كيف تتخذ قراراً إدارياً؟

يُعَدُّ القرار الإداري جوهر العمل الإداري، فالقيادات الإدارية لن تتمكَّن من إدارة شؤونها وتنفيذ وظائفها والمهام الموكلة إليها دون القرار الإداري، فهو عمل قانوني يصدر بالإرادة المنفردة عن الإدارة لتحقيق أثر قانوني محدَّد، وهو موضوع لا غنى عنه مهما كانت طبيعة النشاط الذي تمارسه المنظمة أو المؤسسة، سواءً أكانت قطاع عام أم قطاع خاص، ونظراً لحالة العالم المتغيِّرة والتطور في كافة مجالات الحياة، فعلى المنظمات أن تكون واعية لتلك التغيُّرات التي تفرضها البيئة الخارجية والداخلية، وأن تعمل على اتخاذ القرار الإداري المناسب، فهي عملية تنطوي على عدة خطوات تنتهي الخطوة الأخيرة باتخاذ القرار المناسب، والهدف من هذه العملية اختيار البديل الواعي والأفضل من البدائل المطروحة، والابتعاد قدر الإمكان عن النتائج غير المرغوبة، فمقدار نجاح المنظمة يتوقف على كفاءة قراراتها الإدارية؛ وذلك على تقدير أنَّ وظائف الإدارة الرئيسة: التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة، يحدث بداخلها عملية اتخاذ القرار.



أولاً: مفهوم القرار الإداري

القرار الإداري هو عملية اختيار بديل من بين مجموعة من البدائل المطروحة لحل قضية أو مشكلة ما، وترتبط هذه العملية ارتباطاً مباشراً بالقائد أو المدير؛ إذ تتطلَّب منه الابتعاد كل البعد عن أسلوب الحدث والتخمين، واتباع أسلوب القياس والحكم، فهو طرف مميَّز ولديه السلطات الكاملة ويتصرَّف بناء على تفضيلات عقلانية.

إذاً؛ القرار الإداري هو نشاط ذهني وفكري وموضوعي يهدف لاختيار حل واحد من بين الحلول الموجودة، فهو مسار يختاره متخذ القرار بوصفه أفضل وسيلة متاحة لإنجاز هدف بعينه.

تتجلَّى أهمية القرار الإداري في أنَّه العصب المحرِّك لجميع العمليات الإدارية والإنتاجية في المنظمة، كما أنَّه يضمن حسن سير العمل والتنسيق بين الوحدات الإدارية كافَّة والمحافظة على التناغم بينها، ومن ثمَّ زيادة كفاءتها، فالقرارات الإدارية ليست مستقلة؛ بل هي سلسلة متصلة، فكل قرار إداري كبير يتبعه قرارات أخرى تتعلَّق به؛ لذا فإنَّ فهم كيفية اتخاذ القرار هو أمر ضروري من أجل فهم قضايا التنظيم المختلفة.

يوجد فرق بين عمليتي صناعة القرار واتخاذ القرار؛ فصناعة القرار تعني تلك السلوكات والإجراءات التي تسبق وتحدِّد وتلي اتخاذ القرار؛ إذ تأتي هذه العملية بوصفها نشاطاً ذهنياً مركَّزاً لإنتاج خيار محدَّد؛ أي إنَّها تحتوي في مضمونها على جميع مراحل إعداد القرار من اللحظة التي يسعى فيها صانع القرار إلى تحديد المشكلة وتحديد كل من أسبابها وأبعادها وجمع المعلومات عنها، ومن ثمَّ وضع البدائل وتقييمها بغرض اختيار البديل الأفضل وتطبيقه وتقويمه ومتابعته، فاتخاذ القرار هو مجرد مرحلة من عملية صناعة القرار؛ بل المرحلة الأخيرة من مراحلها.

يوجد نوعان رئيسان لاتخاذ القرار:

1. القرارات المبرمجة:

تقسم إلى نوعين؛ الأول القرارات التنفيذية: وهي تخصُّ مشكلات متكرِّرة يمكن البتُّ فيها بتَّاً فورياً، مثل جداول غياب وحضور العاملين والإجازات الخاصة بهم، والنوع الثاني القرارات التكتيكية: وهي أيضاً قرارات متكرِّرة تتم في مستوى الإدارة العليا، ويتولَّى مسؤوليتها أشخاص متخصصون غالباً.

