كيف تتغلب على خوفك من التحدث أمام الناس؟

عندما كنت في السادسة من عمري اشترى لي والدي كماناً، وقد غيرت هذه الهدية حياتي. لن أقول إنَّني كنت أملك موهبة مذهلة؛ لكنَّني كنت جيدةً فيما يتعلق بالموسيقى واستمتعت بقضاء الوقت في دراستها. في سن العاشرة أديت حفلات موسيقية صغيرة؛ في البداية أديتها أمام عائلتي ودائرة أصدقائنا فقط، لكن بعد شهور بدأت أعزف في مسرح مدرسة الفنون الجميلة في بلدتي، وما زلت أذكر حتَّى الآن كم كنت أشعر بالتوتر قبل كل حفلة موسيقية، لكنَّني كنت أدخل في حالة من الراحة بمجرد أن أبدأ بالعزف، وأصبح كماني من أعز أصدقائي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة سارة فابيان (Sara Fabian)، وتُحدِّثنا فيه عن التغلب على الخوف من التحدث أمام الناس

بعد سنوات عملت في شركة متعددة الجنسيات، أولاً في رومانيا (Romania)، ثم في السويد (Sweden)، ولاحقاً في الصين (China) وخلال الفترة التي أمضيتها في هذه الشركة شاركت في كثير من المشاريع التجارية، وكان منصبي القيادي يتطلب منِّي التحدث أمام فريقي وفي الاجتماعات الإدارية، ويجب أن أعترف أنَّ الأمر لم يكن سهلاً دائماً.

كان التحدث أمام الناس مختلفاً تماماً عن العزف على آلة موسيقية على خشبة المسرح، في الحفلات الموسيقية كان الكمان معي دائماً وقد كان مصدراً هائلاً للراحة، ولم أشعر بالوحدة قط؛ لكنَّني كنت وحيدةً في أثناء التحدث أمام زملائي في العمل، وواجهت شتَّى أنواع المخاوف والسلبية في رأسي؛ فقد كنت أخاف من أن أقول شيئاً غبياً، أو أن لا تعجبهم أفكاري، وكنت أرغب في أن أبدو محترفةً بما يكفي أمامهم.

لكن ما لم أدركه في ذلك الوقت وأعرف أنَّه حقيقيٌّ الآن هو أنَّني كنت أتعامل مع مشكلات حقيقية مرتبطة بضعف ثقتي بنفسي، ولقد كان الكمال هو أسوأ عدو لي، ولم أشعر بأنَّ أيَّ شيء قد قمت به جيداً بما يكفي.

الحقيقة هي أنَّني كنت بحاجة إلى أشخاص يحبونني؛ لأنَّني لم أحب نفسي، لقد مثل التحدث أمام الناس تحدياً بالنسبة إلي لسنوات عديدة، وأشعرني بالتوتر وشعرت أحياناً أنَّني كنت عالقة في مكاني، وعندما كنت أقف أمام عدد أكبر من الناس ومع أشخاص لم أكن معتادةً عليهم، كنت أشعر بوخز في أصابعي وتسارع في نبضات قلبي وبتوتر شديد.

لقد جربت حيلة قديمة متمثلة في تخيل جمهوري في ملابسهم الداخلية، إلَّا أنَّها لم تنجح وشعرت أنَّها مزيفة؛ لذلك كان يجب أن أتعلم مواجهة الواقع.

شاهد: 6 نصائح للتحدث بثقة أكبر أمام الجمهور

فيما يأتي 4 أشياء ساعدتني حقاً على التغلب على خوفي من التحدث أمام الناس:

1. التوازن:

قد يبدو الأمر بسيطاً؛ لكنَّه أحدث تغييراً إيجابياً هائلاً في جودة حديثي،  لقد ساعدني حمل شيء صغير مثل القلم - على سبيل المثال - على التركيز والتوازن، ولقد كان الأمر أشبه بإمساك الكمان بالنسبة إلي، صحيح أنَّه كان مجرد قلم؛ لكنَّني شعرت بقَدْرٍ أقل من الوحدة.

2. تقبُّل خوفي:

يُعَدُّ الخوف من التحدث أمام الناس أمراً شائعاً نسبياً، ويمكن أن يصعِّب على الأشخاص التحدث أو التفاعل في أثناء الاجتماعات والعروض التقديمية، لكن كان علي ألَّا أسمح للخوف بأن يجعلني ضعيفة، وبدلاً من ذلك تعلمت كيف أتقبل أنَّه مجرد جزء من كوني إنسانة.

لقد أدركت أنَّه في حالة التحدث أمام الناس كان الهدف البيولوجي للخوف هو حمايتي من الأذى العاطفي الناتج عن عدم محبتهم لي أو عدم القيام بعمل جيد، وفي اللحظة التي عددتُ فيها خوفي على أنَّه صديق يحميني تغير كل شيء، لقد بقي خوفي معي؛ لكنَّه الآن أصبح موجوداً ليدعمني ويحميني.

3. عدم الاكتراث برأي الآخرين بي:

أن تكون محبوباً ومقبولاً ومُقَدَّراً هو حاجة إنسانية أساسية، ومنذ سن مبكرة نشأ معظمنا على أخذ آراء الآخرين في الحسبان؛ لذلك ليس من الغريب أن نحاول تلبية توقعات الآخرين لنا.

أظنُّ أن السعي وراء إثبات ذواتنا من خلال الآخرين يحولنا إلى سجناء لهم، فإذا كنَّا قلقين بشأن ما يظنُّه الآخرون عنَّا فإنَّنا نركز عليهم بدلاً من التركيز على أنفسنا وعلى الرسالة التي نريد توصيلها، فلا يمكننا التحكم بما يشعر به الآخرون؛ لكنَّنا مسؤولون عن مشاعرنا وأفكارنا وعواطفنا.

عندما أعلم أنَّ ما يعتقده الآخرون عنِّي ليس له علاقة بي ولا يحدِّد شخصيتي، أُحَرِّر نفسي من أي حكم؛ فما يرونه بي هو رأيهم الخاص، وقد يرى بعض الناس أنَّني ذكية ومضحكة وموهوبة في حين قد يرى آخرون أنَّني متحدثة عامة عادية أو حتى إنسانة رديئة، وبالنسبة إلى غيرهم قد أبدو جميلة، أمَّا للآخرين قد لا أكون ذلك؛ فيتعلق الأمر كلُّه بمعاييرهم الشخصية للجمال أو الذكاء، ولا علاقة لي بذلك أبداً.

إقرأ أيضاً: 4 نصائح تساعدك على التخلّص من الخجل أثناء التحدث أمام الناس

4. تعلم مهارات جديدة واكتساب بعض المعلومات العملية المتعلقة بالتحدث أمام الناس:

إذا كنتُ أخطط لإلقاء خطاب أو إبقاء جمهوري مهتماً بالموضوع الذي أتكلم عنه ولمعرفة المزيد، فإنَّ الممارسة ضرورية جداً؛ فكلما تجرأت على الوقوف والتحدث أصبح الأمر أسهل، واليوم أصبحت أبدأ كل خطاباتي بنية تقديم أفضل ما لدي؛ فليست هناك حاجة للكمال، ولقد تعلمت كيفية ارتكاب الأخطاء والتغلب عليها بإتقان بدلاً من معاقبة نفسي، دون أي ضغوطات وبحرية مطلقة، ولقد أصبحت مشاركة معرفتي أمام الناس مصدراً للفرح الحقيقي والوفاء.

المصدر




مقالات مرتبطة