كيف تدير راتبك الشهري إدارة صحيحة؟

هي لحظةٌ خاطفةٌ تقود الإنسان إلى درجةٍ من التفكُّر، ليعود بحكمةٍ عظيمةٍ؛ مفادها: إنَّ أعظم إنجازات الحياة هي امتلاك الفرد لمهارات الإدارة الأساسية، وقد يندهش بعضهم من فكرة أنَّ أحد أهم هذه المهارات هي: إدارة مصادر الدخل (الراتب) بحكمة وعقلانية.



نحن نجد من حولنا الكثير من التجارب الشخصية لأصدقاءٍ وأفرادٍ من العائلة تبدو عليهم علامات البؤس والخيبة بسبب عدم قدرتهم على التعامل مع مصادر دخلهم (رواتبهم) تعاملاً صحيحاً؛ وهذا عموماً من أكبر المشكلات التي يواجهها العديد من الشباب في وقتنا الحالي.

إنَّ وجود خطة الإدارة المالية السليمة النورُ الذي يلمع في نهاية النفق المظلم؛ فهي التي ستحدد لك كيفية التعامل مع دخلك وتخصيص الأموال للنفقات والمدخرات.

نحن جميعاً نكافح لنعيش حياة كريمة ضمن مصادر دخل محدودة، ونعاصر فترات ركود وتضخُّم؛ وتحقيق هذا الهدف مَهمة شاقة؛ لذلك إنَّ قضاء بعض الوقت في إدارة راتبك يمكن أن يؤتي ثماره حقاً، ويمكن أن يساعدك على دفع فواتيرك في الوقت المحدد، وتوفير مبلغ معقول من المال في نهاية العام أيضاً.

صديقنا القارئ، إنَّك بلا شك ذو حظٍ سعيد، فلقد توصَّلنا إلى حل بسيط سنشاركك إياه خطوة بخطوة لتتمكن من البدء بتطبيقه في أي مرحلة من مراحل حياتك العملية لإبقاء كل مشكلات إدارة راتبك تحت السيطرة.

ولمزيد من التوضيح، سنعرض لك بالتفصيل ما يلي:

  1. ما هو الراتب؟
  2. نصائح حول كيفية إدارة راتبك الشهري إدارةً صحيحةً.
  3. طرائق عملية (تطبيقية) في إدارة راتبك الشهري إدارةً صحيحةً.
  4. خطوات إدارة راتبك الشهري إدارةً صحيحةً.

شاهد بالفيديو: 7 طرق للتغلب على الظروف الاقتصادية العصيبة

1. ما هو الراتب؟

تعريف الراتب الشهري:

1. 1. هو التعويض المتَّفق عليه مقابل العمل الجسدي أو الفكري الذي يقوم به الشخص من أجل تحقيق هدف ما، أو مَهام مُعيَّنة مَطلوبة منه خلال فترةٍ زمنيَةٍ مُحدَّدة، وعادةً ما يُدفع شهرياً، وليس يومياً أو أسبوعياً. ويتحدَد الراتب تبعاً لمعدلات الأجور في السوق المحيط، وتبعاً لساعات العمل، ومن خلال قواعد قانون العمل المتعلق بضرورة الدفع مقابل العمل الإضافي يشمل الرَاتب مجموعةً من المُميزات الإضافية: كالحوافز المالية، والإجازات، والتأمين الصحي، وغيرها؛ حيث يستوجب على أرباب العمل مراقبة ساعات العمل الإضافية للموظفين.

1. 2. هو المورد المالي الرئيس لأغلب الناس؛ لذلك فإنَّ السعي إلى تحقيق أقصى الفوائد منه أمر ضروري؛ بل من الحكمة بذل الجهد وكل ما من شأنه التوفير والادخار من الراتب.

