فضل العمرة في شهر رمضان وأحكامها

تعتبر العمرة من أهم الأعمال الدينيّة التي يقوم بها الإنسان المسلم ليتقرب من الله سبحانه وتعالى، ويستمتع بزيارة مكة المكرمة وقبر رسول الله محمد عليهِ الصلاة والسلام، وللعمرة في شهر رمضان المبارك روحانيات خاصة وطقوس مميزة تختلف قليلًا عن العمرة في باقي شهور السنة، فيما يلي سنُسلّط الضوء على فضل العمرة في شهر رمضان المبارك، تعريفها، وأحكامها.



أولًا: تعريف العمرة

العمرة هي زيارة الإنسان المسلم لبيت الله الحرام تقربًا من الله تعالى ورسوله الكريم، طالبًا من الله رضاه ومغفرته، وتقوم العمرة شرعًا على الإحرام، عن طريق الطواف ببيت الله الحرام، والسعي بين الصفا والمروة، والقيام بكافة أركان العمرة وشروطها، كحلق الشعر أو تقصيره، ويُمكن للمسلم أن يقوم بالعمرة لمرة واحدة في حياتهِ أو أكثر وذلك بحسب قدراتهِ وإمكانياتهِ الجسميّة والماليّة.

ولقد ذكرت العُمرة في بعض آيات القرآن الكريم مثل:

  • قال اللهُ سبحانه وتعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ).

كما وذكر فضل العمرة في العديد من الأحاديث النبوية الشريفة مثل:

  • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلّا الجنّة).
  • عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تابعوا بين الحج والعمرة، فإنّهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير، خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحج المبرور ثواب إلّا الجنة).
  • عن عبد الله ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أقفل من الغزو أو الحج أو العمرة يبدأ فيكبر ثلاث مرار، ثم يقول : (لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. آيبون تائبون، عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده).
  • عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم موافين لهلال ذي الحجة، فقال لنا: من أحب منكم أن يهل بالحج فليهل، ومن أحب أن يهل بعمرة فليهل بعمرة، فلولا أني أهديت لأهللت بعمرة. قالت: فمنا من أهل بعمرة، ومنا من أهل بحج، وكنت ممن أهل بعمرة، فأظلني يوم عرفة وأنا حائض، فشكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: ارفضي عمرتك، وانقضي رأسك، وامتشطي وأهلي بالحج. فلما كان ليلة الحصبة أرسل معي عبد الرحمن إلى التنعيم، فأهللت بعمرة مكان عمرتي.
  • لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم من حجته، قال لأم سنان الأنصارية: ما منعك من الحج. قالت: أبو فلان، تعني زوجها، كان له ناضحان حج على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا قال: فإن عمرة في رمضان تقضي حجة معي.

ثانيًا: أوقات أداء العمرة

ليس للعمرة وقت محدد وخاص، حيث يستطيع الشخص أن يقوم بها في أي وقت يُناسبه، إلّا أوقات الحج، وذلك لأنّها أوقات مُحددة فقط للقيام بفريضة الحج، ولكن هناك أشهر محددة يحصل الإنسان فيها على أجرٍ مضاعف في حال قام بالعمرة خلالها كشهر رمضان مثلًا.

ثالثًا: شروط العمرة أركانها ومستحباتها

تتمثل شروط العمرة في :

  1. أن يكون الإنسان قد وصل لسن البلوغ.
  2. أن يكون المعتمر معتنق للديانة الإسلاميّة، ويؤمن بالله عزّ وجل.
  3. أن يكون بكامل وعيهِ العقلي.
  4. أن يمتلك الحرية، والقدرة على أداء مناسك العمرة.

أما بالنسبة لأركان العمرة، فهناك أركان مختلفة حسب المذاهب الإسلامية، مثل:

  1. عند مذهب الحنابلة والمالكيّة، هما الطواف بالبيت، الإحرام، والسعي بين الصفا والمروة.
  2. عند المذهب الشافعي، فهي السعي بين الصفا والمروة، الإحرام، الطواف بالبيت العتيق، الترتيب، الحلق والتقصير.
  3. وعند مذهب الحنفيّة، الإحرام شرط للعمرة، والطواف هو ركن.

