كيف تتحكم بمزاجك السيئ وتحوله إلى مزاج إيجابي؟

أودُّ منك أن تتحقَّق إن كان مزاجُك جيداً أو سيئاً اليومَ ومن كيفية سيرِ يومك، وأراهن أنَّك تمرُّ بيومٍ سيئ إن كان مزاجُك سيئاً، أو يومٍ جيد إن كان مزاجُك جيداً، فمن الواضح للغاية علاقةُ مزاجنا بسيرِ أمورِنا خلال اليوم؛ ومن ثَمَّ علينا أن نتحكم به ونعتنيَ به بطريقة أفضل نظراً للتأثير الكبير الذي يمتلكه في نوعية حياتنا؛ إذ لا يجدُر بنا أن ندعَ مزاجاً سيئاً يُفسِد علينا يومَنا والأمورَ الهامة التي تحدث خلالَه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن أفضل الطرائق لتحسين المزاج والابتعاد عمَّا يكدِّر صفوَ حياتنا.

مع ذلك، لا أسمع الناس يتحدثون إطلاقاً عن التحكُّم بحالتهم المزاجية أو قدرتهم على تعديلها؛ إذ نفترض جميعاً أنَّ مزاجنا يتأثر في عوامل خارجية لا نملك أيَّ سيطرةٍ عليها؛ وغالباً ما يكتُب الرواقيون عن عدم السماح للآخرين بمضايقتنا والتأثير فينا أو بثِّ القلق في نفوسنا، فيذكِّروننا بأنَّنا لا نستطيع التحكُّمَ بتصرُّفات الأشخاص حولنا أو بالأحداث الخارجية التي تجري في محيطنا.

لكنَّنا سنُضطَرُّ للتعامل مع الأشخاص المُزعِجين أو تحمُّل مواقفَ تُغضبُنا أو أشياء تُفسِد مزاجَنا في مرحلةٍ ما من حياتنا بصرف النظر عن الطريقة التي نعيشُها بها؛ ومن ثَمَّ كي تتجنَّبَ تعكُّرَ مزاجك الناجم عن عوامل خارجية وتتمكن من تحسينه واختلاق حالة مزاجية رائعةٍ لنفسك، سنقوم بمناقشة هذَين التحدِّيَين السابقَين معاً:

إقرأ أيضاً: كيف تحسِّن مزاجك عندما تمر بيوم سيء؟

1. كيفية التحكم بالمزاج السيئ:

لا بدَّ أنَّك حاولت مثلي تسجيل عدد المرات التي تعاني فيها من مزاجٍ سيئٍ؛ وإن كنتَ تشبهني قليلاً حتَّى، فمن المُحتمَل أنَّك تعاني المزاج السيئ بمُعدَّل أكبر مما تظن، وربَّما يكون ذلك لأنَّك عانيت الأرق ليلاً، أو علقتَ في زحمة المرور، أو بسبب تأثُّرك بحالة الطقس السيئة، أو اضطرارك للتعامل مع أشخاصٍ حمقى في العمل، أو تقليل احترامك من قبل أحد المُوَظَّفين الذين تتعامل معهم؛ إذ تحدُث المواقف السيئة طوال الوقت، ولن تسيرَ الأمور بالطريقة التي تحبُّها دوماً، فحتَّى أكثر الناس ثراءً وصحةً وسعادةً يواجهون المخاطر المُعتادة التي تتعرض لها البشرية جمعاء.

لكي نتحكَّم بالمزاج السيئ، علينا أولاً أن نُدرك مشكلتنا وننتبه لها كما هو الحال مع جميع العمليات والإجراءات التي تركِّز على تحسين الأمور السيئة تقريباً؛ وأودُّ الإشارةَ هنا إلى أنَّ المشكلة لا تكمن في حدوث الأمور السيئة حولنا؛ إذ لا أقول إنَّنا يجب أن نتجنَّب المواقف التي تعكِّر صفوَنا وتُفسِد مزاجنا فهو أمرٌ يفعلُه الضعفاء؛ إذ لا تُعدُّ الأحداثُ حولنا أمراً ضاراً؛ وإنَّما تكمن المشكلة في ردِّ فعلِنا السلبي وطريقة تفاعلنا السيئة مع ما يُصيبُنا من أمور مُزعِجة.

