كيف تدير الاجتماعات وتعطي لكل فرد وقته في الحديث؟

عندما تفكر في اجتماعات الأسبوع الماضي، ما هو الشيء الذي تجده أكثر إحباطاً؟ بصفتي مدربة وكوتشاً في مجال عقد الاجتماعات وتنظيمها، يتصل بي العملاء ليحصلوا على فرصة المشاركة والتركيز في اجتماعاتهم، ويشرحون قائلين: "إنَّ الأشخاص نفسهم يتحدثون دائماً، ويُخرجون الاجتماع عن مساره الصحيح ويجعلوننا نخرج عن الإطار الزمني المخصص للاجتماع، كما أنَّ الأشخاص نفسهم في كل مرة يمضون الاجتماع هادئين قلقين من عدم حصولهم على فرصة المشاركة التي يحتاجونها لتلبية التزامات الفريق".



لحل هذه المشكلة: أودُّ مشاركة استراتيجية للتأقلم وتحسين الوضع ولكن كجميع استراتيجيات التأقلم، فهي لن تزيل المشكلة تماماً

يُعَدُّ عقد الاجتماعات ركناً رئيساً من الحياة المهنية، ولكن ضمن كل اجتماع، لدى الأشخاص نوعان من الاجتماعات: النوع الأول، هو الاجتماع العادي؛ أي الاجتماع الذي تحضره، والنوع الثاني، هو الاجتماع الذهني؛ أي الأفكار والأحداث التي تدور في رأسك، وهذا النوع في الكثير من الأحيان هو السبب في عدم تدخُّلنا لإنقاذ الاجتماعات عندما تخرج عن المسار الصحيح.

سيأخذ الاجتماع الذهني شكل الأفكار والأمنيات أو التحسينات التي نرغب فيها لتحسين الوضع مثل: "أتمنى أن تتوقف عن الكلام وتسمح للآخرين بالحصول على فرصة الحديث، فربما يجب أن أفعل شيئاً ولكن ماذا يمكنني أن أفعل؟ لا أستطيع المقاطعة، سأبدو وقحاً".

أولاً وقبل كل شيء، ما هي استراتيجيات التكيف التي يمكن استخدامها؟ شخصياً أحب استخدام استراتيجية تتلخص في كلمة كوبي " COPE".

يرمز الحرف (C) إلى كلمة "كابتن" (Captain):

تحتاج كل سفينة إلى قبطان للوصول بأمان إلى وجهتها في الوقت المحدد، وينطبق الشيء نفسه على الاجتماعات؛ إذ يخبرنا علم الاجتماع أنَّ الأمر كله بيد رئيس الاجتماع، فإما أن يصنع اجتماعاً ناجحاً أو أن يفشل الاجتماع.

الرائع في الأمر أنَّ مهارة إدارة الاجتماع مهارة مكتسبة يمكن تعلُّمها وتتحسن شيئاً فشيئاً في كل مرة تدير فيها اجتماعاً، ولا توجد طريقة صحيحة واحدة للقيام بذلك، ويمكنك العثور على أسلوبك القيادي الفريد عن طريق التجربة.

يرمز الحرف (O) إلى كلمة "النتائج" (Outcome):

إذا كنا لا نعرف الوجهة التي نسعى إلى الوصول إليها، فسوف نضيع في خضمِّ المحادثات والنقاشات؛ لذلك من الهام جداً توضيح النتائج التي يريدها الرؤساء من الاجتماع.

إذا كنتَ منظِّم الاجتماع، فدوِّن النتيجة التي تريدها من دعوة الموظفين للاجتماع وأظهرها لهم حتى يتمكن المشاركون من رؤية المتوقع منهم، كما يمكنك أن تترك لهم حرية الاختيار بالانضمام إلى الاجتماع والتقدم نحو الهدف بالمشاركة الفعالة أو التراجع والانشغال بالقيام بالأعمال التي يعتقدون أنَّها ستكون أكثر إنتاجية.

يرمز الحرف (P) إلى كلمة "عملية" (Process):

يتطلب السعي إلى الوصول إلى وجهةٍ ما تحديد آلية العمل للوصول إليها، وهذا يتطلب تخطيطاً مسبقاً، ففي الاجتماعات القادمة وبعد التفكير بعقد الاجتماع وترتيب خطة مفصلة لما ستتم مناقشته، اسأل نفسك بعض الأسئلة، على سبيل المثال: في حال وددتَ الخروج بالاجتماع متخذاً قراراً ما، فحدِّد الآلية الموصلة لذلك أهي عن طريق التصويت، أم إجماع الآراء، أم ستعتمد على الحجج والبراهين المقنعة.

من الهام جداً وجود أعضاء الاجتماع منذ اللحظات الأولى، كما يخبرنا علم الاجتماع أنَّه عند توفُّر نتيجة واضحة، وعملية دقيقة لكيفية الوصول إلى النتيجة المرجوة، فسوف تنخفض مستويات التوتر لدى الموظفين؛ مما سيطلق العنان لقدراتهم المعرفية للتعاون، والتفكير الإبداعي والحصول على أفضل النتائج من الاجتماعات.

شاهد بالفديو: 10 طرق لكسب الاحترام في العمل

يرمز الحرف (E) إلى "الإنصاف" (Equity) أو الفرص المتساوية:

قد يُضر وجود أشخاص مهيمنين ضمن الاجتماع عندما يسيطرون على فرص الحديث، في حين يجلس الجميع في صمتٍ مستمعين، ولكن كيف تشجع وجود فرص متساوية للحديث في اجتماعاتك؟ هناك ثلاث خطوات: الإصغاء، والإطراء، وإعادة التوجيه.

