فوائد الحمية الخالية من الجلوتين لمرضى التهاب القولون التقرحي

لقد عانَت خبيرة التغذية والمتخصصة في علاج الأمراض المزمنة هيذر هانكس (Heather Hanks) لسنوات طويلة من أعراض التهاب القولون التقرحي (Ulcerative Colitis)، ومن ذلك الانتفاخ الشديد، والغازات، والألم، والإمساك، وسلس البراز، وغالباً ما احتاجت إلى دخول العنايَّة المشددة بسبب النوبات الشديدة.



لكن عندما توقفت عن تناول الجلوتين (Gluten)، وهو بروتين موجود في الحبوب مثل القمح والشعير والشيلم تغيَّر كل شيء؛ إذ توضِّح هانكس أنَّها استعادَت السيطرة على جهازها الهضمي عندما اتبعت حميةً خاليةً من الجلوتين، وأجرت تعديلاتٍ أخرى على نظامها الغذائي، فهي الآن تعيش حياة طبيعيَّةً وتتمتع بصحة جيدة.

ليست هانكس وحيدةً في ذلك؛ إذ أبلغ عدد من المصابين بالداء المعوي الالتهابي (IBD)، الذي يشمل التهاب القولون التقرحي وداء كرون (Crohn)، عن تحسُّن في أعراضهم بعد الاستغناء عن الجلوتين، ووَفقاً لإحدى الدراسات، أفاد نحو 8% من المصابين بهذا الداء أنَّهم يتبعون حميةً غذائيةً خاليةً من الجلوتين، وبشكل عام لاحظ ما يقارب من 66% منهم تحسُّناً في أعراضهم؛ إليك ما تحتاج إلى معرفته إذا كنت تفكر في اتباع هذه الحمية الغذائية.

Ulcerative colitis

ما هو الرابط بين الجلوتين والداء المعوي الالتهابي؟

لطالما اشتبه الباحثون بوجود صلة بين الداء البطني (الزلاقي) - وهو رد فعل مناعي ناتج عن تناول الجلوتين - وبين الداء المعوي الالتهابي.

وجد تحليل نُشر في مجلة غاستروإنترولوجي (Gastroenterology) أنَّ المصابين بالداء الزلاقي كانوا عرضةً للإصابة بالداء المعوي الالتهابي أكثر من الأشخاص الطبيعيين بـ 9 أضعاف.

يعدُّ كل من الداء الزلاقي والداء المعوي الالتهابي من أمراض المناعة الذاتية، وفي بعض الأحيان، عند وجود التهاب وحالة مناعية ذاتية مزمنة، قد يميل الناس إلى الإصابة بأكثر من حالة واحدة.

عندما يتناول المصاب بالداء الزلاقي الجلوتين، تُثار استجابة مناعية في الأمعاء الدقيقة، وقد يؤدي ذلك إلى الإسهال، والانتفاخ، والإمساك، والغثيان، والإقياء، وكذلك التعب، وفقدان الوزن؛ ونظراً لأنَّ الداء المعوي الالتهابي يُسبب أيضاً عدداً من هذه الأعراض، فمن السهل أن نرى كيف يمكن أن يؤدي الداء الزلاقي غير المضبوط إلى تفاقم الأعراض الهضميَّة عند المريض.

لكن ماذا عن مرضى الداء المعوي الالتهابي الذين لا يعانون من الداء الزلاقي؟ حتى لو لم يُشخص الداء الزلاقي، ما يزال من الممكن الإصابة بعدم تحمل الجلوتين أو الحساسية تجاهه، وهو ما يسميه الخبراء حساسية الجلوتين اللابطنية (Non-celiac gluten sensitivity).

بالنسبة إلى أولئك الذين يعانون من هذه الحالة، ما يزال من الممكن أن يؤدي تناول الجلوتين إلى ظهور الأعراض مثل الانتفاخ، وآلام البطن، والإسهال، والإمساك، بالإضافة إلى الطفح الجلدي والصداع وتغيب الوعي، وفقاً لمركز مايو كلينيك (Mayo Clinic).

بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من الداء المعوي الالتهابي وحساسية الغلوتين معاً؛ فإنَّ تناول الجلوتين يمكن أن يسبب لهم انزعاجاً هضميَّاً أو يزيد من أعراضهم.

المشكلة هي عدم وجود اختبار لتشخيص حساسية الجلوتين اللابطنية؛ لذا إنَّ تحديد الإصابة بها يتطلب الامتناع عن تناول الجلوتين ومراقبة تحسُّن الأعراض.

شاهد بالفيديو: 7 مهيجات للقولون العصبي عليك أن تبتعد عنها

هل يخفف الاستغناء عن الجلوتين أعراض الداء المعوي الالتهابي؟

على الرَّغم من عدم وجود علاج شافٍ للداء المعوي الالتهابي، فقد يكون الاستغناء عن الجلوتين جزءاً هاماً من ضبط الأعراض بالنسبة إلى بعض المرضى.

