كيف تعبر عن نفسك بشكل يعكس جوهر شخصيتك وثقتك بنفسك؟

لقد ازداد استخدام هذه الكلمات خلال العقد الماضي: الثقة بالنفس، والمصداقية، والتعبير عن مشاعرك بصدق، وغيرها الكثير.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة كريستا ريزو (Krista Rizzo) والذي تحدثنا فيه عن كيفية التعبير عن أنفسنا بطريقةٍ تعكس ثقتنا بأنفسنا ومصداقيتنا.

عندما كنت صغيرة، لم تكن هذه الكلمات متداولة في أثناء الحوارات التي تدور حول مائدة العشاء في معظم المنازل. وبالتأكيد، عزَّز والداي احترام الذات الإيجابي لي ولأخي، ولكن ليس بالطريقة التي تراها منتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، وحتى أكون منصفة، لم يكن هناك شيء مثل وسائل التواصل الاجتماعي عندما كنت طفلة، لذلك لم أواجه تلك الأمور؛ جيدة كانت أم سيئة.

على أي حال، إنَّ فكرة أنَّ شخصاً ما، وخاصة المرأة، يجب أن تعبر عن نفسها تعبيراً يعكس ثقتها بنفسها وجوهر شخصيتها الحقيقي لم يُروَّج لها كما هو الحال في هذه الأيام؛ حيث منعت التوقعات حول ما كان مناسباً ومقبولاً الكثير من الناس من التعبير عما يجول في خواطرهم بصدق، كما قيَّد الخوف من أحكام الآخرين أو السخرية بعضَ الناس؛ ذلك لأنَّ الشعور بالحرج كان أكثر إيلاماً من مشاركة الحقيقة.

لقد انتابنا هذا الشعور جميعنا بطريقة أو بأخرى، ولا تزال هذه المشاعر موجودة بالنسبة للكثيرين منَّا، وذلك لأنَّه لم يشجعنا أو يعلمنا أحد كيفية التعامل معها بطريقة لا تنم عن الغرور أو الأنانية.

ليس من السهل تقديم نفسك أمام الناس بطريقةٍ تعكس ثقتك بنفسك ومصداقيتك، ولكنَّه ليس مستحيلاً أو صعباً إن تذكرت هذه الأمور: كن متعاطفاً، وضعيفاً، وشجاعاً.

1. كن متعاطفاً:

يجب أن أقول، أحد الدروس التي تعلمتها حقاً منذ أن بدأت ممارسة مهنتي في الكوتشينغ هو أنَّه عندما تقدم نفسك بطريقة موثوقة وصادقة، فإنَّك تبني روابط وعلاقات أكثر أهمية؛ فالقدرة على التعاطف مع شخص آخر تزيد من الثقة في علاقتك، وهي شيء يمكنك فعله مع كل شخص في حياتك.

خلال فصل الربيع، واجه ابني صعوبة في التعلم الافتراضي في أثناء فترة تفشِّي الوباء، لقد كان يُجادل ويُصاب بنوبات غضب لأنَّه كان مستاءً ولم يعرف كيف يعبر عن ذلك، وذات يوم كان جالساً على الأريكة يبكي لأنَّه افتقد أصدقاءه ومعلميه ومدرسته.

لقد كان ابني المعروف عنه المرح والنشاط يتألم وكنت بحاجة لمساعدته؛ وبدلاً من إخباره أنَّه ليس لديه خيار سوى القبول بالأمر الواقع و"الذهاب إلى المدرسة"، جلست بجانبه على الأريكة وبكيت وأخبرته أنّني أُحِسُّ بما يشعر؛ إذ أردته أن يرى أصدقاءه ومعلميه وأن يذهب إلى المدرسة، ففي الواقع، اشتقت إلى أصدقائي وجميع الأشياء الرائعة التي كنا نقوم بها قبل أن ندخل في الحجر الصحي.

عندما أظهرت له أنَّني أستطيع التعاطف معه، تمكنَّا من مناقشة الأمر بسلام ومنطق، وتمكنَّا من التواصل بطريقة لم نعهدها من قبل، بعد ذلك، كان قادراً على فهم سبب أهمية مشاركة مشاعره وكيف يمكن أن يساعده التعبير عن نفسه في مواقف معينة.

إقرأ أيضاً: التعاطف في العمل، تنمية المهارات لفهم الآخرين

2. كن ضعيفاً:

الضعف هو كلمة رنانة أخرى بتنا نسمعها في المحادثات كثيراً في الآونة الأخيرة، لقد ولَّت أيام "تظاهر بقدرتك على فعل شيء حتى تستطيع فعله حقاً"؛ لقد تعلمنا أنًّه من خلال مشاركة قصصنا الشخصية، سنكون أكثر واقعية وثقة مع الأشخاص في حياتنا.

قد تكون الصراحة والحديث عن الأجزاء الحميمة من حياتك أمراً صعباً في بعض الأحيان، وعلى غرار التعاطف، غالباً ما يتطلب الأمر التغلب على الخوف من آراء الناس، ولكن عندما تقرر كشف حقيقتك تماماً، يترافق ذلك غالباً مع شعور بالقوة والراحة.

قد يكون الضعف والصراحة مفيدَين للآخرين، وقد يجلبا أيضاً موجة من الدعم والتفهم من دائرة داعميك من الأصدقاء والعائلة، وهذا أسهل من كبت مشاعرك، بغض النظر عن الموقف.