لاستخدام هذه الخطوات، ستتخيَّل أنَّك ضمن اجتماع عملٍ؛ حيث يسير كل شيءٍ على ما يرام وفجأة، يبدأ بعض الزملاء بإجراء محادثة جانبية تهيمن على المناقشة بأكملها، فهذا هو الوقت المناسب للتدخل وإدارة النقاش، وسيبدو الأمر على هذا النحو:

  1. الإصغاء إلى النقاش الدائر، ثم انتظار فرصة كأن يأخذ أحد الطرفين نفَسَاً، أو يتوقف بشكل طبيعي لبضع ثوانٍ، ثم ستتدخل كطرف ثالث وتطري على سمعتَه للتو، فابدأ بطرح سؤالٍ بسيط لكسر زخم المحادثة، مثل "هل يمكنني أن أسألك سؤالاً؟"، وبهذا تكون قد أوقفتَ المحادثة من الاستمرار، ويمكنك الآن التدخل بتأييد ما قالاه مثل: "يبدو ذلك مثيراً للاهتمام حقاًَ".
  2. يمكنك إعادة توجيه مسار الحديث ليرتبط بموضوع الاجتماع عن طريق سؤال: "هل يمكنك مساعدتي على فهم علاقة حديثكما بموضوع اجتماعنا الآن؟" سيشعر الجميع بالامتنان لذكائك في إدارة النقاش وإعادته إلى هدف الاجتماع؛ وذلك لأنَّك بهذا قد أنقذتَ الاجتماع وحفظتَ الوقت والجهد، وغالباً ما يشعر الجميع بالراحة بعد مدة من ممارسة هذه الأدوات الإدارية مع زملائهم.

ولكن ماذا لو كان رؤساؤك هم المتحدثون بحديث جانبي خارج إطار الاجتماع؟ ضع نفسك مكانهم، ماذا لو قاطعك أحد موظفيك في محاولة منه للفت انتباهك بأنَّك قد خرجتَ عن موضوع الاجتماع ليعيدك إلى المسار الصحيح؟

نطرح العديد من هذه التساؤلات في أذهاننا - في الاجتماع الذهني - ولكنَّنا نتجمد عن الحركة ونتوقف عن فعل شيء، فيمكن الاستشهاد باقتباس من مدرب كرة القدم الأمريكي "مايك ديتكا" (Mike Ditka) الذي قال: "في الحياة، تحصل على ما تتحمل وجوده"، لقد غيرتُ هذا الاقتباس لأقول: "في الاجتماعات، تحصل على ما تتحمل وجوده"؛ بمعنى حياتك ليست نتيجة ظروفك؛ فهي مليئة بالأشياء التي سمحتَ لها بنفسك أن تبقى وتؤثر؛ باختصار لا فارق بين مدير أو موظف إذا قام أي منهما بإضاعة وقت وجهد الآخرين.

لماذا نتحمل هذا النوع من الاجتماعات المليئة بالأحاديث الجانبية؟

قد تتخيل عدم قدرتك على تغيير الأمر بسبب الأفكار والمخاوف الداخلية؛ إذ لا نشعر بالرغبة في مقاطعة زملائنا، فكيف الأمر بمقاطعة رؤسائنا؛ وذلك لأنَّنا قلقون أن نظهر بمظهر الوقحين.

أعتقد أنَّنا نخاف الرفض أيضاً، وبصفتناً بشراً بشكلٍ عام أحد أكبر مخاوفنا في الحياة هو أن نُنبَذ خارج القبيلة أو المجموعة؛ ولذا فإنَّنا سوف نفعل كل ما في وسعنا لنبقى مقبولين ومحبوبين، حتى لو كان ذلك يعني الجلوس في اجتماع لا نهاية له.

إقرأ أيضاً: الاستماع الفعّال، الإنصات الجيّد لما يحدثك به الناس

ماذا يمكننا أن نفعل؟

أود أن أستلهم من "إيلون ماسك" (Elon Musk) الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا وسبيس إكس" (Tesla and SpaceX) الذي كتب ذات مرة رسالة إلكترونية إلى موظفيه مُبيِّناً لهم أهمية تطبيق ثقافة الاجتماع الفعال في منظماته؛ حيث كتب: "من الأفضل أن تخرج من الاجتماع أو تعتذر عن الحضور بمجرد أن تشعر أنَّ وجودك لا يضيف قيمة؛ إذ ليس من الوقاحة أن تغادر؛ بل الوقاحة أن تبقى وتضيع وقت الآخرين".

يثبت هذا الاقتباس جدارته لأنَّه يتحدث تماماً عن موضوع الوقاحة أو الأدب مع سلوكات الرؤساء.

كيف سيكون سير العمل إذا رُفض قبول دعوة اجتماع ليس له هدف واضح؟ وكيف سيبدو الأمر إذا كان من المقبول إلغاء اجتماع مقرر لمجرد عدم وجود أيَّة حاجة لحضوره؟ عندما نقوم بإعادة تنظيم تقويم مستقبل العمل والتفكير في كيفية القيام بأفضل ما لدينا معاً، ألن يكون من الرائع أن نُجري هذا النوع من النقاشات داخل المنظمات حول كيفية عقد اجتماعات أفضل؟

لذا، في المرة القادمة التي تكون فيها في اجتماع، سواء كنت قائداً للاجتماع أم مشاركاً فيه، فكر في كيفية التدخل لإنقاذ اجتماعك من خلال استراتيجيات التكيف التي سبق ذكرها، وربما ستتوصل إلى اكتشاف طرائق جديدة بنفسك.

المصدر




مقالات مرتبطة