2. نصائح حول كيفية إدارة راتبك الشهري إدارةً صحيحةً:

يعلم الجميع أنَّ الحياة تزداد تكلفةً يوماً بعد يوم، ويرجع ذلك إلى الإنتاج المتزايد للكماليات التي أصبحت في وقت وجيز من الضروريات؛ فأنت مثل أغلب الناس، تعاني من جفاف الجيب خلال فترة قصيرة من حصولك على الراتب الشهري ومن ثمَ تجد صعوبة في تلبية احتياجات ومتطلبات الحياة لديك. إذا كنت تعاني وتصارع من أجل إنهاء شهرك دون اللجوء إلى القروض فأنت أقرب من هذه النصائح التي سأقدمها لإدارة راتبك إدارة جيدة ومريحة: 

2. 1. حدد ميزانية الأسرة:

أنت تعلم كما يعلم الجميع أنَّ الراتب الشهري موجَّه للأسرة على وجه الخصوص، وهذا ما يؤرق معظم الموظفين الذين يُـشغلون فكرهم كثيراً في العمل من أجل الحصول على راتب جيد، ولكن لا يفعلون الشيء نفسه لمعرفة كيفية ترشيد النفقات الأسرية.

عليك بكل بساطة أن تُحصي جميع نفقاتك؛ مثل: الإيجار، وتقديرات فواتير المياه والكهرباء والهاتف والإنترنت، والبقالة، ومصروفات المواصلات، ثم تضيف المصروفات غير المتكررة؛ مثل: التطبيب والطعام خارج البيت والسفر الطارئ.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للنجاح في وضع ميزانية للأسرة

2. 2. أنشئ صندوق احتياطي طوارئ:

الصندوق الاحتياطي يساعد على التعامل مع حوادث الحياة وما هو غير متوقع؛ لذلك عند تحديد ميزانيتك، أضف جزءاً غير قابل للتداول من راتبك إلى هذه النفقات الشهرية، قد نسميه "صندوق العفة" كي لا نمد يدنا لأحد عند الشدائد.

2. 3. سدِد الفواتير في وقتها المحدد:

إن لم تُسدِّد الفواتير في وقتها المحدد فسوف تُقتطَع قيمها من راتب الشهر القادم وهذا سيؤثر سلباً في توازن ميزانية دخلك؛ وذلك لأنَّك جعلت راتب هذا الشهر يتحمل إهمالك في الشهر السابق؛ لذا تذكر دائماً أن تدفع فواتيرك بمجرد استلامها، كي لا تعاني لاحقاً. 

2. 4. حافظ على الفائض الذي لا يدخل في راتبك الرسمي:

عليك ادِّخار الفائض؛ لأنَّ ذلك يُعَوِّدُكَ على الإنفاق بعقلانية، وسيزيد من رصيد صندوقك الاحتياطي لبناء مشروعك المستقبلي أو تحسين وضعك الاجتماعي مستقبلاً.

2. 5. اتَّبِع قاعدة (50-20-30):

بافتراض أنَّ دخلك الصافي (الحقيقي) يتمثَّل بنسبة 100٪، فإنَّ القاعدة تقسم ميزانيتك إلى ثلاثة أقسام:

  • المصروفات أو الاحتياجات الثابتة (50%): هذه نفقات إلزامية، ضرورية لبقائك على قيد الحياة، الفواتير الشهرية المتكررة مثل: فواتير المياه والكهرباء والرهن العقاري والإيجار ومدفوعات السيارات وما إلى ذلك.
  • الأهداف المالية أو المدخرات (20٪): هي التكاليف التي يتم تكبدها عند التخطيط لمستقبلك، بما في ذلك صندوق الطوارئ وشراء الأسهم والسندات.
  • الكماليات (30٪): يجب تخصيص ما تبقى من دخلك للنفقات اليومية، والتي تختلف في التكرار والمبلغ، مثل قرارات تناول الطعام في الخارج والتزويد بالوقود.

2. 6. سَجِّل المصروفات يومياً:

عليك تسجيل كل عملية شراء ومصروف، بما في ذلك الرسوم المصرفية.

2. 7. اختر أفضل الأسعار:

قبل إجراء أي عملية شراء، يجب أن تتسوق للحصول على منتجات أو خدمات بديلة، ويمكن أن ينطبق هذا حتى على منتجات مثل: التأمين والبنوك، وفي هذه الحالة، يمكنك تقييم التكاليف والفوائد واختيار مزوِّد الخدمة الذي يلبِّي احتياجاتك.

