كيف تتعامل مع التقييم السلبي في العمل وتحوله إلى فرصة للتطوير؟

نسعى جميعنا إلى الحصول على تقييمات إيجابية وثناء على المهام التي ننفذها أو الأعمال التي نقدمها، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه، وقد لا نكون مُوفَّقين دائماً، فنتعرَّض للتقييم السلبي في العمل وهو أمر غير محبَّب.



وحسب الدراسات فإنَّ الإنسان يهتم ويتأثر بالمعلومات السلبية أكثر من الإيجابية، وهنا ندخل في دوامة من المشاعر السلبية والإحباط والقلق، وهذا قد يؤثر في إنتاجيتنا وثقتنا بأنفسنا.

تختلف ردود فعلنا في موقف كهذا، فهناك من يغضب ويدخل في مشاجرة مع مسؤولي التقييم، وهناك من ينهار ويفقد ثقته بنفسه وقد يترك العمل، وهناك من لا يبدي أيَّة رد فعل؛ لذا لا بد من أن نُحضِّر أنفسنا لمواقف كهذه ونتعلم الطريقة الصحية التي يجب اتباعها، بحيث نتجاوز الأمر دون أيَّة تأثيرات سلبية في نفسيتنا أو أدائنا للعمل.

ما هو التقييم في العمل؟

هو إجراء تقييم ودراسة لمدى كفاءة الشخص في العمل من جوانب عدة، كالالتزام بأوقات العمل، والسرعة في الإنجاز، وتوفر روح الفريق والعلاقة الإيجابية مع الزملاء، والقابلية للتعلم والتطور، والحماسة للعمل، والمبادرة وحل المشكلات، والإنتاجية، والتعامل مع العملاء وغيرها من النقاط التي تختلف حسب طبيعة العمل.

تُعَدُّ عملية التقييم من العمليات الهامة في الشركات والمؤسسات، وهي إحدى أدوات التحفيز في حال كانت إيجابية أو سلبية، وتتم من قِبل قسم الموارد البشرية أو المدير المسؤول، ويجب إجراؤها مرة أو مرتين في السنة على الأقل وإطلاع الموظف على النتيجة سواء كانت إيجابية أم سلبية.

لماذا يقلق الموظف من التقييم السلبي في العمل؟

يقلق الموظف من التقييم السلبي في العمل لأنَّه يؤثر في ترقيته وزيادة راتبه ونظرة المديرين له، ويضعه في مرتبة أقل في المنافسة مع زملائه ويقلل من ثقته بنفسه.

أهمية التقييم للموظف والشركة:

تتمثل أهمية التقييم في:

  1. تحديد مدى كفاءة الموظف في عمله.
  2. الحكم على جودة المهام التي يقوم بها الموظف.
  3. اكتشاف نقاط ضعفه وتنبيهه إليها.
  4. اكتشاف احتياجات الموظف للتدريب والدورات والمهارات.
  5. منح الموظف تغذية راجعة عن أدائه ومدى اقترابه من تحقيق الأهداف.
  6. اكتشاف نقاط القوة لدى الموظف وتحفيزه ومكافأته وزيادة راتبه.
  7. المقارنة بين الموظفين وترقية المتميز بينهم.
  8. تقوية التواصل بين الإدارة والموظفين.

وسائل التقييم في العمل:

تتعدد الوسائل التي تُستخدم في تقييم الموظف في العمل، مثل:

1. الملاحظة المباشرة:

هي من أكثر وسائل التقييم فاعلية؛ إذ يتم التقييم فيها بناءً على مراقبة ومتابعة المدير لأداء الموظف بشكل حي ومباشر؛ كيف يعمل وكيف يتعامل مع زملائه والعملاء وما هي الطرائق التي يعتمد عليها في إنجاز مهامه والتزامه أو تسيُّبه في العمل.

2. التقييم الدوري:

هو السؤال المستمر للموظف من قِبل المسؤول أو المدير عنه وعن كمية الإنجاز لديه وطريقة عمله ومناقشة السلبيات والإيجابيات معه.

3. التقييم الذاتي:

يتم التقييم الذاتي بالطلب من الموظف أن يُقيِّم نفسه، عن طريق أدوات الرقابة الذاتية، مثل سجلات النشاطات وخطط وأهداف العمل والوقت الذي استغرقه في الإنجاز، أو يتم إعطاء الموظف نموذج أسئلة بخيارات متعددة للإجابة عنها.

4. تقييم العمل الحالي:

هو تقييم الموظف في أثناء قيامه بتأدية المهمة وعدم انتظار الانتهاء منها، كالاستماع له وهو يجري مكالمة مع عميل.

5. جمع المعلومات:

هو تقييم الموظف بالاعتماد على المعلومات التي يتم جمعها من خلال سؤال زملائه عن أدائه وتفاعله معهم، أو سؤال العملاء عن طريقته معهم.

