كيف تخرج من دوامة الأفكار السلبية؟

قد تزعجنا في بعض الأحيان أشياء صغيرة، وتُسبب لنا دوامةً من الأفكار السلبية، على سبيل المثال، قد يقول أحد ما كلاماً يسبب لنا الغضب أو الإزعاج، أو قد نتعرض لإصابة طفيفة تمنعنا من ممارسة الرياضة، أو قد يحدث خطأ ما في العمل وما إلى ذلك، وفجأةً نشكك في كلِّ ما يتعلق بحياتنا أو مهنتنا أو صحتنا أو حتى علاقاتنا.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المدوِّن "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن الخروج من دوامة الأفكار السلبية.

نحن نحاول عندما نمر بذلك القيام بكلِّ شيء لمقاومة الموقف، وإصلاحه أيضاً، وقد نشعر بأنَّنا مجبرون على مواجهة هذا الإزعاج، لكن لا يمكننا التحكم بالإزعاج وهذا ما يحبطنا أكثر، وعندها تشغل تفكيرنا الأفكار السلبية، وفي هذه المرحلة يصبح الشيء الذي بدأ بوصفه مصدر إزعاج صغير، مشكلة كبيرة في الحياة.

سوف نشعر برغبة في الاستقالة من العمل أو إنهاء علاقة ما، ونشعر بأنَّ كل شيء يعمل ضدنا في الحياة، وأنَّ لا شيء يستحق كلَّ هذا العناء، وهذه هي دوامة الأفكار السلبية، وبالنسبة إلي، لقد مررت بذلك كثيراً، وأعتقد أنَّك مررت بذلك أيضاً، لكن ما هو السبب لذلك؟

يتعلق الأمر بالتحكم؛ إذ إنَّنا نعتقد أنَّ الحياة يجب أن تسير بطريقة معينة، أو بعبارة أخرى، نريد أن يحدث كل شيء بالطريقة التي نريدها، وإذا لم يحدث ذلك، ينتابنا الغضب، وغالباً ما تبدأ دوامة الأفكار السلبية عندما ينتهي شيء ما.

ملء الفراغ:

كل شيء في الحياة له نهاية، سواء وظيفتك أم عملك التجاري أم مهنتك أم علاقاتك أم صداقاتك وما إلى ذلك، وفي كل مرة ينتهي شيء ما في حياتنا، يكون الأمر أشبه بالموت الصغير؛ أي يموت شيء ما ويترك فراغاً بداخلنا.

هذا الأمر في حد ذاته ليس جيداً ولا سيئاً، فهذه طبيعة الحياة، ويمكننا تحويل النهايات إلى أشياء سيئة من خلال محاولة استبدال الشيء الذي ذهب من حياتنا على سبيل المثال، عندما تنتهي علاقة ما، يحاول معظم الناس ملء الفراغ الناتج عن نهاية العلاقة من خلال القيام بمزيد من العمل، وبالنسبة إلي، لقد فعلت ذلك أيضاً؛ إذ يصبح لديك وقتاً وطاقةً فائضين عندما تنتهي العلاقة، ولأنَّك لا تريد أن تشعر بالوحدة، فإنَّك تحاول أن تملأ الفراغ من خلال العمل أكثر، وترغب في تحديد أهداف أسمى والقيام بعمل أفضل.

لكنَّك فعلياً تقوم بكل ذلك لتهرب من الواقع فقط، إنَّ الحقيقة هي أنَّ النهايات سيئة؛ لكنَّها جزء طبيعي من الحياة أيضاً؛ لذلك يجب ألا نقاوم التغيير، فتوجد بعض الأشياء التي لا يمكننا استبدالها في الحياة أبداً.

إذا فقدت وظيفتك على سبيل المثال، فلا يمكنك استبدال العمل بقضاء مزيد من الوقت مع شريك حياتك، ومع ذلك، هذا بالضبط ما يفعله معظمنا؛ أي إذا فقدنا وظيفتنا أو فشلنا في العمل، نفكر في أنفسنا ونقول: "على الأقل يمكنني قضاء مزيد من الوقت مع عائلتي الآن".

أنت تحاول ملء الفراغ، لكن هذا يتطلب طاقة كبيرة، وعندما يتسبب شيء بسيط في حدوث دوامة من الأفكار السلبية، فإنَّه يجعلك تشكك في كلِّ شيء في حياتك؛ لأنَّك لا تملك يقيناً كافياً في أيِّ شيء.

