كيف تخفف من مهامك بطريقة ذكية؟

لطالما كنتُ أخشى ارتكاب الأخطاء حتى لا أُخيِّب أمل الأشخاص الآخرين في حياتي، فقد كنتُ أشعرُ بأنَّه من الهام جداً الاطِّلاع بمسؤولياتي الشخصية والعملية، ولكنَّ أكثر ما كنتُ أخشاه كوني من أصحاب البشرة السمراء هو ارتكاب خطأ في العمل؛ لأنَّ ذلك قد يعني أنَّهم لن يوظفوا امرأة سمراء مرة أخرى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "تيفاني دوفو" (Tiffany Dufu)، والتي تُحدِّثنا فيه عن تجربتها في التخفيف من مهامها في مختلف مجالات الحياة.

ما حدثَ لي هو أنَّني وصلتُ إلى لحظة غيَّرَت حياتي؛ حيث لم أتمكَّن من الوفاء بالتزاماتي كلها، ولم أكن قادرةً على القيام بكل شيء بشكل مثالي، وبالنسبة إليَّ حدث ذلك عند ولادة طفلي الأول، ولكن بالنسبة إلى الآخرين، قد تتغير حياتهم بسبب مرض خطير أو الحصول أخيراً على ترقية أحلامهم وإدراكهم أنَّ الإدارة أصعب مما كانوا يعتقدون، أو أن تجتاح جائحة العالم بأسره.

بعد أن فشلتُ في الكثير من مهامي، حظيت بلحظة مُفاجئة من الصحوة، على الرغم من أنَّني فقدت السيطرة على جوانب عدة من حياتي، إلَّا أنَّ العالم لم ينتهِ.

لم يتَّصل بي أحد ليخبرني أنَّه لم يعد يحبني، ولم أفقد وظيفتي، ولم يأتِ أحد لاعتقالي لأنَّني لم أدفع مخالفة مرور؛ لذلك بدأتُ التساؤل عن سبب شعور الكثير منا بضغط كبير مستمر، وبأنَّ أداءه يجب أن يكون على مستوى عالٍ جداً طوال الوقت.

ربما ما نحتاج إلى فعله حقاً هو التخلي عن التوقعات غير الواقعية التي تجعلنا نعتقد أنَّه علينا أن ننجح في المجالات كلها، وبدلاً من ذلك، نحن نحتاج إلى "بذل جهد أقل وتحقيق المزيد" في ثلاث خطوات:

  1. تحديد المجالات الأكثر أهمية بالنسبة إليك.
  2. معرفة ما تأمل تحقيقه، وكيف يمكنك تحقيقه بالشكل الأمثل والأفضل.
  3. إشراك الآخرين في هدفك.

دعني أُسهِّل الأمر عليك:

تتطلب الخطوة الأولى والأكثر فاعلية أن تكون واضحاً بشأن الأمور الأكثر أهمية بالنسبة إليك وإلى حياتك؛ حيث إنَّه من أقوى التمرينات التي أحبُّ القيام بها، والتي نشرها ستيفن كوفي (Stephen Covey) في كتابه العادات السبع للناس الأكثر فعالية (The Seven Habits of Highly Effective People)؛ هو أن تتخيل تأبينَك ونهاية حياتك.

أعلمُ أنَّ هذا يبدو مُحزناً أو محبطاً، ولكن نظراً لأنَّ الكثير من الأشخاص حول العالم يفقدون حياتهم بسبب الجائحة، فإنَّه في الواقع شيء يجب القيام به، فماذا تريد من صديق أو فرد من العائلة أو زميل في العمل أن يقول عنك في جنازتك؟ ربما لا تريده أن يقف ويقول: "لقد أنجز الكثير من الأشياء على قائمة مهامه كل يوم"، بدلاً من ذلك، ربما تريده أن يقول شيئاً عن التأثير الذي تركتَه في العالم.

تتضمَّن الخطوة الثانية التركيز على ما تأمل في تحقيقه في المجالات الهامة من حياتك، وكيف ستحققه بالطريقة الأفضل والأمثل، في حين أنَّ مهنتي هامة بالنسبة إليَّ، إلَّا أنَّ ما يهم حقاً في هذا المجال هو أنَّني أسعى إلى تمكين النساء والفتيات حول العالم.

زواجي هام، ولكنَّ ما يهمُّ حقاً هو أنَّني أرعى شراكة صحية؛ إذ من الواضح أنَّ أطفالي هامون، ولكنَّ ما يهم حقاً هو أنَّني أقوم بتربيتهم ليكونوا مواطنين واعين بما يجري في العالم.

بعد ذلك، يمكنك الانتقال إلى ما تجيد فعله وكيف تستخدم قدراتك ومهاراتك المميزة للعمل على تحقيق أهدافك، وإذا كنتَ لا تعرف أفضل سماتك، فإنَّ إحدى التمرينات الرائعة التي تساعدك على التعرُّف إليها، هو التحدث إلى الأشخاص الموجودين في حياتك.