6. طريقة الحوادث الحرجة:

يتم تقييم الموظف فيها من خلال مراقبة رد فعله واستجابته للمواقف والحوادث الحرجة التي تعرَّض لها وكيف تعامل معها.

7. تقييم 360 درجة:

هي طريقة تقييم شاملة وواسعة، تعتمد على تعليقات زملاء الموظف في العمل والمديرين والعملاء والأقران وكل مَن يعرف الموظف.

8. الرسوم البيانية:

يتم تقييم الموظف تبعاً لمقياس يتدرَّج من ضعيف إلى ممتاز حسب كل وظيفة ومهامها وأهدافها، ثم يتم تمثيل المدخلات على رسم بياني.

شاهد بالفديو: كيف تقدم تغذية راجعة بناءة في مكان العمل؟

كيف تتعامل مع التقييم السلبي في العمل؟

يحتاج التعامل مع التقييم السلبي في العمل إلى اتباع خطوات معينة حتى يمر بسلام دون التأثير فيك تأثيراً سلبياً؛ بل وتحويله إلى أمر إيجابي يفيدك، ويكون ذلك من خلال:

1. عدم فعل أي شيء:

لا تتصرف برد فعل عندما يصلك التقييم السلبي، ولا تفعل أي شيء لأنَّك ستكون في لحظة انفعال تمنعك من التفكير بمنطقية؛ إذ يؤكد خبراء النفس أنَّ معدل الذكاء ينخفض من 10 إلى 15 نقطة دفعة واحدة عند الانزعاج والتوتر؛ لذا انتظر بعض الوقت لتهدأ واخرج للمشي حول المبنى أو اشرب كوباً من الشاي الأخضر وفكر بموضوعية وادرس التقييم هل هو صادق ومنطقي ويتناول نقاطاً موجودة لديك فعلاً؟

2. تسجيل نقاطك:

إن كنت ترى التقييم ظالماً لك، فقم بتسجيل النقاط التي تراها تظلمك وناقشها لاحقاً مع مديرك، واطلب منه تقديم الأدلة والأمثلة الحقيقية عنها، واحرص على أن يكون ذلك بأسلوب مهذب ودبلوماسي، وانتبه ألا ترفع صوتك أو تغضب وتفقد أعصابك أو تُلقي باللوم على غيرك وتختلق الأعذار والتبريرات غير المقنعة، واحرص على الاستماع جيداً لما يقوله مديرك لتفهم وجهة نظره تماماً وتعرف كيف ترد.

3. عدم أخذ الأمور على محمل شخصي:

لا تأخد التقييم السلبي على محمل شخصي أو أنَّه انتقاص يمس ذاتك أو شخصك؛ بل فكر أنَّه يتناول طريقتك أو أخطاءك في العمل.

4. تحويل التقييم السلبي إلى نقطة لمصلحتك:

تقبَّل التقييم السلبي في حال كان صادقاً وموضوعياً، واعمل على علاج المشكلات التي أشار إليها التقييم، حينها ستنال إعجاب مديرك وتكون قد حولت التقييم السلبي إلى نقطة لمصلحتك وتطوير لنقاط ضعفك.

5. البقاء منفتحاً:

الشخص الناجح هو الشخص المنفتح على كل شيء ويتقبل الملاحظات والانتقادات.

6. اسأل شخصاً موثوقاً:

أحياناً تكون هناك فجوة بين الطريقة التي ترى بها نفسك والطريقة التي يراك بها الآخرون؛ لذا ابحث عن أشخاص موثوقين من حولك ويُفضَّل من زملائك في نفس العمل واسألهم عن النقاط الواردة في التقييم، فهل يرونها لديك فعلاً؟ فهذا يساعدك على رؤية الأمر من زاوية أخرى وتقبله أكثر.

7. إظهار التجاوب:

إن كانت النقاط الواردة في التقييم السلبي موجودة لديك فعلاً، فتقبَّلها بكل روح رياضية وسعة صدر وابدأ على الفور بالعمل على تلافيها وتغيير نفسك وأرسل إلى القائمين على التقييم الخطوات وخطة عملك الجديدة التي بدأت بها للوفاء بتوصياتهم، فهذا يجعلك شخصاً مهنياً يسعى إلى الاحترافية في العمل.

8. تحمُّل المسؤولية:

من قواعد النجاح في العمل والحياة ككل هي تحمُّل مسؤولية أعمالنا وأخطائنا والاعتراف بها؛ لذا إن كان التقييم السلبي نتيجة لخطأ ما ارتكبته في عملك ولو عن غير قصد، فعليك أن تتحمَّل مسؤوليته وتعترف به وتتقبَّل النتيجة وتبذل قصارى جهدك لعدم تكراره لاحقاً.

