كيف تتوقف عن هدر الوقت وتحسِّن من فعاليتك الشخصية؟

السبب الذي يجعلني أبحث في مجال الإنتاجية بسيط؛ فالحياة المنتجة باعتقادي تعني حياةً سعيدةً؛ لكنَّنا نستمر في إضاعة الوقت، ما يجعل عيشَ حياة منتجة أمراً صعباً، إضافةً إلى أنَّك إذا كنت أكثر إنتاجيةً من الأشخاص العاديين، ستتقدم سريعاً في حياتك المهنية، وستتعلم المزيد، وتنجز المزيد، وستتلقَّى مزيداً من المكافآت في النهاية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويَشرح لنا فيه تجربته في علاج مشكلة هدر الوقت.

عندما أتحدَّث عن الإنتاجية، أتحدَّث عن الفاعلية؛ لأنَّ الإنتاجية لا تنطوي على إنجاز المطلوب؛ بل إنجاز الكثير، لكن ليس هذا ما يهم، أمَّا الفاعلية فتُشير إلى إنجاز الأمور الصحيحة، وإذا كنت ترغب في القيام بعملك على أكمل وجه، وكسب المال، وعيش حياةٍ ذات معنى، وتعلُّم المهارات، فهذا هو الأمر الأكثر أهمية، وإلا فأنت تدور في حلقة مُفرغة، قد تبدو مشغولاً؛ لكنَّك لن تحقق أي إنجازٍ ذي معنى.

بعبارةٍ أخرى: من السهل القيام بعملٍ معدوم الفائدة؛ لكنَّ العمل الذي لا يُقرِّبك من النتائج التي تصبو إليها مجرد مضيعةٍ للوقت.

النتائج هي الأهم:

هذا يعني من الناحية العملية أنَّك قد تعمل لمدة 50 ساعة في الأسبوع، لكن إذا لم تُحقق نمواً على الصعيد الشخصي والعاطفي والمالي، فأنت لست فاعلاً، وكثيراً ما يسألني الناس: "من أين أبدأ؟" وللإجابة عن هذا السؤال، سأشارك تمريناً أقوم بتدريسه في دورة الإنتاجية وهو انعدام التسويف.

إنَّه تمرين أخذته من كتاب "المدير التنفيذي الفعَّال" (The Effective Executive) للكاتب الاقتصادي الأمريكي بيتر دراكر (Peter Drucker)، وبالنسبة إلي، فإنَّ دراكر من أهم المفكرين وأفضلهم عندما يتعلق الأمر بفاعلية العاملين في مجال المعارف.

شاهد بالفيديو: كيف تتقن فن إدارة الوقت؟

معظم الكتب والمقالات وأدوات وتطبيقات الإنتاجية التي تراها هذه الأيام، جميعها متأثرة في طريقةٍ ما بـ دراكر الذي ابتكر مصطلح الفاعلية الشخصية، وما ستقرأ عنه الآن هو تمرين بسيط من الكتاب (عدلته قليلاً لتسهيل الأمر)، والذي يمكنك تطبيقه لوقف هدر الوقت.

الخطوة الأولى، معرفة الوقت:

كثيراً ما أسمع الناس يقولون: "لا أعلم ما هي المشكلة، فأنا أستمر في التسويف"، والسؤال الذي أطرحه هنا: "هل تعرف وقتك؟"، فإذا كنت لا تقيس وقتك، فمن الصعب التوقف عن التسويف أو تحسين إنتاجيتك، وإذا كنت ترغب في إدارة وقتك إدارة أفضل، عليك أن تعرف أين يُهدَر أولاً، وذاكرتك غير كافية لذلك، فإذا سألتكَ عما كنت تفعله في هذا الوقت بالضبط منذ أسبوع، هل ستُقدِّم إجابة دقيقة؟ غالباً لا؛ لذا لتعرف وقتك جيداً، عليك الاحتفاظ بسجلِّ نشاطات.

