كيف تجري محادثات ذات معنى؟

هل سبق لك وأنَّ أجريت محادثة جيدة في مصعد؟ إذا كانت إجابتك "لا"، فلست وحدك في ذلك؛ فالوجود في المصعد مع شخص غريب هي تجربة محرجة عالمياً. أحد الأسباب هو مدة رحلة المصعد في العادة - فهي طويلة بما فيه الكفاية لتشعر بالضغط الاجتماعي كي تقول شيئاً ما، ولكن ليست مدة كافية لقول شيء ذي معنى. تُعَدُّ المصاعد في جميع أنحاء العالم نموذجاً مصغراً للجانب الأكثر إيلاماً في التفاعل الاجتماعي؛ ألا وهو إجراء الأحاديث القصيرة.



يدرس عالم النفس "ماتياس ميهل" (Matthias Mehl) في "جامعة أريزونا" (University of Arizona) المحادثات، ويحدد الأحاديث القصيرة على أساس مقدار المعلومات التي يتم تبادلها، وقال: "إن لم أعرف عنك في النهاية أكثر مما كنت أعرفه سابقاً؛ إذن هو حديث قصير".

الفراغ الذي يتخلل الأحاديث الصغيرة يفسر كونها مملة؛ ولكنَّها قد تكون أسوأ. من المؤكد أنَّ بعض الأحاديث القصيرة مع الأسف مملة ومحرجة، والأمر لا يقتصر على تلك التي تدور في المصعد؛ بل قد نرى تلك الأحاديث عند مصفف الشعر، أو في سيارة الأجرة، أو حتى مع صديقنا المفضل، يصعب أحياناً معرفة ما يجب قوله، وكيف نجد حديثاً يقطع الصمت ويملأ الفراغ بيننا.

يستنجد الكثير منا طلباً للمساعدة في الأحاديث القصيرة، وقد استجاب الإنترنت بمقالات لا تُعَدُّ ولا تُحصَى تقترح الحلول وتقدم النصائح.

تهدف الكثير من هذه النصائح إلى تحويل الحديث القصير السيئ إلى حديث قصير شيق، على سبيل المثال: عبر التعليق على تجربة مشتركة أو طرح سؤال مفتوح.

في الواقع، عندما يسير الأمر بشكل جيد، لا يكون الحديث القصير ممتعاً فقط؛ بل يكون مفيداً أيضاً. هناك مجموعة من الأبحاث التي تركز حول كيف يمكن للتفاعل الاجتماعي العابر نسبياً بين الناس - وحتى الغرباء - بأن يعزز مزاجنا وحتى معتقداتنا عن الجنس البشري.

على سبيل المثال: وفقاً لدراسة حديثة أُجرِيَت خلال الجائحة، قامت "جيليان ساندستورم" (Jillian Sandstorm) عالمة نفس اجتماعي في "جامعة إسيكس" (University of Essex) بجمع أشخاص غرباء لإجراء حديث معاً على تطبيق "زووم" (Zoom) حول ما يريدون. وبالمقارنة مع ما شعروا به من قبل، قالت إنَّه بعد المكالمة أبلغ المشاركون فيها عن شعورهم بثقة أكبر بالآخرين والشعور بأنَّ الناس عامةً أخيار، وطيبون، ولطيفون وعادلون.

ولكن في حين أنَّه من الهام تعرُّف قيمة الأحاديث القصيرة، وأنَّه ليس من الضروري أن يكون مزعجاً، إلا أنَّه ما يزال أقل مما يتوق إليه الكثير منا: محادثة ذات قيمة؛ وبهذا أعني محادثة حيث نترك سطحية الأحاديث القصيرة - مهما كانت ممتعة - والغوص عميقاً.

بالنسبة إلى "ميهل"، الذي يشير إلى هذه الأحاديث على أنَّها "أساسية" فالمفتاح الذي يقود إلى هذه الأحاديث هو معرفتك؛ إذ قال "إن بدأ الناس بمناقشة المعلومات، فإنَّها تصبح أساسية، والأهم من هذا أن تشارك بالمحادثة، فهناك معلومات بالتأكيد".

