قصة رائدة الأعمال التي كانت مفلسةً في سن الـ 22 وتقاعدت في سن الـ 28

"داندان زهو" (Dandan Zhu)... قصة رائدة الأعمال التي كانت مفلسةً في سن الـ 22 قبل أن تجني كفايتها من المال لتتقاعد في سن الـ 28. "كيف كانت تبدو حياتكِ المهنية حينما كنتِ تبلغين الـ 22؟"، طُرِحَ هذا السؤال عبر موقع (Quora)، وكانت "داندان زهو" (Dandan Zhu)، خبيرة التنقيب عن المواهب، والكوتش، والمستثمرة، والناشطة في مجال التدوين الصوتي أو الـ (podcasting) ضمن الذين أجابوا عنه.



في سن الـ 22 كنت أدير المطعم الصيني الذي تمتلكه عائلتي في مدينة بوستن، وكنت قد تخرجْتُ حديثاً من كليةٍ فخمة يدرس فيها ميسورو الحال. بيد أنَّني كنت أكره الأمور الماليّة وأيَّ عملٍ مرتبطٍ بالجلوس أمام شاشة الكمبيوتر واستعمال برنامج الإكسل وتحليل البيانات التي لا معنى لها. بمعنى آخر، لم يكن لديّ أدنى فكرة عمَّا سأفعله في حياتي.

كانت عائلتي في الوقت نفسه تمرّ بأوقاتٍ عصيبة، وكانت بحاجةٍ إليّ لتسيير أمور المطعم الصيني الذي تمتلكه، بينما كانوا جميعاً في هذه الأثناء متفرّغين لمتابعة مجموعةٍ متنوعةٍ من القضايا التجارية. فكان يجب عليّ تحمّل المسؤولية التي لم أكن سعيدةً بتحملها مع أنَّها منحتني وقتاً أكبر لاكتشاف نفسي.

وبينما كُنْتُ تائهةً في هذا العالم المنسيّ من خلال العمل دون أجرٍ لصالح عائلتي في وظيفةٍ لم يكن لديّ أيُّ شغفٍ تجاهها، عَلِمْتُ بأنَّ الحياة يجب أن تكون أكبر من ذلك. فبدأت بقراءة كتبٍ تحفيزيّةٍ تدعو إلى الاعتماد على الذات، وكان "زيغ زيغلار" (Zig Ziglar) أوَّل كاتبٍ منحني الأمل، وكان كتاب "ستيفين كوفي" (Stephen Covey) "العادات السبع للأشخاص الأكثر فعالية" أحد الكتب الأخرى التي كانت ذا تأثيرٍ عجيبٍ بالنسبة إليّ. وبَدَأْتُ كذلك بتأجير غرف منزلنا للأشخاص الذين بحثوا عبر الإنترنت عن مكانٍ يستأجرونه، وهو الأمر الذي كان نبوءةً لما سأقيمه من مشاريع على الصعيد العقاري في وقتٍ لاحقٍ من حياتي.

إقرأ أيضاً: 5 مهارات في التعامل مع الناس يجب على كل صاحب عمل أن يتقنها

فحصلت في تلك الأيام على فرصةٍ لإدارة شركةٍ وموظفين مع أنَّه كان يجب علي العمل سبعة أيامٍ في الأسبوع لثمانية شهور متتالية، فتعلّمت في ذلك العام العديد جداً من المهارات الثمينة والتي من ضمنها:

  • مهارات التعامل مع الناس، وخدمة الزبائن، والذكاء العاطفي، ومهارات الإدارة. كان يجب عليّ إدارة أشخاصٍ يبلغون من العمر ضعف ما أبلغ، فتعلّمت مهارات التفاعل مع البشر والتواصل معهم وكنت في الوقت نفسه أمارس الإدارة من خلال مراقبة العملاء، والمزوِّدين، واستراتيجية التسويق، والعمليات، والموظفين.
  • توقَّف دائماً لاستنشاق الزهور، واشعر بقيمة الأشخاص الذين حولك وما أنت فيه من نِعَم. ومع أنَّني كنت ظاهرياً أقوم بعملٍ متواضعٍ جداً موازنةً بما كان يقوم به زملائي العاملين في مجال الخدمات المصرفية الاستثمارية، إلَّا أنَّني نجحت في رفع حالتي المعنوية والاستمرار في بناء قيمتي الذاتية وثقتي بنفسي. ومع اكتظاظ جدول أعمالي بأسلوبٍ جنوني، حاولت متابعة القيام بالأمور الاعتيادية التي قام بها شخصٌ يبلغ من العمر 22 عاماً، كالخروج مع الأصدقاء. لقد كانت رائحة الطعام الصيني تفوح مني بكلّ تأكيد، وكان يجب على الجميع أن يقابلني في المطعم ريثما أتهيأ للخروج، ولكنَّنا كنا نقضي دائماً أوقاتاً رائعة، فلم ينساني أحدٌ من أصدقائي لأنّ عملي لم يكن في مؤسسةٍ فخمة، وبنيت العديد من الصداقات الجديدة التي ما زلتُ أعتزّ بها حتى يومنا هذا.
  • لا تأسف على شيء. تذكَّر أنَّك تستطيع إنجاز الأمور بوجهٍ مختلف لو كانت لديك الثقة بنفسك، وبأنَّك لست ضحية. فأنت اخترت بكامل وعيك القرارات التي اتخذتها، ولم يجبرك أحدٌ على ذلك تحت تهديد السلاح.

