كيف تشعر بالسعادة في اتخاذ القرار؟

قبل ثلاثين سنة انتقلتُ من الشرق الأوسط إلى تورونتو (Toronto)، لقد كان تغييراً كبيراً من العيش في عائلة كبيرة إلى عائلة مكونة من شخصين، في مدينة لا تنام أبداً وتنخفض فيها الحرارة إلى ما تحت الصفر.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكوتش والمُتحدِّثة التحفيزية هومايرا كابير (Homaira Kabir)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في تحقيق المزيد من السعادة من خلال اتخاذ القرارات.

على الرغم من هذه التغييرات، فإنَّ أكثر ما حيرني هو العدد الهائل من الخيارات المُتاحة كلَّما خرجتُ لشراء شيء ما؛ حيث أصبحَ التبضُّع أكثر عمل يسبب لي الإرباك سواء كان شراء مواد من البقالة أم شراء واقي شمس أو جينز، أو اختيار مستلزمات جامعية أو حتى التخطيط لقضاء عطلة.

كانت الخيارات أكثر مما تخيلتُ لدرجة أنَّها استهلَكت وقتي وتفكيري وأنهكتني تماماً، وبالإضافة إلى الشعور بالحيرة أمام الكم الهائل من الخيارات كان هنالك الشعور بالكآبة.

تضخَّمت حاجاتي لتصبح بحجم الخيارات المُتاحة لي، وكلُّ قرار كان يُشعرني بعدم الرضا بسبب ما تركته من خيارات، شعرتُ أنَّ أنانيَّتي تزداد لمجرد رغبتي في شيء ما وأصبحَ الندم يشغل تفكيري، مع معرفتي بأنَّ ذلك سيفوِّت عليَّ متعة العيش البسيط.

مع الوقت تعلَّمت التعامل مع وجود فائض من الخيارات، ساعدني كتاب مفارقة الاختيار (The Paradox of Choice) لعالم النفس باري شوارتز (Barry Schwartz's) على فهم هذه الظاهرة.

يقول باري في كتابه: "الاختيار يجعلنا نُدرك أنفسنا إدراكاً كبيراً ويزيد من استقلاليتنا، ويسعدنا سعادة أكبر؛ وذلك لأنَّنا جميعاً نرغب في أن نعيش حياتنا كما نحب، لكن تكمن المفارقة عندما نكون مجبرين على الاختيار بين أشياء عدَّة، وعندما تتجاوز الخيارات حدود خيالنا، فإنَّنا نصبح غير قادرين على اتخاذ القرار ونشعر بالحزن بسبب ما فاتنا من خيارات.

يكمن الحل في القناعة لكن قد يتطلب الأمر بعض التدريب بالنسبة إلى الأشخاص الذين ينشدون الكمال ويميلون إلى المقارنة".

إليك هذه النصائح من ثلاثة علماء نفس لمساعدتك:

1. اشعُر بالرضا:

في كتاب مفارقة الاختيار يتحدث باري شوارتز عن المهووسين بالكمال والقنوعين.

النوع الأول هم الذين يسعون إلى الحصول على أفضل خيار من بين الخيارات المطروحة جميعها، بينما يسعى النوع الثاني إلى الحصول على شيء جيد بما فيه الكفاية ويتلاءَم مع حاجتهم.

غالباً ما يؤدي الهوس في اختيار الأفضل إلى الشعور بالحزن؛ وذلك لأنَّه توجد دائماً خيارات أفضل في عالم مليء بالخيارات، لكن عندما نستطلع الخيارات على أساس غاية جوهرية مُحدَّدة مسبقاً، فإنَّنا لا نشعر بالرضا فحسب عندما نحصل على ما يلائمنا؛ بل نجد فيه مزايا لم نكن نتوقعها.

إقرأ أيضاً: 19 طريقة بسيطة لتحقيق السعادة

2. انظر إلى الجانب الإيجابي:

بمجرد أن تُقرِّر الاختيار، فلا تتردد وإلا فلن تكون راضياً عن اختيارك، فالدراسة التي أجراها عالم النفس دانييل غيلبرت (Daniel Gilbert) على طلاب من جامعة هارفارد (Harvard University) أَظهرت أنَّ الطلاب الذين سُمح لهم بتغيير قرارهم بشأن اختيار لوحة وأخذها كانوا أقل رضا من الذين لم يُسمَح لهم بتغيير قرارهم.

فنحن مستعدون مسبقاً إلى رؤية السلبيات والتفكير فيها بشكل متواصل لكن بالمقابل لدينا قدرة مذهلة على تبرير قراراتنا التي من الممكن أن يكون لها جوانبها السلبية.

لكن في معظم الحالات في إمكانك أن تخلق ما يسميه دانييل غيلبرت "اصطناع السعادة" من خلال رؤية الجانب الإيجابي في قراراتك.

شاهد بالفيديو: 12 قاعدة يتّبعها الأشخاص الأكثر سعادة

3. فكِّر في الآخرين:

عندما نختار فنحن نُفكِّر غالباً في أنفسنا، وقد يؤدي هذا إلى أنانيَّة مُفرِطة؛ لذلك من المفيد توسيع منظورنا ليشمل الآخرين؛ وبذلك نحافظ على توازننا النفسي.

وفقاً لجينفير كروكر (Jennifer Crocker) أستاذة علم النفس الاجتماعي في جامعة أوهايو (Ohio State University) فإنَّ التفكير في أهمية قرارك بالنسبة إلى الآخرين أو التفكير في أهمية قرارك على الأمد البعيد، يساعد على التحوُّل من التفكير في الذات إلى التفكير في الآخرين.

المصدر




مقالات مرتبطة