قبل إجراء جلسةٍ فعليةٍ مع العملاء، غالباً ما أطلب منهم الاحتفاظ بسجلٍّ للأنشطة التي يقومون بها لمدة أسبوعين، ويبدو سجل النشاطات تماماً كما تتخيله - سجلٌّ يتضمن ما تفعله كل ساعةٍ على مدار اليوم، والمنهج المحدد الذي تعتمده لسجل نشاطاتك لا يهم، الأمر الوحيد الهام هو أنَّ عليك تسجيل المعلومات فيه لمدة أسبوعين على الأقل، ويُفضَّل أن تستمر شهراً كاملاً.

أنا أحتفظ بقلم ومفكرة على مكتبي، وكل ساعةٍ أدوِّن الوقت وما فعلته خلال الساعة الماضية، ومن الهام إبقاء دفتر الملاحظات تحت ناظريك، كي لا تنسى ذلك.

إقرأ أيضاً: كيف يجعل التسويف تقنيات إدارة الوقت غير فعالة؟

الخطوة الثانية، تحديد العمل غير المنتج:

هذه الخطوة في الواقع بسيطةٌ للغاية، ويوجد سؤال واحد فقط لك:

"راجِع جميع الأنشطة المتكررة في السجل واحداً تلو الآخر، ماذا سيحدث إذا توقفت عن فعلها؟"

إذا كان الجواب: "سينهار كل شيء"، لا تُغيِّر شيئاً عندها، لكن إذا كانت إجابتك: "لن يحدث شيء يُذكَر"، فلقد أصبت الهدف، ونقوم جميعاً بأنشطة لا تعود علينا بنفعٍ، وتُعدُّ مضيعةً للوقت.

الخطوة الثالثة، الحدُّ من مسببات ضياع الوقت:

لتتوقف عن هدر الوقت، اعرف أين يضيع وقتك، ميز بين المهام بالغة الأهمية وتلك البسيطة في حياتك، تخلَّص من تلك المهام معدومة الأهمية التي تهدر وقتك، الأمر بهذه البساطة.

إذا كنت تريد أن تكون شخصاً فاعلاً جداً، فاحتفظ بسجلٍّ لنشاطاتكَ بصورة منتظمة، ولست مضطراً إلى فعل ذلك طوال 365 يوماً في السنة، بدلاً من ذلك، أعد سجل يمتد لأسبوعين حتى ثلاثة أسابيع في العام، فهذا كافٍ لتتبُّع وقتك وتحديد مصادر هدر الوقت الجديدة، وتكمن الفائدة الإضافية لمثلِ هذا التمرين البسيط بأنَّه يدفعك إلى التفكير ملياً في روتينك اليومي.

نحن نبدأ في كثير من الأحيان بممارسة أنشطةٍ تهدر الوقت، وتتحول لاحقاً إلى عادات، وإذا لم تُلاحظ السلوك معدوم الفائدة الذي تمارسه، فمن الصعب التخلص من تلك العادات السيئة، ولقد وجدت أنَّ هذا التمرين من أفضل التقنيات لتتوقف عن هدر الوقت.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح من الخبراء للتخلص من التسويف والمماطلة

في الختام:

ابدأ الآن، ومن المحتمل أن يبدو سجل نشاطاتك على النحو الآتي:

  • (أدرِج الوقت) - قرأتُ مقالاً عن الاحتفاظ بسجلٍ للوقت، وأنشأت سجل وقت خاصاً بي.
  • (أدرِج الوقت) - أطفأتُ هاتفي وعدت إلى (أياً كان ما كنتَ تعمل عليه).
  • (أدرِج الوقت) - تصفَّحتُ الأخبار، ومنصات التواصل الاجتماعي، وشاهدت مقاطع الفيديو على اليوتيوب (كن صادقاً مع نفسك).
  • (أدرِج الوقت) - أجبت على رسائل البريد الإلكتروني.

من الجيد جداً أن تبدأ، لكن عليك الاستمرار لمدة أسبوعين آخرين.




مقالات مرتبطة