قيمة البرامج الصحية في مكان العمل

في حين أنَّ أكثر من 80% من الشركات الكبيرة ونصف الشركات الصغيرة تقدِّم نوعاً من البرامج الصحية للموظفين، فإنَّ دراسة جديدة في "كلية الطب في جامعة هارفارد" (Harvard Medical School) نُشِرَت في "مجلة الجمعية الطبية الأمريكية" (Journal of the American Medical Association) كانت قد أثارت الدهشة؛ فبعد مراقبة مجموعتين من الموظفين في شركة "هولسيل كلوب" (Wholesale Club)، المجموعة الأولى استخدمت البرامج الصحية في مكان العمل، والثانية لم تستخدمها، وجد الباحثون تحسُّناً طفيفاً في المقاييس الصحية للمشاركين في البرامج الصحية.



وتوصَّلت دراسة سابقة أجرتها "جامعة إلينوي" (University of Illinois) إلى نتائج مماثلة؛ إذ استنتجت أنَّ مثل هذه البرامج لم يكن لها أي تأثير في صحة الموظفين والإنتاجية والإنفاق الطبي؛ لذا إذا لم تكن البرامج الصحية تجعل الموظفين أكثر صحة، فهل يجب على الشركات الاستمرار في الاستثمار في هذه المبادرات؟

الإجابة القصيرة هي نعم؛ إذ تقدِّم البرامج الصحية أموراً تتجاوز مجرد العلاجات الطبية الواضحة وكسب الحوافز المالية، ويمكن أن يُحدِث التزامك في الحفاظ على صحة الموظفين فرقاً في توظيف أفضل المواهب والاحتفاظ بها، ومع معدلات البطالة المنخفضة القياسية واقتصاد "الولايات المتحدة الأمريكية" (The United States of America) المزدهر، أصبح التوظيف شديد التنافسية، إن لم يكن صعباً جداً.

يشير أكثر من نصف أرباب العمل إلى إيجاد المواهب المؤهلة والمناسبة بوصفه التحدي الأكثر صعوبة في التوظيف؛ إذ يتمتع المرشحون الآن بمزيدٍ من الخيارات في اختيار مكان عملهم؛ وذلك نظراً لوجود فرص عمل أكثر من عدد العاطلين عن العمل لملئها.

وأدَّى هذا إلى نشوب حرب على المواهب، وإلى ارتفاع معدلات دوران القوى العاملة أيضاً؛ إذ يسهل على الموظفين استكشاف فرص وظيفية جديدة في الشركات الأكثر إغراءً، وعندما يتنافس العديد من أرباب العمل على المواهب، تفوز الشركة ذات الثقافة الأكثر جاذبية والفريدة من نوعها والأكثر إثارة، وهنا يأتي دور البرامج الصحية.

لكن للتميُّز، يجب أن تقدِّم شيئاً يتجاوز التأمين الصحي التقليدي والإجازة المَرضية؛ فهذا هو السبب في أنَّه أمر طبيعي لأرباب العمل اليوم أن يقدِّموا برامج صحية تشمل دروس اللياقة البدنية في موقع العمل، وفحوصات حيوية سنوية لدعم الصحة للموظفين.

شاهد: 6 نصائح لحماية الصحة والحفاظ على السلامة في العمل

استخدام البرامج الصحية بوصفها استراتيجية للعلامة التجارية:

سواء كنت تقدِّم برنامجاً صحياً كاملاً أم عدداً قليلاً من الامتيازات الصحية الفريدة، فإنَّ هذه الجهود تجلب عنصراً جديداً ذا قيمةٍ مضافةٍ إلى ثقافتك، وتجذب المتقدمين للوظيفة والموظفين الدائمين على حدٍّ سواء.

ويُظهِر البحث الذي أجرته شركة "ميرسير" (Mercer) أنَّ الالتزام بالصحة والعافية يصنَّف بين العوامل الثلاثة الأولى التي يبحث عنها الموظفون والمرشحون لدى رب العمل، ومع ذلك، فإنَّ مجرد وجود برامج صحية مدمجة في ثقافة شركتك لا يكفي لتحقيق تقدُّم على منافسيك؛ بل ستحتاج إلى دمجها في استراتيجية العلامة التجارية لرب العمل.

إقرأ أيضاً: أساسيات العلامة التجارية الشخصية لتحقيق النجاح الوظيفي

إذ إنَّ مفهوم العلامة التجارية لرب العمل ليس بالأمر الجديد، لكن إذا لم تكن على دراية بالمصطلح، فإنَّه يصف هوية شركتك التي تنقلها إلى الموظفين والمرشحين المستقبليين للمناصب في شركتك، ويشمل تفاصيل عن مهمتك وقيمك الأساسية وثقافتك؛ وبمعنى آخر، إنَّه يؤكد على ما يجعل شركتك مكاناً رائعاً للعمل، وعندما يدرك الموظفون والمرشحون أنَّك ملتزم بصحتهم الجسدية والعقلية وحتى المالية، فإنَّ ذلك يزيد من قيمة العلامة التجارية لرب العمل.

فأنت تقدِّم لموظفيك الحاليين سبباً آخر للبقاء معك، وفي الوقت نفسه، تساعد على تحقيق أهداف التوظيف الخاصة بك؛ لذا ضع في حسبانك أنَّ 89% من الموظفين في الشركات التي تقدِّم البرامج الصحية هم أكثر ميلاً للتوصية بشركتهم بوصفها مكاناً جيداً للعمل، وَفقاً لـ "جمعية علم النفس الأمريكية" (American Psychological Association).

وهذه إحصائية هامة؛ وذلك لأنَّ الموظفين الراضين والراغبين في قول أشياء رائعة عن شركتك هم أقوى أدوات التوظيف لديك، لكن لا تعتمد فقط على موظفيك الحاليين للتوصية بشركتك؛ بل انشر برامجك الصحية في إعلانات التسويق للتوظيف لديك؛ وهذا بدوره يعني الترويج لمبادراتك على موقع الويب الخاص بك، وفي توصيف الوظائف، وعلى قنوات التواصل الاجتماعي الخاصة بك، والمستندات الداخلية وغيرها من الضمانات التي تدعم استراتيجية العلامة التجارية لرب العمل.

إقرأ أيضاً: كيف تنمي شركتك الناشئة دون تدمير ثقافتها التنظيمية؟

الفوائد الأخرى للبرامج الصحية:

بصرف النظر عما إذا كانت البرامج الصحية تحسِّن صحة موظفيك، فتوجد قيمة أكبر بكثير على المحك؛ ففي وقت أصبح فيه تعيين الموظفين والاحتفاظ بهم أمراً صعباً أكثر من أي وقت مضى، فأنت تحتاج إلى استخدام أفضل أساليب تسويق التوظيف وأكثرها تميُّزاً؛ وهذا يعني جعل صحة موظفيك جزءاً لا يتجزأ من ثقافة شركتك، ومن ثمَّ العلامة التجارية لرب العمل، وإذا استطعت زيادة الإنتاجية وخفض تكاليف الرعاية الصحية خلال العملية، فهذا يمنح شركتك مزيداً من القوة.

المصدر




مقالات مرتبطة