كيف تتميز في القيادة من خلال الذكاء السياسي؟

لقد أصبح قادة الأعمال بحاجة إلى "الذكاء السياسي" (PQ) لتحقيق التقدُّم في المستقبل، والذي يُعدُّ مهارة تؤهِّلهم للتعاون مع الحكومات والمنظمات غير الربحية.



لم يُعد الذكاء المعرفي والذكاء العاطفي كافيين؛ حيث تتطلَّب القيادة الآن ذكاءً سياسياً (PQ).

ولكن دعنا نعرِّف كلمة السياسة أولاً، السياسة (Politics) كلمة مشتقَّة من اللغة اليونانية، والتي تعني في اليونانية (Politikos)؛ بمعنى ما يتعلق بالمواطنين، أو ما يعمل لصالحهم.

إنَّ اقتصادات السوق الحرة الحديثة مبنية إلى حد كبير على نموذج "غير شخصي"؛ إذ لا تخضع المعاملات بين الأطراف للالتزامات الاجتماعية؛ ولكن تحدث من خلال الحساب العقلاني والموضوعي للمكاسب المالية الفردية.

ولقد ازدهر هذا النموذج خلال الثمانينيات والتسعينيات؛ حيث جاءت الخصخصة لإنقاذ الاقتصادات التي تعطلت بسبب سنوات من التأميم والتدخل الحكومي، ولكن لسوء الحظ، أنهى نموذج السوق الحرة كل هذا في عام 2008، ولكن بالتأكيد يجب أن تكون هناك طريقة أخرى.

إقرأ أيضاً: 5 خصائص استراتيجية لتطوير القيادة الناجحة

في الوقت الذي يواجه فيه عالمنا المترابط تحديات هائلة، يجب تجاهل الظلال التي يلقيها هذان "النموذجان" المتناقضان؛ وذلك لأنَّنا بحاجة إلى تكاتف الحكومات والشركات معاً، وتقاسُم السُّلطة، وبناء مستقبل أفضل؛ وبناءً على هذا، ينبغي أن تفهم الشركات الأهداف الحكومية فهماً أفضل، وينبغي على الحكومات أيضاً التعاون مع الشركات للاستفادة من براعتها في إنجاز الأمور، ويجب على منظمات القطاع الخاص الضخمة الانضمام إلى نادي المتعاونين هؤلاء.

يقول مؤلفا كتاب "القيادة والذكاء السياسي: كيف يحدِّد الذكاء السياسي القادة الناجحين" (Leadership PQ: How Political Intelligence Sets Successful Leaders Apart)، إنَّ العمل الفعَّال يتطلَّب من القادة في مؤسسات القطاعين الخاص والعام مهارات جديدة؛ إذ لم يَعُد معدل الذكاء المعرفي والذكاء العاطفي كافيين؛ بل أصبح هناك حاجة إلى نوع جديد من القدرة القيادية، وهي الذكاء السياسي (PQ)، والذي يُعرِّفه المؤلفان على أنَّه "قدرة القادة على التفاعل تفاعلاً استراتيجيَّاً مع عالم تتقاسم فيه الأعمال الحكومية والمجتمع بمفهومه العام السلطة لتشكيل المستقبل في الاقتصاد العالمي".

إقرأ أيضاً: القيادة التحويلية: كيف تصبح قائداً مثيراً للإلهام

لكن لماذا يجب أن يهتم بذلك القادة السياسيون أو رجال الأعمال؟ وما هي الدوافع التي تشجِّعهم على امتلاك الذكاء السياسي؟ بالنسبة إلى قادة الأعمال، فإنَّ الإجابة ذات شقين: على الجانب الإيجابي، قد يؤدي التشارك مع الحكومات ومنظمات القطاع الخاص إلى زيادة فرص التطوُّر، وعلى الجانب الدفاعي، ففي ظل عالم يتسم بالشفافية في التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي، وتُعدُّ السمعة فيه هي كل شيء، سيحمي تحمُّل المسؤولية الاجتماعية والتعاون مع العديد من أصحاب المصلحة علامتك التجارية؛ ممَّا يحقِّق لك الربح في النهاية.

بالنسبة إلى الحكومات المثقلة بالعجز، يعني الحجم الهائل من المشكلات التي تواجهها، سواء تغيُّر المناخ أم نقص الطاقة أم تدهور البنية التحتية أم بطالة الشباب، وما يترتَّب على ذلك من ضغوط من جانب الناخبين؛ أنَّ التعاون مع الشركات التجارية أمرٌ ضروريٌ، ولن يعترض على ذلك سوى السياسيون القديمون.

بالنسبة إلى منظمات القطاع الخاص، يُعدُّ التعاون مع الحكومات لتجاوز العقبات السياسية، والتعاون مع الشركات التجارية للابتكار وتعزيز الأداء أمر ضروري من أجل تحقيق أهدافها.

يستخدم المؤلفان "جيري ريفو" (Gerry Reffo)، الرئيس السابق لقسم التعليم والتطوير في وزارة الخارجية البريطانية وشؤون الكومنولث، و"فاليري وارك" (Valerie Wark) حاملة الزمالة لكلية أشريدج للأعمال (Ashridge Business School)، العديد من الدراسات الفردية والمقابلات مع قادة من جميع القطاعات لإثبات تأثير الذكاء السياسي في الممارسة.

ويُعدُّ هذا دليلاً عملياً للتنقُّل في المثلث الذهبي الذي يضم الشركات والحكومة والمجتمع، والذي يقدِّم في جوهره نموذجاً مقنعاً لتطوير القادة والمنظمات بناءً على خمسة جوانب: المستقبل، والسُّلطة، والتعاطف، وفهم الغاية، والتنوُّع.

 

المصدر




مقالات مرتبطة