قفلة الكاتب: ألدُّ أعداء المؤلف وكيفية التغلب عليها (الجزء الأول)

سواء أكنت كاتباً جديداً أم محنَّكاً فمن المحتمل أنَّك وصلت في رحلة كتابتك إلى نقطة شعرت فيها أنَّ إبداعك قد نفد وتواجه الآن ما يُسمَّى بقفلة الكاتب.



على سبيل المثال هل سبق لك أن واجهتَ نقص إلهام يمنعك من تخيُّل تطوُّر الأحداث في قصَّة ما، أو حتَّى البدء في الكتابة؟ هل شعرت أنَّ أفكارك تلاشت وأيَّ أفكار جديدة تراودك خالية من أيِّ إبداع؟

هذا النوع من الإحباط ونقص القدرة الإبداعية ليس أمراً نادراً، يُطلق عليه قفلة الكاتب، ويمرُّ به معظم الكُتَّاب حتّى المحترفين منهم في مرحلة أو أخرى؛ لذا سنناقش اليوم ماهيَّة قفلة الكاتب وما هي الأسباب الشائعة لها التي يعانيها معظم الكُتَّاب، وبعد ذلك سنطرح في الجزء الثاني من المقال 8 طرائق مثبتة يتَّبعها العديد من الكتَّاب للبقاء منتجين والتغلُّب على قفلة الكاتب.

ما هي قفلة الكاتب؟

قفلة الكاتب هي حالة من عدم القدرة على التفكير فيما يجب كتابته، أو كيفية استكمال مشروع الكتابة الخاص بك، ويحدث ذلك للكُتَّاب في جميع مجالات الكتابة، سواء أكنت تكتب الخيال أم الشعر أم النثر أم مقالاً لموقع الويب الخاص بك، وحتَّى الكاتب الذي على وشك إنهاء روايته الأولى أو الثالثة أو حتَّى العاشرة قد يواجه قفلة الكاتب، حتى أولئك الذين لديهم شغف قوي بالكتابة الإبداعية يعيشون هذه الحالة في مرحلة ما من رحلة الكتابة الخاصة بهم.

تبدو الحالة كأنَّ جداراً فاصلاً قد ارتفع بين المؤلف وأفكاره؛ هذا لا يعني أنَّك كاتبٌ سيئ أو غير قادرٍ على الكتابة؛ بل يعني فقط أنَّك تشعر بأنَّك متعثر؛ ممَّا يجبرك على الابتعاد عن عملك خطوة إلى الوراء لإعادة تقييمه، وقفلة الكاتب لا تعني أيضاً أنَّك لست متحمساً لبدء عملك أو إكماله؛ لكنَّ أثرها القوي يمكن أن يعوق خطة تقدُّمك عندما لا تعي كيف تتغلب عليها.

لنفترض أنَّك كنت تحلم دوماً بتأليف كتاب وأن تصبح مؤلفاً مشهوراً أو تريد أن تصبح كاتباً مستقلاً، أيَّاً كان؛ فإنَّك تستمر في التراجع واختلاق الأعذار لتبرير عدم البدء بعد، هذا العجز عن التصرف هو تجلٍّ واقعيٌّ لقفلة الكاتب.

يمكن أن تصيبك هذه الحالة في أي وقت، قد تمنعك من بدء كتابك أو كتابة الفصل التالي منه أو حتَّى تعطيلك وأنت على وشك ختامه.

إقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات بسيطة للتغلب على القفلة الإبداعية

أسباب قفلة الكاتب:

على الرَّغم من أنَّ حالة قفلة الكاتب قد تبدو كأنَّها تحدث من العدم في بعض الأحيان، لكن توجد بعض العوامل التي ترتبط بها، ويجب أن تكون على دراية بها في المرة القادمة التي تمر بها، ومنها:

1. الأفكار السلبية:

النقد الذاتي والشك في الذات هي سمات شائعة جداً يعانيها العديد من الكُتَّاب، حتى الكاتب الأميركي الحائز على جائزة نوبل في الأدب جون شتاينبك (John Steinbeck) قال إنَّ مشاعر العجز والجهل سيطرت عليه في أثناء كتابته رواية "عناقيد الغضب" (The Grapes of Wrath)، وهي الرواية ذاتها التي فازت بجائزة بوليتزر (Pulitzer Prize).