ومستحبات العمرة هي:

يُمكن تقسيم مستحبات العمرة إلى عدة أقسام ومراحل، هي:

مرحلة قبل الإحرام:

  1. حلق شعر العانة.
  2. تقليم الأظافر بشكلٍ جيد.
  3. التطيب في البدن.
  4. الاغتسال.

مرحلة بعد الإحرام:

  1. ترديد قول أو عبارة لبيك اللهم عمرة.
  2. التلبية ورفع الصوت وهذا بالنسبة للرجال.

مرحلة الطواف:

  1. تقبيل الحجر الأسود.
  2. الرمل أي الإسراع في المشي في الأشواط الثلاثة الأولى.
  3. الإكثار من الدعاء وذكر الله سبحانهُ وتعالى.
  4. إبراز الكتف الأيمن بالنسبة للرجل، أو ما يُسمى الاضطباع.
  5. صلاة ركعتين.

مرحلة السعي:

  1. الصعود إلى الصفا، وقول نبدأ بما بدأ الله بهِ.
  2. الهرولة بين العلمين الأخضرين، والمشي بسرعة.
  3. الإكثار من ذكر الله سبحانه وتعالى.

رابعًا: مواقيت العمرة

المواقيت هي عبارة عن الأماكن التي عينها الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال فيها: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غيرهن لمن أراد الحج أو العمرة) أي أن هذه المواقيت هى لأهل هذه البلاد ولمن مرّ بها، وهذه المواقيت هي:

  1. ميقات آبار علي، وهي المواقيت الأبعد عن مكة، وهي الميقات المخصص لأهل المدينة المنورة، وكل من يزورها من غير أهلها، وتبعد عن مكة حوال 18 كيلو متر مربع.
  2. ميقات الجحفة، وهي مخصصة لسكان بلاد الشام، السودان، مصر، ودول المغرب العربي.
  3. ميقات السيل الكبير، ويُطلق عليهِ أسم قرن المنازل وهو مخصص لسكان أهل نجد، وكل دول الخليج العربي، وهو يبعد عن مكّة المكرمة حوالي 74 كيلو متر.
  4. ميقات يلملم، وهذا الميقات مُخصص لسكان اليمن، وكل من يمر بطريقهم، ويطلق عليهِ هذا الإسم نسبةً إلى جبل يلملم.
  5. ميقات ذات عرق، وهذا الميقات مخصص لسكان العراق وما ورائها، وهو الميقات الذي حددهُ خليفة رسول الله عمر بن الخطاب.
  6. ميقات أهل مكّة، حيثُ يحرم سكّان مكة من بيوتهم أو من المسجد الحرام.

خامسًا: كيفيّة أداء العمرة

  1. يجب أن تحرم بالعمرة من الميقات الذي تمر عليه ويجب أن تغتسل وتتطيب وتلبس الإزار والرداء، ثم تحرم بالعمرة عقب صلاة سواء أكانت فريضة حاضرة أم كانت نافلة.
  2. ثُم عليك أن تقول لبيك اللهم عمرة، ويستحب أن تكثر من التلبية ما بين الإحرام وابتداء الطواف خاصة عند تغير الأحوال، كركوب السيارة والنزول عنها والدخول والخروج وصيغة التلبية هي: (لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك).
  3. عند الوصول إلى مكة تبدأ بالطواف حول الكعبة بدايةً من الحجر الأسود، وتقبّله إن استطعت أو تستلمه ولا تزاحم، فإذا أتممت سبعة أشواط ذهبت إلى خلف مقام إبراهيم وصليت ركعتي سنة الطواف.
  4. في حال الإزدحام يُمكنك الصلاة في أي مكان، ثم تذهب إلى الصفا فترقى عليه، ثم تتّجه منه إلى المروة ويحسب الذهاب من الصفا إلى المروة شوطًا، والرجوع من المروة إلى الصفا شوطًا آخر، وهكذا حتى تنتهي من الشوط السابع على المروة، ثم تذهب فتحلق رأسك أو تقصّر، والحلق أفضل وبذلك تكون قد تمت عمرتك.
  5. ويُستحب إذا انتهيت من العمرة أن تتوجه إلى زيارة النبي صلى الله عليه وسلم وتصلي في مسجد الشريف وأن تسلم عليه وعلى صاحبيه، ثم تزور البقيع ومسجد قباء وشهداء أحد، وبهذا تكون قد حصلت على كامل الأجر من الله سبحانهُ وتعالى.

