قوة تراكم الإنجازات: تحقيق النجاح يحتاج إلى وقت

هل لديك قائمة طويلة من الأهداف والرغبات والاحتياجات في حياتك؟ وهل تريد معرفة المزيد؟ وكسب المزيد؟ وتحسين مهاراتك؟ والحصول على أقصى استفادة من علاقاتك؟ والعيش حياة أفضل؟ كل هذه الأشياء جيدة؛ إذ تهدف الحياة إلى المضي قدماً وإحراز تقدُّم مستمر، ومع ذلك يوجد شيء واحد هام بشأن كل هذا العمل والنضال والسعي وتحقيق المزيد؛ لا يمكنك القيام بكل شيء في الوقت نفسه، فليس لديك سوى القليل من الوقت والطاقة، فإن كلَّفتَ نفسك بمهام كثيرة، فسوف تصل إلى مرحلة الإنهاك؛ لذا عليك تركيز مجهودك في إنجاز مهمة واحدة فقط.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن قوة تراكم الإنجازات على الأمد الطويل.

النجاح يتراكم:

يحدث النجاح الحقيقي عندما نركز على شيء واحد تلو الآخر، اكتشفتُ هذه الفكرة أول مرة عندما كنت في المدرسة الثانوية، عندما كنت أستعد لامتحاناتي النهائية، قررت دراسة مادة واحدة تلو الأخرى، ولم أنتقل إلى المادة التالية إلا بعد فهمي الكامل لها.

لقد لاحظت أنَّني يمكن أن أتعلم شيئاً ما بسرعة إذا ركزت عليه لبضعة أيام، أما زملائي فكانوا يدرسون مواداً عدة في اليوم نفسه، وهذا النهج فوضوي جداً، فإذا كنت أعمل في مشروع في العمل، فلا أعمل في مشروع كبير آخر، وإذا كنت أصمِّم دورة تدريبية جديدة لمدونتي، فلا أبدأ في كتابة كتاب في الوقت نفسه؛ إذ تساعدني هذه الاستراتيجية في إنجاز الأمور بسرعة وبطريقة أفضل، فإنَّني أحقق أكثر بكثير عندما أعطي اهتمامي لشيء واحد.

كما قال الكاتبان غاري كيلر (Gary Keller) وجاي باباسان (Jay Papasan)، مؤلفا كتاب الشيء الوحيد (The One Thing)، وهو كتاب رائع عن المفهوم نفسه: "حققت نجاحاً هائلاً عندما قمت بتحديد تركيزي على شيء واحد، وعندما تفاوت تركيزي، تفاوت نجاحي أيضاً"، فهل تعمل على أشياء كثيرة في الوقت نفسه؟ ألا تركز اهتمامك على شيء واحد؟ هناك احتمال كبير أنَّك لن تحقق أفضل النتائج الممكنة أو ما هو أسوأ، قد تفشل إذا حاولت تحقيق أشياء كثيرة في الوقت نفسه.

السبب بسيط: يعتقد معظمنا أنَّ النجاح يحدث دفعة واحدة، لكنَّ الحياة الواقعية مختلفة، وقد عبّر كيلر وباباسان عن ذلك جيداً عندما قالا: "النجاح تسلسلي وليس متزامناً"؛ فالأشياء تتراكم؛ إذ تتعلم مهارة واحدة، وبعدها واحدة أخرى، وتنتهي من مشروع واحد، ثم آخر، وبمرور الوقت تتراكم إنجازاتك لتشكل إنجازاً رائعاً، وهذا ينطبق خاصة على المال؛ فقد كسب معظم الناس أموالهم بمرور الوقت، وقلة من الناس حصلوا على أموالهم دفعة واحدة؛ لكنَّك لا تحتاج إلى موهبة أو مهارات خاصة للنجاح في الحياة، فإذا سلكت طريقاً طويلاً، وحققت هدفاً تلو الآخر، وبنيت ثروتك تدريجياً، فمن المرجح أن تعيش حياة جيدة، وهذه طريقة سهلة وناجحة.

