قواعد الحديث المحترم مع الناس وصولاً إلى إقناعهم

يتميز المجتمع البشري عن غيره من المجتمعات بأنَّه يعتمد على اللغة في تعاملاته، فتخيَّل أنَّك من خلال بضع كلمات تستطيع أن تحصل على ما تريد، إنَّه لأمر غاية في الأهمية أن تنتبه إلى كل كلمة تقولها، والأهم من ذلك كيف كنت تبدو وأنت تقولها؛ لذا سنتعرف في هذا المقال إلى أهم القواعد التي يجب عليك مراعاتها واحترامها من أجل إنشاء حديث مفيد ومثمر، تستطيع من خلاله إقناع من تحاوره بما لديك من أفكار أو منتجات.



تعرَّف إلى أهم قواعد الحديث المحترم مع الناس:

1. استخدام الألفاظ الواضحة عند الحديث مع الناس:

من الهام جداً استخدام ألفاظ واضحة تحمل المعنى الذي نريد إيصاله؛ وذلك لأنَّ استخدام الكلمات المبهمة أو المصطلحات الغريبة، يدفع الشخص المقابل إلى فهم ما يريد فهمه، وفي أغلب الأحيان لن يسأل عن القصد من الكلام؛ وذلك لأنَّها قد توحي بالغباء أو عدم المعرفة أو قلة الفهم حسب ما يعتقد بعض الأشخاص، إنَّ استخدامك للتعابير الواضحة يدل على أنَّك إنسان واعٍ في هذه الحياة، وتعرف تماماً ماذا تريد، وتفهم تماماً ما تقوله.

2. أهمية إخفاء آرائك الصارمة حيال موضوع معين:

في حال كان لديك آراء صارمة حيال موضوعات معينة؛ أي بمعنى أن تكون رافضاً لأمر معين بشكل مطلق، فمن الأفضل هنا ألا تتسرع في إبداء رأيك أمام الآخرين، والاقتصار على إبدائه أمام الأشخاص الذين تعرفهم والدائرة الضيقة من أصدقائك ومعارفك.

على سبيل المثال، في حال كنتَ ضد فكرة إنجاب طفل لسبب ما أنت مقتنع به، فمن الأفضل ألا تقوم بإبداء رأيك هذا أمام زوجين لديهما أطفال أو أمام امرأة حامل أو بين اثنين ينويان الزواج قريباً؛ وذلك لأنَّ الإنسان بطبعه لا يحب من يعارضه أو يعاكسه فيما يخص طريقة حياته، وقد يكرهك في حال كان رأيك مناقضاً له بشكل قاسٍ.

3. الحذر من الأمور التي من غير المحبذ الحديث عنها:

توجد أمور لا يمكن السؤال عنها عند الحديث مع الناس أو مع الأصدقاء غير المقربين؛ مثل أن تسأل عن قيمة الراتب الذي يتلقاه في عمله أو لماذا لم ينجب أطفالاً حتى الآن وغيرها من الخصوصيات التي من غير المحبذ أن يتم السؤال عنها.

وكذلك لا يجوز أن تسأل فتاةً في الثلاثينيات عن السبب الكامن وراء عدم زواجها حتى هذا العمر؛ إذ تُعَدُّ مثل هذه القضايا حساسة جداً وخصوصاً في مجتمعات محافظة مثل مجتمعاتنا العربية؛ لذلك من الأفضل تجنب الأحاديث الخاصة، واقتصار الحديث على العموميات وخاصة في بداية التعرف إلى الناس.

4. الانتباه من أن تحرج أحداً أمام الجميع:

في حال قام أحد الحاضرين بطرح رأي معين أو فكرة ما، وأنت تعلم في قرارة نفسك أنَّ هذه الفكرة خاطئة بشكل كامل، فمن غير اللائق أن تقوم بمغالطته أو تصحيح ما قاله أمام الجميع؛ لأنَّ ذلك قد يؤدي إلى إحراجه أو جرح مشاعره.

