كيف ترتب أولوياتك وتتخلص من الانشغال دون الإحساس بالتوتر؟

الحياة لعبة، والفوز فيها ليس أمراً بسيطاً دائماً، وإذا كنتَ مثل معظم الناس، فمن المحتمل أنَّك تكافح من أجل تعلُّم أشياء جديدة وتنفيذ متطلباتك ومهامك اليومية على الصعيدين المهني والشخصي؛ على سبيل المثال: قد تواجه صعوبةً في متابعة مهام عملك ومشروعاتك بانتظام، أو تعاني الأمرَّين في سبيل تسديد الفواتير والمصروفات الأخرى.



إذا كنتَ تشعر بأنَّك مشغول على الدوام ولا تستطيع إيجاد الوقت الكافي للقيام بالأنشطة التي تريدها؛ فستجد الحل المناسب في هذه المقالة. في الواقع، يَعتمد الأمر على ترتيب مهامك حسب الأولوية، وإذا أخفقتَ في القيام بذلك؛ فسوف تظل دائماً حبيس المشاغل، بينما إذا أتقنتَ هذه الخطوة، ستتمكَّن من تعزيز إنتاجيتك وتحقيق أهدافك وأحلامك.

ترتيب المهام حسب الأولوية بطريقة البنية الفوقية:

طريقة البنية الفوقية هي طريقة لقياس قيمة كل مَهمَّة من مهامك؛ ممَّا يتيح لك ترتيبها بسرعة وسهولة حسب الأهمية، ولقد استخدمَ بعض الأشخاص طريقة البنية الفوقية لسنوات عديدة، وقد تبيَّن أنَّها فاعلة ومفيدة للغاية سواء في الحياة المهنية أم في الحياة الشخصية.

على سبيل المثال: يقول "ليون هو" (Leon Ho) المدوِّن ورائد الأعمال ومؤسس موقع "لايف هاك" (Life Hack): "نظراً لأنَّني رائد أعمال ومتزوج وأب لطفلين، كان من الضروري أن أدير وقتي بشكلٍ جيد لضمان إنجاز كل ما يتعلق بالعمل حتى أمتلك وقت فراغ كافٍ لقضائه مع عائلتي.

أتذكَّر عندما أطلقتُ موقع "لايف هاك" (Lifehack) في عام 2005 لمشاركة بعض النصائح الإنتاجية لجعل الحياة أفضل وأسهل؛ بصراحة، لقد فوجِئتُ قليلاً في البداية بالنجاح المذهل للموقع، وفي غضون سنوات من إنشائه، صار أحد أكثر مواقع الويب المتعلقة بالإنتاجية والصحة وأسلوب الحياة قراءةً في العالم؛ إذ يتضمَّن أكثر من 12 مليون قارئ شهرياً، ولك أن تتخيَّل مقدار التحديات التي واجهتُها كمؤسس ومدير تنفيذي لمثل هذه الشركة سريعة التطوُّر، ولكن عندما يكون هناك تحدٍّ، فهناك حل.

لقد اتَّبعتُ طريقة البنية الفوقية لتساعدني على إدارة عبء العمل الزائد، وكانت فاعلة في مساعدتي على أداء مهامي، وأيضاً على تخفيف التوتر، وإعادة التوازن بين حياتي المهنية والشخصية"، وكما سترى، يمكِن أن تفعل الشيء نفسه.

إقرأ أيضاً: هل تعيش حياة مُستعجلة، أم حياة ذات أهمية؟

يجب أن تَعرف أولاً أنَّ كل مَهمَّة تحتوي على ثلاثة عناصر:

  • الغرض: لماذا تفعل ذلك؟
  • القيمة: الفوائد التي تجلبها لك هذه المَهمة.
  • التكلفة: ما سينبغي عليك استثماره أو التخلِّي عنه لتحقيق القيمة المطلوبة (سواء في الموارد أم في الوقت الذي تقضيه، وما إلى ذلك).

لكي تتمكَّن من تحديد المهام المناسبة للتركيز عليها، وتخصيص الوقت المناسب في تنفيذها، يجب عليك تقييمها؛ وهنا يأتي دور طريقة البنية الفوقية.

تساعدك هذه الطريقة الشاملة على وضع مهامك وأفعالك في نصابها الصحيح؛ على سبيل المثال: إذا كنتَ تكتب كتاباً، فيمكِنك استخدام هذه الطريقة للتخطيط للكتاب، وكتابته، وتحريره، ونشره، والترويج له، ولكي تفعل ذلك بنجاح؛ ينبغي عليك معرفة الإجراءات التي يجب اتِّخاذها في كل خطوة ستَّتخذها: بدءاً من فكرتك الأولية وانتهاءً بالترويج لكتابك.

