كيف تجد حلاً طويل الأمد لتفاعل الموظفين؟

زيادة تفاعل الموظفين هي أولوية لمعظم الشركات؛ وذلك لأنَّ وجود قوة غير متحمسة تكلفته باهظة، مثل: فقد الإنتاجية، والتغيُّب، وحوادث مكان العمل، وزيادة تكاليف الرعاية الصحية وارتفاع معدَّل دوران القوى العاملة؛ ولكن للأسف، وكما يعلم معظم المتخصصين في الموارد البشرية؛ إنَّه لمن الصعب تحفيز الموظفين.



مواءمة استراتيجية العمل مع المحفزات:

تحظى أنظمة المكافآت والعقاب بشعبية لا بأس بها، لكنَّها ليست أفضل المحفزات عند تغطية الاحتياجات الأساسية للموظف؛ لذا بدلاً من ذلك، أظهرت الأبحاث الاجتماعية والنفسية أنَّ الدافع الداخلي - السعادة النابعة من المهمة نفسها - هو عامل رئيس في تحفيز الموظفين.

يقول "دان بينك" (Dan Pink) الخبير في الأعمال والسلوك، ومؤلف كتاب "الدافع: الحقيقة المفاجئة عما يحفزنا" (Drive: The Surprising Truth About What Motivates Us): "إنَّ مفتاح تشجيع التفاعل طويل الأمد من خلال التحفيز الداخلي يبدأ بدفع رواتب عادلة وقياسية للموظفين الذين يعملون في المجال نفسه؛ فإذا لم يكن لدى الموظفين ما يكفي من المال لإعالة أسرهم، فلن يكون لديك الدافع، ولن يكون لديك هذا الدافع الثالث الجوهري.

يُظهر العلم أنَّ أفضل طريقة لاستخدام المال هي إراحة الموظفين من مشكلة المال؛ لذا ادفع للموظفين ما يكفي حتى لا يمثل المال مشكلة، وليتمكَّنوا من التركيز على إنجاز أعمال رائعة".

عندما تغطي الاحتياجات الأساسية، يسعى الموظفون إلى التقدم؛ فنجد لدى البشر نزعة متأصلة في البحث عن التحديات وتحسين قدراتهم والتعلم، وفي أغلب الأحيان، يختبر الموظفون ذلك من خلال الاستقلالية والإتقان والغرض.

تقع أفضل ممارسات الموارد البشرية للتفاعل في إحدى هذه الفئات الثلاث، وسنتحدث كيف يمكن للشركات مواءمة استراتيجيتها التجارية مع هذه المحفزات من أجل تطوير حل للتفاعل طويل الأمد.

شاهد بالفيديو: كيف تجعل العاملين عن بعد أكثر انخراطاً في العمل؟

الاستقلالية: المسؤولية والمساءلة لتوجيه حياتنا

يمكن أن يشجع منح الموظفين الحرية في مكان العمل مشاعر الإنجاز الشخصي ويقلل من الإرهاق العاطفي؛ إذ تتمثل إحدى طرائق تشجيع استقلالية الموظف في مكان العمل في توفير جدول عمل مرن.

وفي دراسة حديثة بعنوان "هل الامتيازات هامة للاحتفاظ بالموظفين؟" (Do Perks Matter for Employee Retention؟)، لم يقتصر الأمر على توفير الوقت المرن للامتيازات المرغوبة أو فرص العمل عن بُعد؛ بل إنَّ أكثر من 30% من الذين استُطلعت آراؤهم كانوا على استعداد لاستبدال زيادة في الراتب مقابل هذا الحافز.

وهناك طريقة أخرى لتشجيع الاستقلالية وهي منح الموظفين حرية اختيار المشاريع التي يعملون عليها أو كيفية تنفيذها؛ إذ تعزز هذه الاستراتيجية الثقة وتتطلب من الموظفين أن يبقوا مسؤولين؛ وذلك لامتلاكهم التزامات تجاه أنفسهم، وزملائهم في الفريق.

عندما يتمكن الموظفون من اختيار وقت ومكان العمل، أو ما يعملون عليه، أو حتى ما يرتدونه في العمل، فإنَّ ذلك يدفعهم إلى بذل قصارى جهدهم لإنجاز أعمالهم؛ وهذا يؤدي إلى زيادة الرضى الوظيفي والإنتاجية، وبالطبع التفاعل.

إقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات يتبعها القادة العظماء لتحفيز الموظفين على التفاعل

الإتقان: فرصة تحسين ما نقوم به

إنَّ مساعدة الموظفين على بناء المهارات والمعرفة يضمن فقط قوة عاملة عالية الكفاءة، ويبني الثقة والتفاعل، كما أنَّ التقدير عنصر حاسم يحفز الشعور بالإتقان؛ لذا يفضِّل الموظفون التغذية الراجعة، وأن يعرفوا مستوى أدائهم وكيف يمكنهم أن يحسِّنوا مهاراتهم.

تبدأ الاستفادة من هذه الرغبة في التقدم بتنمية المواهب، ويُعَدُّ الإعداد المناسب والتدريب وفرص التطوير المهني المستمرة أمثلة عن تنمية المواهب التي تساعد على تشجيع الإتقان، وتتضمن بعض التكتيكات التي يجب استعمالها في أثناء هذه العمليات ما يلي:

  • مراجعات الأداء: لتحديد نقاط القوة والضعف.
  • استطلاعات الموظفين: للكشف عن تطلعات الموظف طويلة الأمد.
  • التقدير: لتأكيد خبرة الموظف وشعوره بأهميته.

تتمثل إحدى أفضل الطرائق لدمج هذه الاستراتيجيات مع تطوير المواهب في استعمال برامج الموارد البشرية التي تساعد على تتبُّع عملية التقدُّم والتغذية الراجعة والتقدير، وفي أغلب الأحيان تضمن هذه الأنظمة اتفاق الموظفين والمديرين فيما يتعلق بالإنجازات والتقدم.

إقرأ أيضاً: تأسيس بيئة عمل تعزز تفاعل الموظفين

الغرض: الارتباط بقضية كبرى

يتحمس الموظفون عندما يهتمون بشيء أكبر من أنفسهم، وهذا هو سبب أهمية تحديد مهمة شركتك بوضوح؛ لذا ضع توقعات واضحة للقوى العاملة لديك، وكن شفافاً عند قياس مستوى كل موظف، ومن خلال شرح كيفية مساهمة كل منصب في المهمة العامة للشركة وأهداف العمل، سوف تعزز الالتزام والمشاركة.

ولتوسيع نطاق نشاطك التجاري خارج عالم الشركة، ضع في حسبانك توفير فرص تطوعية للموظفين، وشارك مع مؤسسة خيرية لتجعل رد الجميل جزءاً من ثقافة الشركة؛ فإنَّ تخصيص الوقت للشركة بأكملها للمشاركة في برامج التوعية المجتمعية يربط القوى العاملة ببعضها بعضاً وبشيء أكبر من أنفسهم.

لا يقتصر تفاعل الموظف على الأمد الطويل على تكوين قوة عاملة منتجة فحسب؛ بل عليك أن تعامل الموظفين معاملة جيدة، وأن تصغي إليهم، وتشجعهم على التقدُّم؛ لذا يجب أن تركز الشركات على التحفيز الداخلي؛ وذلك لأنَّه شكل مستدام من التفاعل، وأيضاً لأنَّ زيادة سعادة الموظف هي الشيء الصحيح الذي يجب القيام به.

المصدر




مقالات مرتبطة