2. القرارات غير المبرمجة:

ترتبط بمشكلات حيوية يحتاج حلها إلى جمع معلومات ونقاش وتفاهم وتبادل الآراء على نطاق واسع، وهنا يسعى متخذ القرار إلى إشراك كل ما يمتُّ للمشكلة بصلة، ويمكن أن يكون لرأيه تأثير فيها.

شاهد بالفيديو: كيف تتعلَّم فن اتخاذ القرارات الصحيحة

ثانياً: العوامل التي تؤثر في اتخاذ القرار

  1. مدى الاستفادة من المعنيين وأصحاب الخبرة في اتخاذ القرار.
  2. مركزية القرار ومقدار الصلاحيات والسلطة الممنوحة لمتخذ القرار.
  3. درجة الولاء والالتزام من قبل متخذ القرار بأهداف الجهة.
  4. مستوى متخذ القرار الثقافي وخبرته في مكان العمل، إضافة إلى طبيعة نوازعه الشخصية، والقيم التي يحملها، ونوع العواطف الموجودة لديه.
  5. القوانين والإجراءات الإدارية الموجودة في المنظمة.
  6. ضرورة التوافق مع السياسات الحكومية في الدول التي تعمل ضمنها المنظمة.
  7. المتغيرات الداخلية والخارجية التي تؤثر في المنظمة تأثيراً مباشراً أو غير مباشر.
  8. الضغوطات المالية وسياسة الإنفاق المتبعة.
  9. عدم وضوح الرؤية لدى متخذ القرار بسبب النقص في المعلومات والبيانات.
  10. الأزمات المختلفة التي يمكن أن تطال المنظمة.
  11. تداخُل المسؤوليات بين الأفراد.
  12. الروتين الإداري، وغياب آليات ردع المقصرين، وغياب آليات التنسيق.
  13. ضعف تكنولوجيا المعلومات.
  14. أن يكون صاحب نظرة شمولية، ولديه سعة معرفة بالموضوعات التي يتخذ بها القرارات.
  15. أن يكون على معرفة بأساليب اتخاذ القرار.
  16. أن يتحلَّى بالموضوعية والبعد عن الذاتية، وأن يتوخَّى الدقة في جمعه للمعلومات.
  17. أن يمتلك روح المغامرة في المواقف التي تتطلَّب منه ذلك.
  18. أن يكون فطناً، وذكياً، وسريع البديهة، لا سيَّما في المواقف التي تتطلَّب منه السرعة في اتخاذ القرار.
  19. أن يمتلك ميزات التواصل الفعَّال، فيجب أن يكون مستمعاً جيداً، وكذلك أن يكون قادراً على نقل وإيصال ما يريده من أفكار بحيث يستطيع جعل الآخرين يدركون ما يريده بالضبط من هذا القرار الذي اتَّخذه، ويجب أن يُشعر الموظفين بالراحة كي يتمكَّنوا من التعبير عن تساؤلاتهم لضمان نجاح التنفيذ.
  20. أن يكون قادراً على بناء الثقة بينه وبين الموظفين، وبينه وبين الإدارة العليا؛ فذلك يؤدي إلى بيئة عمل إيجابية لمتخذ القرار.
  21. الذكاء العاطفي من المهارات الرئيسة التي يحتاج إليها كل متخذ قرار، فبامتلاكه هذه المهارات يستطيع التعرُّف إلى علامات الإرهاق لدى العاملين وقلقهم الذي يمكن أن يتخلَّل نفوسهم جرَّاء القرارات التي يتخذها، ومن ثمَّ إيجاد حلول لها منعاً لوصولهم إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي والمحافظة عليهم، فيجب أن يكون داعماً رئيساً في اتخاذ القرار وتنفيذه لتحقيق الأهداف المتوخاة.
  22. أن يكون لديه رغبة في تحسين نفسه، وألَّا يكتفي بما هو عليه من علم ومعرفة، كما عليه أن يتخذ المنحى نفسه في تطوير مكان عمله، فيجب أن يمتلك الرغبة في التطوير والتحسين، إضافة إلى تطوير طرائقه في تحفيز العاملين وتطوير أدائهم؛ فذلك سوف يمثِّل نقطة دعم كبيرة للقرارات التي سوف تُتَّخذ.
  23. أدرك الموقف؛ فيجب عليك بوصفك صاحب قرار إدراك تفاصيل الموقف ومعرفة ما يحدث بالضبط، فمن خلال ذلك تستطيع فهم الظروف، وإيجاد كافة البدائل المتاحة، إضافةً إلى أنَّ معرفتك الجيدة بالموقف تمنحك الفرصة لمعرفة فيما إذا كان لديك خبرة عن الموضوع، أو معلومات سابقة عنه، أو تجارب مشابهة لقادة إداريين آخرين، كما يتيح لك فرصة الاستعانة بأصحاب الخبرة وطلب مشورتهم؛ إذ إنَّ إدراك الموقف إدراكاً كاملاً يتطلَّب من متخذ القرار أن يكون على اتصال دائم بمصادر موثوقة من المعلومات ومحدَّثة دائماً.
إقرأ أيضاً: التردد في اتخاذ القرارات: الأسباب والعلاج