وبالنسبة إلى الأدوات المنزلية والإلكترونيات، يمكنك الحصول على خصومات أو قسائم أو الأشياء نفسها بتكلفة أقل إذا كنت محظوظاً، وتذكر أنَّ هذه النفقات هي تكاليف غير متكررة؛ لذلك يجب أن تضاف إلى أهدافك قصيرة الأمد إذا لم تكن باهظة الثمن؛ ومع ذلك ونظراً لأنَّك تريد الحصول على قيمة مقابل نقودك، لا تضاعف كثيراً من الخدمات مثل: الرعاية الصحية.

2. 8. فكِّر على الأمد الطويل:

المستقبل مليء بالشكوك والمخاطر على الرغم من التخطيط؛ لذلك ليس عليك أن تغفل، فيمكنك ادخار مبلغ صغير من المال شهرياً، كمخطط التقاعد الخاص بك؛ إذا لم يكن لديك خطة محددة للمستقبل، فلا يزال في إمكانك استخدام حساب التوفير؛ وبهذه الطريقة ستكسب أموالك فائدة.

تذكّر: أنَّ الانضباط والالتزام أصدقاؤك؛ لذا اتبع خطتك ببساطة، ودع أموالك تعمل من أجلك من خلال إدارتها إدارةً مناسبة.

3. طرائق عملية (تطبيقية) في إدارة راتبك الشهري إدارةً صحيحة:

قد تبدو إدارة أموالك مَهمة مستحيلة، لكنَّ هذا فقط لأنَّك لم تأخذ الوقت الكافي لبدء إدارتها؛ اليوم أصبح الحفاظ على أموالك منظمة أسهلَ من أي وقت مضى؛ وذلك من خلال الميزانية الدقيقة والادخار الذكي وبعض الاهتمام الأساسي بدخلك ونفقاتك؛ حيث يمكنك إدارة أموالك بحكمة دون الحصول على ماجستير في إدارة الأعمال.

3. 1. الطريقة الأولى، "الميزانية":

3. 1. 1. ضع ميزانية لأموالك:

أنشئ قائمة بدخلك الشهري الصافي (الحقيقي)، ثم احسب كل دخلك على أساس شهري، ولا تُضمِّن أي دخل تأمل الحصول عليه من العمل الإضافي أو الإكراميات أو المكافآت أو أي شيء آخر غير مضمون؛ بل استخدم الدخل الذي تتأكد أنَّك ستكسبه في ذلك الشهر فقط؛ حيث يمنحك هذا صورة واضحة عن مقدار الأموال التي يتعين عليك إنفاقها شهرياً، مما يسمح لك بصياغة ميزانية دقيقة.

3. 1. 2. تتبَّع كل نفقاتك شهرياً:

احتفظ بكل إيصالاتك ودوِّن ما اشتريته للحصول على صورة دقيقة لعادات إنفاقك، ولحسن الحظ، جعلت التكنولوجيا الحديثة هذا الأمر أسهل من أي وقت مضى؛ حيث يمكنك تسجيل الدخول عبر الإنترنت لمعرفة نشاطك المصرفي وبطاقة الائتمان، حتى إنَّ معظم البنوك تفضِّل هذا حسب نوع الإنفاق أيضاً، مثل: "الطعام، البقالة" أو "الغاز" أو "الإيجار".

3. 1. 3. قسم نفقاتك إلى نفقات ثابتة وأساسية وغير أساسية:

هذه هي أفضل طريقة لمعرفة أين يمكنك توفير المال والبدء بالإنفاق بحكمة.

  • المصروفات الثابتة: هذه هي الأشياء التي لا تتغير من شهر لآخر ولكن يجب دفعها، بما في ذلك الإيجار، ودفعات السيارات والقروض، وما إلى ذلك.
  • المصروفات الأساسية: تشمل الطعام والمواصلات والمرافق وأي شيء تحتاجه للعيش ولكنَّ تكلفته تتغير من شهر لآخر.
  • النفقات غير الأساسية: مثل تذاكر السينما والمشروبات مع الأصدقاء والألعاب والهوايات، وهذا هو أكبر مكان يدرك معظم الناس أنَّه يمكنهم توفير المال.

