كيف تضمن اندماج الموظفين البعيدين في ثقافتك التنظيمية؟

تدرك الشركات الذكية أهمية الاستثمار في موظفيها، فتكون النتيجة قوة عاملة مندمجة ومعدلات احتفاظ بالموظفين أعلى، ونتائج عمل أفضل، فلا يقتصر الاستثمار في الموظفين على توفير أفضل اللوازم المكتبية أو المزايا الصحية؛ إذ إنَّ توفير بيئة عمل مرنة هو أحد أفضل الطرائق للاستثمار في سعادة موظفيك وإنتاجيتهم وسلامتهم.



رغم المخاوف الموجودة لدى العديد من الشركات من أن يقضي الموظفون عن بُعد وقتهم في متابعة برامجهم المفضلة على "نيتفليكس" (Netflix) خلال أوقات العمل، فالعمل من المنزل يمكن أن يخفض بعض نفقات الشركة مثل أجور مواقف السيارات والحيز المكتبي، إضافة إلى أنَّ العديد من الموظفين يكونون أكثر إنتاجية عندما يعملون من المنزل، كما أنَّها خالية من المشتتات مثل الزملاء الذين قد يأتون فجأة أو التنقلات اليومية الطويلة إلى مكان العمل، التي من الممكن أن تكون مُستنزِفة للطاقة.

العمل من المنزل أو العمل عن بُعد هو واحد من اتجاهات العمل المرنة الأكثر شيوعاً في مكان العمل، وتُشير التقديرات إلى أنَّه منذ عام 2005، نما العمل عن بُعد بأكثر من 100%، واليوم يعمل 3.7 مليون موظف من منازلهم نصف الوقت على الأقل.

ومع نمو هذا الاتجاه، فإنَّ سياسات أرباب العمل بشأن العمل عن بُعد مختلفة؛ إذ يسمح بعضهم بذلك على أساس كل حالة على حدة، في حين يسمح آخرون للموظفين وإداراتهم باختيار ما هو الأفضل بالنسبة إليهم، وبصرف النظر عن السياسة التي يضعها أرباب العمل، يمكن أن يواجهوا صعوبة في ضمان شعور العمال عن بُعد بأنَّهم جزء من الثقافة التنظيمية.

عادةً ما يفوِّت الموظفون الذين يعملون عن بُعد الأحداث مثل حفلات الأعياد ووجبات الغداء للاحتفاء بإنجازات الفريق، كما أنَّهم ليسوا موجودين للمشاركة في النقاشات الصباحية الودية التي يمكن أن تقرِّب زملاء العمل إلى بعضهم، ولن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى يشعر العمال البعيدون بأنَّهم مستبعدون، وربما ينخفض مستوى اندماجهم إن لم يشاركوا في الثقافة التنظيمية.

من الممكن جعل الموظفين عن بُعد يشعرون بأنَّهم جزء حقيقي من المنظمة، على الرغم من أنَّه يتطلب المزيد من التخطيط والتدبر، وفيما يأتي عدَّة طرائق للحفاظ على اتصال الموظفين عن بُعد ببقية القوى العاملة:

تزويد العمال عن بُعد بالأدوات المناسبة:

التواصل المستمر أمر بالغ الأهمية للحفاظ على فريق عمل فعَّال ومُندمج عندما يُوزَّع جزء من القوى العاملة الخاصة بك، وتسمح التطورات التكنولوجية من أدوات وبرامج التواصل للموظفين بالانتقال من إرسال الرسائل عبر البريد الإلكتروني أو الدردشة إلى عقد الاجتماعات عبر الفيديو والتعاون على الوثائق في الوقت الفعلي، بصرف النظر عن مكان وجودهم.

يشير تقرير حديث إلى أنَّ 75% من العاملين عن بُعد يستعينون بالأدوات كجزء من روتين عملهم، ومع ذلك، من الهام أيضاً للمشرفين والإدارة العليا استخدام هذه الأدوات لربط القوى العاملة وإنشاء صلة مباشرة بين أعضاء الفريق.

تتضمن الأدوات التعاونية التي ستساعد القوى العاملة عن بُعد على البقاء على اتصال وكفاءة ما يأتي:

  • تطبيق "سلاك" (Slack): يعتمد أكثر من نصف مليون مُستخدِم على خدمة المراسلة الخاصة بهذه المنصة للاتصال في مكان العمل، بصرف النظر عن الموقع الفعلي للموظف، فيمكن للموظف التواصل بسرعة وكفاءة مع أي موظف آخر في المؤسسة باستخدام المراسلة الفورية المباشرة أو "قنوات" المناقشة الجماعية التي يمكن تنظيمها حسب القسم أو المشروع أو أي تصنيف آخر.

كما يمكن إنشاء قناة للتسلية للمناقشات غير المتعلقة بالعمل، ويدعم هذا التطبيق مشاركة الفيديو بسهولة، كما أنَّه متوافق مع موقع "جيفي" (Giphy) المعني بالصور المُتحركة؛ وهذا يضع عالماً من الصور المتحركة الممتعة في متناول يدك.

  • تطبيق "دودل" (Doodle): يجد الموظفون عن بُعد صعوبة في تنسيق الاجتماعات مع الموظفين في مكان العمل بسبب الوقت واختلافات الجدولة، فبدلاً من إرسال عدد لا يُحصى من رسائل البريد الإلكتروني إلى الفريق بأكمله في محاولة للعثور على وقت يناسب الجميع، تعزز تطبيقات مثل "دودل" (Doodle) التعاون وتمكِّن الموظفين عن بُعد من معرفة الأوقات المناسبة للتواصل مع زملائهم في العمل بسهولة، ويمكن لكل موظف أن يشير إلى أفضل وقت ملائم له للاجتماع، ويوفر "دودل" للمنظم لمحة عما يناسب أعضاء المجموعة.