5. جعل هدفك من الحديث هو الفائدة العامة، سواء كانت على يدك أم على يد الآخرين:

الاختلاف في وجهات النظر هو أمر وارد في الحياة، فالناس على اختلاف دائم بالرأي وهذا هو الوضع الطبيعي، وأهم شيء هو ألا يسبب هذا الاختلاف فساد المودة والمحبة بين القلوب، فالإنسان المتوازن والعاقل يسعى إلى إظهار الحقيقة المنطقية التي تفيد البشر، بصرف النظر إن كان ظهورها على يده أو يد أحد آخر، فالغاية من الحوار هي تحقيق الفائدة للجميع وليس إفحام شخص أو التشفي أو تحقيق غايات شخصية.

6. الحذر من مناداة أي شخص باسم غير اسمه:

تجنب أن تسمي أحداً بغير اسمه، فالكثير من الناس يتم تلقيبهم بألقاب قد لا تكون محببة بالنسبة إليهم، ولكنَّهم يتلقبونها من مبدأ العشرة والمودة، لكن يجب عليك الحذر من مناداتهم بهذه الألقاب حين تكون الظروف الاجتماعية غير مواتية أو حالتهم المزاجية والنفسية والعاطفية ليست على ما يرام أو في حال كان بصحبتهم أشخاص آخرون لا تعرفهم.

من أجل تجنب كل هذه الإحراجات، ومن أجل ألا تجرح مشاعر الطرف الآخر، فمن المفضل التزام مناداته باسمه فقط، والتخلي عن هذه الألقاب التي قد تسيء إلى الحديث وتؤدي إلى فشله، وتحول بينك وبين حصولك على مبتغاك.

شاهد بالفديو:20 نصيحة لإتقان فن الحديث والحوار مع الآخرين

كيف يمكن لتكرار حركات الشخص أو كلماته أن يساعد على إقناعه؟

في حال أردتَ أن تقنع من تحاوره بأمر ما، أو تثير إعجابه لدرجة تستطيع من خلالها أن تقنعه بما لديك، فمن المفيد أن تقوم بتقليد الحركات التي يقوم بها، أو تقليد الألفاظ التي تكلم بها، أو إعادة تكرار المصطلحات التي تفوَّه بها مع الدلالة على أنَّه هو صاحب هذه الفكرة أو الجملة؛ كأن تقول "مثل ما ذكرت حضرتك"، ويقول خبراء علم النفس في تحليلهم لهذه الظاهرة إنَّ الغاية الكبيرة لكثير من الناس هي الانتشار، وأن يكونوا مؤثرين في الآخرين وفي الحياة من حولهم.

هم بهذه الطريقة يشعرون بتحقيق الذات؛ وهذا يدفعهم إلى الاستجابة أكثر إلى ما تقوله، مع التأكيد على نقطة هامة جداً وهي ضرورة توخي الحذر في عملية التقليد، كي لا يفهمها الشخص الآخر على أنَّها سخرية أو تقليل من قيمته؛ لأنَّ ذلك سيؤدي بكل تأكيد إلى انقلاب السحر على الساحر.

إنَّ الغاية من أي حديث يتم طرحه، هي إيجاد الاهتمام، فالإنسان يحب أن  يهتم الآخرون بحديثه وينصتوا له بتمعن، ويرى ويسمع ردود فعلهم على ما قاله؛ لذا من الهام أن تُشعر من يتكلم إليك بأنَّك تستمع له، وتنظر إلى عينيه لتُشعره بأنَّك تصغي إليه بكافة حواسك، وقد يكون أفضل ما يمكن أن تقدمه له هو أن تعيد جزءاً من كلامه أو جملة أو فكرة قالها، وتشدد على صحتها أو أهميتها أو فائدتها، فهذه هي أفضل طريقة لإبداء اهتمامك فيما يقول.

إقرأ أيضاً: كيف تكسب محبة الآخرين باستخدام لغة الجسد

لماذا تكون صيغة السؤال أفضل بكثير من صيغة الأمر؟

من المحبب استخدام صيغة الطلب أو صيغة السؤال عوضاً عن صيغة الأمر؛ لما تحمله صيغة السؤال من احترام لكيان الإنسان الذي تخاطبه، وتُشعره بأنَّه هو صاحب القرار وأنَّ لديه الخيار أو الحرية في الرفض أو الاستجابة؛ وهذا ما يجعله ينفذ لك طلبك دون أن يشعر بالإهانة.

على سبيل المثال، عندما تقول "أحضر لي كأساً من الماء"، فإنَّ صيغة الأمر هنا توحي للشخص الذي تخاطبه بأنَّه مجبر على تنفيذ طلبك؛ وهذا يُشعره بالقلق أو عدم الراحة، وقد يشعر بأنَّه عبد أو تابع يعمل تحت إمرتك، وصحيح أنَّه قد ينفذ لك طلبك، ولكنَّه في الوقت نفسه لن يكون مرتاحاً، ومع تكرر هذه الحالة، سيغضب منك وسيمتنع عن تنفيذ ما تطلبه.

أما عندما تستخدم صيغة السؤال مثل "هل بوسعك أن تحضر لي كأساً من الماء؟"، هنا أنت تتيح له حرية الاختيار، وتُشعره بأنَّه سيد نفسه، ويقوم بتلبية طلبك لأنَّه يريد ذلك ويرغب فيه دون أي إجبار.

ما هو أكثر خطأ يتم ارتكابه عند محاولة إقناع الناس بفكرة معينة؟

يوجد خطأ شائع يرتكبه الكثير من الناس عند محاولة إقناع شخص ما بمنتج أو فكرة أو أي شيء آخر؛ إذ يقومون بعرض منتجهم أو فكرتهم، وعندما يجيب الزبون بأنَّه لا يحب أو لا يريد، فإنَّهم يسألونه السؤال المعتاد وهو "لماذا؟"، وهنا يكمن الخطأ؛ إذ أثبتت الكثير من الدراسات أنَّ أغلب الناس الذين يستخدمون منتجات محددة، فإنَّهم يختارونها في أغلب الحالات بناءً على أسباب غير منطقية، فقد يستخدمون مزيل تعرق معين لأنَّهم رأوه منذ زمن في إعلان تلفزيوني أثار إعجابهم، وانطبع في ذاكرتهم؛ لذلك عندما تسأله "لماذا لا تريد تجربة منتج جديد؟" سيبدو هذا السؤال مزعجاً له؛ وذلك لأنَّه اعتاد على المنتج القديم ولا يجد أي سبب لتغييره.

ما هو التصرف الصحيح عندما يرفض أحدهم الاقتناع بفكرتك؟

الصحيح في هذه الحالة أن نضرب له مثالاً عن أنفسنا؛ فقد نقول له "لقد كنتُ مثلك رافضاً لهذا المنتج أو لهذه الفكرة، لكن بعد أن بحثتُ عنها أكثر وسألتُ أشخاصاً جربوها، استخدمتها وكانت النتائج رائعة"، ويمكن أن نضرب مثالاً قريباً منه، بأن نقول له إنَّ عمك أو والدك قال الكلام نفسه ورفض تجربته، ولكنَّه بعد أن سمع عن نتائجه الرائعة، قام بتجربته وغيَّر رأيه.

فإذا كانت إحدى الشخصيات الهامة أو البارزة قد استخدمت هذا المنتج، فمن الهام أن تقوم باستغلال هذا الأمر لمصلحتك؛ كأن تقول له: "هل تعرف مدير الشركة الفلانية أو صاحب المطعم الفلاني، لقد رفض مثلك استخدام هذا المنتج، ولكنَّه بعد أن سمع بفوائده قام بتغيير رأيه"؛ إذ تُعَدُّ هذه الاستراتيجيات بدائل أفضل بكثير من سؤال "لماذا؟" التي لها الكثير من السلبيات، والتي تُعَدُّ في كثير من الحالات تدخلاً في خصوصية الشخص الذي قد لا تربطنا به علاقة قوية.

إقرأ أيضاً: 7 تقنيات إقناع فعالة لخلق تأثير كبير

في الختام:

لا بد لنا أن نؤكد على أن يقتصر استخدام ما قمنا بذكره في مجال الخير وتحقيق الفائدة للجميع، وتجنب استغلالها من أجل تحقيق مصلحة شخصية على حساب مصالح الناس؛ لأنَّ ذلك سينقلب علينا وهذه مسألة وقت لا أكثر ولا أقل.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة