كيف تستهلك المحتوى بصورة صحيحة؟

قبل خمسين عاماً كان معظم الناس يجهلون الخيارات الغذائية الصحية، وكان من المستحيل بالنسبة إلى الشخص العادي تمييز البروتينات من الدهون والكربوهيدرات المعقدة والبسيطة، ولكن بعد عقدين من الزمن أصبحت مبادئ التغذية واضحة حتى للأطفال، لكن يبدو أنَّ السيناريو نفسه على وشك أن يتكرر، ولكن هذه المرة نعامل نوعاً آخر من الغذاء يرتبط بالعقل؛ فنحن في عصر المعلومات، إنَّنا نستهلك المحتوى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب "سلافكو ديسيك" (Slavko Desik)، ويُخبرنا فيه عن الطريقة الصحيحة في استهلاك المحتوى.

مع إنشاء مكتبات ضخمة من المحتوى يومياً تزخر حياتنا بفرص لاستهلاك المعلومات في كل مكان، وكل جهاز ومنصة موجهة نحو استهلاك المحتوى، وتوجد مجموعة متنوعة من الخيارات لاستكشافها.

على الرَّغم من أنَّ المعرفة هي مفتاح التنمية الشخصية، إلا أنَّه يصبح من الصعب مقاومة إغراء النقر فوق العناوين اللافتة للانتباه ومقاطع الفيديو على موقع يوتيوب (YouTube) والأخبار التي تُشارَك على موقع فيسبوك (Facebook) والعدد اللامتناهي من الإعلانات؛ إذ يتطلب الأمر كلاً من الانضباط والاستراتيجية لنستهلك أخيراً المحتوى كما نستهلك الطعام؛ أي نأخذ الضروري منه؛ لكنَّه أيضاً يصبح ضاراً إذا تناولناه في نزوات عابرة.

ما هي مخاطر استهلاك المحتوى باندفاع؟

لقد صُمِّمَت المنصات في الوقت الحاضر لجذب انتباهك؛ إذ يمكن أن يبدأ الأمر بمجرد التحقق من الإشعارات، ثمَّ سرعان ما تغرق في تصفح محتوى ليس منه أي طائل؛ فمن السهل أن تضيع في بحر من المحتوى، ومن دون الانضباط وقوة الإرادة لمقاومة ذلك سيُهدَر وقتك، ويُتلاعب باهتمامك في خدمة عائدات الإعلانات، أو التفاعل، أو حتى دون أي سبب.

سوف تصبح متفاعلاً دون تركيز، وتتخلى تماماً عن السيطرة على أثمن ممتلكاتك وهو الوقت.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتدريب عقلك على تحسين التركيز

إليك كيفية استهلاك المحتوى بالطريقة الذكية:

يقدم هذا المقال قائمة من المبادئ والاستراتيجيات التي طُوِّرَت خلال سنوات من التجربة عن كيفية استهلاك المحتوى، وكما ستلاحظ أنَّ معظمها يتعلق بمفهوم واحد وهو النية.

زوجتي طبيبة نفسية، وأنا أمارس التأمل بشغف؛ لذا فإنَّ العيش المتعمد هو أحد أكبر أولوياتنا، ومع ذلك فإنَّ تحقيق العيش المتعمد هو مقاومة كل دافع والعمل فقط بناءً على خيار فكَّرت فيه سابقاً، وإنَّ استهلاك المعلومات - كما قد تتخيل - هو أحد أشكال الإغراء؛ إذاً فتوجد طريقة واحدة لمعاملتها، وهي:

1. استهلاك المحتوى المحفوظ فقط:

ستبقى التدوينات الصوتية الممتعة والمقالات المفيدة ومقاطع الفيديو الترفيهية موجودة دائماً على الإنترنت، فلماذا تسرع في استهلاك شيء ما في حين يمكنك تأجيل التجربة ليوم غد، وذلك حينما تتوقف عن إظهار سلوكات قائمة على ردود الفعل.

تتمتع كل منصة بإمكانية وضع إشارة مرجعية، وسيتيح لك حفظ المحتوى في النهاية التحكم به، وقبل أن تضغط على زر الحفظ سيتعين عليك اتخاذ قرار متعمد.

يمكنك تسمية المحتوى المحفوظ وتنظيمه وإبرازه، وإنشاء مكتبة شخصية، وهذه أيضاً فرصة لتمييز الترفيه من التعلم، وقد وجدت إحدى الدراسات التي نُشرت في مجلة ديبريشن آند أنكزيتي (The Journal of Depression and Anxiety) أنَّ التصفح دون هدف في وسائل التواصل الاجتماعي ليس مضيعة للوقت فحسب؛ بل هو نشاط ضار بالفعل.

لنفترض أنَّك تريد أن تفقد بعض الوزن أو أن تتعلم كيفية تناول الطعام الصحي، فإذا قمت بحفظ جزء من المحتوى وقراءته في اليوم الآتي سيكون التزامك بما تقرؤه أكبر بكثير من استهلاكه على الفور.

إقرأ أيضاً: تخصيص المحتوى على الإنترنت: كيف ننشئ محتوى هادفاً؟ وما علاقته بـ غوغل؟

2. استخدام جهاز مختلف إذا أمكن:

كلما تعمدت السيطرة على استهلاك المحتوى كان ذلك أفضل؛ لذلك بدلاً من استهلاك المحتوى على كمبيوتر العمل أو على هاتفك المحمول اشترِ جهازاً لوحياً رخيصاً واستخدمه فقط لاستهلاك المحتوى؛ فالأمر فقط يحتاج إلى طقوس لتطبيقها، تماماً كما تعامل طقوسك اليومية في المنزل.

ما هي فوائد هذا النهج؟

في البداية أنت من يتحكم بدرجة استهلاك المحتوى، فلا مزيد من النقر العشوائي على العناوين اللافتة، ولا مزيد من الخوف من تفويت أي حدث، ولا مزيد من متابعة مقاطع فيديو لا معنى لها على موقع يوتيوب (YouTube).

ستتمكن أيضاً من قياس استهلاك المحتوى؛ فبمجرد العودة إلى المنزل من العمل يمكنك فتح قائمة الإشارات المرجعية الخاصة بك سواء كان ذلك على موقع فيسبوك (Facebook) أو يوتيوب (YouTube) أو المتصفح الخاص بك، واختيار جزء واحد أو اثنين أو ثلاثة أجزاء من المحتوى.

في نهاية الأسبوع ستظل بعض المقاطع المحفوظة غير مفتوحة، هذه هي الطريقة التي تقيس بها الدقائق والساعات التي كان من الممكن أن تضيع لولا ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف تنظم وقتك على الإنترنت؟

في الختام:

سيساعدك حفظ المحتوى وتصنيفه واستهلاكه على جهاز مختلف على أن تظل متحكماً بوقتك، ستصبح أقل تفاعلاً، وستستمتع بالمحتوى الخاص بك أكثر؛ إذ دائماً ما تكون النشاطات التي تمارسها بصورة مدروسة أكثر إفادة.




مقالات مرتبطة