إذا كنت تعاني من الداء المعوي الالتهابي والداء الزلاقي في نفس الوقت، فيجب عليك فوراً إزالة الجلوتين من نظامك الغذائي؛ ورغم أنَّ ذلك لن يؤدي إلى شفاء الداء الالتهابي، إلا أنَّه سيساعد على تخفيف الالتهاب في الأمعاء الدقيقة، مما يوفر بدوره بعض التحسن في الأعراض الهضمية.

لكنَّ الإجابة أقل وضوحاً بالنسبة إلى المرضى الذين يعانون من الداء المعوي الالتهابي دون الإصابة بالداء الزلاقي، وفي حين أنَّ الأدلَّة لم تُظهر بشكل قاطع أنَّ الجلوتين يؤدي إلى تفاقم أعراض الداء المعوي الالتهابي؛ فإنَّ معظم المصابين به يجدون أنَّ بعض الأطعمة تميل إلى تحفيز النوبات، وإنَّ استبعاد هذه المهيجات من نظامك الغذائي، يساهم كثيراً في مساعدتك على الشعور بالتحسُّن.

بالنسبة إلى بعض المرضى، قد يكون الجلوتين أحد تلك المهيجات، وفقاً لاستطلاع أفاد فيه 56% من المشاركين أنَّهم يعانون من انتفاخ أقل عندما يتبعون الحمية الخالية من الجلوتين، وَأبلغ 46% عن انخفاض في الإسهال، وَ41% كان لديهم آلام بطنية أقل، وَ38% كان لديهم نوبات أقل، وقد أشارت دراسات صغيرة أخرى أيضاً إلى تحسُّن الأعراض، لكن في بعض الحالات لم يتمكن الباحثون من قياس أو شرح التحسُّن شرحاً دقيقاً.

بعبارةٍ أخرى، توجد بعض الأبحاث التي تدعم العلاقة بين الحمية الغذائيَّة الخالية من الجلوتين، وتحسُّن أعراض الداء المعوي الالتهابي لدى الأشخاص غير المصابين بالداء الزلاقي، وقد لاحظ معظم الأفراد هذا التحسُّن، لكن في الوقت الحالي، ما يزال الدليل غير قوي بما يكفي لتوصية كل مريض مصاب بالداء المعوي الالتهابي أن يتوقف تماماً عن تناول الجلوتين.

إقرأ أيضاً: 4 أعشاب فعّالة لتهدئة القولون المتهيج

هل يجب عليك اتباع الحمية؟

إذا لم تكن مصاباً بالداء الزلاقي، ولكنَّك تشك بأنَّ الجلوتين يحرِّض ظهور أعراض الداء المعوي الالتهابي، فلا ضرر في تجربة نظام غذائي خالٍ من الجلوتين لتتأكد ما إذا كان مفيداً.

لكنَّك تحتاج إلى اتخاذ خطوات دقيقة للتأكد من أنَّك تتجنب الجلوتين تماماً لفترة محددة من الوقت، ولكي تتأكد ما إذا كان يؤدي إلى ظهور الأعراض لديك، من المحتمل أن يستغرق الأمر أسبوعين على الأقل من تناول الطعام الخالي من الجلوتين لملاحظة أي فوائد محتملة، ويحتاج كثيرون إلى فترة أطول مثل أربعة إلى ستة أسابيع.

قبل الاستغناء عن الجلوتين، احصل على موافقة طبيب الأمراض الهضمية، واستشر اختصاصي تغذية متخصص في الداء المعوي الالتهابي؛ إذ يمكنهم مساعدتك على تحديد مصادر الجلوتين في نظامك الغذائي وقراءة الملصقات الغذائيَّة للعثور على مصادر أقل وضوحاً للجلوتين، مثل الصلصات المعلبة وتوابل السلطة، ويمكنهم أيضاً مساعدتك على تعويض أي نقص في العناصر الغذائيَّة الذي قد ينجم عن الاستغناء عن الأطعمة المحتوية على الجلوتين، مثل: الخبز، والمعكرونة المصنوعة من القمح.

إقرأ أيضاً: 6 أطعمة تحصنك ضد سرطان القولون

في الختام:

في بعض الحالات، يتمكَّن الأشخاص الذين يعانون من حساسية خفيفة تجاه الجلوتين في النهاية من إعادة إدخال الجلوتين في وجباتهم الغذائية بكميات صغيرة دون أي مشكلة؛ إذ يعتمد الأمر على مدى حساسيتك تجاهه، وفي معظم الأحيان قد يكون الناس قادرين على تحمُّل القليل من شيء ما، لكن عندما يفرطون في تناوله، فإنَّ الأعراض تظهر مجدداً.

المصدر




مقالات مرتبطة