بالطبع يمكنك تعلُّم شيء من محادثة مع كهربائي يأتي إلى منزلك، أو خلال موعد عند الطبيب. فلكي تُعَدُّ ذات معنى، يجب أن تكون طبيعة المعلومات التي تتلقاها هامة. حين تسمح لك المحادثة بفهم شيء هام عن نفسك أو الشخص الآخر - أو حتى عن العالم - فعندها تصبح ذات معنى حقاً.

نستمد المعنى من فهم أنفسنا بسبب الحاجة الإنسانية العميقة للتعبير عن الذات. تدرس عالمة النفس الاجتماعي "كريستي غاردينر" (Kristy Gardiner) في "جامعة إيست أوف لندن" (University of East London) التفاعلات الاجتماعية وتحدد التعبير عن الذات بأنَّه - مشاركة الجوانب الأساسية من شخصيتنا - كأول مكون من المكونات الثلاثة التي تجعل المحادثة ذات معنى فعلاً.

إنَّ معظمنا يتوق لفرصة ليشارك بما يفكر فيه، ولتوضيح واستكشاف الأمور التي تهمنا؛ لذا فإنَّ الحصول على فرصة لصياغة هذه الأفكار المجردة وتحويلها إلى كلمات، ومشاركتها مع مستمع مهتم يقدر هذه الأفكار، يجعلنا نشعر بأنَّنا مفهومون.

في المناقشات الهادفة، يكون دور المُصغي حيوياً (وهذا هو السبب في كون المحادثة الهادفة يمكن أن تكون مجزية أكثر بكثير من مجرد كتابة أفكارنا، أو التحدث إلى أنفسنا عندما نكون لوحدنا في المنزل).

يتيح لنا المُصغي الفعال تلقِّي تغذيات راجعة حول كيف نبدو في أعينهم. ووفقاً لـ "غاردينر" - الجزء الثاني الهام من المحادثات الهادفة - يساعدنا على فهم أنفسنا أكثر، وتقول "نحن في الغالب نفعل هذا عندما نعكس مشاعرنا على الآخرين. تساعد عملية التحدث والإصغاء على فهم أنفسنا أكثر وتسهيل الإحساس بالتواصل - والذي تصنفه "غاردينر" المكون الأخير للمحادثات الهادفة - بالمطلق مثل هذه المحادثات تشعرنا بتواصل أكبر مع الآخرين وبهذا نرضي دافعاً إنسانياً راسخاً وأساسياً.

بالطبع في المحادثات ذات الاتجاه الثنائي، نتبادل الأدوار بين كوننا مُصغياً ومتحدثاً. فالطرف الآخر سيتحدث أيضاً ويشارك بما يعرف وما يفكر، وهذا يعطينا فرصة لتعلم شيء هام عنه. فالمحادثات القيمة باختصار تسمح لنا بتعلُّم شيء هام عن أنفسنا أو عن الشخص الآخر أو عن العالم. وعندما يحدث هذا فإنَّنا نشعر بالفهم والتواصل بشكل أفضل مع من حولنا.

فهذا الشعور بالفهم والتواصل يُشعرنا بالرضى وهو هام لعافيتنا. في إحدى الدراسات، طلب "ميهل" وزملاؤه من المتطوعين إكمال بعض الاستبيانات ثم ارتداء جهاز تسجيل لأيام عدة؛ وهذا سمح لهم بتحليل جودة محادثاتهم. وجد الباحثون أنَّه كلما كانت أحاديث المتطوعين أكثر جوهرية، زاد شعورهم بالرضى عن الحياة.

من الممكن أنَّ الأشخاص الأكثر سعادة لهم ميل لخوض أحاديث جوهرية أكثر، بدلاً من المحادثات العادية، لكن هناك أدلة أخرى تشير إلى قوة المحادثات الهادفة، على سبيل المثال: وجدت الأبحاث التي أجراها عالم النفس الأمريكي "آرثر أرون" (Arthur Aron) في التسعينيات أنَّ تشجيع أزواج من الناس على إجراء محادثات عن موضوعات أعمق وذات مغزى شخصي أكثر، دفعَتهم إلى التقرب أكثر من بعضهم بعضاً.

إن كانت المحادثات الهادفة مجزية ومفيدة للغاية، فكيف يمكننا خوض المزيد منها؟ بالنسبة إلى الكثيرين منا، بالنظر إلى مقدار الوقت الذي نقضيه مع الآخرين، فإنَّ مثل هذه الأحاديث الجيدة نادرة بشكل مزعج، لكن لحسن الحظ، مع القليل من الجهد وبعض الأساليب الجديدة، يمكننا إيجاد طريقة للاستمتاع بها كثيراً.

