كيف تستفيد من مهارات الشباب اليافعين العاملين لديك؟

خلال الاضطرابات التي شهدَتها الأشهر الأخيرة، كانت فئة الشباب هي الأكثر تضرراً من بين فئات القوى العاملة؛ حيث شعر أولئك الذين تقلُّ أعمارهم عن خمسة وعشرين عاماً خاصةً، بعبء الإجازات غير المدفوعة والتسريح، ففي أوروبا خلال شهر أيار من عام 2020، ازدادت معدلات البطالة بين مَن هم دون الخامسة والعشرين إلى ثلاثة أضعاف ما كانت عليه، وستكون تداعيات ذلك ملحوظة لفترة طويلة من انتهاء أزمة جائحة كورونا (COVID-19) الحالية، ليس من قِبل الأفراد فحسب؛ بل من قِبل أرباب عملهم السابقين والحاليين والمستقبليين.



الحد من القدرة على التطور:

حتى الفترات القصيرة من البطالة في بداية الحياة المهنية في إمكانها أن تؤثر في تطلعات الشباب على الأمد البعيد، فشهر واحد من البطالة عندما تكون بين الثامنة عشر والعشرين من عمرك، يؤدي إلى خسارة في الدخل مدى الحياة بنسبة 2%؛ حيث سيؤثر أي وقت يُستغنى فيه عن العمل في المهارات والخبرات التي في إمكان الإنسان اليافع تطويرها، والتي هي ضرورية لمواكبة سوق العمل، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة الحد من فرص العمل، واحتمال ارتفاع معدلات البطالة وانخفاض الأجور.

بالنسبة إلى أرباب العمل، هذا قد يؤدي بدوره إلى نقص المهارات، كما يترتب على فقدان الشباب في وقت مبكر من حياتهم المهنية، وعدم تمكُّن أرباب العمل من الاستفادة من الإمكانات المهنية للفرد اليافع، وقدرته على بناء مهارات جديدة لمقابلة احتياجات العمل المتغيرة وتوظيفها.

يجب على الجميع المشاركة في تأمين فرص عمل للشباب اليافعين:

من مصلحة الجميع توفير المزيد من فرص العمل للشباب اليافعين وتعزيز إمكان تطوير مهارات جديدة، وقد بدأَت الحكومات بتدارك هذا الأمر، والعمل جاهدةً على دعم فئة الشباب، لا سيَّما في ظل التحديات التي فرضها تفشي فيروس كوفيد-19 في عام 2020، على سبيل المثال: حثَّ الاتحاد الأوروبي الحكومات على توظيف مصادر تمويله الخاصة لإيجاد المزيد من فرص العمل والتدريب لفئة الشباب اليافعين، كما أعلنَت حكومة المملكة المتحدة عن خطة لتمكين الشباب من بدء مسيرتهم المهنية بقيمة 2 مليار جنيه إسترليني، وبحسب أبحاثها، تشكِّل فئة الشباب ما يقارب ربع 24% من إجمالي القوى العاملة في المملكة المتحدة.

ومع ذلك فإنَّ الأمر متروك للشركات في مواصلة تنفيذ هذه الجهود بمجرد توقُّف الدعم والاستثمار الحالي، فالخطة التي أطلقَتها المملكة المتحدة لتمكين الشباب من بدء مسيرتهم المهنية كانت برنامجاً يغطي فترة ستة أشهر، وسوف يقتصر على تلبية احتياجات الشركات والعمال الشباب، والمطلوب الآن، هو التزام طويل الأجل ومستمر لتنمية فرص توظيف فئة اليافعين، ويبدأ هذا من خلال التطوير المستمر لمهاراتهم.

زيادة المهارات المطلوبة:

إنَّ متوسط عمر المهارات يأخذ بالتناقص؛ حيث يقارب حالياً الخمس سنوات؛ لذا ستتولد الحاجة إلى إعادة تشكيل مليار وظيفة خلال العقد التالي، وسيكون العمال الشباب في طليعة هذا التغيير، فإحدى المهارات الأساسية التي من الأفضل للقادة العمل على تنميتها لدى القوى العاملة هي القدرة على التكيف؛ إذ إنَّه مع التبدلات التي تطرأ على مجال الأعمال باستمرار، ستتطور متطلبات المهارات الخاصة بكل دور أيضاً؛ لذا حتى يتمكن الأفراد من الاستمرار في إحراز التقدم بمهاراتهم ذات الصلة بما يمارسونه من أعمال، ولكي تظلَّ الشركة قادرةً على المنافسة، لا بُدَّ من الاجتهاد في تحسين المهارات.