3. 1. 4. احتفظ بهذه السجلات شهرياً:

لا يمكنك القيام بذلك مرة واحدة فقط وتوقُّع الحصول على ميزانية مثالية، فأفضل طريقة لمعرفة كيفية إنفاق الأموال هي الاحتفاظ بالسجلات، والتحقق مرة واحدة على الأقل شهرياً لمعرفة ما تقوم به، عموماً، سيبقى دخلك كما هو، لذلك ستحتاج إلى تعديل نفقاتك إذا شعرت أنَّك تخسر المال.

3. 1. 5. احسب مقدار الأموال المتبقية بعد النفقات الثابتة والأساسية:

إذا كنت تنفق المال الذي تحتاجه فقط للعيش، فما مقدار الدخل المتبقي؟ خذ دخلك الحقيقي واطرح النفقات الثابتة والأساسية لمعرفة مقدار الأموال التي يتعين عليك إنفاقها شهرياً، فيجب أن يكون لديك هذا الرقم من أجل إدارة أموالك بحكمة؛ حيث إنَّه "مخصص" للادخار والمتعة.

3. 1. 6. قسِّم "الباقي" إلى مدخرات (استثمارات) وأنشطة ترفيهية:

الأموال المتبقية بعد طرح فواتيرك الأساسية شهرياً هي دخلك التقديري، ويمكنك استخدامها لأشياء مثل التسوق وشراء البقالة والخروج والإضافة إلى مدخراتك، كما أنَّ هناك العديد والعديد من المدارس الفكرية حول مقدار الأموال التي يجب أن تدَّخرها شهرياً، ولديهم جميعاً مزاياهم وسلبياتهم.

3. 2. الطريقة الثانية، "الإنفاق بذكاء":

3. 2. 1. ضع ميزانية شخصية والتزم بها:

بمجرد أن تعرف مقدار النقود الفائضة لديك، عليك الالتزام بعدم إنفاق أكثر مما لديك؛ لذلك اسأل نفسك ما يلي:

  • ما هي أولوياتك في الحياة؟ الطعام الجيد، أو الإجازات، أو قضاء الوقت مع العائلة فقط؟ إنَّ معرفتك لاهتماماتك الشخصية يساعدك على تجنب عمليات الشراء الاندفاعية المكلفة.
  • ما الأشياء في حياتك التي يمكنك الاستغناء عنها ولا تكاد تلاحظها؟

3. 2. 2. استخدم بطاقات الائتمان فقط للفواتير التي تخص الشهر:

بطاقات الائتمان ليست أموالاً مجانية؛ فمعدلات الفائدة على بطاقات الائتمان ضخمة، حتى لو لم تدفعها على الفور، وتعني إدارة أموالك بحكمة استخدام بطاقات الائتمان الخاصة بك بحكمة، ومع ذلك، فإنَّ الاستخدام الرشيد للبطاقة يساعد على بناء الائتمان، وهو أمر مطلوب للحصول على قروض شراء المنازل والسيارات.

3. 2. 3. حدد هدفك عند التسوق:

عمليات الشراء الاندفاعية هي لعنة المتسوقين الأذكياء ومديري الأموال؛ فعليك أن تسأل نفسك، قبل شراء أي شيء، هل تحتاجه لتعيش؟ هل ستستمتع به لفترة طويلة، أم أنَّها متعة عابرة؟ تجنَّب التسوق كنشاط ترفيهي، وبدلاً من ذلك احتفظ به للضروريات.

  • سيبقيك إعداد قوائم البقالة على المسار الصحيح في المتجر، مما يساعد على توفير المال والتخطيط للوجبات بفعالية حتى لا يتم التخلص من أي طعام.
  • لا تشترِ أبداً شيئاً لمجرد أنَّه معروض للبيع؛ فأنت لا تزال تنفق المال، بغض النظر عن مقدار حديث الإعلان عن "التخفيضات".

3. 2. 4. ابحث قبل القيام بأي مشتريات باهظة الثمن:

يمكنك توفير الكثير من المال من خلال قضاء 2-3 ساعات في البحث عن السيارة والمنزل وأنظمة المسرح المنزلي وما إلى ذلك مسبقاً قبل أن تذهب للتسوق.

  • تحقق من الأسعار لدى 2-3 بائعين مختلفين لمقارنتهم؛ وإذا كنت تشعر بالراحة في التفاوض، فيمكنك أن تذكر للبائع أنَّك وجدت سعراً مشابهاً أو أفضل واطلب منه خفض سعره.

3. 2. 5. اشترِ بكميات كبيرة كلَّما أمكن ذلك:

يعد الشراء بكميات كبيرة أكثر تكلفة، ولكنَّك توفر المال على الأمد الطويل؛ فيمكنك شراء أدوات النظافة والطعام ومستلزمات التنظيف عبر الإنترنت أو من المتاجر الكبيرة لخفض نفقاتك.

إقرأ أيضاً: 10 طرق لتوفير فاتورة الكهرباء

3. 3. الطريقة الثالثة، "الادخار للمستقبل":

3. 3. 1. اجعل هدفك توفير نفقات المعيشة لمدة 3-6 أشهر كحد أدنى:

ينصح العديد من المستشارين الماليين الذهاب إلى أبعد من ذلك، والادخار لمدة 9-12 شهراً على الأقل، ولكنَّ 3 هو الحد الأدنى المطلق الذي يجب أن يكون لديك في متناول اليد في حالات الطوارئ؛ وتُنفَق هذه الأموال فقط إذا كنت في حاجة ماسة إليها، مثل فقدانك لوظيفتك أو احتياجك إلى دفع فواتير طبية.

3. 3. 2. ضع قائمة بأهداف الادخار الخاصة بك:

هل تخطط للتقاعد أو إجازة في أوروبا العام المقبل؟ اعتماداً على ما تريد التوفير من أجله، سيتغير المبلغ الذي تحتاج إلى ادخاره شهرياً تغيراً كبيراً.

3. 3. 3. استثمر في مستقبلك مبكراً:

على سبيل المثال: إنَّ تخصيص مبلغ 5000 دولار سنوياً لمدخرات التقاعد في العشرينات من العمر يكسبك ضعف المال عندما تتقاعد مثل الشخص الذي يستثمر 20000 دولار سنوياً في الأربعينيات من عمره؛ هذا لأنَّه مع مرور الوقت، تتكون فائدة مركبة وتتضاعف أموالك بسرعة.

3. 3. 4. ادَّخر وادفع الديون في وقت واحد كلما أمكن ذلك:

لا تحاول إعطاء الأولوية لأحدهما على حساب الآخر؛ وذلك لأنَّك قد تخسر المال بالفعل.

4. خطوات إدارة راتبك الشهري إدارة صحيحة:

4. 1. الجانب النظري:

قبل البدء فعلياً بمحاولات إدارة الراتب، من الهام جداً أن تعمل على الجانب النظري والتوجه الذهني أولاً؛ من خلال زيادة وعيك المالي واستيعاب المفاهيم الأساسية حول الادخار، وفهم العوامل المؤثرة في إدارة المصروفات، وموارد الدخل الشخصي، وإعداد الميزانية الشخصية، والخطوات الأربع الأولى هي خطوات ستعمل من خلالها على بناء الوعي الادخاري لديك:

4. 1. 1. الوعي بأوجه الإنفاق:

  • الضروريات: وتضم كل النفقات الضرورية التي لا تستقيم الحياة بدونها، كالمأكل والمشرب والملبس.
  • التحسينات: وتشمل الأمور التي تجعل الحياة أكثر ميسرة، وتخفف من المشقات، ولا يجب الإنفاق على التحسينات إلا بعد استيفاء الضروريات.
  • الكماليات: وتتمثل في بنود النفقات التي تجعل حياة الإنسان أكثر رفاهية، ولا تختل الحياة بفقدها.

النتيجة: ستُصبِح قادراً على التمييز بين ما تحتاجه فعلاً وبين ما تريده؛ فما تحتاجه أهم، وما ترغب فيه يكون أقل أهمية وربما تستغني عنه تماماً إن دعت الضرورة.