شاهد بالفيديو: تعرّف على آلية مواجهة الأفكار السلبية لعيش حياة إيجابية وسعيدة

كل شيء له مكانه الخاص:

لا يمكنك ملء الفراغ الذي تسببه علاقة ما بالعمل أو بالتمرينات الرياضية، ولا يمكنك ملء الفراغ الذي يسببه أمر صحي بالمخدرات، ولا يمكنك ملء الفراغ الذي يسببه العمل بالروحانيات.

عليك أن تمنع نفسك من الهروب من الواقع، وهذا من أصعب الأشياء في الحياة؛ ففي كثير من الأحيان، يعيش الناس حياتهم بأكملها في حالة إنكار، لكن لا يمكننا أن ندع ذلك يحدث، فنحن بحاجة إلى التفكير في أنفسنا.

أستطيع أن أخبرك من تجربتي الشخصية أنَّ الأمر صعب للغاية، فأنا دائماً أعاني عندما ينتهي شيء ما في حياتي، ودائماً تكون استجابتي الأولى هي العثور على بديل؛ لكنَّني تعلمت أنَّ كلَّ شيء له مكانه الخاص، على سبيل المثال، لا يمكنك استبدال أصدقائك بعلاقة عاطفية، ولا يمكنك استبدال التمرينات الرياضية بالعمل، فأنت تحتاج إلى تخصيص القدر المناسب من الوقت والطاقة لجميع جوانب الحياة.

لقد أظهرت لنا آلاف السنين من التطور أنَّ البشر لديهم احتياجات مماثلة؛ فجميعنا بحاجة إلى الأمان والدعم والعلاقات والفرح والفكر وشيء مفيد للقيام به، وهذا ينطبق على كل الأشخاص.

عندما تدرك حقيقة هذه الحياة البسيطة؛ فإنَّها تجبرك على رؤية المواقف بنظرة عامة دون أي تفاصيل، فأنت بحاجة إلى رفع مستوى منظورك بالنسبة إلى حياتك، فعندما تكون عالقاً في دوامة الأفكار السلبية، لن يكون لديك أي منظور؛ لأنَّك ستكون قد استُهلكت من قِبَل أفكارك.

أنت بحاجة إلى إجبار نفسك على النظر إلى الحياة بشكل عام، وليس النظر إلى وضعك الحالي فقط، وانظر إلى طبيعة الحياة؛ إنَّها تتعلق بالحركة.

إقرأ أيضاً: 10 أفكار سلبية تراودنا جميعاً، فكيف يمكننا استبدالها؟

الخروج من دوامة الأفكار السلبية:

لقد لخص رائد الأعمال مايكل أ. سينجر (Michael A. Singer)، الذي كان يدير شركة برمجيات كبيرة سابقاً، ومؤلف الكتاب الذي يحمل عنوان الروح المتحررة (The Untethered Soul)، مفهوم النسيان تلخيصاً جيداً:

"إنَّه أحد الخيارين، إمَّا أن تنسى الأمر أو لا تنساه"؛ إذ إنَّه يتكلم من تجربته الشخصية، فقد حاكمته وزارة العدل بتهمة تزوير الأوراق المالية، وخلال ذلك الوقت، كان عُرضةً لخطر خسارة كل شيء، لكن في النهاية، أُسقِطَت جميع التهم الموجهة إليه وتبرأ اسمه، وفي الواقع، لقد كتب كتاب الروح المتحررة في أثناء محاكمته.

إذا كان الشخص الذي واجه خطر خسارة كلِّ شيء يمكنه نسيان الأمر، فنحن أيضاً يمكننا فعل ذلك، وغالباً ما يأتي الناس بكل أنواع الأعذار؛ إذ يقولون إنَّ الكلام أسهل من الفعل وإنَّ النسيان ليس بالأمر السهل.

إقرأ أيضاً: كيف تضع حداً للأفكار السلبية؟

في الختام:

لم يقل أحد قط إنَّ الخروج من دوامة الأفكار السلبية سهلاً، فجميعنا نواجه تحديات وعقبات خاصة بنا، ويحاول الناس أحياناً إقناع الآخرين بأنَّهم يواجهون أوقاتاً عصيبة حقاً، لكن بصراحة، لا أحد يهتم لذلك؛ لذلك إذا كنت عالقاً في دوامة من الأفكار السلبية، فاعلم أنَّك تملك خيارين فقط:

  1. الاستمرار والسماح لها بتدميرك.
  2. نسيان الأمر والمضي قدماً.

إنَّ الخيار متروك لك، والقضية بهذه البساطة.




مقالات مرتبطة