هذه الأدوات وغيرها تجعل العمال عن بُعد يشعرون بأنَّهم جزء من سير العمل اليومي داخل الشركة، على الرغم من أنَّهم ليسوا موجودين فعلياً.

إقرأ أيضاً: 3 طرق لإدماج الموظفين والنهوض بعلامتك التجارية

إنشاء ثقافة التقدير:

يحتاج الموظفون عن بُعد إلى الشعور بالتقدير بقدر ما يشعر به العاملون في المكاتب، فبرامج التقدير عبر الإنترنت تُمكِّن المديرين والزملاء من إظهار التقدير للعمل الذي يقوم به الموظفون عن بُعد بسهولة وفاعلية؛ فإذا دمجتَ العناصر الاجتماعية في البرنامج، فيمكن للموظفين الآخرين التعليق على إنجازات زملائهم في العمل عن بُعد وإبداء إعجابهم بها؛ وهذا يُحوِّل الاتصال وجهاً لوجه إلى رسالة أوسع يمكن أن يتردد صداها لأيام على منصة التواصل الخاصة بتقدير الموظفين.

الإقرار بالتقدير لا يُعَدُّ ممارسة إيجابية فحسب؛ بل يُعزِّز القيم الأساسية لمؤسستك، وحتى لأولئك الذين نادراً ما تراهم في الشركة، ويجب أن تتماشى جوائز التقدير مع أنواع السلوكات التي تريد تعزيزها لدى الموظفين، مثل سياسة رضى الزبون، أو العمل الجماعي الرائع، أو حل المشكلات بإبداع؛ إذ إنَّ الاعتراف بهذه الإنجازات سيعمِّق شعور الموظف البعيد بأنَّه جزء قيِّم من المؤسسة، وتجمع هذه الممارسات القوى العاملة بأكملها معاً في ثقافة التقدير.

شاهد بالفيديو: 3 خطوات على المدراء اتباعها لتحفيز موظفيهم

نموذج السلوك المثالي:

في نهاية المطاف، يكون المديرون وغيرهم من قادة الشركات هم المسؤولون عن تجسيد السلوك الداعم والشامل، تماماً كما أنَّهم مسؤولون عن تفقُّد الموظفين في المكاتب، والمديرون بحاجة إلى تنظيم الوقت لتفقُّد أحوال موظفيهم عن بُعد بشكل دوري، وتوفير الفرص لهم لزيارة المكتب وقيادة الاجتماعات افتراضياً، والمفتاح لذلك هو تشجيع التعاون بين الفِرق البعيدة والداخلية قدر المستطاع كلَّما كان ذلك ممكناً.

عندما يرى الموظفون الآخرون أنَّ المديرين يُشركون الجميع، فسيكونون أكثر وعياً بالحاجة إلى التفاعل والتعاون مع الموظفين عن بُعد، وفي نهاية المطاف يصبح هذا السلوك جزءاً من ثقافة الشركة.

يجب أن تمتد ثقافة الشركة إلى خارج جدران المكاتب، فأظهِر لكل موظف أنَّك تُقدِّر كل شخص يعمل في شركتك، وعندما تكون الشمولية جزءاً لا يتجزأ من الثقافة التنظيمية، فإنَّ كل موظف سيجعل الآخرين يشعرون بأنَّهم جزء من الفريق، بصرف النظر عن مكان عملهم.

إقرأ أيضاً: 3 نصائح لتعزيز إدماج الموظفين

جدولة إجراءات التفقُّد الشخصية الدورية:

لا شيء أفضل من المقابلة وجهاً لوجه، وبخلاف الموظفين داخل الشركة، فلا تُتاح لمَن يعمل عن بُعد الفرصة لعقد اجتماعات منتظمة وجهاً لوجه على أساس ثابت، وهم بحاجة إلى قضاء وقت ثمين مع المديرين والزملاء على حدٍّ سواء لضمان بناء علاقات عمل جيِّدة.

بالإضافة إلى ذلك، عادةً ما يفوِّت الموظفون عن بُعد فعاليات بناء الفريق، وعند جدولة النشاطات الترفيهية مثل ساعات العمل الترفيهية أو حفلات الشركة، حاول تضمين الموظفين عن بُعد خلال مرحلة الجدولة والتخطيط قدر المُستطاع لضمان إمكانية حضورهم على الأقل لبعض هذه الأحداث، ولا يمكن لأي قدر من رسائل البريد الإلكتروني أو الرسائل الفورية تشكيل روابط اجتماعية مثل المرح.

في الختام:

اسأل أي مسؤول توظيف أو قائد للموارد البشرية اليوم وسيقولون لك إنَّ العثور على موهبة كبيرة هو أحد أكبر التحديات التي يواجهونها، ومن خلال فتح شركتك لأولئك الذين قد يكونون خارج منطقتك الجغرافية أو الذين يحتاجون إلى ترتيبات عمل بديلة، فإنَّك تصل إلى مجموعة واسعة من المواهب التي قد تكون تجاهلتها، وقد يتطلب الأمر مزيداً من الجهد لإدماج الموظفين عندما لا تراهم جسدياً كل يوم، لكن إذا أعددتَ الأدوات المناسبة ومارستَ الإدارة والثقافة، فيمكنك ضمان نجاح جهودك في إدماج الموظفين.

المصدر




مقالات مرتبطة