كيف تستفيد من التغذية الراجعة البنَّاءة في تحسين حياتك المهنية؟

ليس من السهل طلب التغذية الراجعة البنَّاءة، خاصَّةً إذا كان من نطلب منه هو أحد أعضاء فريق العمل الذي ننتمي إليه، وهذا الأمر سببه الطبيعة البشرية؛ فنحن نحاول تجنُّب آراء الآخرين، خاصةً إذا كنا نعتقد أنَّ آراءهم لن تكون إيجابية.



قد يُخبرنا شخص ما بأنَّ أداءنا ليس جيداً بما يكفي وبالتأكيد لن تُعجبنا تغذية راجعة من هذا النوع.

من الطبيعي أنَّنا جميعاً نرغب في تلقي الثناء؛ ولكنَّ المشكلة في هذه الحالة أنَّنا قد نضيِّع فرصة الاستفادة من التغذية الراجعة في حال كانت الحقيقة تخالف ما نرغب فيه، ولكن تلقي تغذية راجعة أمر ضروري للنجاح في أيَّة مهنة بشرط أن تعرف كيف تطلب تغذية راجعة بنَّاءة.

سنقدِّم في هذا المقال حلولاً للمشكلات التي تعترض الحصول على تغذية راجعة بنَّاءة، لكن بداية يجب أن نعرِّف ما هي التغذية الراجعة البنَّاءة.

ما هي التغذية الراجعة البنَّاءة؟

التغذية الراجعة البنَّاءة هي نوع من التغذية الراجعة مخصص لمساعدة الموظفين على تحسين أدائهم وتحقيق أهدافهم وأن يصبحوا أكثر نجاحاً، وليست الغاية من هذه التغذية الراجعة انتقاد الشخص الآخر أو تصيد أخطائه؛ بل الغاية في لفت نظره إلى المواضع التي يمكن أن يجري عليها تعديلات أو بالأحرى تحسينات.

تهدف أيضاً التغذية الراجعة البنَّاءة إلى مساعدة الموظف على التعلُّم والتطور على صعيد مسيرته المهنية وصقل إمكاناته ومهاراته بمرور الوقت، وهذا النوع من التغذية الراجعة ليس اعتباطياً أو آنياً؛ بل هو عملية كاملة العناصر يمكن أن نلاحظ فيها أربع سمات أساسية:

  1. عملية إيجابية: فدائماً ما تبدأ عملية التغذية الراجعة البنَّاءة بتقديم تعليق إيجابي عن عمل الموظف.
  2. عملية محددة: إذ يجب أن تكون التغذية محددة دوماً؛ أي تتناول جزئية بعينها ويجب دعمها بالأمثلة التوضيحية.
  3. قابلة للتنفيذ: فيجب أن توفر التغذية الراجعة البنَّاءة تعليمات واضحة عن كيفية تحسين الموظف لعمله في المستقبل.
  4. فورية: إذ يجب أن تُقدَّم التغذية الراجعة البنَّاءة عقب حصول الموقف مباشرةً.

تساعدك التغذية الراجعة البنَّاءة على تطوير نفسك من الناحية المهنية وترفع من أدائك الوظيفي، وإذا ما قُدمَت تقديماً صحيحاً فإنَّ لها نتائج مُبهرة في رفع الروح المعنوية وتحسين الإنتاجية.

شاهد بالفيديو: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

ممن يجب أن تطلب التغذية الراجعة البنَّاءة؟

قد تظن أن أفضل شخص تطلب منه تقديم تعليقات بناءة هو رئيسك في العمل، لكن هذا ليس هو الحال دائمًا.

قد يكون رئيسك مشغولاً للغاية أو لديه وجهة نظر مختلفة قد تحد من فائدة التعليقات التي تتلقاها. ولهذا السبب من الأفضل عادةً أن تسأل شخصًا مطلعًا على عملك ولكنه لا يشارك فيه بشكل مباشر، مثل أحد أعضاء الفريق.

في كثير من الأحيان، يقدم لك الأشخاص الذين تعمل معهم أفضل التعليقات لأنهم يرونك أثناء العمل كل يوم ويعرفونك جيدًا بما يكفي لتقديم اقتراحات محددة ومفيدة.

كيف تطلب تغذية راجعة بنَّاءة؟

قد يكون من المُحرج أن تسأل أحد زملائك عن رأيه في عملك، لكن توجد بعض الطرائق لتقليل الإحراج بالنسبة إلى الشخص الذي تطلب منه.

تتمثَّل إحدى الطرائق بطرح السؤال بصيغة طلب نصيحة أو مساعدة بدلاً من طلب تغذية راجعة، فمثلاً يمكن أن تطلب من زميلك المساعدة على توضيح الجوانب التي يمكن أن تجري عليها بعض التحسينات؛ بذلك تجعل الشخص يشعر بأريحية أكبر في تقديم رأيه.

