كيف تتوقع المشكلات باستخدام التخطيط الشرطي (إذا- سوف)؟

قد تبدو محاولة توقع المشكلات في عصر التفكير الإيجابي وكأنَّها إضافة أخبار ومشاعر سلبية إلى الواقع الذي نعيشه، وقد يبدو التفكير في العقبات والحواجز بالنسبة إلى أولئك الذين يشعرون بقوة أنَّ التركيز على نتيجة ما قد يؤدي إلى واقع سيئ وكأنَّه رؤية تلك المشكلات بأمِّ العين؛ أمَّا بالنسبة إلى البقية، فقد يَعدُّون التفكير في المشكلات المستقبلية أمراً واقعياً.



يمكن أن يكون التركيز على المشكلات والعثرات أمراً مُنهِكاً عندما يعترض طريق العمل، ولكن عندما يساعدك توقع التحديات على التخطيط لتوجيه مشروعك من خلال العقبات البسيطة التي يمكنك التنبؤ بها، فهذا مجرد نهج استباقي؛ لهذا السبب تجري الشركات اختبارات وبروفات، فهم يريدون معرفة الصعوبات المحتملة والتكيف معها حتى يتمكنوا من التعديل والتغيير.

إنَّه لمن غير الممكن دائماً إجراء "بروفا"، ولكن يمكننا استخدام معرفتنا حول بيئاتنا الشخصية والمهنية المختلفة للقيام ببعض العصف الذهني واستخدام التخطيط الشرطي، فالتخطيط الشرطي عبارة عن خدعة بسيطة؛ ولإعداد نفسك، ما عليك سوى سرد العديد من الاحتمالات الواقعية للعقبات التي قد تصادفك في أثناء سعيك إلى تحقيق هدفك، ثم إدراج الإجراء المحدد الذي ستتخذه رداً على كل عقبة؛ فعندما لا نتوقع المشكلات، نرتكب خطأ تخطيط استراتيجي أساسي، سواء كنا تستعد لاجتماع كبير سنكون مسهماين فيه أم نفكر في طريقة التواصل مع قريب صعب المراس؛ حيث تشير الأبحاث إلى أنَّ استخدام التخطيط الشرطي للمشكلات المحتملة التي ستنشأ يزيد من احتمالية حدوثها، كما تشير دراسة في مجلة موتيفيشن آند إيموشن (Motivation and Emotion) إلى أنَّ هذا النوع من التخطيط يساعد الناس على سد الثغرة بين الرغبة في تحقيق الهدف وتحقيقه بالفعل؛ لذا بدلاً من تلقي التجارب السلبية المتعلقة بهدفك بسلبية، يتيح لك التخطيط الشرطي أن تبقى العنصر الفعال في قصتك، والشخص القادر على إعادة تجميع الخطة ودفعها نحو الأمام.

إقرأ أيضاً: استراتيجية العصف الذهني ودورها في حل المشاكل

إنَّ أفضل تخطيط شرطي (إذا- سوف) هو التفكير الاستراتيجي والمستقبلي، وهو يتضمن استراتيجيتين هما: المعرفة الذاتية التي هي نوع من الواقعية الواضحة، والمهارة التخيلية لإمكانات العصف الذهني التي نتحكم بها على نحو أقل؛ وقد وضح الفكرة مجموعة من الباحثين في هذا الموضوع على النحو التالي: "ضبط النفس الناجح هو الدافع والقدرة على حماية سلوك الشخص المرتبط بالهدف من مصادر التشتيت"؛ أي بمعنى آخر، إنَّه لمن الطبيعي جداً أن تتعرض إلى الاضطراب؛ فقد يكون الأشخاص الذين يتمتعون بقوة الإرادة أكثر وعياً بشأن توقع ومنع التهديدات التي تؤثر في قوة الإرادة هذه.

يمكن أن تكون معرفة حدودنا والاعتراف بها عند القيام بها بعقلانية وموضوعية أداة هامة للنجاح بدلاً من معاقبة أنفسنا، ونوضح ذلك في مثال بسيط وشامل: فكر في استراحة الوجبات السريعة في منتصف فترة ما بعد الظهيرة؛ فكما هو معروف: نجلس في مكاتبنا، وتبدأ عقولنا التجول، وتليها أقدامنا، حيث نبدأ الحركة جيئةً وذهاباً، ثم نجد أنفسنا أمام آلة البيع الذاتي أو وعاء الحلوى في المكتب. لا يعني توقع الرغبة في تناول السكر في فترة ما بعد الظهر أن توبِّخ نفسك لكونك ضعيفاً، وإنَّما فكر بدلاً من ذلك في الأمر على أنَّه انعكاس منطقي على البيانات السابقة؛ فبالنظر إلى هذه البيانات، قد تفترض أنَّك "إذا" تناولت الحلوى، فمن المحتمل جداً أنَّ هذه الخطة ستهدد خطة الأكل الصحية خاصتك؛ ونظراً إلى اعترافك بهذا الاحتمال، يمكنك الانتقال إلى خطة "فسوف".

