كيف تتخذ قراراً صعباً في الأزمات؟

يُعَدُّ تغيير المِهن والوظائف أمراً صعباً في الحالة العادية، فكيف إن تزامن مع أزمة عالمية؛ حيث اتَّخَذَ الكثير من الناس قرارات صعبة في أثناء الجائحة وخصوصاً النساء، على الرغم من أنَّني لم أواجه قراراً مصيرياً كالاختيار بين العائلة أو المهنة أو أي شيء آخر، لكن تكمن الصعوبة في وجوب اتِّخاذه القرار الذاتي بناءً على الكفاءة المهنية، لم يكن الأمر سهلاً، لكنَّه آتى ثماره في النهاية، وأريدُ أن أشارك تلك القصة وما تعلمته منها.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة "شارون هاريس" (Sharon Harris)، والذي تُحدِّثُنا فيه عن تجربتها في تجاوز العقبات التي واجهتها عند تغيير عملها في ظل جائحة فيروس كورونا.

عملتُ مع شركة ديلويت (Deloitte) منذ سنوات عدَّة؛ وهي شركة تقدِّم للعملاء مجموعة واسعة من خدمات التدقيق والتأمين، والمشورات، والاستشارات المالية، والمخاطر المتعلقة بمشاريعهم، والخدمات الضريبية.

تساعد فِرَق خدمة العملاء لديهم على إنشاء حلول أعمال قوية للمؤسسات العاملة في أي مكان في العالم؛ وبعد أن حصلتُ على ترقية في عملي مؤخراً، أصبحتُ مسؤولة عن وحدة التسويق على منصة جوجل (Google)، ووحدة التخزين السحابي والأرشفة على منصة جوجل كلاود (Google Cloud).

لقد مكَّنتني هذه الترقية من العمل مع أذكى الناس وأكثرهم ابتكاراً في صناعة التكنولوجيا، كما وفَّرت لي منصباً هاماً في الشركة؛ وهذا يعني أنَّني كنت أُسهم في نشاط تجاري تبلغ قيمته مليار دولار؛ وهذا بحد ذاته شعورٌ مدهش جداً، خاصةً بالنسبة إلى شخص كانت بداياته متواضعة، ولم يحصل على الوظيفة بطريقة تقليدية.

لكنَّني حصلتُ على فرصة العمر عندما عرَضَت عليَّ شركة جيلي فيش (Jellyfish) التي أعملُ فيها الآن منصباً كبيراً؛ وهو مسؤول التسويق العالمي (CMO) في الشركة، لطالما فكرتُ فيما إذا كنتُ أمتلكُ المقومات لشغل مثل هذا المنصب الرفيع، فكانت هذه الفرصة تُمثِّل وظيفة أحلامي، قد يبدو لك الأمر وكأنَّه أسهل قرار يمكن اتخاذه، فهل يُعقل أن أرفُضَ وظيفة أحلامي، فقبلتُ العرض، ولكنَّ اتِّخاذ هذا الخيار كان صعباً لأسباب عدَّة، يتعلق معظمها بالجائحة.

بسبب الجائحة، كان كل شيء في حالة تغيُّر مستمر؛ لذلك كان قبولي بهذا العرض - في ظل عدم الاستقرار، وفي الوقت الذي يبحث فيه الناس عن اليقين في حياتهم - غير منطقي وفيه شيء من الجحود؛ وذلك لأنَّني رأيتُ ذلك يحدث بالفعل في شركة "ديلويت".

لقد أدركتُ أنَّ إجراء تحول كبير في ظل الفوضى الناجمة عن الجائحة لن يكون سهلاً، فقد تساءلتُ فيما إذا كنت سأنجح، وماذا سيحدث إن لم أنجح، في ظروف العمل المعتاد، كنت سأقبل العرض على الفور، لكن لم تكن الظروف مواتية على الإطلاق؛ لذلك كنت بحاجة إلى الثقة لتحقيق القفزة، ففكرتُ ملياً واكتسبتُ الثقة اللازمة للاطِّلاع على هذا المنصب الكبير، وهذا ما تعلَّمته:

1. تكونُ المراهنة على قدراتك الشخصية:

يُعَدُّ بدء وظيفة جديدة أمراً صعباً، خصوصاً إذا كان العمل يتمُّ عن بعد دون إجراء اجتماعات حقيقية مع زملائك، والاضطرار إلى التعامل يومياً مع الأشخاص نفسهم دون أن تلاحظ تعابير وجوههم أو لغة جسدهم، كما أنَّ الانتقال من لندن إلى أستراليا والساحل الغربي للولايات المتحدة بفارق توقيت يُعَدُّ مرهقاً للغاية.

وبطبيعة الحال، فإنَّ تولِّي مهام تسويقية كبيرة وسط أكبر اضطراب في القرن أمر صعبٌ للغاية، في نهاية المطاف، لم أحمل عبء الوظيفة أو كلام الناس أو عدم القدرة على الوثوق بشيء ضمنَ هذا الاضطراب المنتشر، في الحقيقة غالباً ما تكون العقبات هي نفسك، ومهاراتك ومواقفك، وقدراتك.

