في اليوم العالمي للإبداع، ما هو الإبداع؟ وما هي أهم صفات المبدعين؟

المُبدع: هو رجلٌ أكثرُ بدائيةً وتَحضُّراً وتدميراً، وجنوناً، وعَقلانيةً من أيِّ رجلٍ عادي، هكذا عَرَّفَ فرانك براون الرجُل المبدع. أمَّا ريتا براون فهي تقول: يأتي الإبداع من الثقةِ؛ لذا ثِق بغرائزك ولا تأمل أكثر ممَّا تَعمل.



فالإبداع هو العَمل الذي يَنتُج عنه عملٌ جديدٌ غير مألوف، ويَتَقبَّلُه المُجتمع وأفراده على أنَّه عملٌ نافِعٌ للبشريةِ بأجمَعها؛ كما أنَّ الإبداعَ يُعدّ من أهم المزايا التي وهَبنا إيَّاها المولى عزَّ وجل، وميَّزنا بها عن باقي المَخلوقاتِ الحيّةِ، ومن خلالها استطاعَ بنو البشر التَطوُّرَ وإنشاء الحَضارات.

يُعدّ الإبداع أحدِ العَملياتِ التي تؤدِّي إلى تَطورِ نِتاجاتٍ تَتَصِفُ بالحداثةِ والجديَّة من خلال تمويل أشياء في بيئة الإنسان، ويجبُ أن يَستَنِدَ إلى معاييرٍ ومبادئ وضعية.

حَسناً، لكن ما هو الابتكار؟ الابتكار مَقدرةُ الشخصِ على إيجادِ أساليب وأفكارٍ ومَفاهيمَ جديدةٍ، وإنجازها بشكلٍ غيرِ مألوفٍ لدى الأشخاص الآخرين، كمَّا يُعبِّرُ عن استطاعةِ الشخصِ وقُدرتهِ على استخدامِ الأفكارِ والمَعلوماتِ والأدواتِ المُتوفِّرة بأسلوبٍ فَريدٍ ومُستَحدَثٍ (مُبتكر).

ما هو الفارق بين الإبداع والابتكار؟

تَتَمَثَّل الفروقات بينَ الإبداع والابتكار بما يلي:

  1. يُعدّ الإبداع بأنَّه القُدرَة على إيجاد فكرةٍ غير عادية، بَينما الابتكار: القُدرة على تَنفيذِ الأفكارِ بأسلوبٍ مُحدَثٍ غيرُ تقليدي.
  2. يكون الإبداع ناتجاً عن الخيالِ، بينما يكون الابتكار حَصيلةَ العَمليات الإنتاجيةِ.
  3. لا نَستطيع قياسَ نسبةِ نَجاحِ الإبداعِ، بينما يَتعلَّق الابتكار بالإنتاج؛ لذلك نَستطيعُ قياسَ درجةِ الابتكار ونِسبة نجاحه.
  4. يكون الإبداع ولادةً لأفكارٍ جديدةٍ، بينما الابتكار هو وجود شيءٍ على أرضِ الواقع يكونُ جديداً وفريداً من نَوعه.
  5. لا يَتطلَّب الإبداع تكاليفاً ماديةً، بينما يَتطلَّبُ الابتكار ذلك، كونهُ يَتمثَّلُ بعملياتِ تنفيذٍ للأفكارِ والمُقترحاتِ المُبتكرة.

صفات وخصائص الأشخاص المُبدعين؟

  1. أول هذهِ الصفاتِ هو الذكاء.
  2. لديهم ثقةٌ بالنفسِ، تساعدهم في تحقيقِ جميعِ أهدافهم.
  3. لديهم مستوىً جيدٌ من الثقافةِ والتأهيل.
  4. لديهم القُدرةُ على تَنفيذِ أفكارهم الإبداعية.
  5. اليَقظةُ والوعي والإحاطةِ بما يَدورُ حولهم.
  6. غالباً ما يمرُّون بمرحلةٍ طفوليةٍ غير مُستقرة، ممَّا يُعزِّزُ الاندفاعَ على إثباتِ الوجودِ، وإثباتِ الذات.
  7. يُفضِّلونَ العَملَ بدون وجود قوانينٍ وأنظمة.
  8. لديهم القوةُ، والقُدرةُ في الثباتِ على الرأي، والجُرأة، والإقدام، والمُجازَفَة، والمُخاطرة؛ إذ تَحتاجُ مرحلةُ الاختبارِ إلى شَجاعةٍ عندَ تقديمِ أفكارٍ لم تُطرَح من قَبلُ.
  9. لديهم ميولٌ دائمٌ إلى عَدمِ الرضا عن الوَضعِ الراهنِ، والفُضولِ والبَحثِ.
  10. لديهم القُدرةُ على استنتاجِ الأمور، فلا يَرون الظواهِرَ على عِلّاتها، بل يقومون بتَحليلها، ويُثيرون التَساؤلاتِ والشُكوك بشكلٍ مُستَمرٍ حتَّى في أدقّ التَفاصيل.
  11. لديهم شيءٌ من الأنانية، لذلك فهم يُركِّزون على العَملِ الفردي لإظهارِ قُدراتهم وقابليتهم.
  12. لديهم انتماءٌ إلى العمل، وقُدرةٌ كبيرةٌ على الاندماجِ فيه.
  13. يُرَكِّز المُبدعون على المَهمَّات، ويَبتعدونَ بشكلٍ كاملٍ عمَّا يُشَتِّتُ أفكارهم.
  14. يَتصفونَ بالأمانةِ، والشجاعةِ، والحِرصِ على الإقدامِ والمُثابَرة.
  15. المُبدعون بشكلٍ عامٍ لديهم القُدرةُ على جَذبِ الجَماهير.
  16. المُبدعون بحاجةٍ إلى الدَّعم والثناء.
  17. أغلب المُبدعين لديهم صِفةٌ مُشتركة، وهي عَدَمُ الاهتمامِ بالحياةِ الاجتماعية ولا بالحياةِ الشخصيةِ، واعتِبارها مَضيعةً للوقت.
  18. يُقاومونَ الضغوطات الخارجية والقُيود المَفروضَة، ويَميلونَ بشكلٍ كبيرٍ إلى حُبِّ التَحرر.
  19. عدمُ التَمسُكِ بالأعرافِ والإتيكيتِ وقَواعدِ السُلوك، والتَصرُّف بطريقةٍ غيرِِ تَقليدية.
  20. يُعانونَ دائماً من شدةِ التَوتُرِ والانفِعال.
  21. غالباً ما يُعبِّرونَ عن العواطِف بِصراحة، وقوة، وبصورةٍ مُباشرة، أو غير مُباشرة.
  22. يكونون دائمي الانشغالِ الذهني، والتَخطيط، والتَبَّصُرِ بالأمور.
  23. لديهم القُدرةُ على التنظيم الذاتي.
  24. يُعانونَ من حالاتِ الكآبةِ والتوتُرِ من حينٍ إلى آخر.
  25. غالباً ما يكونُ المُبدِعُ هو المولود الأول.
  26. يمكن أن يكون المُبدع قد عانى من فُقدان أحد الوالدين.
  27. تكونُ الأجواء الأسرية للمُبدعين غَنيةً بالخبرات والتَنوع.
  28. يَستمتع أغلبُ المُبدعينَ بالشُهرة ويُثابرون على العمل.
  29. لديهم قيمٌ نَظريةٌ وجَماليةٌ مُرتفعة.
  30. يَتمتَّعونَ بحساسيةٍ زائدة ورومانسيةٍ كبيرة.
إقرأ أيضاً: مفهوم الإبداع ومعوقات التفكير الإبداعي

أنواع الإبداع:

الإبداعُ لا حدودَ لهُ، ويَظهَرُ في جميعِ المَجالات، وخُصوصاً في ظل التَطور المُتَسارع في عالمِنا، وليسَ بالإمكان حَصرُ أنواع الإبداع في مَجالاتٍ مَحدودة. نَذكرُ لكم بعضَ أنواعِه:

  1. الإبداعُ اللغوي: وتَظهرُ فيهِ مهاراتُ الإلقاءِ والخطابة.
  2. الإبداعُ الحرفي: يَظهرُ في مَجالِ الحِرفِ والمِهن الحرفية.
  3. الإبداعُ الأدبي: يَظهرُ في مَجالِ الأعمالِ الأدبيةِ مثل: الرواياتِ والشعرِ.
  4. الإبداعُ الصناعي: ويَظهرُ هذا النوع من الإبداع في المَجالات التَشغيلية، والمَصانِع والمَعامل.
  5. الإبداعُ العلمي: يَظهرُ في جميعِ المَجالات والتَخَصُّصَات العلمية مثل: الرياضيات وعلم النّفس.
  6. الإبداعُ التكنولوجي: يظهر في جميعِ المَجالاتِ الرقميةِ، والتقنيةِ ووسائل الميديا.