شاهد: 7 نصائح تساعدك على التحاور الفعّال مع الآخرين

 

ماذا عليك أن تفعل؟

1. ملاحظة أنَّ المحادثات القصيرة خطوة هامة:

لتحسين محادثاتك، لا تتجاهل الأحاديث القصيرة بالمطلق، فقد اعتُرِفَ بها منذ وقت طويل كطريقة عالمية لتهيئة الجو وتعزيز الألفة، كما قال عالم الأنثروبولوجيا الرائد "برونيسلاف مالينوفسكي" (Bronisław Malinowski) في مقالة نُشِرَت عام 1923، إنَّ هذه التبادلات الحوارية الأولية، على الرغم من أنَّها "ليست انعكاس رد فكري، ولا تثير بالضرورة انعكاساً لدى المُصغي، إلا أنَّها تؤدي وظيفة اجتماعية" وكتب أنَّه من خلال الأحاديث القصيرة، "تنشأ روابط الاتحاد".

يقول "ميهل": "أشبِّه الأحاديث القصيرة بالعناصر غير الفعالة الموجودة في الأدوية، في حين أنَّ العنصر غير النشط ضروري لتثبيت الحبوب معاً. الحديث القصير يقوم بذلك بالضبط. تحتاج إلى الحديث القصير أملاً بالوصول إلى أحاديث أكثر جوهرية".

بعبارة أخرى، يستحق الأمر تحمُّل عناء الحديث القصير لأنَّه يضع الأسس لشيء أكثر غنىً. ربما عندما تلتقي بشخص لأول مرة، يتعين عليك التحدث عن رحلتك، ولكن ليس عليك التحدث عن هذا الأمر فقط، ولحسن الحظ، هناك الكثير من الأشياء التي يمكن القيام بها للوصول إلى الأحاديث الأكثر عمقاً بشكل أسرع.

2. طرح أسئلة أفضل:

لأسباب واضحة، يحب الكثير منا التحدث عن موضوعات تهمنا شخصياً؛ لكنَّ المفتاح لخوض أحاديث أفضل هو الخروج من أفكارك للحظة والتفكير في الشخص الآخر أكثر؛ وهذا يعني طرح الأسئلة. الصحفية والكاتبة الأمريكية "سيليست هيدلي" (Celeste Headlee) التي شاركت في حديث على منصة "تيد" (TED) عام 2015 حول أساليب إجراء محادثات أفضل شاهده أكثر من 23 مليون شخص.

توصي باستعمال أسئلة مفتوحة بأسلوب صحفي، بدءاً بمن، وماذا، ومتى، وأين، وكيف، ولماذا، وكيف. قالت "اسأل الشخص الآخر مثل، "كيف كان ذلك؟' أو "كيف شعرت؟" لأنَّه بعد ذلك قد يضطرون إلى التوقف للحظة والتفكير بالأمر، وستحصل على استجابة مثيرة للاهتمام أكثر".

لمزيد من الإلهام، يمكنك الاطلاع على قائمة من 36 سؤالاً جمعها "أرون" وزملاؤه في التسعينيات، والتي تُعرَف اليوم باسم "تشكيل الصداقات بسرعة" (Fast Friends Procedure). تم نشر القائمة لاحقاً في جريدة "نيويورك تايمز" (New York Times) في مقال تحت عنوان "لتقع في حب أي أحد، افعل هذا" (To Fall In Love With Anyone, Do This) عام 2015 ولكنَّه صمم لمحتوى غير رومانسي لمعرفة ما إذا كان شخصان غريبان يمرون بهذه الأسئلة سينتهي بهما المطاف بالشعور بالقرب من بعضهما بعضاً بعد 45 دقيقة فقط.

