإنَّهم يريدون تكريم أولئك الذين ساعدوهم على تحقيقه".

5. ما يأتي بعد تحديد هدفك هو ما يهم حقاً:

لا ينتهي الأمر عندما تعثر على هدفك وحسب؛ إذ يؤكد "إيساي" أنَّ هدفك عملية مستمرة، وكما يقول: "فهم هدفك مختلف تماماً عن الجهد الذي تبذله في سبيل تحقيقه"، وقد تتطلب متابعته العودة إلى الدراسة أو التدريب، أو بدء عمل تجاري.

ويلاحظ "إيساي" في الكثير من الأحيان أنَّه يقود الشخص إلى مجال عمل يخدم الآخرين، ويقول: "هذا الكتاب هو في الأساس رسالة حب إلى الممرضات والمعلمين والعمال الاجتماعيين؛ أي الأشخاص الذين لا يُقدَّر العمل الذي يقومون به".

إقرأ أيضاً: أهمية تحديد الهدف ووجود الشغف في الحياة

6. العمر لا يهم:

وجد "إيساي" هدفه عندما كان يبلغ من العمر 21 عاماً عندما أجرى مقابلة مع رجل كان جزءاً من أعمال شغب، حيث يقول: "في اللحظة التي سجلتُ فيها رقماً قياسياً، عرفتُ أنَّ كوني صحفياً وإجراء المقابلات مع الناس هو ما كنت سأفعله لبقية حياتي، وأشعر بأنَّني محظوظ جداً لأنَّني علمتُ ما هو هدفي عندما كنت صغيراً جداً".

ولكنَّه علم من خلال القصص في الكتاب أنَّه يمكن اكتشاف الهدف في أي عمر؛ حيث يتضمن الكتاب مقابلة مع شخص كان يعلم أنَّه يريد أن يكون حكماً في الدوري الأميركي للمحترفين في سن 15 عاماً، وآخر عمل محاسباً لمدة 30 عاماً قبل أن يكتشف شغفه بتقطيع السمك، ويقول "إيساي": "إنَّ القيام بالعمل الذي تريده هو أحد أكثر التجارب إرضاءً وروعةً التي يمكن أن يمر بها أي شخص؛ لذا لا تستسلم أبداً".

7. هدفك في كثير من الأحيان لا يأتي براتب كبير:

هناك اتجاه آخر يراه "إيساي" في قصص الأشخاص الذين يجدون هدفهم، غالباً ما يتركون وظائفهم ذات الرواتب المرتفعة ويلتحقون بوظيفة ذات راتب أقل ولكنَّها أكثر إرضاءً.

ويقول "إيساي": "الرسالة التي نرسلها للشباب هي أنَّه عليك القيام بأقل قدر ممكن من العمل لكسب أكبر قدر ممكن من المال؛ فهذا هو الحلم، ولكنَّ الحكمة في أرشيف "ستوري كوربس" هي أنَّ هناك حلماً آخر أكثر فائدة يتمثل في المجازفة والعمل الجاد للعيش بنزاهة".

ففي النهاية، هذا هو الدرس الذي استخلصه من تأليف هذا الكتاب، ويقول: "لا يوجد دروس من الأثرياء ولا المشاهير ولا أحد لديه عدد كبير من المتابعين على تويتر، ولكن يمكن للقصص فقط أن تعلِّمنا الكثير عن الحياة".

المصدر




مقالات مرتبطة