تذكَّرْ أنَّ المشاعر السلبية قد تكون مفيدةً للغاية فهي تراودنا لسببٍ مُعيَّن، إلَّا أنَّنا يجب أن نعترفَ بأنَّ البقاء في حالة ذهنيةٍ أو مزاجٍ سلبي مشكلةٌ حقيقية؛ لذا أنصحُك بتسجيل حالتك المزاجية لتذكُّرها خلال الأسبوعَين المُقبلَين تماماً كما تحتفظ بسجلٍّ لنشاطاتك، ومحاولة اكتشاف الأشياء التي تُفسِد مزاجك، وهذا كلُّ ما في الأمر؛ وأعيدُ مرةً أخرى أنَّنا لا نحاول هُنا تجنُّب سوء المزاج؛ إنَّما نحاول زيادة التوعية المتعلقة بالأمر، فهذه هي الطريقة الوحيدة للخروج من الحالة المزاجية السيئة والتخلُّص منها بسرعة.

شاهد بالفديو: 6 إرشادات هامة لتحسين الحالة المزاجية

2. كيفية اختلاق مزاجٍ إيجابي وتحسين حالتك المزاجية:

بمُجرَّد أن يصبح وعيُك الذاتيُّ أفضلَ وتعرفَ ما الذي يؤدي لشعورك بمشاعر سلبية، يحينُ الوقت للانتقال إلى الخطوة التالية، والتي تتمثَّل في الحقيقة بعدم فعل أيِّ شيءٍ على الإطلاق، وقد يظنُّ بعضنا أنَّ ذلك مُخيِّبٌ جدَّاً للآمال ومُحبِطٌ بعضَ الشيء، لكن إذا امتنعت عن تصديق انطباعك الأول ستسدي معروفاً لنفسك؛ ذلك لأنَّ تصديق الانطباع الأول يُفضي إلى نتائج سيئةٍ في أغلب الأحيان.

كما أتلقَّى أحياناً رسائل بغيضة على بريدي الإلكتروني أو تعليقاتٍ وتغريداتٍ مؤذية من أشخاصٍ سيِّئي النوايا؛ فقد تلقَّيتُ هذا الصباح بريداً إلكترونياً من شخصٍ ما نعتَني بالكاذب لأنَّه لم يتمكن من تحميل كتاب إلكترونيٍّ مجاني شاركتُه على موقع "أمازون" (Amazon)، فليس خطئي أنَّه لا يُجيد استخدام هذا الموقع ولا يعرف كيفية التحميل منه، وقد أغضبَني للغاية حين نعتَني بالكاذب بسبب ذلك، وقد كان رد فعلي الذي تبادرَ إلى ذهني أولاً بألَّا أكترثَ لما قالَه؛ لكنَّني أرسلتُ إليه بعد ذلك ردَّاً أزعجَه فعلاً وسأقول الشيءَ نفسَه لمَن يردُّ عليَّ برسائل ليُطلِق الأحكام وينتقد أسلوبي في الكتابة.

على الرَّغم من أنَّني أعترفُ بأنَّه ليس رد الفعل المثالي؛ لكنَّني إن لم أُظهِرْ أيَّة استجابةٍ أو رد فعلٍ لكلامه، سيُصبح مزاجي سيئاً؛ لأنَّني سأشعرُ وكأنَّني لم أدافعْ عن نفسي، فأنا شخصٌ يأخذُ قيمَه ومبادئَه على محمل الجد ويحميها مهما كلَّف الأمر؛ فكما ترى، دائماً ما يكون رد فعلنا الأوَّل عاطفياً ونابعاً من مشاعرنا، وقد كان ردُّ فعلي العاطفيُّ الأول في هذه الحالة بأن أتجاهل الكلام المُزعِج.

