كيف تخبر أحداً بخبر سيئ لا علاقة لك بحدوثه؟

هل سبق وأن حملت خبراً سيئاً لأحد زملائك في العمل أو موظفيك أو حتى شريكك؟ فبقدر عدم رغبتنا في لوم مَن يحملون الأخبار السيئة لنا، إلا أنَّنا نربط المشاعر السلبية بالشخص الذي ينقلها إلينا.



بما أنَّ العمل بحد ذاته صعب بما فيه الكفاية، فإنَّنا لا نحتاج إلى تأثير هالة سلبية إضافية مرتبطة بنا؛ وخاصة عندما يكون الأمر خارج نطاق سيطرتك، على سبيل المثال: ربما قدَّمت اقتراحاً مع شريكك في العمل إلى منظمة ما، وكنتما في انتظار رد من عميل من ضمن قائمة "فورتشين 1000" (Fortune 1000)، ثم يأتي الرد بأنَّ شركة أخرى قدَّمت عرضاً مغرياً بسعر أقل، والآن ينبغي أن تخبر شريكك أنَّ عليهم إعادة الصفقة، وقد يراودك شعور سيئ لأنَّك وضعت جهدك كلَّه فيها، ولربما كان في إمكانك التواصل تواصلاً واضحاً مقدَّماً وتضع توقعات أفضل؛ لذا قد يساورك شعور بالذنب أيضاً.

وقد يحدث أن ترسل رسالة بريد إلكتروني تحمل نبرة سلبية للغاية إلى زملائك؛ وعلى الرغم من أنَّه يمكن تلافي الوضع، إلا أنَّه يُعدُّ درساً هاماً لكل من عليه مشاركة أخبار سيئة في العمل؛ فمن المحتمل أن يتعرض أحدنا لموقف كهذا.

وإليك بعض النصائح التي تمكِّنك من توصيل خبر سيئ لا علاقة لك بحدوثه:

1. تجنَّب استخدام كلمات سلبية، مثل "ومع ذلك":

يمكن أن يؤثر إجراء تغييرات بسيطة في اختيار الكلمات في ردة فعل الجمهور إما للأسوأ أو للأفضل.

ووفقاً لجورج لاكوف (George Lakoff)، وهو بروفيسور في العلوم الإدراكية واللغويات في جامعة كاليفورنيا في بيركلي (University of California, Berkeley)؛ ينبغي استخدام لغة تثير الخيال وتعزز وجهة نظرك، كما ينبغي أن تحذر حذراً خاصاً من استخدام الكلمات السلبية التي قد تؤدي إلى كوارث.

وقد قال أندرو نيوبيرغ (Andrew Newberg) ومارك روبرت والدمان (Mark Robert Waldman)، مؤلفَي كتاب "يمكن للكلمات أن تغيِّر دماغك" (Words Can Change Your Brain): "تبعث الكلمات المشحونة بالغضب رسائل تنبيه عبر الدماغ؛ كما تعطِّل عمل المراكز المسؤولة عن المنطق والتفكير الموجودة في الفص الجبهي تعطيلاً جزئياً".

يمكن أن يكون من الرائع استخدام كلمة "ومع ذلك" في مقالات المدرسة الثانوية، ولكن نادراً ما تكون ذات فائدة في مثل هذه الحالات، فهي تجعل كل شيء يبدو مأساوياً وجسيماً، مع أنَّ الهدف من الأساس هو الحد من مثل هذه المشاعر؛ وإذا كان لا بدَّ أن تستخدم إحدى هذه الكلمات، فعليك بكلمة: "لكن".

شاهد بالفيديو: 5 نصائح لإيصال الأخبار السيّئة

2. تجنَّب إعطاء الكثير من التفاصيل، واحتفظ ببعض المعلومات في حال سُئلت عنها:

يدفعك شعورك بالذنب إلى شرح كلِّ شيء، كما أنَّك تتمنى في سرك أن يتفهَّمك الشخص ويبرئك من الذنب إذا أوضحت الأمور له.

لا تنجرَّ وراء شرح كل شيء بحذافيره؛ لأنَّ ذلك يُعد أنانية في المقام الأول؛ حيث تقوم بهذا الفعل لترضي ذاتك، وثانياً؛ يعقِّد ذلك الأمور، فلن يفرِّق المتلقون بين سردك للحقائق وسرد وجهة نظرك من الموضوع، وأخيراً؛ أنت مدين لهم بأن تكون صريحاً؛ حيث ينبغي أن تحترمهم، وذلك بإعطائهم المعلومات الأساسية التي يحتاجون إليها لاتخاذ القرار الصائب، وإذا كان لديهم أية أسئلة إضافية فسيطرحونها، مما يخلق جواً من الحوار بدلاً من إمطارهم بسيل من المعلومات.

3. لا تتحمَّل اللوم:

عليك أن تتقبَّل اللوم عندما تكون مسؤولاً عما حدث؛ حيث إنَّه هناك فرق بين التعاطف، كأن تقول: "أعلم أنَّ هذا أمر محبط"، وبين قبول اللوم بقولك: "كان ينبغي أن أفعل كذا وكذا، ولم أفعل).

وبصفتك رسولاً، لا ينبغي أن تثير حنق الآخرين بلا سبب عندما تتفحص بريدك الإلكتروني، واسأل نفسك: "هل يعتقدون أنَّني أتقبَّل اللوم بغير قصد بسبب صياغتي واختياري للكلمات؟" ذلك لأنَّه من الممكن أن يصبَّ عليك المدير أو زميل العمل جام غضبه، كي يتغلب على المشاعر السلبية.