فتأكَّد من أنَّه مهما كانت صعوبة قرارك، أو صعوبة التحدي الذي تواجهه، فإنَّك تملك بلا شك ما يُمكِّنك من بلوغ القمة، فلا يمكنك أن تراهن على الظروف؛ وذلك لأنَّ الفرص لا تأتي غالباً لصالحك، بدلاً من ذلك راهِن على نفسك ومهاراتك وقدرتك على التغلب على أي صعوبة.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح للنجاح في وظيفتك الجديدة

2. التفكير في المستقبل أثمن ما تملك:

حتى قبل بدء يومي الأول بالعمل مع شركة جيلي فيش (Jellyfish)، كنتُ قد وضعتُ خطة تفصيلية لمدة 30 يوماً و60 يوماً و90 يوماً لما أردتُ تحقيقه في الشركة؛ للوصول إلى هذا الهدف، كان عليَّ أن أواجه نفسي ببعض الأسئلة الجادة: كيف سيبدو النجاح إذا توليتُ هذه الوظيفة؟ كيف سيبدو الفشل؟ كيف سأتعاملُ مع الظروف الجديدة بطريقة تعود بالنفع عليَّ وعلى المنظمة؟

لا يهمُّ إذا كنتَ تُفكِّر في أن تتولَّى منصباً إدارياً رفيعاً، أو تَحصُلَ على وظيفة ثانية، أو تستقيلَ للبقاء في المنزل مع الأطفال، أو تواجه مشكلة حياتية أخرى، فمن المفيد أخذُ بعض الوقت لدراسة الموقف، ومناقشة النتائج المحتملة وتأثيرها فيك، وقيمة الخطة ليست في الالتزام بها؛ وإنَّما في قدرتها على تسليط الضوء على خطوات البداية بالعمل أو العقبات التي تنتظرك، كما قال الرئيس الأمريكي الأسبق دوايت أيزنهاور (Dwight D. Eisenhower): "لا معنى يُذكَر للخطط؛ وإنَّما التخطيط هو كل شيء".

3. أهمية وضع الحدود:

وللنساء على وجه الخصوص تاريخ طويل من التضحيات لجعل حياتهن المهنية تتناسب مع حياتهن الشخصية، لقد أُحرِزَ تقدماً نحو المساواة بين النساء والرجال بالتأكيد، ولكن على سبيل المثال، من الشائع جداً أن تضحِّي المرأة بحياتها المهنية في سبيل تولِّي المهام العائلية، وقد جاءت الجائحة لتزيد الأمر صعوبة.

وفي هذا السياق، فمن المفيد وضع بعض الحدود لسببين قويَّين؛ أولاً، لأنَّها تكون مثل الخطوط الصفراء على جانبي الطريق أو تلك النتوءات التي تحذرك مع الاهتزاز عندما تكون خارج المسار الصحيح، وعندما تضع حدوداً ثابتة، تعرفُ متى تُخرَق، وهذا يعني خطراً محتملاً.

إذا لم تكن قد وضعتَ حدودك الشخصية، فستكون الخطوط الفاصلة بين حياتك ومهنتك ضبابية للغاية، ثانياً، الحدود تخلق نطاق عمل يتمتع بالمرونة قدر المستطاع؛ حيث تساعدك المرونة على التغلُّب على التحديات وعبور طرق لم تسلكها من قبل، ولكن ضمن الحدود التي رسمتها.

إقرأ أيضاً: 5 خطوات لوضع حدود شخصية لنفسك

في الختام:

بصرف النظر عن كيفية سير الأمور، والاختيار بين شيئين كلاهما هام لك، بشكل شخصي، أستطيعُ القول: إنَّ الرضا الوظيفي هو مهمة صعبة التحقيق، وأنا ممتنة جداً أنَّ الخيار كان بيدي، لا أريدُ أن أُقارَنَ بشكل وثيق مع النساء الأخريات - أو الأشخاص بشكل عام - الذين اضطروا إلى اتخاذ قرارات أكثر صعوبة.

ومع ذلك، أعتقدُ أنَّ هناك بعض أوجه التشابه التي تستحقُّ الاستكشاف، والعِبر التي تستحق الدراسة، وإنَّه لشرف لي أن أستخدم هذه المنصة كوسيلة لمساعدة وتشجيع الآخرين، بصرف النظر عما قد يواجهونه؛ لذا، فإنَّ خلاصة القول هي: ثق بنفسك، وكن يقظاً، واعرفْ أولوياتك، وتمسَّك بقيمك وارسم حدوداً لا يمكن المساس بها، مع التخطيط والإعداد، ستتوالى الإنجازات العظيمة.

المصدر




مقالات مرتبطة