يمتلك منتوري كثيراً من العقارات وتُقدَّر قيمتها بالملايين، وقد اكتسب ثروته بمرور الوقت، وهو في الستينيات من عمره الآن، كما ترى الأشياء تستغرق وقتاً، وعندما تجمع بين الصبر وتراكم الإنجازات، فإنَّك تحقق أكبر النتائج.

شاهد بالفيديو: 7 قواعد ذهبية تمهد طريق النجاح

تأثير تراكم الإنجازات على الأمد الطويل:

جمع رجل الأعمال وارن بافيت (Warren Buffett) على سبيل المثال ثروته بمرور الوقت، لا تنظر إلى الأرقام؛ بل انظر إلى النمو النسبي بين سن 32 و44، قام بافيت بتحسين صافي ثروته بنسبة 1257%، وهذا نمو استثنائي جداً على مدار 12 عاماً، خاصة إذا كنت تأخذ في الحسبان أنَّه فقد مالاً كثيراً في الأربعينيات من عمره، لكن العِبرة ليست هنا، ومن سن 44 إلى 56، زادت ثروة وارن بافيت بنسبة هائلة بلغت 7268% خلال فترة زمنية مماثلة، وبالطبع هذا هو صافي ثروته، لكن يؤدي الحظ دوراً دائماً، إضافة إلى ذلك تعتمد ثروته الصافية على أسعار الأسهم؛ مما يعني أنَّ جزءاً كبيراً منها قد يخسره غداً، لكن ما يزال الأمر يتعلق بالنمو الذي حققه بمرور الوقت؛ إضافةً إلى ذلك، جمع بافيت 99% من صافي ثروته بعد أن بلغ الـ 50.

فكر في كل هؤلاء البلهاء المدللين في سن المراهقة والعشرينيات وحتى الثلاثينيات (بمن فيهم أنا)، الذين يشتكون من بطء التقدم في حياتهم المهنية، فهذا المثال يساعدك على وضع الأشياء في نصابها.

على أي حال، يظن معظم الناس أنَّك تستطيع أن تصبح ثرياً من خلال الاستثمار في سوق الأسهم، وكل ما عليك فعله هو شراء الدورة التدريبية التي تحتوي على كل أسرار الثروة، هذا خاطئ؛ فالأمور لا تسير بهذه الطريقة، وأنا شخصياً أكره الأسهم، وأعتقد أنَّ الأشخاص العاديين يجب أن يبتعدوا عن المضاربة في سوق الأسهم؛ فأنا أفضِّل العقارات.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات لإنجاز أيّ شيء تريده

مع ذلك، فإنَّ بافيت هو نموذج للنجاح المتسلسل؛ إذ يمكنك تحقيق أشياء كبيرة بأفعال صغيرة تتراكم بمرور الوقت، وهذا لا ينطبق فقط على المال، المفهوم نفسه ينطبق على المهارات والصحة والعلاقات، فأنت لا تبني جسداً قوياً في يوم أو شهر أو حتى سنة؛ إذ يستغرق ذلك سنوات من الجهد المستمر، والطرائق المختصرة غير موجودة، مهما عملت بذكاء.

على سبيل المثال، نادراً ما يفوز راكبو الدراجات الذين تقل أعمارهم عن 28 عاماً بسباقات كبيرة مثل طواف فرنسا (The Tour The France)؛ لأنَّ الأمر يستغرق سنوات لبناء القوة والقدرة على التحمل والعقلية التي تحتاج إليها للفوز.

إقرأ أيضاً: كيف تكون شخصاً منجزاً وما العوامل التي تؤثر في الإنجاز؟

في الختام:

إذا كنت تريد أن ترى تأثير تراكم الإنجازات في حياتك الخاصة، فهذا يتطلب منك التركيز على شيء واحد تلو الآخر في كل جانب من جوانب حياتك، والنظر دائماً إلى الصورة الأكبر، فسوف تصل إلى النجاح الذي تحلم به إذا بذلت الجهد المطلوب، فمن يهتم إن حققت النجاح غداً أو بعد 20 عاماً؟ سوف تحققه، وهذا كل ما يهم.




مقالات مرتبطة