4. 1. 2. بناء ثقافة الترشيد:

تخلص من العبارات التي تمجِّد الإسراف مثل:

  • "اصرف ما في الجيب يأتيك ما بالغيب".
  • "الحياة قصيرة لتوفير النقود".

وما إلى ذلك، واستبدلها بعبارات أخرى تُمجِّد الادخار مثل:

  • "على قد بساطك مد رجليك".
  • "وفِّر قرشك الأبيض ليومك الأسود".

وما إلى ذلك؛ حيث سيُحفزك هذا على الادخار.

النتيجة: تغيير قناعاتك والابتعاد عن الإسراف والتبذير والتحول باتجاه الترشيد والادخار واتباع سياسات واعية قادرة على تحقيق التوازن بين الإنفاق والدخل.

4. 1. 3. بناء ثقافة الادخار:

غياب ثقافة الادخار يحوِّل الأشخاص إلى مستهلكين سلبيين، فيصرفون من دون تخطيط أو تقدير، من ثم تكون النتيجة الوقوع في براثن الديون، أو الاشتراك في «جمعية»، أو الاقتراض من أحد الأصدقاء أو الأقارب لتدبير مصروف الشهر حتى نهايته.

تبدأ ثقافة الادخار بإحساس الشخص بمسؤولية المستقبل، مثل مسؤوليته تجاه مصروفات والتزامات الحاضر، فالادخار ليس تكديس عبثي للنقود؛ بل هو برنامج يهدف إلى اقتطاع جزء من دخلك الشهري من أجل نفسك ومستقبلك ورخائك وجودة حياتك وحياة أسرتك.

النتيجة: تزيد ثقافة الادخار من القدرة على وضع سياسة إنفاقية متوازنة، تلبي الاحتياجات، وتمنح هامشاً ادخارياً من الراتب الشهري.

إقرأ أيضاً: 8 عادات عليك تجنبها حين تعلّم أطفالك تحمل المسؤولية المالية

4. 1. 4. تغيير الأنماط الاستهلاكية:

إنَّ نزعة الاستهلاك المفتوح ومباهاة الآخرين ومجاراة الواقع عادة مضرة، ويجب عليك إيقافها فوراً.

الكماليات أمور لا تعدُّ أساسية في الحياة؛ حيث تتسبب في إنفاق الكثير من الأموال؛ لذلك يجب التقليل منها ما أمكن والتركيز على الأساسيات وعدم البحث عن المتعة والترف اللحظي، فكل إنسان له قدرات، ومن يعش بقناعة ووفقاً لقدراته لن يندم أبداً.

النتيجة: إذا أصبح لديك وعي شرائي واستطعت تبنِّي نمط استهلاكي واعي، تأكَّد أنَّك ستنجح في ادخار أموال لم تكن لتصدق أنَّك قادر على توفيرها.

4. 2. الجانب التطبيقي:

وصلنا الآن إلى الخطوات التطبيقية التي ستساعدك على السيطرة على الفوضى المالية ووضع قطارك المالي في سكة النجاح الحقيقية؛ فإذا نجحت في تنفيذ الخطوات الثلاث أدناه، كن متأكداً أنَّك ستسيطر على مصروفاتك وستوزِّع راتبك توزيعاً متوازناً بين المصروفات والاحتياجات تمنحك هامشاً هاماً للتوفير والادخار:

4. 2. 1. توزيع الراتب على عناصر الإنفاق والادخار:

حتى تتمكَّن من توزيع الراتب الشهري توزيعاً سليماً أنت بحاجة إلى إنشاء ميزانية شهرية تشمل الدخل الشهري من ناحية والنفقات والادخار من ناحية أخرى، وتشمل عناصر الإنفاق والادخار على التالي:

