كل ما تريد معرفته عن الفوبيا أو الرهاب (Phobia)

في حياة كلّ منّا مواقف قد تتّسم بنوعٍ من الخطورة تكون ردّة فعلنا الطبيعيّة لها الشعور بالخوف وهو ما يكون مُبرَّراً في هذه المواقف، إلّا أنَّ الفوبيا أو الرّهاب هو عبارةٌ عن شعورٍ بالخوف الشديد والذي قد يكون غير مُبرَّرٍ أو غير عقلانيّ من شيءٍ ما أو من موقفٍ معيّن، الأمر الذي يدفع الشخص الذي يعاني منه إلى تجنُّب أو محاولة تجنُّب التجربة برمّتها. لذلك فقد تشكّل الفوبيا عقبةً في حياة الكثير من الأشخاص الذين يعانون منها، وتمنعهم من التمتُّع بالكثير من الأنشطة الطبيعيّة، ابتداءً من السفر للعمل أو لسببٍ آخر، وحتّى المشي الطبيعي، إلى مجرد ابتلاع لقيماتٍ من وجبةٍ شهيّة. وغالباً ما يعاني الأشخاص الذين يقومون برعاية من لديه حالة فوبيا معه أيضاً.



تعريف الفوبيا أو الرهاب (Phobia):

اشتُقَّت كلمة فوبيا من كلمة يونانيّة وتعني "الخوف"، وتُعبّر عن مجموعة خاصّة من حالات الرعب والقلق والذعر المرتبط بأشياء كالأماكن، وتجارب ومواقف محدّدة. ويُعاني 8.7% من سكان العالم من نوعٍ من الفوبيا على الأقل. غالباً ما تسبق مثل هذه المخاوف تجربة أساسيّة وحاسمة عايَشَهَا الشخص المُصاب ومخزَّنة في دماغه، والتي قد تؤدّي لاحقاً إلى سلسلةٍ من ردود الأفعال في حال حدوث أحد مسبّباتها.

والفوبيا قد تتطوّر لدى أولئك الذين يعانون من إصابةٍ في الدماغ أو الإدمان على الكحول والمخدّرات والاكتئاب، كما تتعلَّق الفوبيا باعتباراتٍ معيّنة كالعمر والجنس والوضع الاجتماعي والاقتصادي. فالنساء غالباً ما يكنَّ أكثر عرضةً للإصابة بفوبيا الحيوانات، أمّا الأطفال أو الأشخاص ذو الوضع الاقتصادي المتدنّي فيكونون أكثر عرضةً للإصابة بالفوبيا الاجتماعيّة، أمّا عن الرجال فيشكّلون أغلبيّة أولئك الذين يعانون من "فوبيا من الطبيب".

ما الفرق بين الخوف والفوبيا؟

يختلف "الخوف" عن "الفوبيا" في كون الخوف عبارة عن شعورٍ طبيعيٍّ مثل الغضب أو الفرح، وهو تنبيهٌ من الجسم بوجود خطرٍ حقيقيّ، أمَّا الرُّهاب فهو حالةٌ من الخوف الشديد وغير المنطقيّ والذي قد يعيق الإنسان عن ممارسة حياته الطبيعيّة، فهو يعرف أنَّ خوفه غير مبرَّر ولا يوجد سببٌ له إلّا أنَّه يظلّ يشعر بالضعف والعجز أمام هذا الخوف.

وتكمن مشكلة الفوبيا أو الرهاب في أنَّ الشخص المُصاب يحاول أن يتعامل مع خوفه من خلال تجنُّب المؤثّر أو الابتعاد عنه، إلّا أنَّ ذلك قد يؤدّي به إلى أن يصبح حبيس المنزل في بعض الأحيان. حيث أنَّ الرهاب الاجتماعي من أكثر أنواع الرهاب انتشاراً بين الشباب.

ما هي أنواع الفوبيا؟

إنَّ قائمة أنواع الفوبيا المختلفة تتنوّع مع تنوُّع الحياة ذاتها. وقد اشتملت حالات الفوبيا الموثّقة:

  • الخوف من البلع.
  • الخوف من الأطفال الرضع.
  • الخوف من الأشجار الطويلة.
  • الخوف من الأشخاص قصيري القامة.
  • الخوف من السُحب السوداء.

