كيف تخوض عملية الانتقال التنظيمي عبر كل تغيير؟

هل تشعر أنَّ منظمتك في خضمِّ موجة من التغيير؟ وهل تجد صعوبةً في مواكبة المطالب المتغيرة التي تواجهها كقائد؟ لا تقلق عزيزنا القارئ، فلستَ وحدك من يعاني من ذلك؛ فقد أصبح التغيير الذي لا رادع له هو القاعدة السائدة، تاركاً القادة بلا خيار سوى التكيف ومساعدة الآخرين على التكيف.



تجبر العمليات التنظيمية، مثل: إعادة الهيكلة وعمليات الاندماج والاستحواذ، أو المشكلات المالية، القادة على إعادة التفكير في عملهم والتكيف مع القوى العاملة المتغيرة، ويضاعِف الضغط لتحقيق النتائج وتلبية المطالب التنافسية في كثير من الأحيان التوتر؛ حيث تجتمع كل العوامل الخارجية، كالاقتصاد، والصناعة، وتوجهات السوق العامة، والعولمة، والاهتمامات السياسية والاجتماعية، والتغيرات التكنولوجية السريعة، لجعل القيادة مَهمةً معقدة وصعبة.

ومع ذلك، فإنَّ "التغيير هو الأمر الثابت الوحيد في الحياة"؛ لذا علينا أن نواجه التغيير مباشرةً ونتجاوزه كي نعزز مرونتنا على الصعيدين الشخصي والمهني.

يفهم القادة الفاعلون أنَّ التغيير والتحول الناجحَين يتطلبان أكثر من مجرد التعامل معهما، وأنَّ الهدف لا يقتصر على مجرد "تدبُّر هذا الأمر الصعب" فحسب، ويتقبلون فكرة أنَّ التغيير سيحدث لا محالة، فيُعدون العدة من استراتيجيات التعامل مع المجهول، ويغيرون سلوكهم ليلائم الأوضاع والتحديات التي يواجهونها.

ما الفارق بين التغيير والانتقال التنظيمي؟

للتعامل مع التغيير، افهم أولاً أنَّ هنالك فرقاً بين التغيير والانتقال التنظيمي:

  • يُعرَّف التغيير بأنَّه المواقف والأحداث التي تُؤثِّر في المنظمات والأفراد، وهو ما يخلق الحاجة إلى الانتقال من الطريقة التي كانت عليها الأمور في السابق إلى ما هي عليه الآن، مثل: الحاجة إلى مدير جديد، أو الحاجة إلى الانتقال إلى بيئة العمل من المنزل، أو الحاجة إلى تغيير سياسة الشركة؛ حيث يتطلب التكيف مع التغيير المرونة.
  • الانتقال هو العملية النفسية الداخلية التي تؤدي إلى التكيف مع الوضع الجديد، ويمكِن أن يَحدث الانتقال بسرعة أو ببطء؛ فهو عملية الانتقال بنجاح من الوضع القديم إلى الوضع الجديد. سنورد فيما يلي نصائحنا للإبحار بسلام بين المراحل الثلاث للانتقال.

شاهد بالفيديو: 11 مهارة تنظيمية يحتاجها كل قائد ذكي

نصائح حول كيفية الإبحار بين المراحل الثلاث التي تتألف منها عملية الانتقال:

يتضمن الانتقال ثلاث مراحل وفقاً لويليام بريدغز (William Bridges)، الرائد في مجال إدارة التغيير، وهذه المراحل هي: النهاية، والمنطقة المحايدة، والبداية الجديدة.

1. المرحلة الأولى من مراحل الانتقال، تقبُّل النهاية:

تخلَّ عن الماضي، واحترِم واحزن على النهاية، ولكن تقبَّلها، ولتخوض غمار التغيير بشكل كامل في مرحلة النهاية، جرِّب هذه الاستراتيجيات الثلاث:

  1. الاعتراف لنفسك والآخرين بأنَّ التغيير قد حدث: حيث يتطلب منك أن تكون قدوةً في قيادة التغيير والنزاهة والمصداقية.
  2. السعي إلى الحصول على جميع المعلومات المتعلقة بالتغيير وطلبها من كل المصادر ذات الصلة: تعرَّف إلى المزيد عن طبيعة التغيير دون أن تصدر أحكاماً مسبقةً عليه.
  3. الانتباه إلى ما خسرتَه وما كسبتَه: اعتنِق الرأي القائل بأنَّ الاختلاف ليس بالضرورة صائباً أو خاطئاً؛ بل مجرد اختلاف.

2. المرحلة الثانية من مراحل الانتقال، العيش في المنطقة المحايدة:

قد تكون هذه هي المرحلة الانتقالية الأكثر إزعاجاً؛ فهي المرحلة التي تشعر خلالها بالارتباك، وتُعايِش نهايةً واضحة دون رؤية أيَّة بداية واضحة؛ كما أنَّه الوقت المناسب لتطوير الصفاء الذهني والتفكير ببداية جديدة. جرب هذه الاستراتيجيات الأربع في أثناء التنقل في المنطقة المحايدة:

  1. إدراك أنَّ الارتباك هو مرحلة لا غنى عنها بين النهاية والبداية الجديدة: لا تتوقع أن تعرف كل شيء أو أن تكون مثالياً.
  2. تحديد الأهداف على الأمد القصير لتجاوز هذا الارتباك: بينما تتقدم نحو بداية جديدة، جهِّز ما تحتاجه لتحقيق تلك الأهداف وحدِّد الفرص التي ستساعدك على المضي قدماً.
  3. إعادة النظر إلى النهاية والاعتراف بما حدث: ثمَّ انظر إلى الأمام وإلى البداية والإمكانات التي يمكِن أن تنشأ عنه.
  4. الارتباط بقيمك: عندما تشعر بالحيرة والارتباك، فإنَّ قيمك الشخصية ستنتشلك من الضياع.
إقرأ أيضاً: أهم منهجيات التغيير في المؤسسات

3. المرحلة الثالثة من مراحل الانتقال، الوصول إلى بدايتك الجديدة:

استفد من الوضوح الذي نشأ في المنطقة المحايدة وتقبَّل التحدي المتمثل في العمل في بيئة متغيرة، وفكِّر في هذه المرحلة كبداية جديدة، وجرِّب هذه الاستراتيجيات الثلاث لتتأقلم مع بدايتك الجديدة:

  1. التعرف إلى أشخاص جدد مباشرة: في أثناء تعلُّم مبادئ العمل الجديدة، امنح جميع الأطراف ذات الصلة مكاناً في البداية الجديدة.
  2. وضع استراتيجيات لمعالجة المشكلات الجديدة: عندما تواجه تحديات جديدة، أعِد التركيز على سبب التغيير وحدِّد سبب القيام بذلك من جديد.
  3. البحث عن طرائق للاحتفال بنجاحك: اعترِف بالمكاسب الصغيرة التي تُحقِّقها.

يسلك الناس طرقاً مختلفة في أثناء تجربة التغيير التنظيمي، فتختلف بذلك عملية الانتقال، وبصفتك قائداً، يجب أن تتعامل مع ارتباكك الشخصي ومقاومتك للتغيير، واعلم أنَّ عملية المرور بالنهايات والمناطق المحايدة والبدايات الجديدة ستُؤثِّر في عملك والأشخاص من حولك.

قيادة الجانب الإنساني للتغيير والانتقال:

أدى التغيير السريع والانتقال المستمر إلى خلق ديناميكيات عاطفية أكثر في المنظمات.

يمكِن أن يثير الارتباك جميع أنواع ردود الفعل السلوكية والعاطفية الناتجة عن القادة وعن الأشخاص المتأثرين في قراراتهم، وقد يعاني مَن تقودهم من ضغط التغيير وهم يواجهون هجمةً شرسة لا تنتهي لإجراء التغيير التنظيمي؛ لذا اعمل على تزويدهم بمرونة التغيير.

إنَّ تعقيد وتصعيب الانتقال هو رد فعل ناتج عن التغيير، وكلما كان التغيير أكثر تواتراً أو دراماتيكية، زادت عملية الانتقال تعقيداً، ومع ذلك، تتجاهل عادةً المنظمات والقادة الجانب الإنساني للتغيير أو يرفضونه.

كما ورد في كتاب القيادة بمصداقية في أوقات التنقل (Leading with Authenticity in Times of Transition)، فقد أتقن العديد من المديرين الجانب الهيكلي لقيادة التغيير المكون من: إنشاء الرؤية وإعادة التنظيم وإعادة الهيكلة وما إلى ذلك، فقد كوفِئوا وقُيِّموا وتعلَّموا التعامل مع القضايا الهيكلية المتعلقة بتنفيذ التغيير، وبالتالي لديهم المزيد من الخبرة في هذا المجال.

لكنَّ التوتر والضغوط الناتجة عن التغيير الهيكلي أو التشغيلي تؤدي إلى زيادة الحاجة إلى الاهتمام بما يحدث مع الأشخاص في المنظمة.

تظهر الأبحاث أنَّ 75% من مبادرات التغيير تفشل. لماذا يحدث هذا؟ تتطلب إدارة التغيير بنجاح أن يتعامل القادة بفاعلية مع كل من الجانب الهيكلي لقيادة التغيير والديناميكية البشرية لعملية الانتقال.

عندما يُبالَغ في تقدير المهارات المرتبطة بأي من الجانبين، يزعزع القادة استقرار الثقافة التنظيمية بسبب تضاؤل الثقة، وينتهي الأمر بالمديرين التنفيذيين والمديرين العامين بقيادة موظفين غير آمنين وخائفين ومتشككين، بدلاً من قوة عاملة مخلصة ومنتجة ومتحمسة، فيقوِّض القادة تقدُّمهم نحو الأهداف الجديدة عند فشلهم في الحصول على الدعم الكافي من الموظفين.

إقرأ أيضاً: 3 طرق فعالة كي تكون قائداً يحتذى به

عندما يتجاهل القادة موقف الموظفين من إدارة التغيير أو يقللون من شأنه، فإنَّ الاستراتيجيات الجيدة ومبادرات التغيير تتوقف أو تفشل.

لقد توصلَت الأبحاث إلى أنَّ قيادة الانتقال تتضمن توجيه الناس عبر مراحل الحزن والتخلي والأمل والتعلم، ويتمثل التحدي الأكبر الذي يواجه القادة في إدارة الجوانب الإنسانية طويلة الأمد للتغيير مثل: التعافي والتنشيط وإعادة الالتزام؛ فهذه هي المتطلبات التي تحتاجها لتصبح قائداً أكثر نجاحاً في مجال التغيير.

مع زيادة الوعي بالجانب الإنساني لعملية الانتقال خلال التغيير، ستصبح أنت ومؤسستك أكثر قدرة على التغيير والمضي مع رياح التغيير شاعرين بالامتنان.

 

المصدر




مقالات مرتبطة