كيف تسترخي في أقل من دقيقة واحدة؟

إنَّ ما سنتحدث عنه في هذا المقال يمكن تعلُّمه خلال بضع ثوانٍ واستخدامه طوال الحياة، وفي إمكانه مساعدتك على الاسترخاء خلال أقل من 60 ثانية بصرف النظر عمَّا يحصل من أمور في حياتك، ويُعدُّ بسيطاً للغاية لدرجة أنَّ أيَّ طفلٍ يمكنه القيام به، ومع ذلك يتمتع بقوة عظيمة قادرة على تغيير حياتك، وينبغي أن يكون التقنية الوحيدة التي تساعدك على تدبير أمور حياتك.

علينا أن نسأل أنفسَنا أوَّلاً: "لِمَ نحتاجُ إلى الاسترخاء؟"؟

علينا الاعترافُ بحاجة معظمِنا إلى الاسترخاء والراحة بصورة أكبر؛ إذ إنَّ العقل البشري ليس مُعَدَّاً لمعاملة الضغوطات الحديثة التي يواجهها الإنسان في عصرنا هذا، بل أُعِدَّ بصورة أساسية ليطارده أحد الحيوانات المُفترِسة الضخمة، ويقوم بعدَها بتدارُك الأمر مباشرةً إمَّا بالهروب بعيداً وإما بالمواجهة والقتال، وفي كلتا الحالتين تستمر المعاناة ثانيتين فقط قبل أن تنتهي.

في حين تتَّسم الضغوطات التي نواجهها في حياتنا العصرية بأنَّها أكثر إتقاناً ومَكْراً وأطول مدةً، فمن الصحيح أنَّه من النادر حالياً أن يطاردنا أحدُ المفترِسات - باستثناء مندوبي المبيعات طبعاً - فإنَّ الخطر المحدق بنا أقلُّ بكثير إلَّا أنَّ الضغوطات والمشكلات التي نتعرَّض لها حالياً تستمرُّ لفترات أطول ممَّا مضى.

على سبيل المثال ربَّما تعلَقُ في الازدحام المروري لمدة ساعتين وتتأخر عن عملك؛ ممَّا يؤدي إلى إصابتك بالتوتُّر والإجهاد النفسي على الرغم من أنَّك في مَأمنٍ من خطر الإيذاء الجسدي، وتبدأ لديك أعراض التسرع في ضربات القلب وزيادة التعرُّق والرجفة في اليدَين التي تنجم بصورة أساسية عن عجزك عن القيام بأي تصرُّف في هذا الموقِف.

يتحتَّم عليك في هذا الموقف الجلوس في مكانك وتحمُّل الازدحام طالما أنَّه مستمرٌّ؛ ولا بدَّ أنَّ ردَّ فعلِك الطبيعي في هذا الموقف يُخبرك بالنزول من وسيلة النقل والذهاب ركضاً إلى العمل؛ لكنَّك لا تستطيع فعل ذلك؛ بل عليك أن تكبتَ ردَّ فعلك هذا وتنتظر.

يمكن أن يستمرَّ التوتُّر لفترة أطول بكثير من مجرَّد انتظار انتهاء الازدحام؛ فقد يكون لديكَ مشكلات ماليَّة تدفعك إلى القلق بشأن دفع إيجار منزلك، وتُصيبك بالتوتر والقلق من خسارة منزلك إن لم تتمكَّن من ذلك، وتبدأ بالتفكير فيما ستفعله في حياتك بعدَها وفي مكانٍ ما لتعيشَ فيه مع أسرتك، وليس غريباً أن تصيبَنا تلك الأمور بالقلق لِما يزيد عن ستة أشهر من حياتنا في حين أنَّنا نراكم التوتُّر والإجهاد داخلَنا ببطء خلال تلك المدة.

يؤدي ذلك النوع من التوتر البطيء إلى إضعافِنا وتشويه صحَّتنا النفسية وإصابتنا بالعديد من المشكلات الصحية؛ إذ تتراكمُ الأمور المُقلِقة الصغيرة داخل أرواحنا ببطء، ولا بدَّ من أنَّ القلق بخصوص إيجار المنزل لمدة ستة أشهر يمكنه أن يسلبَك صحتك ويصيبك بالعديد من الأمراض، ومن ثمَّ لسْنا بحاجة إلى أحداث مأساوية في حياتنا كي نُصابَ بالتوتر.

شاهد بالفديو: 10 أمور مذهلة تحدث للجسم عند الاسترخاء

الآثار التي يُلقيها التوتر في نفوسِنا وصحتنا:

يؤذينا التوتُّر بكل الطرائق التي يمكن تخيُّلها؛ إذ يحفز الجسمَ على إنتاج هرمونات التوتر الضارة بالصحة والمسؤولة عن استجابة الكَرِّ أو الفَرِّ، وتكمن المشكلة في أنَّنا غالباً لن نطبِّق استجابة الكر أو الفر بالهروب أو القتال، ومن ثمَّ فإنَّ الجسم لن يتخلَّص من تلك الهرمونات؛ بل إنَّها تبقى لتسمِّم جميع أجهزة الجسم وتؤذيها حرفياً، كما يُضعِف التوتُّر جهاز المناعة أيضاً؛ ممَّا يجعلنا أكثر عرضةً للإصابة بالأمراض المُعدية، وكذلك يخرِّب توازن الأنظمة في الجسم مُعرقِلاً قيامَه بجميع وظائفه تقريباً.

يجب الحد من التعرض للتوتر الزائد:

يُصبح التنفس سطحياً وسريعاً وغيرَ منتظَم دوماً في المواقف الباعثة على التوتُّر والقلق، ويمكنك تحرِّي حدوث ذلك دائماً عند إصابتك أو إصابة أي شخصٍ آخر بجوارك بالتوتر؛ وكي تتمكن من التخلُّص من شعورك بالتوتر عليك تعلُّم إبطال تأثير هذه التغييرات في عملية التنفُّس؛ من خلال القيام بالتنفس الإرادي البطيء والعميق والمُنتظَم، فتأخذ هواء الشهيق من الأنف وتخرج هواء الزفير من الفم، ولا شكَّ في أنَّك ستشعر بإحساس جيد وبراحة كبيرة إن جربتَها الآن لعدَّة ثوان حتَّى إن لم تكُن متوتراً في هذه اللحظة.

على الرغم من بساطة تلك الطريقة للغاية إلَّا أنَّ تأثيرَها المهدِّئ قويٌّ بصورة مُدهِشة، ويمكنها نقلك بسرعة من حالة فرط التوتر والقلق إلى حالة من الهدوء والطمأنينة والأمان.

يمكنك تجربتُها حين تتعرض لموقف مُقلِق وباعث على التوتر في المرة القادمة، ولا تنسَ بذلَ جهدٍ مدروس في التنفس ببطء وعُمق وانتظام، ولا بدَّ أنَّك ستشعر بالهدوء والطمأنينة خلال أقل من دقيقة واحدة، ويمكن التغافل عن هذه الطريقة ونسيانُها بسهولة بسبب بساطتها الشديدة؛ لكنَّها تملك من القوة ما يكفي لإحداث فرق كبير في حياتك.

المصدر