ويكمن خطر قبول اللوم بغير قصد في تأكيد التصورات السلبية التي يأخذها متلقي الخبر عنك، حتى لو لم تكن دقيقة وفي محلها.

إقرأ أيضاً: حقائق مهمة في التعامل مع الناس

4. ادخل في صلب الموضوع مباشرة:

قال رجل الأعمال الأمريكي وارن بافيت (Warren Buffett) للمساهمين في شركة بيركشاير هاثاواي (Berkshire Hathaway) ذات مرة: "إنَّنا نقدِّم نصيحتين عندما يأتي أحدهم للعمل معنا، وهما أنَّ عليهم التفكير كما يفكر المديرين، فضلاً عن أهمية إخبارنا بالأمور السيئة فوراً؛ وذلك لأنَّه لا داعي للقلق حيال الأخبار الجيدة؛ حيث يمكننا تقبُّل الأخبار السيئة، لكن دون أن نتأخر في نقلها".

وعلى عكس ما تعتقد، فإنَّ إضافة مقدمات طويلة تجعل الأمر يبدو أسوأ؛ حيث إنَّ التوتر يفضي إلى تصور الشخص لأسوأ سيناريو يمكن أن يحدث.

ويصف عالم النفس المعرفي، الدكتور ألبرت إليس (Albert Ellis)، السبب الذي يدفعنا إلى تصوُّر حدوث أسوأ سيناريو في أذهاننا؛ فبعد أن يسمع المتلقي الخبر، فإنَّه يتنفس الصعداء ويقول داخله: "لم يكن الأمر بهذا السوء".

وعلى الرغم من هذه المفاجأة السارة في النهاية، إلا أنَّ الدقائق التي تسبق هذا النبأ الجيد قد سمحت لخيال المتلقي أن يذهب بعيداً وهذا تصرُّف قاسٍ منك؛ لذا ينبغي الابتعاد عن المقدمات الطويلة وإخبارهم بالموضوع مباشرة.

5. ذكِّر الشخص بدوره في حدوث الأمر:

قال نائب رئيس شركة بيركشاير هاثاواي (Berkshire Hathaway)، تشارلي مانجر (Charlie Munger)، في الخطاب الشهير الذي ألقاه في كلية كاليفورنيا الجنوبية لإدارة الأعمال (USC Business School): "قد تشعر بالكراهية تجاه الأشخاص الذين يخبرونك بما لا تود سماعه".

حيث يرغب الناس دوماً في لوم شخص ما وإلقاء إحباطهم عليه، وردة الفعل الأولية تكون في لوم ناقل الخبر، ولكن يمكنك تجنُّب ذلك بتذكير المتلقِّين بأنَّ لهم دوراً فيما حدث أيضاً.

قد يكون تذكير الأشخاص بدورهم مفيداً في هذا الوضع، فقد كتب عالم النفس السلوكي ومؤلف الكتب الأكثر مبيعاً، نير إيال (Nir Eyal)، كيف يمكن لحرية الاختيار أن تشجع الناس على التصرف بحكمة أكبر، وذلك من خلال تذكير زميلك بأنَّ كليكما كان واعياً للمخاطر، لكنَّكما خضتما الموضوع سوية على أية حال.

ولتضع زميلك في مزاج تعاوني ومتفهِّم أكثر، إليك بعض الأمثلة:

  • كلاكما على دراية أنَّ النتيجة قد لا تكون ناجحة.
  • كلاكما في الفريق ذاته وتعملان على الهدف ذاته.
  • ستبذل جهدك في مساعدته في أثناء العمل معه؛ وذلك لأنَّك تفضِّل العمل معه على أن تعمل مع أي أحد آخر.

تستطيع أن تجمِّل كلامك دون أن تكون فظاً، فبدل أن تقول: "كلانا يعرف أنَّ هذا الأمر لن ينجح" مع نظرة الدهشة والسخرية التي تعلو وجهك، والتي قد تبدو وكأنَّك تلقي باللوم عليه، وهو ما لا تود أن تفعله، تستطيع أن تقول:

"لقد حظينا الشهر الماضي بفرصة واحدة من أصل 10 فرص للحصول على هذا العرض، وقررنا أن نتابعه نظراً إلى العائد الكبير الذي قد يعود علينا منه، ومن ثم نحن على مفترق طرق: فإذا اخترنا خوض الأمر، فينبغي أن نقدم مقترحاً آخر، وأنا على علم بما سيكلِّفك ذلك من جهد، وقد يكون الأمر يستحق الوقت الذي تستغرقه فيه وربما لا، وباستطاعتي فتح باب النقاش مع الفريق، ولكن أود أن أشكرك للقيام بهذا العمل معي، وسنعود إلى هذا الأمر في منتصف الأسبوع المقبل، ويمكنك إخباري حينئذ بقرارك النهائي".

إنَّ تقبُّل المسؤولية أمر هام، وإذا كنت تشك أنَّ لك يداً في الأمر، فينبغي أن تبادر إلى إصلاح الموقف؛ كما تستطيع استخدام كل النصائح التي سبق ذكرها عندما تكون مجرد مَن ينقل الخبر، وتُفاجئ به بقدر الشخص الذي ستوصله إليه، وذلك لحماية نفسك ومساعدة المتلقي على فهم الموقف بأقل قدر من الدراما.

المصدر




مقالات مرتبطة