من الطبيعي أن يشعر الكاتب أنَّ عمله الخاص قد لا يكون مثيراً للاهتمام أو جذَّاباً للآخرين، ويمكن للعديد من الأفكار كالتساؤل عمن سيرغب في قراءة كتاباتك، أو هل أنت حقاً على دراية كافية بالموضوع الذي تكتب عنه أن تُضعف ثقتك بنفسك وإبداعك.

يمكن للإفراط في نقد الذات أن يجعلك تحدِّق في صفحة فارغة بعقل فارغ، حتى إنَّه قادر أيضاً على إقناعك بالتخلي عن مشروع الكتابة الخاص بك تماماً.

شاهد بالفيديو: كيف تصبح ماكينة لتوليد الأفكار؟

2. المسؤوليات الأخرى:

معظم الأشخاص الذين لديهم شغف بالكتابة يمارسونها بالتوازي مع العديد من المسؤوليات الأخرى، مثل التزامات الأسرة والعمل، فقد تجد نفسك تؤجل كتابتك لكي تقوم بمسؤوليات أخرى، ثمَّ حين تحظى بالوقت للجلوس والكتابة لا تشعر بالإلهام للبدء.

قد تشعر أيضاً بالذنب لأنَّك تشغل وقتك في كتابة قصتك أو شِعرك أو مقالتك بدلاً من قضاء الوقت مع عائلتك أو إنجاز بعض الأعمال المنزلية الضرورية.

3. الخروج عن مسار عملية الكتابة الخاصة بك:

ربَّما قد سلكت بعض الطرائق الجانبية في أثناء عملية الكتابة ونسيت الغرض من مشروعك الرئيس، يمكن لذلك أن يحدث عند إضافة شخصية جديدة لم تكن قد خططت لها في البداية أو اتباع سلسلة أفكارٍ تحرفك عن مخططك الأصلي.

4. الملل:

من الممكن أن تمل من كتاباتك؛ إذ تستغرق فيها، وتوليها اهتماماً مفرطاً، وتكتب مسودتك الأولى أو الثانية، وتعيد صياغة الجمل، وتعيد حتى كتابة فصل بأكمله.؛ يمكن لذلك أن يستبدل متعتك بالكتابة بالملل منها؛ لأنَّك تتمعَّن في التفاصيل الدقيقة لعملك وتحتاج حينها للتراجع من جديد والنظر فيها من بعيد.

5. المثاليَّة:

يعلم الكتَّاب والمبدعون ذوو الخبرة أنَّ الوصول إلى نسخة نهائيَّة مثاليَّة لا يعني أنَّ العمل يبدأ بصورة مثالية، عادة ما يستغرق إنتاج عمل يرضيك عدة مراجعات، فتبدأ من البداية، وتكتب ما في بالك، ثمَّ تعود للبداية مجدداً لتعديل الكلمات والأفكار حتَّى تكون بالضبط كما تريدها، ومع ذلك قد تتعثر بسبب اعتقادك أنَّه ما لم يكن العمل مثالياً فهو لا يستحق الاستكمال، وعلى الرَّغم من أنَّه ببساطة اعتقاد خاطئ، إلَّا أنَّه قادر على جعلك عاجزاً عن تدوين الأفكار الرائعة التي تدور في ذهنك.

6. شحُّ الأفكار:

تشعر أحياناً بالإلهام والحماسة لكتابة مسودتك الأولى لروايتك أو مقالك دون أدنى فكرة عمَّا تكتب عنه، فيمكن أن يحدث هذا عندما يكون عقلك مشتتاً، وقد تحتاج إلى نصائح أو مصادر إلهام أخرى للتوصل إلى أفكار، أو قد يكون لديك كثير من الأفكار؛ لكنَّك ترفضها بسرعة كبيرة بدلاً من التمعُّن في كلٍّ منها لمعرفة إلى أين يمكن أن تأخذك.

إقرأ أيضاً: كيف تتحلى بالإبداع حينما تشعر أنَّك عاجز عن التفكير؟

7. الإنهاك:

عندما يكون جسدك منهكاً يكون عقلك كذلك ولا يمكنه العمل كما يحتاج، وعندما لا تحصل على قسط كاف من النوم وتنام متأخِّراً وتنهض باكراً ولا تحصل على التغذية السليمة وتُكثِر الجلوس، فإنَّ ذلك كله قد يتسبب بقفلة إبداعية تمنعك من أن تكون منتجاً في كتاباتك.

في الختام:

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء عن 7 أسباب لحالة قفلة الكاتب، وسنستعرض في الجزء الثاني والأخير من المقال 8 خطوات للتغلُّب عليها.




مقالات مرتبطة