من الضروري أيضاً أن تكون واضحاً في تحديد الموضوع الذي تطلب فيه تغذية راجعة، فلنفترض أنَّك تسأل زميلك: "كيف هو أدائي؟" لاحظ أنَّ السؤال عام أكثر ممَّا ينبغي لدرجة أنَّ الشخص الذي تسأله قد لا يعرف بما يجيبك؛ ومن ثمَّ يعتقد أنَّ من الأفضل أن يقدِّم رأياً إيجابياً.

لكن إذا ما طرحت سؤالك على الشكل الآتي: "هل يمكنك أن تذكُر لي مثالاً عن إحدى المرات التي أديت فيها هذا العمل بطريقة ممتازة ومثالاً على إحدى المرات التي لم يكن أدائي فيها جيداً بما يكفي؟"؛ هذا سيسَّهل على الشخص الذي تسأله تقديم تغذية راجعة بنَّاءة، وسيقدِّم لك أمثلة واضحة تستطيع الاستفادة منها.

ما هو أفضل توقيت لطلب التغذية الراجعة البنَّاءة؟

أفضل وقت هو عندما يكون لديك المجال للتركيز على التغذية الراجعة التي تلقيتها وإجراء التعديلات وفقها، ولا يُحبَّذ عادةً طلب التغذية الراجعة قبل حضور اجتماع عمل مباشرةً، فقد لا يكون لديك الوقت الكافي لتطبيق المقترحات.

ينبغي أيضاً أن تأخذ في الحسبان حاجة الشخص الذي تطلب منه للوقت الكافي حتى يفكِّر في سؤالك ويقدِّم لك إجابته.

ما هو المكان الأفضل لطلب التغذية الراجعة البنَّاءة؟

يفضَّل أن تلتقي بالشخص الذي تطلب منه التغذية الراجعة وجهاً لوجه أو عبر تطبيق زووم (Zoom)؛ لأنَّ ذلك يضمن أنَّ كليكما مسترخٍ ومركِّز على المحادثة.

لكن على أيَّة حال إذا تعذَّر عليك أن تلتقي به وجهاً لوجه أو عبر أحد تطبيقات الاجتماعات الافتراضية، فلا بأس بمكالمة هاتفية أو حتى رسالة عبر البريد الإلكتروني، فهذا سيفي بالغرض.

الشيء الهام هو أن تطلب من الشخص على انفراد حتى يشعر بالراحة ويكون صادقاً معك، وبصرف النظر عن المكان الذي تلتقي به مع هذا الشخص احرص فقط ألا تُقاطَع؛ ومن ثم أن تحصل على انتباه الطرف الآخر كلياً، فلا يجب مثلاً أن يكون الشخص قلقاً بشأن حضور اجتماع بعد بضعة دقائق أو أن يشعر بأنَّ الوقت يداهمه ويجب أن تجري المحادثة على عَجَل.

ببساطة أرسل للشخص رابط حسابك على التطبيق الذي تستخدمه لجدولة الوقت أو اختر يوماً أو وقتاً محدداً يلائم كلاً منكما؛ ومن ثمَّ أرسل له رسالة تذكير في اليوم الذي يسبق الموعد حتى تضمن بذلك أنَّ كليكما مستعد.

كيف أصبح أكثر تقبلاً لما تتضمنه التغذية الراجعة من ملاحظات؟

قد يكون من الصعب جداً الإصغاء إلى تغذية راجعة بنَّاءة خاصةً إذا لم تكن معتاداً على ذلك، فالخطوة الأولى هي أن تحاول أن تكون أكثر انفتاحاً عندما تتلقى تغذية راجعة، ومن الضروري أن تتذكَّر أنَّ الشخص الذي يقدِّم لك تغذية راجعة إنَّما يحاول مساعدتك حتى تتحسن، وليس رغبةً منه بجعلك مُحبطاً.

الطريقة الأخرى في تحسين قدرتك على تلقي التغذية الراجعة هي من خلال استخدام الإصغاء النشط، وهو يعني أن تعطي انتباهك لما يقوله الشخص الآخر وطرح أسئلة للاستيضاح وإعادة صياغة ما سمعته حتى تتأكد من فهمك له.

كما أنَّه من المفيد أن تخصص بعض الوقت للتفكير في التغذية الراجعة التي تلقيتها قبل أن تجيب، فهذا يسمح لك بمعالجة المعلومات والرد بتأنٍ، ويجب في نهاية الحديث أن تشكر الشخص، فهذا سيبين أنَّك تقدِّر المساعدة التي قدَّمها وأنَّك ستأخذ بالحسبان اقتراحاته.

