كيف تصبح أكثر سعادة من خلال تفهُّم الآخرين؟

تخيَّل أنَّ الجميع يعيشون أسوأ يوم لهم على الإطلاق، ونحن نعيش في عالم حيث يكون من المُحتمل كثيراً أن يحدث ذلك، وحتى إن لم يكن الجميع يعيشون هذا اليوم السيِّئ، يبقى الأمر المُؤكد أنَّ معظم الناس يمرون به.



عندما تمر بيوم سيِّئ، فإنَّه من الممكن أن يتغير سلوكك، ويمكن أن يجعلك اليوم السيئ تبدو لئيماً ومزعجاً أو عنيداً جداً، لكن ماذا لو لم تكن مُدركاً لأيٍّ من هذه الصفات التي تظهر في سلوكك؟ فمن الممكن أن يحدث هذا كثيراً.

تصورات المرء أمر واقعي:

يرى الكثيرون أنفسهم أنَّهم أشخاص سعداء عموماً، ومن المُؤكد أنَّك ترى نفسك كذلك أيضاً؛ إذ إنَّنا جميعاً نرى أنفسنا أشخاصاً رائعين وممتعين، ومن السهل أن نرى تصرفاتنا بصورة مثالية؛ ذلك لأنَّنا نركز على اللحظات التي نكون فيها بأفضل حالاتنا، ونتجاهل تلك التي لا تتوافق مع ما نريد أن نبدو عليه.

لكنَّك بالواقع تعلم أنَّك لست سعيداً طوال الوقت، وكذلك كل شخص آخر تعرفه، فهذه هي الطبيعة البشرية، وتقلُّب المشاعر هو ما يميزنا عن الكائنات الأخرى، وهذا يعني، أنَّه على الرغم من أنَّنا قد نرى أنفسنا أشخاصاً سعداء وإيجابيين ومؤثِّرين، إلا أنَّ الأشخاص الآخرين قد يروننا بطريقة مختلفة والعكس صحيح.

شاهد بالفيديو: 10 طرق مثبتة علمياً تجعلك أكثر سعادة

تصوُّر الآخرين عنك يعكس حقيقتهم وخلاف ذلك صحيح:

التصورات حقيقة؛ وما نعنيه أنَّ الطريقة التي ينظر الآخرون من خلالها إليك تمثِّل حقيقتهم، وخلاف ذلك صحيح، فإنَّ وجهة نظرك عن شخص ما تعبِّر عن تفسيرك لسلوكه والتصنيف الذي تعطيه لأفعاله؛ لذلك في حين أنَّك قد تجهل هذه الحقيقة إلا أنَّ العالم يحكم على شخصيتك اعتماداً على السلوكات الأساسية التي تُظهِرها.

قد يبدو هذا أبعد ما يكون عن العدل، فنحن أشخاص سعداء، لكنَّنا بالنهاية بشر وسنمر بكثير من الأيام السيئة، ولسوء الحظ، إذا كنت تمر بيوم سيِّئ وتبدي سلوكاً خارجياً سلبياً، فغالباً ما سينظر إليك الأشخاص الذين تقابلهم على أنَّك شخص سلبي.

على سبيل المثال، إذا صادفت شخصاً سريع الغضب وبارداً، فإنَّك على الفور ستعده شخصاً سلبياً، لكن هل فكرت في أنَّ هذا الشخص ربما يعيش يوماً سيئاً، مثلك تماماً، فماذا لو كان سلوكه الأساسي قائماً على البهجة والإيجابية، لكنَّك صادفته في الوقت الذي كان يعاني فيه من يوم سيِّئ.

نحن نتبنَّى معايير مزدوجة؛ إذ إنَّنا نطلب من الأشخاص أن يتفهموا ظروفنا ويستمروا في النظر إلينا بصفتنا أشخاصاً إيجابيين عندما نمر بأحد أيامنا السيئة، وفي نفس الوقت، عندما نلتقي بشخص غاضب أو حزين أو يشعر بالظلم فإنَّنا نسارع بتصنيفه على أنَّه شخص سلبي؛ بل حتى إنَّنا نحكم عليه أحياناً بناءً على أفعاله.

وبالنظر إلى أنَّ مشاعرنا تنحسر وتتدفق مثل المد والجزر، فمن غير العدل إصدار حكم سريع على شخص استناداً إلى أحد ردود فعله، ولكي تتجنب إصدار الأحكام السريعة، يجب أن تتبنَّى شيئاً من الشك، وتفترض أنَّ كل شخص - بصرف النظر عن السلوك - يمر بأحد أسوأ أيامه؛ فعندما تبدأ التفكير بهذه الطريقة، فإنَّك تصبح متسامحاً مع السلوك السلبي ومرحِّباً بالسلوك الإيجابي الذي يُظهِره الأشخاص الآخرون.

إقرأ أيضاً: ما هي الصورة الذاتية، وكيف تغيرها من أجل حياة أكثر سعادة؟

السعادة خيار:

هنا تكمن القوة؛ لأنَّ هذه القاعدة تعمل في اتجاهين؛ وبافتراضك أنَّ الأشخاص يعيشون أحد أيامهم السيئة، خاصةً عندما يكونون سلبيين، فإنَّك ستكون قادراً على تغيير وجهة نظرك عنهم من كونهم أشخاصاً سلبيين إلى أشخاص سعداء، وبدلاً من الشكوى لأصدقائك عن الأشخاص النزقين والمتعجرفين الذين صادفتهم، ستصبح ذا نظرة متفهمة.

السعادة خيار، وهي خيارك في الطريقة التي تنظر من خلالها إلى أفعال الآخرين؛ لذلك افترض دوماً أنَّ الناس سعداء بطبيعتهم، وأيَّ حزن أو غضب يبدو عليهم هو بسبب يوم سيِّئ يمرون به، وبالمقابل، السعادة خيار والأمر يعود لك في إظهار الإيجابية في سلوكك.

قد تعبِّر نظرة الشخص عن حقيقته، وما تصورات المرء بنهاية المطاف إلا أمر يعود له، ومع ذلك، إنَّك تستطيع أن تؤثِّر مباشرة في تصورات الآخرين عنك من خلال أفعالك.

لذلك، حتى إن كنت تمر بيوم سيِّئ، تبقى السعادة خياراً متاحاً، فربما تعاني من حزن يمزقك من الداخل، ولا بأس في أن تصارح بذلك الأشخاص الذين تثق بهم، لكن عندما تخرج من دائرة الأشخاص المقربين لتواجه العالم الخارجي، فاحرص على أن تكون إيجابياً.

وكما يقول الكاتب "جيمس آلين" (James Allen): "شخصية الفرد نتاج مجموع أفكاره"؛ لذلك من الأفضل أن تبدأ التفكير بإيجابية، وألَّا تنسَ أنَّك تستطيع التظاهر بالسعادة حتى تحصل عليها أخيراً.

إقرأ أيضاً: السعادة قرار داخلي...!

في الختام:

السعادة خيار، سواء أردت أن تكون سعيداً أم أردت أن ترى الناس سعداء؛ لذلك خذ قراراً واعياً بالنظر إلى الناس على أنَّهم إيجابيون، وعندما تعاني من يوم سيِّئ وتعلم أنَّ الناس يحكمون عليك، فقدِّم لهم تصوراً إيجابياً عن نفسك، وتصرف كأنَّك سعيد.

المصدر




مقالات مرتبطة