هناك ثلاث مجموعات من الأسئلة، تصبح شخصية أكثر بالتدريج، وتبلغ ذروتها في أسئلة مثل "إن كنت ستموت هذا المساء دون أنَّ تسنح لك الفرصة بالتواصل مع أي شخص، فما هو أكثر شيء ستندم لعدم إخباره لشخص ما؟ ولماذا لم تخبرهم بعد؟ في الدراسة الأصلية، وجد فريق "أرون" أنَّ شخصين غريبين شعرا بأنَّهما أقرب لبعضهما بعضاً بعد اجتياز الأسئلة الـ 36 من الأزواج الذين أجابوا عن قائمة من أسئلة الأحاديث القصيرة مثل "كم مرة تقص شعرك؟".

ومع ذلك، يتضمن طرح الأسئلة الصحيحة الحكم على شريكك في المحادثة والسياق الذي توجد فيه.

في عام 2013 نصح "أرون" بالحذر قائلاً في مقابلة مع صحيفة "ذا وول ستريت جورنال" (The Wall Street Journal): "يجب أن تُبطِّئ من وتيرة حديثك، وتعطي الآخرين فرصة للتكلم. أجرى علماء النفس دراسة عام 2017 في "جامعة هارفارد" (Harvard University) ووجدوا أنَّ الأشخاص الذين يطرحون أسئلة يميلون إلى أن يكونوا مفضلين بشكل أكبر من قبل شركائهم في المحادثة. وهذا ليس مفاجئاً حقاً - عندما تطرح أسئلة - فإنَّك تمنح الشخص الآخر فرصة للتعبير عن نفسه ومشاركة آرائه، وهذا ما يستمتع به جميعنا تقريباً.

3. الإصغاء إلى الإجابات:

طرح الأسئلة هو مجرد بداية. ما يطرأ مراراً وتكراراً على الموضوعات في المحادثات الجيدة هو أهمية الإصغاء حقاً، وكم هو نادر قيام الناس بهذا. كتب "ستيفن كوفي" (Stephen Covey) في كتابه الكلاسيكي لمساعدة الذات "العادات السبع للناس الأكثر فاعلية (The 7 Habits of Highly Effective People): معظمنا لا يصغي بقصد الفهم؛ بل بقصد الرد، ولتجاوز هذه الغريزة، بالإضافة إلى طرح أسئلة جيدة، تحتاج إلى بذل جهود متضافرة للإصغاء حقاً إلى الرد.

لا يجب أن يكون هذا الجهد عملاً روتينياً، في الواقع تعتقد "ساندستورم" أنَّ جزءاً من المتعة التي تأتي من المحادثات الجيدة هي استثمار فضولك، وتقول "من المحتمل أن تكون المحادثة أفضل إذا كنت تركز على الشخص الآخر وتحاول تعرُّفه".

إن كنت تواجه صعوبة في إيجاد الدافع لطرح الأسئلة والإصغاء إلى الآخرين، فقد يكون من المفيد التفكير مرة أخرى بمدى تقدير هذا الشخص لذلك، تقول "ساندستورم": "إنَّ متابعة طرح الأسئلة يشعر الناس بأنَّهم مسموعون ويتم الإصغاء إليهم، ومن الجدير بالملاحظة أنَّ دراسة هارفارد أظهرت مدى إعجابنا بالأشخاص الذين يطرحون الأسئلة، كما وجدت أيضاً أنَّنا نقدر بشكل خاص الأشخاص الذين يتابعون بطرح الأسئلة.

إقرأ أيضاً: أخلاقيات الحوار مع الآخرين

4. الاستعداد لمشاركة أمر عن نفسك:

هناك لحظة انتقالية حاسمة في تطور جميع العلاقات - سواء كان هذا التحول من معارف إلى اهتمام عاطفي، أم من زميل إلى صديق مقرب، أم من جار إلى صديق - إنَّها اللحظة التي تقرر فيها مشاركة شيء شخصي عن نفسك. يسمي علماء النفس هذا بالإفصاح عن الذات، وهي خطوة أساسية في خلق الحميمية.

تقول خبيرتا التواصل "أماندا كاربنتر" و"كاثرين غرين" (Amanda Carpenter and Kathryn Greene) في "جامعة روتجرز" (Rutgers University) يشبه فعل الإفصاح عن الذات تقشير البصلة. في كل مرة يشارك الفرد فيها شيئاً هاماً عن نفسه، يتم إزالة طبقة، وكشف شيء أعمق وأكثر أهمية، حتى يصل في نهاية المطاف إلى الجوهر، وكتبتا في عام 2016: "يستغرق الوصول إلى جوهر شخصاً آخر وقتاً طويلاً، فالجوهر يتضمن معظم التفاصيل الأكثر خصوصية عن الشخص".