ماذا لو لم تكن التغذية الراجعة التي تلقيتها مفيدة؛ بل ضارة؟

على الرَّغم من أنَّ هذا قد يحدث؛ ولكنَّه ليس أمراً يدعو للقلق، فليس عليك أن تصدِّق كلَّ ما يُقال لك وتتعامل معه على أنَّه حقيقة مطلقة، فلا يعني لمجرد أنَّ شخصاً ما يقدِّم لك تغذية راجعة أنَّه يجب أن تتصرف بناءً عليها، ويمكنك دائماً أن تسأل شخصاً آخر حتى يقدِّم لك رأياً قد يكون مختلفاً.

تذكَّر دائماً الهدف من التغذية الراجعة هو مساعدتك على تحسين أدائك لا أن تصيبك بالإحباط، فإذا كانت تعليقات الشخص الذي طلبت منه التغذية الراجعة ضارة فلا تتردد في إخباره بذلك وإنهاء الحديث.

يوجد دائماً أشخاص في أيِّ فريق عمل لا يهتمون سوى بمصلحتهم، ولكن لا تدع ذلك يمنعك من طلب التغذية الراجعة من زملائك الذين تثق بهم، فأغلب الناس تتمنى لك النجاح.

Feedback

ماذا تفعل إذا كنت تخشى طلب التغذية الراجعة من أحدهم؟

مفتاح الحصول على تغذية راجعة بنَّاءة هو أن تكون واثقاً من نفسك ومتواضعاً في الوقت نفسه؛ إذ يجب أن تجعل الشخص الآخر يشعر بأنَّك تحترم رأيه وتبحث فعلاً عن مساعدته لتحسين أدائك.

إليك بعض النصائح التي تساعدك على طلب التغذية الراجعة بثقة:

  1. تخيَّل أنَّك تتلقى تغذية راجعة مفيدة.
  2. تذكَّر أنَّك لست مثالياً، ولكن لا بأس بذلك.
  3. تذكَّر إحدى المرات التي تلقيت فيها تغذية راجعة مفيدة.
  4. ركِّز على هدفك النهائي وتذكَّر أنَّ التغذية الراجعة ستساعدك على تحقيقه.
  5. تنفس بعمق واسترخِ.
إقرأ أيضاً: نموذج المحادثات COIN، تخفيف حدّة التغذية الراجعة الصعبة

كيف تستفيد عملياً من التغذية الراجعة البنَّاءة؟

ضع خطة عمل بمجرد تحديد المجالات التي تريد تحسينها تتضمن الخطوات التي ستتبعها من أجل تحسين المجالات التي حددتها مسبقاً.

قد يتضمن هذا تحديد أهداف معينة، مثل طلب المساعدة من الآخرين أو التدريب، وإذا كنت تريد الاستفادة من التغذية الراجعة البنَّاءة فإنَّه من الضروري أن تتحلى بالمسؤولية، وأن تضع أهدافاً قابلة للقياس وتعطي نفسك الوقت الكافي للوصول إلى أقصى مستوى للأداء.

إقرأ أيضاً: ثقافة التغذية الراجعة: هل نحن بحاجة إليها؟

إليك 8 نصائح تساعدك على الانطلاق:

اطلب من صديق أو زميل أن يساعدك لتبقى على المسار الصحيح.

  1. ضع جدولاً زمنياً يتضمن أهدافاً معينة تريد تحقيقها.
  2. قم بعمليات تحقق دورية تضمن لك البقاء على المسار.
  3. أنشئ مجموعة دراسة أو انضم لواحدة.
  4. اتبع دورة عبر الإنترنت أو اشترك في ندوات تتعلق بأهدافك.
  5. ابحث عن منتور ليساعدك على الوصول إلى أعلى مستوى للأداء.
  6. اقرأ كتباً ومقالات لها صلة بأهدافك.
  7. خذ بعض الوقت للاسترخاء واستعادة طاقتك.

شاهد بالفيديو: كيف تستفيد من التغذية الراجعة البنَّاءة في تحسين حياتك المهنية؟

في الختام:

التغذية الراجعة البنَّاءة أساسية من أجل تطوير الذات، ولكن ليس من السهل دوماً تلقيها أو الاستفادة منها عملياً.

ستكون من خلال الحلول التي قدمناها في هذا المقال قادراً على العثور على التغذية الراجعة البنَّاءة والاستفادة منها في تطوير مسيرتك المهنية، وتذكَّر الهدف من هذا النوع من التغذية الراجعة هو مساعدتك على تطوير نفسك، والوصول إلى أقصى مستوى في الأداء؛ لذلك استفد منها.




مقالات مرتبطة