ثالثاً: الصفات التي يجب أن يمتلكها متخذ القرار

  1. أن يكون صاحب نظرة شمولية، ولديه سعة معرفة بالموضوعات التي يتخذ بها القرارات.
  2. أن يكون على معرفة بأساليب اتخاذ القرار.
  3. أن يتحلَّى بالموضوعية والبعد عن الذاتية، وأن يتوخَّى الدقة في جمعه للمعلومات.
  4. أن يمتلك روح المغامرة في المواقف التي تتطلَّب منه ذلك.
  5. أن يكون فطناً، وذكياً، وسريع البديهة، لا سيَّما في المواقف التي تتطلَّب منه السرعة في اتخاذ القرار.
  6. أن يمتلك ميزات التواصل الفعَّال، فيجب أن يكون مستمعاً جيداً، وكذلك أن يكون قادراً على نقل وإيصال ما يريده من أفكار بحيث يستطيع جعل الآخرين يدركون ما يريده بالضبط من هذا القرار الذي اتَّخذه، ويجب أن يُشعر الموظفين بالراحة كي يتمكَّنوا من التعبير عن تساؤلاتهم لضمان نجاح التنفيذ.
  7. أن يكون قادراً على بناء الثقة بينه وبين الموظفين، وبينه وبين الإدارة العليا؛ فذلك يؤدي إلى بيئة عمل إيجابية لمتخذ القرار.
  8. الذكاء العاطفي من المهارات الرئيسة التي يحتاج إليها كل متخذ قرار، فبامتلاكه هذه المهارات يستطيع التعرُّف إلى علامات الإرهاق لدى العاملين وقلقهم الذي يمكن أن يتخلَّل نفوسهم جرَّاء القرارات التي يتخذها، ومن ثمَّ إيجاد حلول لها منعاً لوصولهم إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي والمحافظة عليهم، فيجب أن يكون داعماً رئيساً في اتخاذ القرار وتنفيذه لتحقيق الأهداف المتوخاة.

أن يكون لديه رغبة في تحسين نفسه، وألَّا يكتفي بما هو عليه من علم ومعرفة، كما عليه أن يتخذ المنحى نفسه في تطوير مكان عمله، فيجب أن يمتلك الرغبة في التطوير والتحسين، إضافة إلى تطوير طرائقه في تحفيز العاملين وتطوير أدائهم؛ فذلك سوف يمثِّل نقطة دعم كبيرة للقرارات التي سوف تُتَّخذ.