إقرأ أيضاً: اعتماد منظور جديد للتطوير المهني

كيف تصقل المواهب الشابة؟

مع أخذ هذا بالحسبان، كيف في إمكان أرباب العمل تطوير مهارات عمالهم اليافعين على الأمد الطويل؟

1. تحديد المهارات التي تتمتع بها القوى العاملة لديك:

البدء بتحديد مهارات العاملين الحالية منها والمستقبلية، كما سيحدد تقييم مهاراتهم الحالية نقطة انطلاق دقيقة يمكن قياس التقدم على أساسها، كما يجدر أخذ المهارات التي سيحتاج إليها العامل الشاب خلال سنة إلى ثلاث سنوات تالية بالحسبان، والتركيز على جزء منها حتى لا يصيبهم الإرهاق نتيجة الكمِّ الهائل من مسارات التعلم.

2. التوافق مع أهداف عملك:

إنَّ الانسجام مع استراتيجية عملك هو أمر أساسي أيضاً؛ وذلك لأنَّه يضمن أنَّ الجهود المبذولة في تعليم العاملين الشباب سوف تأتي بنتائج ملموسة تنعكس على أرباحك النهائية؛ لذا حاول مطابقة ذلك مع أهداف واهتمامات كل عامل، واعثر على الأرضية المشتركة التي من شأنها أن تعود بالنفع على كل من العمل والموظف.

لحسن الحظ، يسهم العمال الشباب إلى حد بعيد في تطوير حياتهم المهنية، كما تزيد احتمالية بقاء العمال الشباب إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه مع رب العمل الأول لمدة خمس سنوات أو أكثر، إذا وفر لهم المزيد من فرص العمل والتعلم.

3. توفير خيارات تعلُّم مختلفة:

يساعدك توفير مجموعة متنوعة من الخيارات الهادفة إلى تحسين المهارات على مقابلة أشخاص يقضون فعلاً جزءاً كبيراً من وقتهم الخاص في التعلم، على سبيل المثال: يفضل الجيل "زد" - مَن هم حالياً في سن المراهقة وأوائل العشرينيات - بيئات التعلم الاجتماعية والتي يقودها أقرانهم، مع وجود حواجز أقل تعوق إمكان الوصول، والتي تكون متاحةً عند الطلب؛ إذ إنَّ حوالي 40% من العاملين يشاركون بحماسة معارفهم ومهاراتهم مع أقرانهم عبر التعليقات والمدونات والمقاطع المرئية وغيرها من الوسائل غير الرسمية الأخرى.

4. توفير فرص للممارسة:

يكمن الجانب الهام الآخر في تزويد العمال بطرائق لممارسة مهاراتهم المكتسبة حديثاً، وبالنسبة إلى الشباب الذين ما زالوا في بداية مسيرتهم المهنية، فإنَّ هذه الخطوة على قدر عالٍ من الأهمية؛ حيث تشير مقالة منشورة في مجلة "هارفارد بزنس ريفيو" (Harvard Business Review) إلى أنَّ نسبة 75% من المعلومات الجديدة تُنسى في حال لم تُطبَّق خلال ستة أيام من تعلُّمها، وإذا لم يتمكن شخص من ممارسة مهارةٍ ما ممارسةً يوميةً، فيمكن اللجوء إلى المهام الطويلة أو إعارة الموظفين أو التطوع، لمساعدته على تذكُّر ما اكتسبه من مهارات جديدة.

شاهد بالفديو: 7 نصائح لتعلم مهارات جديدة في وقت قصير

5. جمع البيانات:

أخيراً، تحتاج إلى جمع المعلومات حول المهارات الصحيحة، فإذا لا يمكن قياس درجة التقدم أو تقييمه دون القيام بذلك، فيمكنك البدء بجمع البيانات بمجرد أن يبدأ الشاب بممارسة دوره في العمل، وتوظيفها في ملء ملف التعريف الخاص بالمهارات التي يمتلكها، وسيحصل على عرض محدث لمهاراته وتطلعاته كافةً، ومن الممكن أن يلازمه هذا الملف التعريفي مدى حياته المهنية بمنزلة سجل دقيق لما حققه؛ مما يساعد على زيادة فرص توظيفه.

ستفيدك بيانات المهارات هذه أيضاً في تخطيط أكثر دقةً للقوى العاملة لديك، واستراتيجيات تحسين المهارات، والتقدم الوظيفي، على سبيل المثال لا الحصر.

في الختام:

سوف تمتد آثار القرار الذي تتخذه اليوم إلى جيل كامل، من خلال دعم الشباب اليافعين كافةً في تنمية إمكاناتهم المهنية وبناء المهارات اللازمة للمستقبل، وسيضمن أرباب العمل نجاحهم على الأمد البعيد أيضاً، نظراً لاستفادتهم من قوى عاملة شابة تتسم بالمرونة والمعرفة والمشاركة الجاهزة لاغتنام فرص جديدة والتكيف مع تحديات العمل الآخذة بالتطور.

المصدر




مقالات مرتبطة