كيف تصبح قائداً أكثر مرونة؟ التعامل مع الإجهاد والحيرة والنكسات

لقد ذكَّرتنا جائحة فيروس كورونا (COVID-19) بأنَّ التغيير يستمر والخطط تنهار والتوقعات لا تتحقق دائماً. تغيرَت أولويات العمل، كما تغيَّر معها مصير الموظفين؛ حيث يمكِن أن تُنقَل من منصبك أو يُعاد تعيينك، أو مَن يدري إن كان سيظلَّ لك عملاَ حتَّى؟



يُعدُّ الأشخاص الذين لا يستطيعون التعامل مع الوتيرة السريعة للعمل أو الحيرة أقل عرضة للشعور بالتحفيز في العمل وأكثر عرضة للإرهاق.

وبطبيعة الحال، فإنَّ النكسات والأزمات الشخصية لا تزول لمجرد أنَّ العمل صعب بالفعل، والضغوطات لا تقتصر على مكان العمل فقط؛ فمن الممكن أن يسبب الأطفال الصغار والآباء المسنين الضغط على المهنيين في منتصف حياتهم المهنية، وبغضِّ النظر عما يقوله أي شخص عن فصل الحياة الشخصية عن الحياة العملية، أو محاولة إيجاد "توازن" بينهما، فإنَّ التعرض للضغط من إحداهما قد يتسرب بسهولة إلى الأخرى.

ولهذا السبب، تُعَدُّ المرونة، التي تُعرَّف بأنََّها الحفاظ على التوازن تحت الضغط، من بين أهم المهارات التي يجب على القادة في أي مستوىً إتقانها.

المسألة إذاً ليست في كيفية تجنُّب الصعوبات والضغوطات؛ فتجنُّبها يكاد يكون مستحيلاً؛ بل تكمن المسألة في كيفية مواجهتها. ويمكِننا جميعاً أن نستفيد من تعزيز مرونتنا القيادية، مما يجعلنا أكثر قدرة على مواجهة الأزمات والتعافي منها والتكيف معها.

3 ممارسات تبني مرونتك القيادية:

إليك أفضل ثلاث ممارسات تساعدك في بناء مرونتك:

3 ممارسات تبني مرونتك القيادية

  1. إدارة طاقتك الشخصية: تحكَّم بمقاومتك وقدِّم أفضل ما لديك وتخلَّ عن التعلق بالنتيجة؛ بل ركِّز على الحاضر.
  2. التغيير من نظرتك للأمور: تحكَّم بطريقة تفكيرك بالشدائد، وحدِّد موقفك من الوضع الراهن، واستجابتك لما يحدث، وتدرَّب على التعاطف مع نفسك والآخرين.
  3. تحديد أهدافك: طوِّر "السبب الشخصي" الذي يعطي المعنى لحياتك؛ فيساعدك هذا على مواجهة النكسات والتحديات بشكلٍ أفضل، وابحث أيضاً عن صلات تربط الأزمات والنكبات بهدفك الأسمى في الحياة؛ لأنَّك قادر على استخلاص الدروس من المصاعب.

كيف تصبح أكثر مرونة؟ اعتنِ بنفسك بشكل أفضل

تتحسن قدرتنا على التعامل مع الإجهاد والمرض والتغيير عندما نخصص الوقت لراحتنا، وعندما نعتني بأنفسنا بشكل أفضل. إليك بعض الأفكار التي تساعدك في بناء مرونتك القيادية:

1. الحصول على القدر الكافي من النوم:

ما الذي يمكِنك أن تفعله للحفاظ على طاقتك؟ احصل على ما بين 7.5 و8.5 ساعة من النوم كل ليلة، وحدِّد جدول نوم منتظم، حتى في عطلات نهاية الأسبوع، وابتعِد عن جميع الأجهزة الإلكترونية وأبقِها بعيداً عن السرير، واخلق بيئةً مريحة ومظلمة وباردة وهادئة، وأعطِ الأولوية دائماً للنوم، لأنَّه مرتبط مباشرة بالإنتاجية.

2. إيلاء الأولوية للتمرينات الرياضية:

ما الذي يمكِنك أن تفعله لزيادة طاقتك البدنية؟ ترتبط ممارسة الرياضة بالقيادة ارتباطاً وثيقاً؛ لذا عليك أن تنهض وتتحرك قليلاً كل 90 أو 120 دقيقة خلال يوم العمل؛ كما يمكِنك أن تقترح عقد اجتماع في أثناء المشي بدلاً من الجلوس، واستخدام السلالم بدلاً من المصعد.