قبل عدة سنوات كنت أمر بوقت عصيب في العمل؛ فقد كانت البيئة غير صحية، وكان لها تأثير سلبي ليس على حياتي المهنية فحسب، بل على حياتي الشخصية أيضاً، ومهما حاولت فصلهما، كان من المستحيل بناء جدار كامل بينهما؛ في حياتي المهنية، كنت أعاني من القلق والغضب والاكتئاب، ولم أرغب في الذهاب إلى العمل بسبب الإجهاد البدني؛ فانخفضت إنتاجيتي في العمل لأنَّني كنت دائماً حذرةً من الأشياء التي كانت تحدث لي ولمن حولي؛ حيث لم أستطع الاسترخاء أبداً أو التخلي عن حذري.

لقد كانت تجربة مروعة، ومع ذلك، لأنَّني كنت أعلم الشكل المفترض لحياتي، لم أخبر أحداً من عائلتي أو أصدقائي في المنزل، لقد كنت متوترة للغاية بشأن مشاركة ضعفي مع الأشخاص الذين يمكن أن يدعموني؛ لذا لقد جاءت أفعالي بنتائج عكسية إلى حدٍ كبير، وعانيت في النهاية من الإنهاك بسبب محاولة إدارة كل شيء بمفردي.

لقد كانت بداية مشاركتي لقصتي الحقيقية عندما وجدني زوجي أذرف الدموع على أرضية غرفة نومنا بعد أن أصابني انهيار بسبب التوتر والقلق، لقد تطلَّب الأمر أن أكون ضعيفة وأعبر عن نفسي لكي أتماثل للشفاء وأجري التغييرات اللازمة في حياتي.

وبسبب ذلك، تمكنت في النهاية من مواجهة خوفي واتخاذ قرارات من شأنها أن تعيد مسار حياتي إلى اتجاه لم أكن لأحلم به؛ فمن خلال كوني ضعيفة ومشاركة قصتي، تمكنت من إنشاء مؤسسة لمساعدة الآخرين في التغلب على مخاوفهم وتحدياتهم.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لكي تعبر عن مشاعرك بالطريقة الأمثل

3. كن شجاعاً:

الثقة بالنفس ليست غريزة تُولد معنا، وإنَّما مهارة تُكتسب، بالنسبة لبعضنا، يستغرق اكتساب ثقةٍ حقيقية وقتاً طويلاً، بالنسبة للآخرين، الأمر سهل.

الثقة هي نتاج محيطك ونظام دعمك وإيمانك بنفسك؛ فأنت تخلق ثقتك بنفسك بالطريقة نفسها التي تخلق بها سعادتك، وذلك بإحاطة نفسك بالإيجابية والتفاؤل من خلال التعليم واتخاذ الخيارات التي تشعرك بالرضا.

يسمي بعض الناس الثقة شجاعة؛ فعدم الخوف من أن تكون مختلفاً، أو التحدث عمَّا يدور في ذهنك، أو مشاركة نقاط ضعفك مع الآخرين ومواجهة تحدياتك بشكل مباشر وصريح، هو ما يعني الشجاعة.

تعرض أحد أصدقائي للتنمر طوال حياته، وحتى يومنا هذا، كشخص بالغ في منتصف العمر، لا يزال يواجه أشكالاً من التنمر؛ لقد تواصل معي للتحدث عن ذلك لأنَّه بعد أن أصبح رجلاً واثقاً من نفسه، يريد الآن أن يفهم سبب قيام الناس بالتنمر على الآخرين، خاصةً كبالغين.

أخبرته خلال محادثتنا أنَّه كان لا يعرف الخوف في سعيه لتثقيف نفسه بدلاً من الانتقام؛ حيث ساعدته ثقته على التعبير عن نفسه بطريقة ساعدته هو نفسه وساعدت أيضاً الآخرين الذين مروا بنفس المواقف.

لقد قضى صديقي سنوات في تعليم نفسه والسعي إلى تعزيز شجاعته، وقد تحول من صبي مرتاب إلى رجل واثق من نفسه يعرفه أصدقاؤه وعائلته ويحبونه؛ لقد تغلب على العديد من العقبات المتعلقة بقيمة الذات، وعدم الإيمان بنفسه، والقلق لدرجة أنَّه أصبح الآن مثالاً ساطعاً عن كيفية الازدهار.

نسمع كلمة "كارهين" كثيراً على وسائل التواصل الاجتماعي، وهم الأشخاص الذين يعبرون عن السلبية من خلال التنمر، عندما تكون لديك القدرة على استثمار طاقتك والتألق بغض النظر عن رأي الآخرين بك، فأنت شجاع، وبذلك، يصبح التعبير عن نفسك أسهل لأنَّك قادر على تقبُّل نفسك، وعندما تفعل ذلك، ستجذب الأشخاص الذين تحتاجهم في حياتك.

في الختام:

القدرة على التعبير عن نفسك بشكل حقيقي ليست أمراً سهلاً بالنسبة للكثير منَّا؛ إذ يتطلب الأمر جهداً للوصول إلى حالة تشعر فيها بالراحة مع نفسك، خاصةً إذا كنت تمر بأوقات عصيبة، ولكن إذا سمحت لنفسك بالانفتاح والحديث عن ذاتك الحقيقية، فستظهر مصداقيتك وثقتك بنفسك.

قد تجلب لك قدرتك على أن تكون على طبيعتك الشعور بالراحة والهدوء، وقد تواجه بعض التحديات على طول الطريق، لكن في النهاية، ستعرف شعوراً لم تعرفه من قبل، وهذا سيجعل كل شيء يستحق رحلتك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة