كيف تحول مشروعك التجاري إلى عمل إبداعي؟ وإبداعك إلى مشروعك التجاري

لنبدأ بالسؤال الآتي: كيف تقيس النجاح؟ لا يهم نوع النجاح، فقد يكون نجاحاً في العمل، أو نجاحاً مالياً أو نجاحاً إبداعياً أو اجتماعياً أو غير ذلك، ولكنَّ السؤال هو كيف نقيس النجاح؟ أو كيف تقيس ثقافتنا النجاح؟

يُقاس النجاح التجاري بمقدار النمو، ويُقاس النجاح المالي بالمجموع الكلي للأصول، ويُقاس النجاح الاجتماعي بحجم العلاقات الاجتماعية، لكن ماذا عن النجاح الإبداعي؟

عندما نفكِّر في النجاح الإبداعي، فإنَّنا نفكِّر في مقاييس مثل عدد المشاهدات على "يوتيوب" (Youtube)، وعدد مشتركي البريد الإلكتروني، وعائدات الكتب وعدد التذاكر التي بِيعَت لعرض من العروض، وأي شيء آخر قابل للقياس.

ربما عندما نفكِّر بتمعن في كيفية قياس النجاح، فإنَّنا نقيسه بمقدار التأثير الذي نُحدِثه، لكن أيضاً، إذا كان النجاح الإبداعي قائماً على المقاييس مثل النجاح التجاري أو النجاح المالي، فإنَّ أي شيء تفعله أو تُبدع فيه أو تصب فيه شغفك، يمكن عَدُّه مسعىً فنياً.

قياس نجاح الأعمال الإبداعية:

أي شيء تفعله، هو في الواقع إبداع ومن ثمَّ فن؛ فحتى كرة السلة هي عبارة عن إبداع فني، لكن بما أنَّ كل شيء تفعله هو مسعى إبداعي، وكل النجاحات لها مقاييس، فيجب أن تكون كل أعمالك الفنية قابلة للقياس.

يجب أن تبلغ المقاييس التي تستخدمها لتقييم إبداعك الحدودَ القصوى من أجل أن يُعَدَّ فنك ناجحاً؛ فأنت مَن يحدد هذه الحدود بناءً على النجاح الذي تريد تحقيقه؛ فإذا كنت تريد نجاحاً متواضعاً، فهذه الحدود القصوى يمكن أن تكون منخفضة، وبالمقابل، إذا كنت تريد نجاحاً هائلاً وتقييماً اجتماعياً إيجابياً، فإنَّ الحدود القصوى يجب أن تكون مرتفعة جداً.

على سبيل المثال، عند قياس النجاح التجاري إذا كان هدفك هو نمط حياة مهني يؤمِّن لك راتباً قدره 100 ألف دولار، فيجب أن تكون الحدود القصوى لنجاحك هي تحقيق دخل يبلغ 100 ألف دولار شهرياً من خلال شركتك، أما إذا كان نجاح العمل بالنسبة إليك يعني تطوير شركتك لتصل إلى مستوى بيع الأسهم، فعندها يجب أن تكون الحدود القصوى لنجاحك أعلى بكثير.

عند قياس النجاح الإبداعي، إذا كنت تريد أن تكون موسيقياً يعيش حياةً كريمة بفضل الموسيقى، فيمكن أن يكون مقياس النجاح هو أن تحصد كل أغنية تنتجها وتطرحها 100 ألف مستمع، لكن إذا كنت تريد أن تصبح نجماً موسيقياً لامعاً فإنَّ مقاييس النجاح بالنسبة إليك يجب أن تكون حصدَ ملايين أو ربما مئات ملايين المستمعين لكل أغنية تطرحها؛ إذاً ما يجب أن تلاحظه أنَّه حتى رغباتك الفنية يجب أن تكون قابلة للقياس.