في الواقع، تُعَدُّ طريقة البنية الفوقية سهلة الفهم والتنفيذ؛ فما عليك سوى اتِّباع أربع خطوات بسيطة:

1. الخطوة الأولى "تحديد غرض واضح":

ضع في حسبانك جميع المهام التي عليك إنجازها، وفكِّر في سبب حاجتك للقيام بها، واسأل نفسك هذه الأسئلة على كل مَهمَّة:

  • ما الفائدة التي ستعود عليَّ من هذه المَهمَّة؟
  • هل سيساعدني هذا الإجراء في إحراز تَقدُّم نحو تحقيق هدفي أو هدف شركتي هذا الأسبوع؟

فلنضرب مثالاً على مَهمة مثل: التحقق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بالعمل، ستساعدك هذه المَهمة على مواكبة ما يجري في شركتك، كما ستتيح لك رؤية طلبات العمل والمهام الموكلة إليك؛ وبالتالي ستعود هذه المَهمة عليك وشركتك بالنفع عندما تُؤدَّى بصورة صحيحة.

شاهد بالفديو: 5 أسئلة تساعدُكَ على تحديد الأولويات

2. الخطوة الثانية "تحديد قيمة المَهمَّة":

الخطوة التالية هي تقسيم قائمة مهامك إلى ثلاث فئات (سيعتمد اختيار الفئة على هدفك):

  • فئة الضروريات: نضع في هذه الفئة المَهام الحاسمة للغاية لتحقيق الهدف، والتي لن يكون للنتيجة أهمية بدونها.
  • فئة الواجبات: نضع هنا المهام الهامَّة ولكنَّها ليست حاسمة؛ أي المهام التي قد يقلل تركها من تأثير النتيجة النهائية.
  • فئة الإضافات: نضع هنا المهام التي يكون إنجازها أمراً جيداً، ولكن دون أن يُؤثِّر عدم إضافتها سلباً في هدفك.

إليك مثال توضيحي: فلنفترض أنَّ عليك تقديم العمل الذي قام به فريقك في ربع السنة الأخير إلى مديري شركتك، وسوف تُقسِّم المهام إلى فئات:

  • فئة الضروريات: إنشاء عرض تقديمي يُوضِّح المهام والمشروعات الرئيسة التي حققها فريقك خلال الأشهر الأخيرة بالتفصيل، فضلاً عن التدرُّب على التحدث خلال العرض التقديمي باستخدام الشرائح.
  • فئة الواجبات: إضافة تغذية فريقك الراجعة لتسليط الضوء على المراحل والإنجازات الهامَّة في ربع السنة الأخير، قد تلتمس هذه التغذية الراجعة برسالة بريد إلكتروني مع طلب المزيد من المعلومات التفصيلية عبر اجتماعات فردية.
  • فئة الإضافات: هنا حيث يجب أن تفكِّر في الطريقة التي تريد بها تقديم النتائج لمديريك، وأهم النقاط التي تريد توضيحها، وقد يكون من المفيد أيضاً مناقشة زملائك للحصول على مساهماتهم في عرضك التقديمي.

الخطوة التالية هي ترتيب كل مَهمَّة من هذه المهام باستخدام الأرقام؛ بعبارة أخرى، يمكِنك تعيين قيمة رقمية لكل مَهمَّة، وكلما زاد الرقم، زادت أهمية المَهمة وقيمتها.

لتسهيل تصوُّر ذلك، لا نستخدم مقياساً خطياً مثل 1 إلى 10؛ بل نستخدم مجموعة من متتالية فيبوناتشي (Fibonacci Numbers) التي تترك فاصلاً أكبر بين الأرقام تلقائياً (أي أن يساوي كل رقم حاصل مجموع الرقمين السابقين، مثال: 1، 2، 3، 5، 8، 13، 21، وغيرها)؛ لذا يمكِنك اختيار ترتيب المهام على النحو الآتي:

