كيف تختار حالتك المزاجية بحكمة؟

قابلَتني صديقة قديمة مؤخراً لاستشارتي في موضوع كان يؤرقها، لقد أمضت أسبوعين في مزاج حزين وهي تفكر فيما إذا كانت ستُنهي العلاقة التي استمرت أربع سنوات مع خطيبها، وبعد سماع سبب الخلاف، سألتُها عما إذا كانت ما تزال تحبه، فقالت: نعم، ثم بعد أن عرفت سبب مشكلتها، قلت لها إن كنتِ تعتقدين أنَّ هذا العالم حقيقي، ففكِّري مرة أخرى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "جيف جارتون" (Jeff Garton)، ويُحدِّثنا فيه عن كيفية اختيار الحالة المزاجية.

كانت مذهولة إلى أن لعبنا لعبة "ماذا لو"، على سبيل المثال: ماذا لو كان علماء مثل "توم كامبل" (Tom Campbell) و"إيبن ألكساندر" (Eben Alexander) و"بروس جريسون" (Bruce Greyson) محقين في قولهم إنَّنا نعيش في واقع افتراضي، عالم خيالي صنعه وعينا الذي يمكنه النجاة بعد موت أجسادنا، فنحن كائنات روحية على الأرض من أجل تجربة الإنسان، وهذه مدرسة الروح.

فكرتُ أنَّه إذا كان هذا صحيحاً، فقد يكون خطيبها جزءاً من مجموعتها الروحية، إنَّه يؤدي دوراً اتفق عليه الاثنان سابقاً حتى تتمكن من تعلُّم كيفية الحب في هذا العالم الافتراضي، فقد لا يكون مصدر مشكلاتها حقيقياً، فهو فرص التعلم التي قرر الاثنان تحقيقها من أجل التجربة فقط، وكان من المفترض أن تكتشف ما يجب أن تتعلمه من علاقتها مع خطيبها.

بعد الضحك من هذه الاحتمالات، شعرَت صديقتي بالإلهام لتغيير تفكيرها السلبي وإنقاذ علاقة كانت ستنهيها، واستبدلَت مزاجها الحزين بالحماسة والرغبة في استكشاف ما يجب أن تتعلمه من رجل تحبه حقاً ولم ترغب أبداً في تركه. لم يفعل خطيبها أي شيء لتغيير مزاجها، لقد فعلت ذلك بنفسها عن طريق تغيير أفكارها.

يمكن أن تستمر الحالة المزاجية التي تدخل فيها من بضع دقائق إلى أسابيع، من خلال تأثير عوامل عدة، ومن ذلك أفكارك وعواطفك؛ أي مشاعرك، والبيئة؛ أي الطقس، والإضاءة، والموسيقى، والأشخاص، وحالتك الجسدية؛ أي الصحة، والنظام الغذائي، والتمرينات الرياضية.

كما توضِّح قصة صديقتي، يمكنك تغيير حالتك المزاجية من خلال تغيير المؤثرين، أنت تغيِّر نفسك أو محيطك أو كليهما، ولكن بصرف النظر عما تفعله، غيِّر طريقة تفكيرك أولاً، وإذا لم تفعل ذلك، فقد تندم لاحقاً على إجراء التغييرات الخاطئة وتبقى عالقاً في الحالة المزاجية التي تريد الهروب منها، وإليكم سبب حدوث ذلك.

توصَّلَت الأبحاث إلى أنَّ أفكارك تميل إلى عكس الحالة المزاجية التي تعيشها؛ لذلك إذا دخلت في حالة مزاجية حزينة، فإنَّ أفكارك الحزينة المستمرة ستخلق مشاعر يمكن أن تُبقي مزاجك حزيناً؛ لذا غيِّر حالتك المزاجية عن طريق تغيير أفكارك أولاً.

إقرأ أيضاً: 8 طرق لتحسين حالتك المزاجية في 5 دقائق

يقول "جون كابات زين" (John Kabat Zinn)، مؤسِّس برنامج "تقليل الضغط القائم على العقلانية" (Mindfulness Based Reduction)، عن محاولة تحسين وضعك دون تغيير أفكارك أولاً: "مهما حاولت، لن تستطيع تغيير مزاجك ما لم تغيِّر أفكارك".

تساهم أفكارك والعواطف الناتجة في تشكيل واقعك الافتراضي، ومن خلال تغيير طريقة تفكيرك أولاً، قد لا تحتاج إلى تغيير أي شيء آخر، وهذا بالضبط ما اكتشفَتْه صديقتي وأنقذ علاقتها.

العواطف والحالات المزاجية لا تمليها ظروفك المتطورة، كلاهما اختياري، نحن نختار المشاعر والحالات المزاجية من خلال طريقة تفكيرنا في ظروفنا، ويمكنك التفكير في الأمر على النحو الآتي: التفكير يطلق مادة كيميائية نسميها عواطف، وعندما يعالج جسمك تلك المادة، فإنَّك تشعر بهذا الشعور، وقبل حدوث ذلك، لديك خيار عدم التفكير والتحكم بما تعتقده وإعادة التفكير لاستبدال الشعور غير المرغوب فيه بشعور أفضل.

من خلال استعراض أفكارك، يمكنك أن تجعل نفسك تشعر بالشجاعة في المواقف المخيفة، والثقة في المواقف غير المؤكدة، والرضى في المواقف غير المُرضية، والحماسة في المواقف المحبطة مثل ما حصل مع صديقتي.

 لكن عليك أن تدرك ليست كل المشاعر عواطف، فيمكن أن تشعر أنَّك طويل أو قصير، وبدين أو نحيف، وغني أو فقير، وقوي أو ضعيف، ومريض أو بصحة جيدة، وراضٍ أو غير راضٍ عن نفسك، ولكنَّ طولك ووزنك وثروتك وقوَّتك وصحتك ورضاك هي ظروف وليست عواطف، ولا يمكنك تغيير أي من هذه الأوضاع بأفكارك فقط.

يمكن أن يساعدك الانتباه لما تشعر به على فحص أفكارك وضرورة تغييرها، وخلاف ذلك، يمكن أن تتراكم مشاعرك غير المرغوب فيها للتأثير في مزاجك وقراراتك، ولكن بدلاً من الإشراف على أفكارنا، فإنَّنا نميل إلى إلقاء اللوم على الآخرين أو ظروفنا، وهذا تصرُّف غير مسؤول.

شاهد بالفيديو: 9 نصائح ذهبيّة لتحسين المزاج

يمكن أن يؤدي التفكير غير الخاضع للإشراف إلى تقلبات مزاجية شديدة وسلوك غير منتظم؛ إذ تشعر في لحظة ما بالسعادة، وفي لحظة أخرى بالاكتئاب، ويحدث هذا الخلل عندما تعيش في استجابة لظروف لا يمكنك التحكم بها. "ماذا لو" دعنا نقول، حاولت العيش رداً على طريقة تفكيرك عمداً دون التفكير بسلبية في ظروفك، وهذا شيء تتحكم به أنت فقط.

في هذا العالم الافتراضي الذي نعيش فيه، تكون ظروفك دائماً ثانوية أو خاضعة لأفكارك، ولا معنى لها قبل أن تفكر فيها وتتفاعل معها عاطفياً، فأنت تحدد المعنى الذي يجعلك مسؤولاً عن الواقع الذي تخلقه أفكارك؛ لذا غيِّر أفكارك لتشكيل واقعك المرغوب فيه.

المصدر




مقالات مرتبطة