شاهد: ما هي صفات القيادة الإبداعية؟

إذا أردت النجاح، فيجب عليك جذب انتباه الآخرين:

من الضروري أن تَعُدَّ كل عمل بمنزلة فن، وتَعُدَّ كل فن بمنزلة عمل؛ فعندما تُبدع شيئاً ذا طابع فني، فانظر إليه بوصفه منتجاً من منتجات عملك التجاري، فإذا كان منتجك جيداً كفاية أو مؤثراً تأثيراً كبيراً، فيجب أن تسوِّق له بهدف بيعه لأكبر عدد ممكن من الناس.

وعندما تقوم بشيء تقليدي، مثل البدء بمشروعك التجاري، فانظر إليه بوصفه نوعاً من الفن واسعَ إلى إنجاحه بكل ما تملكه من شغف؛ وهذا يعني أنَّه إذا لم يكن هناك مَن يرى الجانب الفني في عملك، فمن الصعب عدُّه عملاً ناجحاً.

حتى لو كان هدفك هو جني 100 ألف دولار سنوياً، يجب أن يعرف كثيرٌ من الناس عن شركتك؛ وذلك للحصول على ما يكفي من العملاء المستعدين للدفع لقاء منتجاتك أو خدماتك من أجل الوصول إلى هدفك.

لذلك، عندما تستطيع أن تجادل أنَّ عملك الفني موجه لشخص واحد فقط، وإذا كان هذا الشخص يرى أنَّ عملك مؤثر، فهذا دليل كافٍ على أنَّ عملك ناجح؛ لذا يجب أن تفكِّر مرة أخرى في هذا، فمن المؤكد أنَّ وجود عميل واحد يتعامل مع شركتك، يعني أنَّ مشروعك التجاري غير ناجح.

كما لا يمكنك الحكم على عمل قُدِّم لشخص واحد فقط، بأنَّه عمل فني ناجح؛ فالفن يعادل التأثير، وكلما حققت تأثيراً أكبر بعمل فني واحد، أصبح العالم أفضل، وأصبحت ناجحاً أكثر.

إذاً، لا أحد يهتم بعملك الفني إذا كنت عاجزاً عن جعل العالم يراه، حتى لو كان لديك لوحة الموناليزا فلا قيمة لها إذا لم يرها أحد، ونفس الشيء بالنسبة إلى المشاريع، قد يكون لديك أفضل فكرة لإنشاء مشروع تجاري على الإطلاق، لكن إذا لم تكن قادراً على الاتصال بالعملاء المحتملين، فلن يكون لفكرتك أية أهمية؛ لذلك، عندما يكون لديك فكرة جيدة وتؤمن بها كثيراً، فلا تتردد بإظهارها للآخرين.

الفن مثل المشاريع التجارية يستهدف شريحة من الجمهور:

بالطبع لن يُعجَب الجميع بتحفتك الإبداعية، فالأمر مشابه لامتلاكك شركة؛ إذ يوجد لديك مستهلك مثالي وجمهور يتأثر تأثراً كبيراً بمنتجاتك وخدماتك؛ لذلك توقَّف عن الاهتمام برأي الآخرين عن فكرتك، ففي جميع الأحوال لا توجد فكرة تنال إعجاب الجميع.

لكنَّ بعض الأشخاص سيعجبون بفكرتك، وإذا ما قررت أن تُبدع شيئاً مؤثراً، فسيكون من واجبك أن تتيح الفرصة للآخرين كي يروا إبداعك، ويجب أن تسهِّل الأمر عليهم كي يتمكنوا من رؤية عملك الإبداعي، ومهما كلَّفك الأمر من جهود فلا تتردد، وإذا كنت تؤمن بفكرتك، فيجب أن تجعل الآخرين قادرين على رؤيتها.

في الختام:

في المرة القادمة التي تراودك فيها فكرة إبداعية، سواء أكانت رسم لوحة أم البدء بمشروع تجاري، فابدأ بالعمل على تنفيذها على الفور؛ فالحياة فن، والفن عمل، وكلاهما - أي الفن والعمل - مرتبطان بالحياة، وكلما حولت أفكارك إلى شيء إبداعي يمكن للعالم أن يراه، ساهمت بأن يصبح العالم مكاناً أفضل.

المصدر