أمّا عن حالات الفوبيا الأكثر شيوعاً حتّى الآن فتتمثّل في:

  • الحالات التي ترتبط بالطيران.
  • الخوف من الحشرات.
  • الخوف من الثعابين.
  • الخوف من الأماكن المرتفعة.
  • الخوف من الحبس.
  • الخوف من الزحام.
  • الخوف من المرض.
  • الخوف من الدم.
  • الخوف من الحقن.
إقرأ أيضاً: أشهر أنواع الرهاب

كيف نصبح على دراية بأنواع حالات الفوبيا المختلفة؟

يمكن تقسيم حالات الفوبيا إلى ثلاثة أنواع عريضة:

  • فوبيا الأماكن المفتوحة المتسعة.
  • حالات الفوبيا المحددة أو "البسيطة".
  • حالات الفوبيا الاجتماعيّة.

بصورةٍ إجماليّة، هذه الإضرابات هي الأشكال الأكثر شيوعاً في أمراض الطب النفسي، وتتفوَّق على اضطرابات المزاج، وتعاطي المخدّرات. كما تلعب العوامل الجينيّة دوراً في كلّ من الفوبيا المحدّدة والفوبيا الاجتماعيّة، وخاصّةً فوبيا الخوف من الإصابة والحُقَن لتعويض الدم الفاقد.

1. فوبيا الأماكن المفتوحة المتسعة (agoraphobia):

خوفٌ غير منطقيّ عندما تكون في مكانٍ حيث لا توجد فرصةٌ للهروب (تنحشر في المرور، تتوقّف في نفق..)، حيث يخاف المريض من التعرُّض لنوبة قلقٍ في مثل هذا الموقف، والذي سوف يؤدّي إلى الذل والخزي، العجز، أو بعض الكوارث الأخرى. وتتّصف أعراض هذه الفوبيا بنوبات قلق داخليّة، والعواقب الكارثيّة المُدرَكَة. لذلك يلتزم المرضى بيوتهم، ويلجأون إلى أعذار مقنعة لتبرير لماذا لا يستطيعون الخروج، ولايقومون بأيّ شيء. ويصبح بعضهم مرضى بدنيّاً في حال حاولوا ترك منازلهم، ويصابون فجأةً بحالة دوار، غثيان، دوخة، ورعب مهيمن عليهم بالكامل.

2. الفوبيا المُحدّدة أو "البسيطة":

الخوف المتواصل من الأشياء أو المواقف، وتتضمّن بصفةٍ عامّة:

  • الخوف من المرور خلال نفق.
  • أخذ المصعد.
  • الصعود في الطائرة.

تتضمّن أنواع الحيوانات والنباتات، وتكون بداية هذا الخوف عادةً في مرحلة الطفولة المبكرة:

  • الخوف من الجراثيم.
  • الخوف من بعض الحيوانات.
  • الخوف من الحشرات.

تتضمّن حالات الفوبيا المقترنة بالظروف، الانفعالات، والأحاسيس:

  • الخوف من الأماكن المرتفعة.
  • الخوف من الألم.
  • الخوف من الإغماء.
  • الخوف من الأماكن المغلقة أو المفتوحة.
  • الخوف من الفشل.
  • الخوف من الضحك أو الغضب.

يتضمّن النوع الطبيعي أو البيئي، وأيضاً تكون بداية هذا النوع في مرحلة الطفولة:

  • الخوف من العواصف.
  • الخوف من المرتفعات.
  • الخوف من المياه.
  • الخوف من الرياح.
  • الخوف من النار.
  • الخوف من الليل.

تتضمّن نوع الإصابة وحقن تعويض الدم على الخوف من الإبر والإجراءات، بينما الفوبيا المقترنة بأجزاء الجسم ووظائفه تتضمّن سلسلة واسعة من مخاوف ووسواس المرض، وأمراض البدن. فقد يشكّل أيّ شيءٍ من لونٍ، ومادةٍ، موضوعاً لاستجابة الخوف، مثل التراب، واللحم، والثوم، والحشرات، والسيارات، والمقابر. وهناك حالات فوبيا للأشخاص أو المِهَن مثل المراهقين، النساء، الرجال، القساوسة، الأشخاص الصُّلَّع، الشحّاذين، أطبّاء الأسنان.