إنَّ الكشف عن شيء خاص بك - حتى لو كانت "الطبقة الأولى" - يساعدك على خوض محادثات أفضل، وهذا يشجع شريكك على الانفتاح أيضاً، فبفضل فكرة "المعاملة بالمثل"، سيضطر الشخص الآخر إلى فعل ذلك في المقابل - من أجل الحفاظ على الشعور بالإنصاف والتوازن - تقول "ساندستورم": "الإفصاح عن الذات هو شيء هام يساعد الناس على الشعور بالقرب من بعضهم بعضاً. حين تفصح لشخص آخر، فهذا يشجعه على الإفصاح أيضاً، وهذا التصعيد المتبادل والكشف عن الذات هو ما يؤدي إلى الشعور بالتقارب".

إذا بدا هذا شاقاً بعض الشيء، فتذكر أنَّه ليس عليك الانتقال إلى "لب البصلة" مباشرة. يمكن أن يتضمن الإفصاح عن الذات مشاركة جزء صغير نسبياً عن نفسك، فقد يكون من المفيد أيضاً إدراك أنَّها لفتة شجاعة، تقول "غاردينر": "ربما يكون أصغر شيء يجب التركيز عليه، في علاقاتك الحالية، هو أن تكون شجاعاً وأن تشارك شيئاً عنك؛ يمكن أن يكون خوفاً، أو قد يكون هدفاً، أو حتى قيمة أو اعتقاداً، وقد يكون شيئاً قد حدث لك في الماضي لم تخبرهم به، أعتقد أنَّ هذا سيسهل الأمر شيئاً ما".

5. الاستعداد لمعرفة الطرف الآخر:

إن كنت تعلم مسبقاً أنَّك ستقابل شخصاً معيناً أو مجموعة من الأشخاص، فعندئذٍ، لزيادة فرص لقاء أكثر جدوى، قد يكون من المفيد أيضاً تبنِّي عقلية "المتعلم"، فهذا مناسب بشكل خاص للمحادثات الهادفة سواء في إطار العمل أم في إطار تعليمي، فليس بالضرورة أن يكون المعنى مستمداً من تبادل الأحاديث الشخصية، ولكن من إجراء محادثة جوهرية ومُرضية حول موضوع أو قضية مثيرة للاهتمام.

قد يتضمن هذا القليل من التجهيز المسبق (مثل قراءة شيء عن اهتمامات الشخص أو خلفيته المهنية، أو القراءة عن موضوع تخطط لخوض محادثة عنه مسبقاً)، كذلك يتطلب الأمر لمسة من التواضع والانفتاح - الاستعداد للاعتراف بما لا تعرفه والاستعداد للتعلم - يمكن أن يوفر لك هذا الموقف بيئة غنية لتعرُّف شيء جديد، والذي يمكن أن يجلب لك المعنى في النهاية.

6. الاستعداد للإصغاء والرد:

جوهر المحادثات الجيدة هو المعاملة بالمثل، فمن المرجح أن يتعزز الحديث عندما تلتزم أنت والطرف الآخر بقاعدة سهلة: منح مساحة للتحدث، والإصغاء بشكل جيد إلى ما يريد قوله. يقول "ميهل": "إنَّك تلتزم بمبدأ المعاملة بالمثل". أنت تبدي اهتماماً بالشخص الآخر؛ لذلك يبدي الشخص الآخر اهتماماً بك، ومن ثم تشعر بإحساس بالانتماء من خلال التفاعلات المتبادلة؛ بهذه الطريقة، تكون المحادثات الهادفة عبارة عن أخذ وعطاء، ومراقبة مستمرة لما يقوله الشخص الآخر، وما تقوله، وكيف يستجيب لك وتستجيب له.

لا شيء من هذا سهل وقد لا يأتي بشكل طبيعي، وربما يكون هذا سبب ندرة المحادثات الرائعة، ولكن إذا تذكرنا أهمية الأخذ والعطاء، وكنا على استعداد لبذل جهد، فلا يوجد سبب يمنعنا جميعاً من إيجاد فرص للاستمتاع بمحادثات أكثر فائدة.

المصدر: 1




مقالات مرتبطة