  • سداد الأقساط: في أول خطوة لتقسيم الراتب يجب أن تقوم باستقطاع المبلغ الخاص بسداد الديون والأقساط الشهرية حتى لا تنسى أو تتأخر في سدادها مما يعرقل خطتك المالية.
  • تحديد المبالغ المرغوب ادخارها: يجب تحديد المبلغ المطلوب ادخاره قبل المصروفات، حتى تتمكن من وضع خطوط عريضة لنفقاتك خلال الشهر، وقد تكون لديك أكثر من خطة للادخار في آن واحد وبنسب مختلفة، مثل: الادخار لحالات الطوارئ أو لشراء أصل (سيارة، منزل) أو للتقاعد وغيرها.
  • ترتيب المصروفات من حيث الأولوية: وذلك من خلال عمل قوائم للمصروفات تحت مسميات مختلفة مثل:
    • قائمة خاصة بالمصروفات الثابتة، مثل: الإيجار وفواتير الخدمات المنزلية والاشتراكات الشهرية.
    • قائمة خاصة بالمصروفات الأساسية المتغيرة، مثل: الطعام والمواصلات ومصروفات الأطفال.
    • قائمة خاصة بالمصروفات الطارئة، وهذه القائمة خاصة بالأمور غير المتوقعة وتحتاج إلى سيولة نقدية، مثل: أمور صحية أو إصلاح أعطال.
    • قائمة خاصة بالمصروفات الإضافية، مثل: الترفيه والرحلات والهدايا.

من خلال توزيع الدخل على تلك القوائم مع الأخذ بالحسبان إعطاء الأولويات على حسب الترتيب المذكور، وتدوين جميع المصروفات مهما كانت قيمتها، ستدرك بعد مرور الشهر الأول حجم التكلفة لكل قائمة لديك، وستكتشف ثقوباً كانت تهدر مالك الذي كان من الممكن أن يكون فائضاً للتوفير من الراتب، ومع الاستمرار في العمل بهذه الاستراتيجية لشهور عديدة بعزم ومثابرة ستصل حتماً إلى وضع مالي أفضل.

4. 2. 2. تقسيم الراتب الشهري

لا بد من تقسيم الراتب الشهري منذ بداية الشهر وفق استراتيجية توزيع الراتب التي شرحناها أعلاه، فتقسيم الراتب فور استلامه سيضع حداً للفوضى التي كنت تعيشها سابقاً، وسيساهم في تلبية جميع احتياجاتك على مدى شهر كامل، دون الوقوع في عجز بالميزانية، وستتمكن أيضاً من تأمين مبلغ الادخار الشهري الذي حددته سابقاً، وفيما يلي ثلاث طرائق لتقسيم الراتب، اختر منها ما يناسبك:

  • المظاريف: يُقسَّم الراتب إلى بنود المصروفات والادخار من خلال وضع المبلغ المخصص لكل بند في ظرف منفصل، مثل الإيجار والفواتير المنزلية والأقساط وما إلى ذلك، وعند الحصول على الراتب نضع في كل ظرف المبلغ الخاص به، ويُصرف لكل بند من ظرفه دون التجاوز على بند آخر. ستدرك بنهاية الشهر كيف أحجمت عن المصروفات غير الضرورية وأُنفِقَ الراتب إنفاقاً صحيحاً.
  • تطبيق الادخار الإلكتروني: مع التطورات التكنولوجية أصبح في إمكانك استخدام التقنية الحديثة في إدارة الأمور المالية، فهناك العديد من التطبيقات الذكية التي تساعدنا على تنظيم حجم المصروفات شهرياً؛ حيث يمكنها الاحتفاظ بكل المشتريات في فئات منظمة وتتبع طرائق الإنفاق والفواتير تتبُّعاً دقيقاً، مما يسهِّل ضبط الميزانية.
  • قاعدة الأجزاء الثلاث (50-30-20): يُقسَّم الراتب الشهري على ثلاثة أجزاء تُحسَب كما سبق أن وُضِّحَت في فقرة النصائح.

في الختام:

كلما كان دخلك الشهري أعلى، كنت أسرع في تحقيق خطتك الهادفة إلى تحقيق الاستقلال المالي، وعليه فإنَّ التخطيط المدروس والمستمر لزيادة دخلك الشهري من أهم أولوياتك في هذه المرحلة، وقد يكون التفكير في مصدر دخل إضافي هو أحد خياراتك، وهو أمر ليس بتلك الصعوبة التي قد يتخيلها بعضنا؛ حيث بات الحصول على مصدر دخل إضافي أسهل من ذي قبل.




مقالات مرتبطة