فيروس كورونا: كيف تتعامل مع شعورك بالتوتر والقلق؟

لقد عانى الكثير منَّا من التوتُّر في مرحلةٍ ما من حياته، والذي يمكن وصفهُ بأنَّه: شعورٌ بالإرهاق أو صعوبةٌ في التركيز، أو القلق والشعور بالارتباكِ أو الخوف. ومع الكمِّ الهائل من الأخبار التي نُشاهدها يومياً حول فيروس كورونا، فقد تشعرُ وكأنَّها تساهمُ في زيادة مستوياتِ التوتُّر والقلق لديك.



من الناحيةِ الجسدية، يستجيب جسم الإنسان للإجهاد والتوتُّر من خلال: زيادة معدَّل ضربات القلب، وتوتُّر العضلات، والإحساس بعدم الارتياح أو الغثيان.

ففي حينِ أنَّ التوتُّر بالجرعاتِ الصغيرة لا يُعدُّ بالضرورة أمراً سيئاً؛ لكنَّ الكثير منه يمكن أن يكون له آثارٌ ضارَّةٌ على صحتنا.

في هذه المقالة، سنُلقي نظرةً على سبب تعرُّضنا إلى التوتر، ثمَّ سنلقي نظرةً على بعض الأمورِ التي قد ترغب بتجربتها لمساعدتك في التعامل معه بشكلٍ أفضل.

ما هو التوتُّر؟

هو استجابة الجسمِ الطبيعية للتهديدِ أو الخطر. فإذا ما واجهنا إحساساً بالخطر، ستحدثُ تغيُّراتٌ في أجسامنا -مثل تحريض الدماغ- ممَّا يؤدِّي إلى إطلاقِ هرموناتِ التوتُّر، بما في ذلك الكورتيزول، وهو ما يخلقُ استجابة "الكرِّ والفر" في هذه الحالات.

وكلَّما زاد التهديد أو الخطر الذي نواجههُ أو الذي نتَّصوره، كلَّما زادت شدة هذه الاستجابة للتوتر.

بالنسبة إلى أسلافنا من البشر، كانت هذه الاستجابةُ التي تُطلق آليةً حاسمةً للبقاء في حالات التهديد، إذ كانت هذه الاستجابة توجِّهُ الجسم إمَّا إلى القتال أو الفرار من الخطرِ المُحدِق.

يمكن أن يكون المقدار الصغير من التوتّرِ مفيداً في حياتنا المُعاصِرة، حيثُ يمكن أن يُحافظ على تركيزنا، كأن يكون لدينا موعدٌ نهائيٌّ هامٌّ للعمل أو حدثٌ يتطلَّب منَّا الأداءَ الأمثل.

لكن من ناحيةٍ أخرى، إنَّ فترات التوتُّر المتكررة أو الطويلة يمكن أن تشكِّل مشكلةً لصحتنا العقليَّة والجسدية. فقد وجدت الأبحاث أنَّ زيادة مستويات التوتُّر يرتبط بانخفاض الحالةِ المزاجيةِ، ومشاكل الجهاز الهضمي بما في ذلك متلازمة القولون العصبي، ومشاكل النوم والذاكرة، والأعراض الجسدية الأخرى مثل: الصداع والإنفلونزا، وحتَّى بمستوى إدراك الألم لدينا.

أيضاً، يمكن أن يسبِّب هرمون التوتُّر (الكورتيزول) زيادةً كبيرةً في مُستوى سكر الدم (الجلوكوز).

في حياتنا المُعاصِرة، يمكن أن تكون مُعظم مصادر التوتُّر التي نُواجهها مَبعثاً للقلق بالنسبةِ إلينا، لكنَّها ليست مُهدِّدة للحياة في أغلب الحالات كما كان عليهِ الحال منذ آلاف السنين.

قد تشمل الضغوطات أو مصادر التوتر حالياً: مخاوفَ تتعلَّق بالمالِ والعملِ والضغوط الاجتماعية. وعلى الرغم من أنَّ جسمنا يُطلِقُ استجابةَ "الكر والفر" عندما نواجه هذه التحديات، إلَّا أنَّ هذه الاستجابة لن تساعد في كثيرٍ من الأحيان.

بالإضافةِ إلى ذلك، ومع استمرار التحديات اليومية، يمكن أن نُصبحَ أكثرَ حساسيةً تجاه الضغوطات، ونصبح أكثرَ توتراً؛ وهو بالتأكيد أمرٌ غير مفيدٍ غالباً. قد يكون من الهامِّ اتخاذُ خطواتٍ لإدارة مستويات التوتُّر بفاعلية. وفي الوقت الذي لا نملكُ القدرةَ على إزالةِ جميع العوامل التي تسبِّب لنا التوتُّر، إلَّا أنَّ هناك بالتأكيد بعض الأمور التي يمكننا القيام بها لمساعدتنا في التعاملِ معه والتخفيفِ منه.

إقرأ أيضاً: التوتر النفسي: مُهدّد للحياة أم مُلهِم لها؟

ما الذي يمكنك القيام به لمساعدتك في التعامل مع التوتُّر؟

لقد ثَبتَ أنَّ تمرينات التنفس وبعض المُمارسات مثل اليقظة الذهنية، تُخفِّف بشكلٍ كبيرٍ من مستويات التوتُّر. في أثناء ممارسة ذلك، حاول أن تأخذ الوقت الكافي كي تُلاحظَ تأثيرها في مزاجك ومستويات التوتُّر لديك.

كما يمكنكَ أيضاً التفكير في اتِّباع ممارساتِ الاسترخاء مثل: اليوغا و"التاي تشي"، ودمجها في روتينك اليومي؛ حيثُ يُمكن أن يساعد ذلك في تحويل انتباهك بعيداً عن الأفكار الباعثة على التوتر، ويُساعد في إطلاق استجابة الاسترخاء في أجسامنا.

من ناحيةٍ أخرى، يُمكن أن يكون النشاط البدني أداةً مفيدةً أيضاً لإدارة التوتُّر. فقد أظهرت الأبحاثُ أنَّ ممارسة التمرينات المنتظمة يُمكن أن تقلِّل من المستويات القاعدية لهرمونات التوتُّر على المدى الطويل؛ ممَّا يعني أنَّنا لن نشعر بالتوتُّر بتلك البساطة كما كُنَّا من غير التمرينات.

يمكنكَ البدء باختيار تمرينٍ منخفض الشدة مثل المشي، ثمَّ زيادة مقدار النشاط الذي تمارسه تدريجياً.

بالإضافةِ إلى ذلك، فإنَّ التغذية الجيِّدة هامَّةٌ أيضاً، حيث أنَّ تناول الطعام الجيد يوفِّر الفيتامينات والمعادن الأساسية، لكنَّه لا يزيد مستويات السكر في الدم كثيراً، وهو أمرٌ في غاية الأهمية للحفاظ على صحَّة العقلِ والجسم على حدٍّ سواء.

كما يجد بعض الأشخاص أنَّ اتخاذ خطواتٍ كهذه يُمكن أن يساعد أيضاً في تقليل الرغبة الشديدة بتناول الأطعمة السكرية عالية الكربوهيدرات، والتي قد نختار تناولها عندما نشعرُ بالتوتُّر أو الإجهاد.

بالنسبةِ إلى بعض الناس، يمكن أن تسبِّب زيادة استهلاك الكافئين التوتُّر، وتُساهم في استجابة الجسم لهُ؛ لذا فإنَّ الحدَّ من تناول المشروبات التي تحتوي على الكافئين قد يساعد في تخفيف التأثيرات الجسدية للتوتُّر، بما في ذلك الشاي والقهوة والكولا أو مشروبات الطاقة. حيثُ أنَّ هذه الأنواع من المشروبات قد تجعلنا نشعر بالقلق بسبب محتواها من الكافئين، والذي يعمل كمُنشِّطٍ للجهاز العصبي في الجسم، بغضِّ النظر عن كمية السكر الكبيرة التي تحتويها.

لذا، بدلاً من هذه المشروبات التي تحتوي على الكافئين، يمكنك تجربة أنواع المشروبات الأخرى التي لا تحتويه مثل النعناع، أو حاول أن تشربَ أصناف المشروبات الخالية منه.

إقرأ أيضاً: نصائح للتخلص من سيطرة الكافيين على جسدك

وفيما يخصّ العمل، إذا كُنت تواجه الكثير من المتطلبات على عاتقك، فقد يساعدك التفكير في تحديد أولوية المهام الأكثر أهميةً، حيث يمكن أن يساعدك ذلك في الشعور بالسيطرة على الأمور بشكلٍ أكبر، والتخفيف من الإرهاق عموماً.

فكِّر في كتابة قائمةِ مهام، وفيما يجب القيام به اليوم، وفيما يمكن تأجيله ليومٍ آخر.

قد يكون من المفيد أيضاً إعدادُ قائمةٍ لليوم التالي قبل الخلود إلى النوم ووضعها جانباً، الأمر الذي يمكن أن يُساعد في منع اجترار الأفكار أو القلق خلال الليل.

وبناءً عليه، كيف تعتقد أن التعامل بشكلٍ أفضل مع الإجهاد يمكن أن يُحسِّنَ صحَّتك؟ وما الذي قد تلاحظه؟

قد تجد أنَّ تقليل مستويات التوتُّر سيسهِّل عليك النوم، أو ينظِّم مستويات السكر في الدم لديك، كما سيؤثِّر بشكلٍ ايجابيٍّ في صحتك الجسدية والعقلية بشكلٍ عام.

 

المصدر




مقالات مرتبطة