  • في فئة الضروريات:
    • إنشاء عرض تقديمي باستخدام برنامج الباوربوينت (PowerPoint) (القيمة 13).
    • التدرُّب على العرض التقديمي (القيمة 8).
  • في فئة الواجبات:
    • إرسال بريدٍ إلكترونيٍّ إلى فريقك لطلب تغذية راجعة حول المهام والمشروعات والإنجازات المُهمة خلال ربع السنة الأخير (القيمة 5).
    • إجراء اجتماعات فردية مع أعضاء الفريق إذا أردتَ معرفة المزيد من التفاصيل حول أيٍّ من تغذيتهم الراجعة (القيمة 3).
  • في فئة الإضافات:
    • التفكير في الطريقة التي تريد بها تقديم عمل فريقك إلى مديرك (القيمة 2).
    • الحصول على رأي الزملاء في شكل العرض التقديمي (القيمة 1).
إقرأ أيضاً: كيف تستخدم مصفوفة تحديد الأولويات عندما تكون كل مهمة أولوية؟

3. الخطوة الثالثة "تقييم تكلفة المَهمة وتحديد الأولويات":

بعد النظر في أولوية كل مَهمة، تتمثَّل الخطوة التالية في تقييم تكلفة كل مَهمة، وخاصةً تكلفة الوقت، حيث تتطلَّب بعض المهام تركيزاً شديداً أو ربما حتى مساعدة خارجية، ولكن ينعكس تعقيد أو صعوبة المَهمة غالباً في الوقت المطلوب لإكمالها.

لحساب تكلفة الوقت، نقترح عليك عمل تقدير تقريبي للمدة التي ستستغرقها كل مَهمة، ومن الأفضل أن تُقسِّم الوقت إلى فترات، تستغرق كل فترة نصف ساعة، ونوصي بألَّا تتخطى أيَّة مَهمَّة أكثر من 3 ساعات؛ إذ يشير أي وقت أطول من هذا إلى أنَّ مَهمتك ربما تكون كبيرة جداً؛ وبالتالي، ستستفيد من تقسيمها إلى فترات أصغر وأكثر قابلية للتحكُّم.

بمجرد أن تَعرف القيمة والتكلفة الزمنية لمهامك؛ يمكِنك حساب النتيجة النهائية لكل واحدة، والتي ستمكِّنك بعد ذلك من ترتيب مَهامك حسب الأولوية، حيث ستتمكَّن من الحصول على النتيجة النهائية بعد قسمة قيمة المَهمة على تكلفة الوقت.

4. الخطوة الرابعة "جدولة المهام":

من خلال ترتيب مهامك حسب الأولوية وحساب الوقت التقريبي الذي ستستغرقه كل مَهمَّة لتكتمل، يمكِنك الآن اتِّخاذ إجراءات إيجابية ومثمرة. في الواقع، الأمر بسيط للغاية؛ فكل ما عليك فعله هو جدولة مهامك على مخطط أسبوعي، وتقسيم كل مَهمة على أيام وأوقات محدَّدة، فبعد أن تتَّبع استراتيجية البنية الفوقية هذه، ستتغلب بسرعة على أي شعور بالإرهاق؛ لأنَّك ستمتلك خطة أسبوعية منظمة تتيح لك التحكم في وقتك وتحقيق أهدافك.

بعد فترة من اتِّباع أسلوب البنية الفوقية، ستلاحظ أنَّك بدأتَ في إنشاء روتين جيد لبعض المهام المتكررة مثل: عقد اجتماعات منتظمة، والرد على رسائل البريد الإلكتروني، وما إلى ذلك؛ ممَّا يُوفِّر كثيراً من الوقت والجُهد؛ إذ سيساعدك على تنفيذ مهامك بصورةٍ تلقائية، وسيبقيك بعيداً عن عناصر التشتيت.

إقرأ أيضاً: 10 سبل لتحسين مهاراتك في إدارة الوقت

في الختام:

بمجرد أن تَعتمد أسلوب البنية الفوقية وتبدأ في تحديد أولويات المهام في حياتك اليومية، ستجني ثمار ذلك في تحسين إنتاجيتك ونتائج عملك، وستشعر بقدر أقل من التوتُّر والإرهاق؛ ممَّا يمنحك الوقت والجهد اللازمين لتكون أكثر تعبيراً وإبداعاً.

بالإضافة إلى ذلك، ستتمتَّع بصحة نفسية وجسدية أفضل، وستجد مزيداً من وقت الفراغ للقيام بالأشياء التي تحبها، فهذا ليس ضرباً من الخيال؛ بل حياة يمكِنك أن تعيشها إذا وضعتَ طريقة البنية الفوقية في طور التنفيذ، والشيء الوحيد الذي ستفقده من خلال تطبيق هذه التقنيات؛ هو الانشغال الدائم.

 

المصدر




مقالات مرتبطة