في حالة الفوبيا المحدّدة، المخاوف مقترنة خارجيّاً بالأشياء، مثل، ماذا لو انفجرت الطائرة، ماذا لو لدغتني النحلة وسبَّبت ردّ فعلٍ في صورة حساسيّةٍ شديدة؟ يختلف هذا عن الخوف من الأماكن المفتوحة بدون مهرب، حيث يخشى المريض أحاسيس داخليّة تؤدّي إلى الكارثة المخيفة. ويمكن لأصحاب الفوبيا المحدّدة أن يخافوا أحاسيس داخليّة أيضاً، ولكنَّ قلقهم ليس مُهيْمِنَاً، وينحصر في نوعٍ واحدٍ من المواقف.

3. الفوبيا الاجتماعية:

خوفٌ محدَّدٌ من المواقف الاجتماعيّة، أو مواقف الأداء، وخاصّةً إذا كان هناك احتمالٌ لفقد ماء الوجه أو الاضطراب، أو أن يسبّب قلقاً للآخرين. ويتفادى أصحاب الفوبيا الاجتماعيّة المواقف التي توجب عليهم مقابلة أشخاص جدد بسبب خوفٍ غير واقعيّ بأنّهم سوف يكونون موضوعاً لفحص وتدقيق أعين القادمين. على سبيل المثال، قد يَرهَب المدرّس الجديد اليوم الأوّل في المدرسة حيث سوف يتعرَّض للفحص والاختبار، وسوف يخضع لتقييم طلبته الجدد. وينتج هذا الخوف عن المواقف الاجتماعيّة، أو مواقف الأداء، على الرغم من وعي الشخص بأنَّ الخوف متطرّف، وغير معقول. فأخذ امتحانات شفهيّة، أو حضور أحداث اجتماعيّة وغيرها من المواقف جميعها تشكّل تجارب مؤلمة بالنسبة لمن يعاني من الفوبيا الاجتماعيّة.

وأظهرت دراسةٌ أنَّ التحدث إلى الجماهير كان هو رقم (1) بالنسبة للأشخاص الذين شملتهم الدراسة، بينما الخوف الثاني تمثّل في الموت. ويصل عدد من يعانون من الفوبيا الاجتماعيّة إلى 10 ملايين فرد في أمريكا. فهو اضطراب القلق الأكثر شيوعاً، وثالث اضطرابات الطب النفسي الأكثر شيوعاً وراء تعاطي المخدّرات والكحوليات والاكتئاب. حيث تكون مهاراتهم الاجتماعيّة قليلة، ولذلك يصبحون معزولين ومكتئبين بصورةٍ أكبر.

تبدأ الفوبيا الاجتماعيّة عادةً في سنوات المراهقة، وخاصّةً بعد المرور بحالة إجهادٍ نفسيّ أو تجربة إذلالٍ أو خزي. وظهور حالة الفوبيا الاجتماعية بعد سن الـ 25 ليس شائعاً.

إقرأ أيضاً: الرهاب الاجتماعي – أسبابه – طرق علاجه

ما هي أعراض الفوبيا؟

تسبّب كلّ حالات الفوبيا أعراضاً بدنيّة متماثلة، لأنّها جميعها تؤدّي إلى تنشيط الجهاز العصبي الودي، بصرف النظر عن موضوع الخوف. وينتج عنه:

  • تسارُع معدّل ضربات القلب.
  • ارتفاع ضغط الدم.
  • الارتعاش والتعرُّق.
  • خفقان قلب.
  • الدوخة.
  • قُصر النفس.
  • التنميل والوخز في الأذرع والأرجل.
  • التشويش المعرفي مثل الخوف من تدقيق النظر من الآخرين، أو الخوف من الوقوع في مصيدة دون إمكانيّة الهروب.

من هم الأشخاص الأكثر احتمالاً للإصابة بالفوبيا؟

  • من لديهم تاريخٌ أُسريٌّ مع القلق أو مع حالات الفوبيا.
  • الأشخاص الذين تعرَّضوا لسوء معاملة، الإهمال، استراتيجيات تربية ضعيفة من آبائهم في الطفولة.
  • الأشخاص الذين جرَّبوا المخدّرات.
  • من تمَّ تشخيصهم باضطرابات الشخصيّة أو مرضٍ انفعالي.
  • من عاش خبرة صدمة عميقة، أو تعامَلَ مع ضغوطٍ شديدة على الحياة.
  • الظروف الصحيّة مثل التغيُّرات الهرمونيّة التي تظهر في فترة المراهقة، انقطاع الدورة الشهريّة المبكّرة، اضطراب الغدّة الدرقيّة، التعب المُزمِن، الأمراض الخبيثة.