على كلِّ حال، لا أقول أيضاً يجب عليك إظهار استجابة أو رد فعل على كلِّ أمر مزعج تتعرض له، لكن كلُّ ما ينبغي علينا فعلُه هو التمهُّل قليلاً والنظر إلى الخسائر والأرباح التي سنحصِّلُها في كلا الحالتَين؛ إذ يكون التصرُّف واتخاذ إجراءٍ ما ضرورياً إن كانت نزاهتُك أو علاقاتك على المحك.

لنفرِضْ مثلاً بأنَّ زوجتك بدأت بإزعاجك، عندَها يجبُ أن تفكِّرَ بعواقب أي تصرُّفٍ ستتَّخذُه؛ فإنَّ غضبَك نتيجة تصرُّفاتها المزعجة سيُحزِنُها ويُصيبها بخيبة أملٍ كبيرة، لتصبحَ بعد ذلك أكثر غضباً كونَها لا تستطيع التحدُّث معك حين تكون غاضباً؛ لذا فمن الأفضل ألَّا تسمح لمشاعرك بأن تتفاقم وتزداد حدةً وتسيطر عليك؛ فإن كانت علاقتُكما معاً قيِّمةً وثمينةً بالنسبة إليك، فمن الأفضل ألَّا تهاجمها بالكلام حتَّى وإن كان الغضبُ والتهجُّم بالكلام يبعث لديك شعوراً أفضل ويمنحك الرضى اللحظي.

إذاً فإنَّ إدارة المزاج والتحكم به أمرٌ صعبٌ للغاية، ولا نستطيع إتقانَ ذلك بصورة صحيحة من المرة الأولى؛ لكنَّك إن منحتَ الأمرَ وقتاً واستمررتَ في التدرُّب على ذلك، ستُصبح أكثر سيطرةً وتحكُّماً بالأشياء التي تؤثِّر في مزاجك مع مرور الوقت؛ ولنفترِضْ حدوثَ أمرٍ ما يعكِّر صفوك ويُفسد مزاجك، ما عليك الآن إلَّا أن تتخيَّل الأمور الجيدة والباعثة على التفاؤل في حياتك لتحريض هرمون السيروتونين على الجريان والتدفُّق في أنحاء جسمك، وكذلك حاوِلْ أن تفهمَ حقيقة الأمور فعلاً وحدِّدْ لنفسك هدفاً بألَّا تصبح أبداً أسير حالةٍ مزاجيةٍ سيئة لأكثر من عشر دقائق؛ وحين تواجه موقفاً سيئاً أو كلاماً جارحاً، عليك استيعابُ حزنك وكآبتك وامتصاصُها بنفسك واتخاذُ ردِّ فعلٍ ما استجابةً لِما جرحَك والتعاطف مع نفسِك.

إقرأ أيضاً: 10 وسائل من الخبراء للتغلب على سوء الحالة المزاجية

في الختام:

لا أستطيعُ القولَ إنَّني لا أتعرَّض لمزاجٍ سيئٍ على الإطلاق؛ إذ لا يمكن توقُّع ما ستجلبُه لنا الحياة وغالباً ما تُدخلنا الظروف في دوامة من المشاعر السلبية وتجبرنا على امتلاك عقلية سلبية؛ لكنَّ ما يميِّز الأشخاص الإيجابيين عن السلبيين هو أنَّ الناس الإيجابيين لا يظلُّون حبيسي مزاجهم السيئ طويلاً، فأحياناً أكون في مزاجٍ سيئ لمدة يوم كامل؛ لكنَّني لا أقبل ذلك أبداً؛ فالحياةُ أقصر من أن تغرَق في بؤسك وآلامك؛ لذا تقبَّلْ نفسَك وتغلَّبْ على أحزانك واستمتِعْ بهذه الحياة؛ لأنَّها لن تتكرر مرةً أخرى، وحاوِلْ أن تحافظ على مزاجك الجيد قدرَ الإمكان في أثناء وجودك فيها.




مقالات مرتبطة