شاهد بالفيديو: 7 طرق لتحسين مهارة اتخاذ القرار

رابعاً: كيف تتخذ قراراً إدارياً؟

بتعبير آخر؛ عليك أن تبني خبرتك باتخاذ القرار، فقبل اتخاذ القرار اعرف معلوماتك عن الموضوع، وبعد اتخاذه تابع حركة تنفيذه، وفكِّر فيما نجح منها وفيما لم ينجح، وحدِّد مكامن الخطأ في كل منها، ويمكنك توجيه مجموعة من الأسئلة سوف تساعدك في ذلك، مثل:

  1. هل حدثت هذه الحالة التي تحتاج إلى اتخاذ قرار من قبل أو واجهها شخص ما قبلي؟
  2. هل توجد قواعد وضوابط معيَّنة للتعامل مع هذه الحالة؟
  3. هل يمكن تكييف تلك القواعد مع الوضع الراهن؟
  4. هل يوجد وقت لديَّ لجمع المعلومات والتأكُّد من مدى صحتها؟
  5. هل يوجد من يمكن الاستفادة من خبرته بين العاملين الموجودين؟
  6. من هم الفئات التي سوف يؤثر فيها القرار؟
  7. ما هي النتائج التي أريد تحقيقها من هذا القرار؟
  8. اختر منهجية علمية لتحليل المشكلة بعناية ووفقاً للظروف الخاصة المحيطة باتخاذ القرار، وفي أغلب القرارات تستخدم الطريقة التحليلية التي ينجم عنها غالباً قرارات جيدة، فعند استخدام طريقة التحليل في إصدار القرار يجب أن تحدِّد جميع الخيارات الممكنة بوضوح لمقارنتها وفقاً لمجموعة من المعايير المحدَّدة، وبعد تحديد الخيارات المُمكنة والمعايير يجب جمع المعلومات الموثقة عن كل خيار لمقارنتها مقارنةً صحيحة واتخاذ القرار الملائم.
  9. إذا لم يكن لديك الوقت الكافي لفعل ذلك، فلن تكون هذه الطريقة جيدة لاتخاذ القرار، ففي بعض الحالات نحتاج إلى اتخاذ قرارات عاجلة، فلا يمكن استخدام منهجية التحليل في الظروف العاجلة وبين معلومات ليست مؤكَّدة؛ لذا من الواجب اللجوء إلى أساليب أخرى مثل الاعتماد على الخبرة والاستعانة بالخبراء الموجودين.
  10. اعمل على تقييم البدائل، فبعد جمعك للمعلومات الكافية، ووضع البدائل الممكنة وفقها يجب تحليل كل بديل ومدى ملاءمته للظروف الراهنة، ومن ثمَّ مقارنتها واختيار البديل الذي يمكنه تحقيق أهداف العمل والغايات الاستراتيجية للمنظمة.
  11. توقَّع تأثيرات القرار في الأفراد الذين يطالهم، وهل سوف يحقِّق الغاية المرجوَّة منه بالنسبة إلى المنظمة، كما يجب أن تحدِّد التكاليف المحتملة للقرار، وكيفية الاستعداد للطوارئ المحتملة.
  12. حدِّد العيوب التي ظهرت على القرار في أثناء تنفيذه.
  13. راقب وتتبَّع القرار بعد التنفيذ، فعليك أن تعرف بوصفك متخذ قرار أنَّ نجاح القرار لا يتوقف على نجاح التنفيذ فحسب؛ بل يجب مراقبته وتتبعه باستمرار لمعرفة إذا استطاع تحقيق الأهداف قصيرة الأجل منه، وتستطيع من خلال ذلك تحديد فيما إذا كان صالحاً لتحقيق الأهداف طويلة الأجل.
إقرأ أيضاً: التردد في اتخاذ القرارات: الأسباب والعلاج

في الختام:

الإنسان بوصفه كائناً اجتماعياً يمارس يومياً عملية اتخاذ القرار؛ وذلك في مناحٍ متعددة في حياته؛ إذ يؤدي القرار الإداري دوراً بارزاً في كافة الوظائف التي تمارسها الإدارة: التخطيط، التنظيم، التوجيه، الرقابة، فهو ضروري لتحقيق أهداف المنظمة الحالية وأهدافها الاستراتيجية على الأمد البعيد؛ لذا على متخذ القرار أن يكون حذراً في ممارسة هذه العملية الإدارية، فعليها يتوقف نجاح المنظمة واستمرارها.




مقالات مرتبطة