اطلب من 10 أشخاص تعاملوا معك في مراحل مختلفة من حياتك أن يخبروك عن أفضل الحالات التي شاهدوك فيها، وما هي الأشياء التي تقوم بها بشكل جيد مع بذل جهد ضئيل، وما هي الأشياء التي يمكنك وحدك دون غيرك القيام بها، ثم أصغِ إلى ما يقولونه، وسيكون من المفيد أن تتمكَّن من كتابة ردودهم، وبعد كتابتها على الورق، ضع دائرة حول الكلمات والعبارات والموضوعات التي تستمر في الظهور أو تلك التي لها تأثير فيك.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح مفيدة لتنهي أعمالك في الوقت المحدد وتكون أكثر إنتاجية

تتضمن الخطوة الثالثة إشراك أشخاص آخرين في هدفك؛ حيث إنَّك بحاجة إلى الحصول على مشاركة الأشخاص الموجودين في حياتك؛ إذ لا يمكنك فعل هذا وعدم إخبار أي شخص، فلقد جرَّبتُ هذا ولم ينجح.

لنبدأ بمجال العمل؛ وذلك لأنَّه أصعب مجال بالنسبة إلى أغلب الأشخاص، ولكنَّك تستطيع القيام بهذا، وعندما تتحدث مع مديرك، حاول التركيز فيما يثير اهتمامه، فبالنسبة إلى المديرين، عادةً ما يكون الشيء الأكثر أهمية هو النتائج التي يريدون لأعضاء فريقهم تحقيقها في فترة زمنية معينة.

لنفترض أنَّك قرَّرتَ أنَّك جيد في بناء العلاقات وتُشكِّل إفادةً كبيرة في حياتك المهنية عند إقامة علاقات تعاون هادفة وتريد قضاء المزيد من الوقت في القيام بذلك، فيمكنك صياغة طلبك لرئيسك في العمل بقول شيء مثل: "أشعرُ بأنَّني إذا قضيتُ وقتاً أطول مع العملاء ووقتاً أقل قليلاً في الجانب الإداري، فيمكنني أن أوصِل شركتنا إلى هدفها الاستراتيجي، فهل ترغب في إجراء محادثة حول إعادة ترتيب أولويات العمل، وربما منح فرصة لشخص آخر في الفريق حتى نتمكن من تحقيق الهدف؟".

ثم إذا شعر أحد الزملاء بتأثير ذلك فيه، فعليك أن تكون مبادراً وتذهب إليه وتقول له: "أريد فقط أن أخبرك أنَّه لدي فكرة، وأعلم أنَّ الأمر يبدو مخيفاً، لكنَّني أعتقد بالفعل أنَّه سيزيد من إنتاجيتي وإنتاجية الفريق، وأريد أن أخبرك مسبقاً بما سأفعله حتى نتمكن من إجراء محادثة حول كيفية تأثير ذلك فيك، والتأكد من أنَّ ذلك لن يؤثر فيك سلباً"؛ إذ إنَّ المبادرة في أثناء التواصل أمر بالغ الأهمية.

أما بالنسبة إلى المنزل، فإنَّ الأهم هو أن تنتهج نهجاً متواضعاً ومتعاطفاً، واعترف بما مرَّ به أفراد أسرتك بالفعل، فربما قد اضطروا إلى التعامل مع شعورك بالارتباك والتوتر وتداعيات هذا الضغط.

قد تُجري محادثة مع أطفالك على النحو التالي: "أعلم أنَّ هذا يبدو وكأنَّه محادثة غريبة أجريها معكم، لكنَّني أريد حقاً أن أكون والداً جيداً، لقد كنتُ أشعر بالإرهاق الشديد والتوتر، وأشعر بأنَّ هناك الكثير من الأشياء التي أحتاج إلى القيام بها لأكون والداً جيداً؛ لذلك أصبِح مزاجياً أحياناً؛ وذلك لأنَّني لا أستطيع أن أفعلها.

أعلمُ أنَّني أصرخُ، ولكنَّني لا أقصد ذلك، وأشعر بأنَّه سيكون من الأفضل أن أركز على الأمور الأهم لكي أكون جيداً، فهل يمكن أن نتحدَّث عن أهم ثلاثة أشياء بنظركم؟ آمل أيضاً أن تساعدوني على القيام ببعض المهام في المنزل؛ وهذا سيساعدني حقاً على أن أكون أفضل".

في كل مرة تتوقف فيها عن فعل الأشياء التي لا تتوافق مع هدفك الأسمى، فأنت تظهر هذا السلوك وتظهر التواضع للآخرين.

إقرأ أيضاً: 10 أمور لن تهتمّ لأمرها كثيراً في السنين العشر القادمة

يرغب أولئك الذين يتسمون بالكمال منا في الاستمرار في فعل كل شيء، حتى عندما يجعلهم ذلك غاضبين أو مرهقين؛ إذ عندما تُخطِئ في المنزل، أعتقد أنَّك ستكتشف أنَّ التوقعات التي تُلزِم نفسك بها أعلى بكثير من تلك التي يُلزِمُك بها الأشخاص الذين يحبونك، كما يمكنك تقليص قائمة المهام الخاصة بك ببساطة؛ وذلك عن طريق سؤال أحبائك عن المهام الأهم بالنسبة إليهم.

وتذكَّر أنَّك عندما تتخلى عن بعض مهامك بشكل مدروس في مجالات مختلفة من حياتك، فلن تعود بالنفع على نفسك فقط؛ بل ستساعد كل من حولك أيضاً، وفي كل مرة تضع فيها الحدود وتُركِّز على استخدام مواهبك الفريدة وتتوقَّف عن فعل الأشياء التي لا تتوافق مع هدفك الأسمى، فأنت تقوم بإظهار هذا السلوك وإظهار التواضع واللين أمام الآخرين؛ وهذا شيء نحتاج إلى تحسينه في هذا العالم.

المصدر




مقالات مرتبطة