لكنَّ هذه الأسباب وغيرها تحتاج إلى تقييمٍ طبّيٍّ شاملٍ لاكتشاف المشكلات الصحيّة الأخرى التي قد تؤدّي أو يمكن أن تُساهم في مشكلتك مع الفوبيا.

إقرأ أيضاً: أغرب 8 أنواع للفوبيا لم تسمع بها من قبل!

علاج الفوبيا:

قد يُوصي اختصاصي العلاج بأساليب علاج متنوّعة، كالعلاج السلوكي المعرفي أو العلاج الدوائي أو المشاركة بينهما.

  • العلاج السلوكي المعرفي (CBT): وهو أساس التدخُّل للعلاج النفسي الناجح لكلّ أنواع حالات الفوبيا، ويتمّ هذا العلاج من قِبَل مُعالج مُدَرَّب خلال جلسات يتحدَّث فيها المريض عن الأشياء أو المواقف التي تثير نوبات الهلع والخوف لديه، ويقوم المُختص بوضع مخطّطٍ بطريقةٍ تدريجيّةٍ مُنَظّمةٍ ليصبح المريض قادراً على التحكُّم في مخاوفه والسيطرة عليها. مع الوقت وبشكلٍ تدريجيٍّ يواجه المريض مُسبّبات الذعر لديه ويعتاد عليها شيئاً فشيئاً فيزول الخوف والقلق ويتخلّص من نوبات الذعر التي كان يعاني منها.
  • العلاج باستخدام الأدوية: ويتمّ اللجوء إلى العلاج بالدواء فقط في الحالات التي تستدعي السيطرة على حالة الرعب الشّديد والقلق اللذان يُصيبان المريض أثناء النوبة، حيث لا يوجد دواءٌ مخصَّصٌ للشفاء من الرّهاب. ويتم صرف هذه الأدوية من قِبَل مختصّين وبجرعاتٍ محدّدة وحالاتٍ خاصّة، وذلك لتجنُّب الإدمان عليها على المدى الطويل.
  • العلاج المشترك: نتيجة عدم وجود علاجٍ دوائيٍّ شافي للفوبيا أو الرهاب، يَنصَح بعض المُختصّين باستخدام "حالّات القلق" وذلك لتخفيف شعور القلق الذي سيُعايشه المريض أثناء تطبيقه للعلاج التفاعُلي، ويُعتَبَر هذا الأسلوب الأكثر نجاحاً في العلاج من الفوبيا أو الرّهاب.

وأخيراً في حال كنت تُعاني من الفوبيا لا تتردّد في مراجعة طبيب مختص ولا تخجل من الاعتراف بمشاعرك ومخاوفك. وقد يكون بعض العزاء في معرفتك أنّك لست وحدك في تجربتك مع الفوبيا. في الواقع الكثير من الأفراد الناجحين وذوي المكانة العالية على مدى التاريخ البشري قد عانوا إلى حدٍّ كبيرٍ من ظروفٍ مرضيّةٍ "فوبيا" واسعة التنوُّع، ومنهم:

  • نابليون بونابارت: الخوف من القطط.
  • الملكة إليزابيث: الخوف من الورود.
  • سيجموند فرويد: الخوف من نوبة قلق في مكان تجمُّع جماهيري.
  • هاوارد هيوز: الخوف من الجراثيم.

المصادر:

  1. كتاب الفوبيا، المؤلف: إيثر بيل، اللغة العربية، موقع مكتبة نور.
  2. ما الفرق بين الخوف والرهاب؟، موقع قناة الجزيرة.
  3. 5 أنواع من الفوبيا تعرف عليها.. هل تعاني من أحدها؟، موقع قناة العربيّة.
  4. الفوبيا: ما هي؟ و ما أسبابها؟، موقع الباحثون السوريون.



مقالات مرتبطة