اليوم العالمي للإبداع والابتكار:

لقد احتُفِلَ باليوم العالمي للإبداع والابتكار لأوّلِ مرةٍ في 21 نيسان عام 2002، لكن وفي عام 2006م تحوَّلَ هذا اليوم إلى أسبوعٍ من 12 نيسان إلى 21 نيسان، وقد مُدِدَّ الاحتفالُ إلى أسبوعٍ كاملٍ لإفساح المَجالِ للناسِ لزيادةِ الوعي بدورِ الإبداعِ والابتكار في حلِّ المُشكلاتِ أولاً، ومن ثُمَّ دَوره في التنميةِ الاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والتَنميةِ المُستدامة. كما يُصادَفُ في هذا الأسبوع أيضاً في يوم 15 نيسان تحديداً، يومَ ميلادِ ليوناردو دافنشي، وهو المُعلِّمُ في الإبداع في مَجالاتٍ مُختلفةٍ ومُتعددةٍ من العُلومِ والفنون.

ولكن وبكلِّ تأكيدٍ لن نَنسى فَضلَ عُلمائنا العرب في تَطوُّرِ البَشريةِ والحياةِ الإنسانيةِ بكُلِّ مَجالاتها في: الطبِ، والهَندسةِ، وعلم الأدويةِ، والرياضياتِ، والفَلكِ، والفَلسفةِ، والكيمياءِ، والجُغرافيا، وغيرها من العُلومِ الأخرى. وسَنَذكُرُ بعضاً من عُلمائنا المُبدعين العرب:

1. ابن بطوطة:

من منَّا لا يَعرِفُ كتابَ (تُحفةَِ الأنظار في غَرائبِ الأمصار وعَجائب الأسفار)؟ هذا الكتابُ الأشهَرُ لابن بطوطة، والذي يُعدُّ من أهمِّ الجغرافيين على مدى التاريخِ والأزمنةِ، حيثُ أنَّهُ قَطَعَ أكثرَ من 75000 ميلٍ من المَسافاتِ بمُفردهِ. كما أنَّ كتابهُ هذا تُرجِمَ فيما بَعد إلى لغاتٍ عديدةٍ منها: اللغةُ الإسبانيةُ، واللغةُ الألمانيةُ، واللغةُ الفرنسيةُ، واللغةُ الإنكليزيةُ. وقامَ بأول رحلةٍ عندما كان في الـ 21 عاماً، وكانَ ذلكَ سنةَ 1325م، عَبَرَ من خلالها الجزائر، وتونس، ومصر، والسودان، وفلسطين، وسوريا، وصولاً إلى مكة المُكرمة. وقد وُلِد ابن بطوطة في مدينة طنجة في المغرب سنة 1304م، وتوفي في مرَّاكش عام 1377م.

2. ابن النفيس:

وهو أبو الحسن علاء الدين علي بن أبي الحزم الخالدي المخزومي القَرَشي الدمشقي، المُلقَّبِ بابن النفيس. وُلِدَ في دمشق عام 1213م، وعاشَ فيها، وهُناكَ دَرسَ الطب، ثمَّ انتَقل إلى القاهرة، وعُيِّنَ رئيساً لأطباء مصر، كما أنَّهُ كان الطبيب الخاص للسُلطانِ الظاهر بيبرس بين عامي 1260م و1277م، وتوفي في القاهرة عام 1288م، بَعدَ أن مَرِضَ مَرضاً شَديداً لمُدةِ 6 أيامٍ، وقد حاولَ بعضُ الأطباء علاجَهُ بالخمرِ عندما كان يُعاني أشدَ الألمِ، ولكنَّهُ رَفضَ وقالَ: "لا ألقى الله وفي جوفي شيءٌ من الخمر".

ابن النفيس هو من اكتشفَ الدورةَ الدمويةَ الصُغرى، كما أنَّ لهُ كُتباً ومؤلَّفاتٍ كثيرةً في الطبِّ، نَذكُرُ منها:

  1. الشاملُ في الصناعة الطبية: وهو أضخَمُ موسوعةٍ طبيةٍ في التاريخ، كُتبَت من قبلِ شَخصٍ واحدٍ، وتتكوَّنُ مسودَّتها من ثَلاثمئةِ مُجلدٍ، بُيِّضَ منها ثمانون فقط، وتُعدُّ هذه الموسوعةُ الصياغة النهائية والمُكتَملة للطبِ والصيدلة للحضارةِ العربيةِ الإسلامية في العُصورِ الوسطى.
  2. شرح تشريح القانون، وفيه وصَفَ الدورةَ الدمويةَ الصُغرى.
  3. شرح فُصولِ أبُقراط.
  4. موجز القانون، أو الموجزُ في الطب.
  5. المُختارُ في الأغذية.

كما أنَّ لهُ مؤلَّفاتٌ غيرُ طبيةٍ، نَذكُرُ منها:

  1. في اللغةِ: (طريقُ الفصاحة).
  2. في السيرة النبوية: (الرسالة الكاملية).
  3. في المَنطقِ والطبيعةِ، والحسابِ، والفَلَكِ، والعُلوم الإلهية: (شرح كتاب الشفاء لابن سينا).

3. يعقوب بن اسحاق الكندي:

هو أبو يوسف يعقوب بن إسحاق الكندي، وُلِدَ في مدينةِ الكوفة في العراق عام 805م، عاشَ في البَصرةِ مَطلعَ حَياته، وبَعدها انتقلَ إلى بغداد. بَرَعَ في الفَلكِ، والفيزياء، والفَلسفة، والكيمياء، والرياضيات، والطبِّ، والموسيقى، وعلمِ النَفسِ، والمَنطق. ولا يَزالُ الكندي من أعظمِ الفلاسفةِ من ذوي الأصلِ العربي، ويُلقَّبُ بفيلسوف العرب، أو أبو الفَلسفةِ العربية. كما كانَ لهُ دورٌ عظيمُ في نَقلِ وتَرجمةِ الفَلسفةِ اليونانية إلى اللغةِ العربية، وقامَ الكندي بإدخالِ الأرقام الهندية إلى العَالمينِ العربي والمَسيحي آنذاك، وكانَ مُبدعاً في مَجالِ تَحليلِ الشِيفراتِ، واستحداثِ أساليبَ جديدة لفَكِها، كما أنه وَضَعَ مِقياساً يَسمحُ للأطباء بقياسِ فاعلية الدواء، وكانَ أول من أدخل كلمة موسيقى، وأول من وَضَعَ قواعد للموسيقى في العالمِ العربي، وأضافَ الوتر الخامسَ إلى العودِ.

نَذكرُ لكم بعضاً من مؤلَّفاته في شتى العُلومِ والمَجالات:

  1. في مجالِ الفَلسفةِ: "الفَلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات والتوحيد"، و"رسالةٌ في ألا تنال الفلسفة إلَّا بعلم الرياضيات".
  2. في مجالِ المَنطق: "رسالةٌ في الاحتراس من خدع السفسطائيين".
  3. في مجالِ الفَلَك: "رسالةٌ في علل الأوضاع النجومية" و"رسالةٌ في ظاهريات الفلك".
  4. في مجالِ الطب: "رسالةٌ في وجع المعدة والنقرس" و"رسالةٌ في الطب الأبُقراطي".
  5. في مجالِ الحِساب: "رسالةٌ في تأليف الأعداد" و"رسالةٌ في النسب الزمنية".
  6. في مجالِ الفيزياء: "رسالةٌ في المد والجزر" و"رسالةٌ في اختلاف مناظر المرآة".
  7. في مجالِ الكيمياء: "رسالةٌ في كيمياء العطر" و"رسالةٌ في التنبيه على خدع الكيميائيين".
  8. في مجالِ التصنيف: "رسالةٌ في أنواع الجواهر الثمينة وغيرها" و"رسالةٌ في أنواع الحجارة".
  9. في مجالِ الموسيقى: "رسالةٌ في المدخل إلى صناعة الموسيقى" و"رسالةٌ في الإيقاع".

وغيرها من المَجالات التي أبدعَ فيها الكندي.

توفي الكندي في بَغداد عام 873م، عن عُمرٍ يُناهِزُ 68 عاماً.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للخروج بأفكار إبداعية جديدة

ختاماً، اخترنا لكم بعضاً من الأقوالِ في الإبداعِ والابتكار، لعلَّها تكونُ حافزاً ودافعاً لأفكارٍ جديدةٍ مُلهمةٍ للعقول:

  • إنَّ استجلاب الأفكارِ من الأفكارِ يكونُ أفضل، ويُؤتَى بثِمارِهِ إذا كانَ هُناكَ حافزٌ قويٌ للإبداعِ والابتكار (أحمد الضبع).
  • الابتكار والإبداعُ هو ما يُميُّزُ بينَ القائدِ والتابعِ (ستيف جوبز).
  • الابتكار هو قَولُ لا لألفِ شيءٍ وشيء (ستيف جوبز).
  • القُدرَةُ على الابتكار مَوهبةٌ أودَعَها الله في كُلِّ عَقل، كُلُّ ما عَليكَ أن تَبدأ (مصطفى محمود).

 

المصادر: 1 ، 2 ، 3




مقالات مرتبطة