شاهد بالفديو: 10 طرق فعّالة لتعزيز قوّة إرادتك

قد يبدو الأمر كالتالي: "إذا وجدت نفسي أقف أمام آلة بيع، فسوف أوفر بعض الدولارات الخاصة بالوجبات الخفيفة، وأذهب بدلاً من ذلك إلى مكتب صديقي للدردشة".

يمكنك باستخدام مثل هذه الخطة استخدام "إذا" كسلوك يقود إلى سلوك آخر، وسرد بعض التحديات المحتملة الأخرى التي قد تواجهها خطة الأكل الصحية خاصتك مثل: "إذا حضَّرت زوجتي وجبة جيدة للعشاء، فسأحاول ألا أتناول وجبة خفيفة في العمل"؛ إذ يوفر وجود بعض الكلمات مثل "سوف" التي يمكنك استخدامها تلقائياً في سيناريوهات مختلفة الطاقة العقلية للتوصل إلى أعذار ويعطي احتمالية أفضل للنجاح.

يحتاج التخطيط الشرطي في بعض الأحيان إلى مراعاة القيام بشيء صعب عندما لا ترغب فيه، بدلاً من إدارة الصعوبات الخارجية؛ فعلى سبيل المثال: قد تحاول كتابة كتاب إلى جانب عملك، ممَّا يعني أنَّ عليك الكتابة قبل العمل أو بعده كل يوم؛ فالشيء الوحيد الذي يُميز الكُتَّاب الأكثر إنتاجية هو قدرتهم على الإنتاج حتى عندما لا يكونون في حالة مزاجية جيدة؛ ذلك لأنَّهم يقضون معظم فترات الصباح أو المساء في الكتابة حتى لو لم يكن هناك مصدر للإلهام.

قد تتوقع أنَّك لن تكون حالة استثنائية، وستحدد بعض الخطط الشرطية لتتمكن من الكتابة عموماً، وقد يبدو الأمر كالتالي: "إذا لم أشعر بالرغبة في الكتابة، فسأقوم بضبط المؤقت للكتابة لمدة 15 دقيقة فقط"، أو "إذا وجدت نفسي أتحقق من وسائل التواصل الاجتماعي بدلاً من الكتابة، فسأُعِدُّ كوباً من الشاي وأكتب في دفتر يومياتي"؛ فالحل إذاً كما ذكرنا أعلاه، ألا وهو توقع المشكلات بواقعية وتعاطف ورحمة، والتوصل إلى حلول محددة يمكنك تنفيذها بسهولة ودون تفكير.

لا يمكننا في بعض الأحيان السيطرة على الأشياء التي تعرقل خططنا الموضوعة؛ فعلى سبيل المثال: ربما يكون لديك خطة لتحسين وضعك المالي هذا العام، وإحدى خطواتك لتحقيق هذا الهدف هي أن تطلب زيادة في الراتب من مشرفك؛و تبدو خطتك جيدة جداً حتى الآن، ولكن ما لا يمكنك السيطرة عليه هو الإجابة التي ستتلقاها.

إقرأ أيضاً: 12 نصيحة للوصول إلى الاستقرار المالي في حياتك

يمكن أن يساعدك التخطيط الشرطي في السيناريو الذي ستتعامل فيه مع أشخاص آخرين على أن تكون سريعاً ومستعداً على نحو أفضل للتفاوض على النتائج المرجوة، كما يمكنك اختيار صديق تثق به أو أحد أفراد الأسرة لمساعدتك على توقع ردود الأفعال المختلفة المحتملة لشخص آخر تجاهك (إذا)، وتجربة مجموعة متنوعة من الحلول (سوف) لكل سيناريو.

لقد أظهرت الأبحاث أنَّ هذا النوع من التخطيط هام عندما يوجد تفاوت في المناصب والسلطات؛ فغالباً ما يتخلى الأشخاص الذين يشغلون مناصب منخفضة عن أهدافهم أو يتقبلون نتائج أقل من المتوقع؛ ويمكن أن يساعد التخطيط الشرطي الموظف على التمسك بموقفه عند التفاوض مع مشرف ما؛ فسواء كان الأمر يتعلق بالتعامل مع مشكلة في العمل أم تنفيذ مشروع شخصي جديد، يُستخدَم التخطيط الشرطي بوضوح لتحديد المشكلة والتوصل إلى حلول، وما من شيء سيئ يتعلق بذلك.

المصدر




مقالات مرتبطة