إقرأ أيضاً: لا تكن ضحيةً: بل تحمَّل المسؤولية

9. الحفاظ على المهنية:

قد يكون التقييم عن طريق المقابلة الشخصية بينك وبين المسؤول عنك، وقد يكون هذا الأخير شخصاً غير مهنياً وعصبياً، وقد يحمل كلامه بعض التجريح، فيُنصح في هذه الحالة أن تحافظ على مهنيتك وتتعامل بهدوء وثبات انفعالي، وتتجنب الانفعال والأسلوب الهجومي بحيث تجعله يخجل من أسلوبه.

نصائح للحصول على تقييم إيجابي في العمل وتجنُّب السلبي:

فيما يأتي أهم النصائح التي تجعلك تحصل على تقييمات إيجابية في العمل وتتجنب السلبية ومنها:

1. ضع أهدافاً:

أي عمل دون أهداف لن يحقق التميز والإبداع؛ لذا لا تتعامل مع عملك بشكل روتيني وتنظر إليه على أنَّه مجرد مهام وعليك إنجازها؛ بل ضع أهدافاً مهنية وشخصية لك تسعى إلى تحقيقها، مثل تعلُّم مهارة جديدة والسرعة في الإنجاز والحصول على ترقية واكتشاف طريقة جديدة للعمل وزيادة كمية الإنجاز وبناء تواصل فعال مع الزملاء والعملاء، واعمل على تحقيق هذه الأهداف التي وضعتها.

2. قيِّم ذاتك بانتظام:

بعد تحديدك لأهدافك قيِّم ذاتك شهرياً ومدى نسبة إنجازك لها ومدى تطور مهاراتك ونجاح علاقاتك مع زملائك ومديريك أو العملاء.

3. افصل بين العمل والحياة الشخصية:

من أهم أسرار تحقيق النجاح المهني والحصول على تقييمات إيجابية في العمل هي أن تفصل بين العمل وحياتك الشخصية، فلا تنقل مشكلاتك وأمورك الشخصية إلى عملك وتدعها تُشتِّت تركيزك وتُفقدك هدوءك وثباتك الانفعالي، فتنفعل وتفقد السيطرة على نفسك لأتفه الأسباب.

إقرأ أيضاً: كيف تحقق التوازن بين العمل وحياتك الشخصية؟

4. لا تتوقف عن تطوير نفسك:

اجعل "تطوير نفسك في العمل" هدفاً أساسياً لديك، بأن تحرص على تعلم شيء جديد واكتساب المهارات والخبرات دائماً سواء كان تقييمك سلبياً أم إيجابياً، فحتى التقييم الإيجابي ليس دعوة للاستراحة والكسل.

5. استفد من تقييمات زملائك السلبية:

اجعل التقييمات السلبية لزملائك مصدر إلهام لك في الحذر من الوقوع في أخطائهم واكتشاف الأمور التي يمكن أن تضر بسلوكك المهني.

6. تحلَّ بمهارات التواصل الاجتماعي:

لا يمكن أن تحصل على تقييم إيجابي في عملك وأنت تفتقد لمهارات التواصل؛ لذا احرص على اكتسابها وتدرَّب عليها لبناء علاقات ناجحة مع مديريك وزملائك والعملاء.

شاهد بالفديو: 12 طريقة مُجرَّبة لتحسين مهارات التواصل

7. تمتع بالذكاء العاطفي:

لا تتهاون في ضرورة التمتع بالذكاء العاطفي من خلال القراءة عن هذه المهارة واتباع الكورسات والتدرب عليها، فهي تساعدك على إدارة عواطفك وفهم مشاعرك والتحكم بردود فعلك وفهم شخصيات الآخرين والتعاطف معهم والتأثير فيهم والتحكم بردود فعلهم.

8. تمتع بروح الفريق:

لا يمكنك النجاح والحصول على تقييم إيجابي في العمل ما لم تتمتع بروح الفريق والإيمان بأنَّ النجاح وتذليل الصعاب يحتاج إلى الجماعة.

في الختام، التقييم فرصة للنمو والتطوير:

يقول "بيل غيتس": "من الجيد الاحتفاء بالنجاح، ولكنَّ الأهم استخلاص العبر والدروس من الفشل".

فالتقييم السلبي ليس نهاية العالم، وهو أمر وارد جداً، فلا تنظر إليه على أنَّه سلبي بالمطلق ولا تدعه يُحبِطك أو يُخفِّض معنوياتك، فهو يُنبِّهك إلى خطأ موجود لديك وأنت غير منتبه إليه، ويضيء لك نقاطاً غائبة عن إدراكك أو جوانب تقصير لا تراها، فالكمال لله وحده.

تذكَّر دائماً "من لا يعمل لا يُخطئ"، فالخطأ دليل على أنَّك تعمل وهو أمر طبيعي ولا يوجد أحد معصوم عنه؛ لذا كن مرناً عند حدوث التقييم السلبي، واتَّبِع النصائح التي ذكرناها للتعامل معه، وحينها لن تخاف منه وتراه شبحاً مرعباً؛ بل ستراه فرصة للنمو والتطوير وتلافي نقاط الضعف لديك.

المصادر: 1، 2، 3، 4




مقالات مرتبطة