لقد كنتُ أشعر دائماً بشغفٍ تجاه الغناء، وقد أُتيحت ليَ الفرصة للذهاب إلى الصين للمشاركة في مسابقةٍ خاصةٍ شبيهةٍ بمسابقة "أميريكان آيدول"، ولكنَّني، لسوء الحظ، لم أتمكَّن من الذهاب لأنَّني اخترت ألَّا أتخلى عن مشروع العائلة، بالإضافة إلى أنّه لم يكن ثمَّة من يساعدني في إدارة العمل حينما أغادر لأجرب حظي مع النجومية.

في ذلك الوقت شعرت بأني أتعرض للاستغلال، وسوء المعاملة، والظلم بسبب الضغط الذي أتعرّض إليه نتيجةً لاعتماد العائلة عليّ في إدارة المطعم.

واعتقدتُ بأنَّه لولاهم لكنت أصبحت مشهورةً، أو لكنت حاولت أن أكون كذلك على الأقل. ولكنَّ الحقيقة هي أنَّني أدرك الآن بأنَّه لم يكن لدي الثقة التي تؤهلني لأصبح مغنّيةً محترفةً، رغم كون الغناء هوايتي المفضلة وأكثر ما أشعر بالشغف تجاهه. فكان عجزي عن الانضمام إلى المنافسة فعلياً خياري، إذ كان في إمكاني شراء تذكرة والتخلي عن عائلتي لو أنَّني كنت أؤمن حقاً بأنَّ لدي الإمكانات التي تؤهلني لأصبح نجمة غناءٍ مشهورةً في الصين.

ففي النهاية أنا التي قرّرتُ ألَّا أقوم بذلك، لذا فالخطأ ليس خطأهم وأنا من اتّخَذْتُ القرار. في ذلك الحين شَعَرَتْ عائلتي بالذّنب ونَدِمَتْ لأنَّني شعرت بالغضب تجاههم، في حين أنَّه كان واجبٌ عليّ أن ألقي باللوم على نفسي. حيث يُعَدُّ لعب دور الضحية أسوأ طريقةٍ يمكن أن تعامل بها نفسك والآخرين، فذلك وهمٌ يؤثّر سلباً على عقليتك وعلى علاقاتك مع الآخرين.

إقرأ أيضاً: 6 طرق تجعلك تعيش مثل رواد الأعمال

ساعدني سن الـ 22 في نهاية المطاف على التحرر من محاسبة الذات واستصغارها، وتوقفْتُ عن توبيخ نفسي وموازنتها بالآخرين، فقد كنت أبذل أقصى ما يمكن بذله في سبيل عائلتي ويجب ألَّا أخجل من ذلك. ومع أنَّني لم أكن أمارس عملاً يثير إعجاب الآخرين، إلَّا أنَّني كنت أقوم بما يصبّ في مصلحة عائلتي.

وأخيراً كان لديّ عامٌ لأفكّر فيه وحيدةً بنفسي وبنقاط القوّة التي أَمْتَلِكُهَا، إذ اكتشفت أنَّها كانت مهارات التعامل مع الناس. فلم أكن لأعرف تلك المهارات في ذلك الحين لولا التجربة التي مررت بها والتي طوَّرت مهارات التعامل مع الناس لدي بوجه مناسب.

وبالتالي، منحتني الكتب التي قرأتها الثقة بأنَّه حينما يستطيع الآخرون القيام بأمرٍ ما فأنا أستطيع القيام به أيضاً. وبذلك انتقلت خلال السنين التي قضيتها ما بين الـ 23 والـ 28 إلى عالم المبيعات وصرتُ واحدةً من أشهر خبراء التنقيب عن المواهب. ومن ثمّ تركت وظيفتي نظراً لمستوى الأمان الذي كنت أعيشه على الصعيد المالي بسبب التخطيط المحكم. فكنت في سن الـ 28 قادرةً على ترك عملي واستثماراتي.

أنا أعيش الآن في شقة في "بروكلن" (في نيويورك) أتقاسمها مع زملاء لي ليساعدوني على التخفيف من تكلفة الإيجار، وأعمل على نشر المعرفة التي اكتسبتها من أجل مساعدة الآخرين على تحقيق الحرية المالية من خلال العمل في البيع والاستثمار والإيمان بالنفس. في الوقت الحاضر أعمل كلّ يومٍ كالمعتاد، ولكن الآن أصبح العمل لحسابيَ الخاص ووفقاً لجدولي الزمنيّ. فأنا أكتب، وأُعلِّمُ، وأُلقي خطاباتٍ تحفيزية، وأمارس الكوتشينغ حول "طريقة داندان" المُتَّبعة للبحث عن عمل. كل ما أستطيع قوله هو أنَّ المستقبل مشرق، فآمن بذلك وتهيَّأ للرحلة.

 

المصدر.




مقالات مرتبطة