 

اقرأ أيضاً: أدعية العمرة


سادسًا: فضل العمرة في شهر رمضان المبارك

  1. إنّ العمرة في شهر رمضان المبارك تعادل حجة، من ناحية الأجر والثواب، وذلك لمشاركتهما بالعديد من الفرائض كالإحرام، الطواف، والسعي بين الصفا والمروة، وهذا ما ورد في حديث لرسول الله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عمرةً في رمضانَ تعدل حجةً أو تُجزئُ حجةً).
  2. إنّ أجر العمرة يتضاعف في شهر رمضان عن باقي أشهر السنة.
  3. إنّ ثواب العمرة في رمضان يُعتبر كالجهاد بالنسبة للنساء بشكلٍ خاص، وهذا ما جاء في حديث للسيدة عائشة رضي الله عنها، حيثُ قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (هل على النساءِ جهادٌ؟ قال نعم عليهن جهادٌ لا قتالَ فيه: الحجُّ، والعمرةُ).
  4. يحصل المعتمر على أجرٍ وثوابٍ مضاعف عندما يؤديها في بيت الله الحرام وبالتحديد خلال شهر رمضان المبارك.
  5. يكون المعتمر قريبًا جدًا من الله سبحانهُ وتعالى خلال أداء فريضة العمرة في شهر رمضان المبارك، ويستجيب لكل أدعيتهِ.

سابعًا: نصائح لتحافظ على صحتك خلال تأدية العمرة في رمضان

  • قبل السفر لأداء العمرة، عليك أن تزور الطبيب لإجراء الفحوص اللازمة وأخذ التطعيمات التي تساعد في وقايتك من الإصابة بالأمراض المُعدية بشكلٍ خاص.
  • في حال كانت الشمس قوية ننصحك بأن تضع واقي شمسي خاص على البشرة، بالإضافة لارتداء القبعات الشمسيّة الواقية التي تساعد في حمايتك من الإصابة بمشكلة ضربة الشمس.
  • ترطيب الوجه بالماء البارد بين الحين والآخر خلال أداء مناسك العمرة.
  • شرب كميات كبيرة من المياه في الفترة الممتدة بين الإفطار والسحور.
  • شرب كميات كبيرة من السوائل الطبيعيّة الخاليّة من السكر، وبالتحديد عصير البرتقال، الجزر، التفاح، الفراولة، والكيوي.
  • التأكّد من نظافة الأغذية التي تتناولها على وجبة الإفطار والسحور، وتجنّب كل الأطعمة الدسمة التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهن، وذلك لتتجنّب الإصابة بالمشاكل المعويّة.
  • الحرص على تناول وجبة السحور يوميًا خلال أداء مناسك العمرة في رمضان، ويجب أن تحتوي على أنواع من الأطعمة التي تمد الجسم بالقوة والطاقة، كالبيض المسلوق، الحبوب الكاملة، الأجبان الخالية من الملح، الفاكهة، والخضار.
  • تجنّب تناول الأطعمة السكريّة، أو الحلويات الصناعيّة.
  • تناول ثلاث حبات من التمر على وجبة الإفطار، وثلاثة على وجبة السحور، وذلك لأنّ التمر يمد الجسم بالقوة والصحة.
  • ارتداء الملابس البيضاء أو فاتحة اللون، على أن تكون خفيفة وفضفاضة، وذلك تجنبًا للتعرق الزائد.
  • بالنسبة للأشخاص المصابين بمرض السكري، يجب عليهم أن يحتفظوا بقطع من السكريات داخل حقائبهم وذلك لكي لتناولها في حال التعرّض لهبوط سكر مفاجئ.
  • في حال الإصابة ببعض الأمراض الدائمة كمرض السكري، الضغط، الربو، والأمراض القلبيّة، يجب الاحتفاظ باللأدوية الخاصة بهذهِ الأمراض، وتناولها بشلٍ منتظم، خشية التعرّض للحالات الصحيّة الطارئة.
  • النوم بعد السحور مباشرةً، وذلك للحصول على الراحة التي تساعد على أداء مناسك العمرة خلال النهار.

 

وفي النهاية نتمنى عزيزي أن تتقيّد بكافة النصائح التي قدمناها لك، وذلك لتؤدي فريضة العمرة بشكلٍ صحيح، ولتتجنّب الإصابة بمختلف الحالات الصحيّة الخطيرة.     

 

المصادر:




مقالات مرتبطة