3. لعب ألعاب تحفِّز العقل:

ما الذي يمكِنك فعله للتغلب على التعب العقلي والإرهاق؟ تعلَّم كل ما هو جديد كحلِّ الألغاز الصعبة، والعثور على المشتتات الإيجابية مثل: الهوايات أو ممارسة التأمل.

4. التحكم في العواطف:

ما الذي يمكِنك فعله لتصبح أكثر انتباهاً إلى المحفزات العاطفية؟ حدِّد الأشياء والأشخاص الذين يسببون لك الغضب، وابتعِد عن أي شخص يزعجك، أو خفِّف علاقتك معه، أو ابحث عن صديق تثق به لمساعدتك في التحكم في ردود أفعالك واختيار استجاباتك، وازرع اللطف من خلال القيام بشيء لطيف لشخص آخر، وخاطِب نفسك بإيجابية.

5. تعزيز الروابط الاجتماعية:

ما الذي يمكِنك فعله لخلق علاقات أكثر جدوى وإنتاجية؟ اطلب المشورة من زملائك، أو قدِّم ملاحظاتٍ إيجابيةً، أو شارِك شيئاً تعلَّمتَه مؤخراً عن نفسك.

إقرأ أيضاً: التعاطف في العمل، تنمية المهارات لفهم الآخرين

التأمل وتسجيل اليوميات يمكِن أن يساعداك على أن تكون أكثر مرونةً:

 التفكير في تجاربك هو طريقة أخرى لتحسين مرونة قيادتك.

هناك شيء واحد يمكِنك القيام به كل يوم إذا أردتَ بناء مرونتك القيادية وقدرتك على مواجهة الأحداث المجهدة، وهو كتابة اليوميات.

يمكِن أن يعزز الاحتفاظ بمفكرة المرونة:

ننصحك باستخدام "مفكرات التعلم اليومية" أو "مفكرات التأمل اليومية" كأدوات للتفكر بتجارب القيادة الخاصة بك، وإنَّ عمليَّتَي الكتابة والتأمل تبنيان الوعي الذاتي وتشجعان التعلم وتفتحان الباب أمام القدرة على التكيف.

وشكل ومضمون مذكرتك هو اختيارٌ شخصي ومع ذلك، عندما تجلس لتكتب شيئاً في دفتر يومياتك حول تجربة تحدَّت توازنك، فإنَّنا نوصي بأن تكتب ثلاثة أجزاء:

  1. الحدث أو التجربة: صِف ما حدث بموضوعية قدر الإمكان، ولا تَستخدِم لغةً تصدر من خلالها أحكاماً على ما حدث، والتزِم بالحقائق.
  2. ردة فعلك: صِف ردة فعلك على الحدث بشكل واقعي وموضوعي قدر الإمكان.
  3. الدروس: فكِّر في التجربة وردة فعلك عليها.

باختصار؛ صوِّر الحدث أو التجربة بلغة موضوعية، وصِف ردة فعلك، ثمَّ دوِّن الدروس التي قد تستخلصها منها، ويجب استخدام التدوين اليومي عند تجربة أي برنامج لتطوير القيادة، كما يجب التأكيد على أنَّ تعلُّم المرونة في القيادة لا ينتج عن الأفعال؛ بل عن التفكر في الأفعال.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن لمفكرة الامتنان أن تغير حياتك جذرياً؟

لتعزيز هذا التفكُّر، حتى لو لم تكن تكتب على دفتر يوميات، امضِ فقط بعض الوقت في التفكير بيومك، وتذكَّر وقتاً في حياتك الشخصية أو المهنية تمكَّنتَ فيه من تجاوز المواقف الصعبة، ثمَّ اسأل نفسك:

  • ماذا حدث؟
  • بماذا كنتَ تفكر وتشعر في ذلك الوقت؟
  • كيف تجاوزتَ ما حدث؟
  • ما الذي فعلتَه وساعدك في تجاوز هذا الموقف؟
  • ما الذي تعلَّمتَه من التجربة وردِّ فعلك عليها؟
  • هل هناك نمط في ردود أفعالك؟

لديك الموارد بداخلك لتصبح أكثر مرونة، لكنَّ الأمر يتطلب بعض الجهد لتَعلُّم أو لتذكير نفسك بما هو أفضل لك، كما أنَّ هذا يتطلب منك تخصيص وقت لنفسك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة