كيف تتعامل مع شكاوى العملاء؟

لا يتذكَّر العميل السعادة؛ بل الإحباطات، فهل تتصور كيف يتأثر انطباع العملاء إذا لم تتم معالجة شكواهم بشكل فعال وسريع؟ منذ اللحظة الأولى لانطلاق أي عمل تجاري، يتصدر تحقيق رضى العملاء قائمة الأولويات؛ إذ يُعَدُّ تقديم خدمة عالية الجودة جزءاً لا يتجزأ من هدف النجاح، وفي مسيرة السعي نحو تحقيق هذا الهدف الرفيع، لا بد للشركات من مواجهة تحديات عدة، ومن بين هذه التحديات تبرز بوضوح شكاوى العملاء.



تحمل شكاوى العملاء واجهة ذهنية معقدة؛ إذ تمثل فرصة ذهبية لتحسين الخدمة وزيادة الرضى، وفي الوقت نفسه تشكل تحدياً يتعين التعامل معه بحذر لضمان الحفاظ على سمعة العلامة التجارية، فالعملاء يتذكرون لحظات الإحباط التي قد تنشأ نتيجة لشكواهم، وتلك اللحظات قد تترك أثراً دائماً في علاقتهم مع الشركة؛ لذا هنا ستتعرف إلى الأسباب التي تدفع العملاء للشكوى والاستراتيجيات الصحيحة للتعامل مع هذه الشكاوى.

الأسباب التي تدفع العملاء للشكوى:

1. عدم الوفاء بالتوقعات:

عدم الوفاء بتوقعات العميل هو السبب الأشهر لتقديم شكوى، فالاختلاف بين التوقعات التي يرسمها العميل سواء في توقيت الحصول على الخدمة أم سلوك الموظف أم جودة المنتج أم الخدمة التي يحصل عليها والأداء الفعلي على أرض الواقع، يولِّد تجارب غير مرضية، على سبيل المثال:

التوقع:

خدمة عملاء محترمة وودية.

الواقع:

تجربة غير مرضية بسبب موظف غير مهتم.

التوقع:

تنفيذ الخدمة في الوقت المحدد.

الواقع:

تأخر في تنفيذ الخدمة دون توضيح سبب التأخر.

2. ضعف الثقة والمصداقية في المؤسسة أو مقدِّم الخدمة:

يُحدِث ضعف الثقة أو المصداقية في الجهة المعنية انطباعاً سلبياً لدى العملاء، فقد يظن الأفراد أنَّ فريق العمل يفتقر إلى الكفاءة أو القدرة على فهم احتياجاتهم بشكل صحيح، إضافة إلى ذلك، قد يثير هذا الضعف مخاوف من احتمال رفع الأسعار دون سابق إنذار أو تقديم تبريرات مقنعة، وهذا يجعل العملاء يخشون عدم تنفيذ التزامات المؤسسة في الوقت المحدد.

3. مزاج الموظف وطريقة تعامله:

أحد أسباب الشكاوى التي قد يقدِّمها العميل تتعلق بالحالة المزاجية للموظف وطريقة تعامله معه، فعندما يكون الموظف في حالة مزاجية سيئة أو يُظهِر سلوكاً غير لائق، قد يؤثر ذلك سلباً في تجربة العميل ويؤدي إلى تقديم شكوى.

قد يشمل ذلك التجاهل أو الاستجابة بشكل غير لبق، وهذا ينشئ جواً سلبياً ويؤثر في العلاقة بين المؤسسة والعميل، على سبيل المثال، إذا كان الموظف يتجاهل العميل في أثناء تقديم الخدمة، مثل عدم الرد على استفسارات العميل بشكل لائق، وإظهار سلوك عدواني، واستخدام لغة غير لائقة.

شاهد بالفديو: كيف تتعامل مع العملاء الغاضبين؟

4. تمسُّك العميل بالحالة الحالية للمؤسسة وعدم تقبُّله للتغيرات التي تقوم بها:

تغيُّر السياسات أو الإجراءات أو أنظمة العمل أو متطلبات الحصول على الخدمة قد تثير تذمُّر العملاء أو مقاومتهم؛ وذلك نتيجة للتصورات السلبية التي قد يحملها العملاء بشأن تلك التغييرات، فعندما يشعر العميل بأنَّ التعديلات قد تؤدي إلى إضافة أعباء إضافية، سواء كانت تكاليف إضافية أم جهداً إضافياً، قد يثير هذا مشاعر عدم الرضى.

إضافة إلى ذلك، قد تكون لديهم مخاوف من تطلُّب تلك التغييرات منهم سلوكات جديدة أو تكوين عادات جديدة قد لا يكونون مستعدين لتبنِّيها، كما قد يشعر العملاء بأنَّ هذه التغييرات تؤثر في وقتهم وتكلفة الحصول على الخدمة بطرائق غير مريحة.

5. التمييز بين العملاء عند تقديم الخدمة:

قد يكون أحد أسباب شكاوى العملاء التمييز بينهم فيما يتعلق بزمن أو أسلوب أو طريقة الحصول على الخدمة، ويعني ذلك أنَّ بعض العملاء قد يفضلون خدمة أسرع، في حين قد يَعُدُّ آخرون الأسلوب أو الطريقة المقدَّمة للخدمة أكثر أهمية.

على سبيل المثال، يشتكي العميل إذا كانت فترة الانتظار للخدمة طويلة ولم تتماشَ مع توقعاته للسرعة، وفي المقابل قد يشكو عميل آخر إذا كانت الشركة قد غيَّرت طريقة تقديم الخدمة التي كان يعتاد عليها بشكل دائم، ويشعر أنَّ التغيير لا يتناسب مع تفضيلاته أو احتياجاته.

6. التأخر في تقديم الخدمة للعميل:

قد يكون التأخر في تقديم الخدمة التي ينتظرها العميل ناتجاً عن عوامل عدة، منها ضغط الطلب، ونقص في التخطيط، أو مشكلات في عمليات التنفيذ، وهذا التأخر قد يؤثر سلباً في تجربة العميل ويثير استياءه، وخاصةً إذا كان العميل يتوقع الحصول على الخدمة في وقت معين.

7. النمطية في تقديم الخدمة:

هذا يعني أنَّ العملاء قد يشعرون بالإحباط أو الاستياء عندما تكون الخدمة التي يتلقونها آلية وخالية من العناصر الإنسانية أو المشاعر، ويكون ذلك ناتجاً عن التشغيل الآلي الزائد أو الاتكال الكبير على التكنولوجيا دون التواصل الإنساني الكافي.

8. عدم تحقيق الرضى المرجو من المنتج أو الخدمة:

يعني ذلك أنَّ العميل قد لا يكون راضياً تماماً عن جودة المنتج أو خدمة العملاء، أو قد يشعر بأنَّ المنتج لا يلبي توقعاته أو أنَّ الخدمة لا تلبي احتياجاته بالشكل المطلوب.

9. التميز والتفوق الذي يُظهِره المنافسون:

عندما يشعر العميل بأنَّ المنافسين يقدِّمون منتجات أو خدمات أفضل أو يتمتعون بمزايا تنافسية أكبر، قد يَنتُج عن ذلك شعوراً بعدم الرضى وإحباطاً من جانب العميل، فلنفترض أنَّ العميل اشترى هاتفاً ذكياً من شركة معينة واكتشف لاحقاً أنَّ ثمة هواتف ذكية من المنافسين تقدِّم مواصفات أفضل بسعر منافس، فقد يشعر العميل بأنَّه لو كان قد اختار منتجاً من شركة المنافس الذي يقدِّم ميزات أفضل، لتجنَّبَ الإحباط والشعور بأنَّه لم يحصل على قيمة جيدة مقابل ماله، فقد يكون الشعور بعدم تفوق المنتج أو الخدمة المقدَّمة على تلك المقدَّمة من المنافسين محفزاً قوياً لشكاوى العملاء.

إقرأ أيضاً: كيف يساعدك النوع المناسب من المنافسين على الازدهار في عالم متغير؟

كيف تقلل من شكاوى العملاء؟

1. معرفة توقعات العملاء من الخدمة أو المنتج:

التعرف إلى توقعات العملاء لمستويات الخدمة المقبولة هو أسلوب فعال للحد من شكاوى العملاء، وهذا يشمل:

  • إجراء استبيانات دورية للعملاء لفهم توقعاتهم وتقييم رضاهم عن الخدمة المقدَّمة.
  • تشجيع التفاعل المباشر مع العملاء من خلال الاستماع لملاحظاتهم ومقترحاتهم.
  • متابعة ما يتم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي لفهم توقعات العملاء وردود فعلهم.
  • عقد مراجعات دورية لتقييم أداء المنتجات أو الخدمات وضمان استمرار تلبية توقعات العملاء.
  • البقاء على اتصال دوري مع العملاء من خلال البريد الإلكتروني، والهاتف، والرسائل القصيرة لإخبارهم بالتحسينات والتغييرات.

2. تبسيط إجراءات الحصول على الخدمة وتطويرها:

يجب التركيز على تحسين سهولة وفاعلية عملية الحصول على الخدمة من خلال تقليل تعقيدات الحصول على الخدمة أو المنتج، وتوفير إعلانات وتوجيه فعال لتوضيح كيفية الحصول على الخدمة بشكل صحيح، وتأهيل الموظفين لضمان أنَّهم قادرون على توجيه العملاء بشكل فعال وتقديم المساعدة عند الحاجة.

3. تقديم الضمانات المناسبة:

يُعَدُّ تقديم الضمانات المناسبة أحد الأساليب الفعالة للحد من شكاوى العملاء؛ إذ يشعر العملاء بالأمان والثقة عندما يتم تقديم ضمانات تغطي جوانب مختلفة من تجربتهم، ومن بين الضمانات التي يمكن تقديمها:

  • إرجاع المنتج أو استرداد المبلغ إذا لم يكن راضياً عن تجربته.
  • ضمان جودة المنتج وصيانته عند حدوث مشكلة.
  • ضمان تسليم المنتج أو تقديم الخدمة في الوقت المحدد، وفي حالة التأخير يمكن تقديم تعويض أو تخفيض في السعر.
  • ضمان عدم تغيير الأسعار بشكل مفاجئ أو غير مبرر.
  • ضمان الوصول إلى خدمة العملاء على مدار الساعة وتقديم دعم فوري وفعال لحل المشكلات.
  • ضمان حماية معلومات العملاء وعدم مشاركتها مع أطراف ثالثة دون إذن صريح.

4. توفير دعم فعال للعملاء والاستماع لملاحظاتهم:

يشمل ذلك تقديم خدمة عملاء فعالة ومستعدة للتفاعل مع العملاء وحل مشكلاتهم بشكل سريع، والاستماع لملاحظات العملاء يعزز التواصل ويسمح بتحسين الخدمة بناءً على تجاربهم وتوقعاتهم.

5. تسهيل عملية التواصل مع العميل:

يشمل استخدام وسائل التواصل المتعددة مثل الهاتف، والبريد الإلكتروني، والدردشة عبر الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعي وأيَّة وسيلة أخرى قد يشعر معها العميل بالراحة.

6. المصداقية في التعامل:

بناء الثقة من خلال تقديم معلومات دقيقة وصادقة، فيجب أن يكون التعامل مع العملاء بشفافية، وعدم إخفاء المعلومات الهامة، والالتزام بالوعود.

7. مراجعة الشكاوى بانتظام:

إجراء مراجعات دورية لفحص الشكاوى وتحليلها بانتظام، وهذا يساعد على تحديد أنماط الشكاوى والتركيز على تحسين الجوانب التي قد تسبب مشكلات للعملاء.

8. تقديم عروض بشكل مستمر:

تقديم عروض وتحسينات مستمرة للمنتجات أو الخدمات يسهم في جعل العملاء يشعرون بالقيمة المستمرة، ويشمل ذلك تقديم خصومات، أو هدايا، أو تحسينات تقنية.

ما هي السلوكات المناسبة للتعامل مع العملاء؟

  1. ابتسامة صادقة وتحية ودية تعكس الترحيب وتجعل العميل يشعر بالراحة.
  2. استخدام لغة إيجابية وودية في التواصل مع العملاء.
  3. التعامل بلباقة مع العملاء دون تصرفات غير لائقة.
  4. الاعتذارعند حدوث مشكلة.
  5. محاولة امتصاص غضب العميل.
  6. محاولة فهم احتياجات العملاء من خلال الاستماع الفعال وطرح الأسئلة المناسبة.
  7. عدم قطع كلام العميل أو التدخل في أثناء حديثه.
  8. تجنُّب استخدام لغة فنية مع العملاء إذا لم يكونوا على دراية بها.
  9. الرد بسرعة على استفسارات واحتياجات العملاء.
  10. توفير حلول سريعة للمشكلات والشكاوى.
  11. الحفاظ على هدوء الأعصاب.
  12. عدم الخوض في جدال مهما كان الضغط كبيراً.

شاهد بالفديو: 8 قواعد لخدمة عملاء جيدة

طرائق جيدة لإدارة شكاوى العملاء:

1. إنشاء أنظمة داخلية للتعامل مع شكاوى العملاء:

يجب على الموظفين معرفة كيفية توجيه الشكاوى والرد عليها بشكل فعال.

2. تحليل بيانات العملاء باستمرار للكشف عن اتجاهات وأنماط في الشكاوى:

يسمح هذا للشركة بالتعلم من الخبرة وتحسين العمليات لتجنب تكرار المشكلات.

3. عقد ورش العمل والاجتماعات لبحث شكاوى العملاء:

لفحص الشكاوى الشائعة والعمل على تحسين العمليات أو تطوير حلول جديدة.

4. تقييم المنافسين:

دراسة كيفية تعامل منافسيك مع شكاوى العملاء قد يوفر أفكاراً لتطوير استراتيجيات أفضل لإدارة شكاوى العملاء.

5. تشجيع العملاء على التبليغ السريع لأيَّة مشكلة تواجههم:

وهذا يتيح للعملاء التواصل بسهولة في حال حدوث مشكلة.

6. الإعلان المستمر عن قنوات الاتصال بين موظف الخدمة والعميل:

تساهم هذه القنوات في توفير وسائل متعددة للعملاء للتواصل مع الشركة والحصول على الدعم، ومنها البريد الإلكتروني، والهاتف، ووسائل التواصل الاجتماعي، والدردشة المباشرة على الإنترنت.

7. تدريب العاملين المستمر على فنون التواصل وكيفية التعامل مع العملاء بلباقة وفاعلية:

يجب أن يتمتع الموظفون بالقدرة على التعاطف مع العملاء وفهم توقعاتهم ورغباتهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يتم التعامل مع العملاء بطريقة إيجابية ومشجعة. ومن الضروري أيضاً أن يكون الموظفون ملمين بالشركة ومنتجاتها وقادرين على حل مشكلات العملاء بكفاءة.

8. تفويض السلطات للعاملين للتعامل مع شكاوى العملاء:

من شأن هذا تسريع التعامل مع شكاوى العملاء.

9. التأكد من رضى العميل عن أسلوب حل مشكلاته:

 بعد حل المشكلة، يجب على الشركة التحقق من رضى العميل والتأكد من أنَّ الحل تماشى مع توقعاته.

إقرأ أيضاً: المفاتيح الأساسية لخدمة العملاء

في الختام:

إنَّ فهم وتحليل شكاوى العملاء هو جزء حيوي من تقديم خدمة عملاء متميزة؛ إذ تُعَدُّ الشكاوى فرصة لتحسين العمليات وبناء علاقات قوية مع العملاء، وبتطبيق الإجراءات الصحيحة، يمكن تحويل الشكوى من تحدٍ إلى فرصة لتحسين وتعزيز سمعة الشركة، ويجب أن تكون الاستجابة السريعة والفعالة، والتعامل بلباقة، وتقديم حل شافٍ أساس أيَّة استراتيجية فعالة لإدارة شكاوى العملاء.




مقالات مرتبطة