فضل الصوم في شهر الله المُحَرَّم

إنّ شهر الله المُحَرَّم من الأشهر الحرم التي جعلها الله تعالى، (إنَّ الزَّمانَ قد استدار كهيئتِه يومَ خلَق اللهُ السَّمواتِ والأرضَ السَّنةُ اثنا عشَرَ شهراً منها أربعةٌ حُرُمٌ: ثلاثٌ متوالياتٌ: ذو القَعدةِ وذو الحجَّةِ والمُحرَّمُ ورجَبُ مُضَرَ الَّذي بيْنَ جُمادى وشَعبانَ)، وهو من أعظم شهور السنة عظّمه الله وشرّفه من بين سائر الشهور وأضافه إلى نفسه تشريفاً له.



وقد كانت العرب تعظّمه في الجاهلية وكان يسمّى بشهر الله الأصم من شدة تحريمه، وقد رجح طائفة من العلماء أنّ محرّم أفضل الأشهر الحرم.

والصوم في شهر محرّم من أفضل التطوّع فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم قال: (سُئِلَ: أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ بَعْدَ المَكْتُوبَةِ؟ وَأَيُّ الصِّيَامِ أَفْضَلُ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ؟ فَقالَ: أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ، وَأَفْضَلُ الصِّيَامِ بَعْدَ شَهْرِ رَمَضَانَ، صِيَامُ شَهْرِ اللهِ المُحَرَّمِ).

وهذا محمول على التطوّع المطلق أمّا التطوّع المقيّد كصيام ست من شوال وغيره فهذا أفضل من صوم محرّم لأنّه يلتحق بصوم رمضان فهو بمنزلة السنن الرواتب في الصلاة والسنة الراتبة مقدمة على النافلة المطلقة في باب العبادة، وكذلك صيام يوم عرفة وغيره من السنن الرواتب أفضل من التطوّع في محرّم.

إقرأ أيضاً: حسن الصيام من حسن الابتغاء

فيستحب للمسلم أن يكثر من الصيام في شهر محرّم فإن لم يقدر على ذلك صام ما تيسّر له، وقد أخذ الجمهور بظاهر اللفظ فقالوا يستحب صيام الشهر كاملاً والذي يظهر أنّه لا يستحب ذلك والمراد في الحديث مشروعية الإكثار من صومه من غير إتمام للشهر.

قالت عائشة رضي الله عنها: (ما رأيتُ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم استكمَلَ صِيامَ شَهرٍ قَطُّ إلَّا رَمضانَ، وما رأيتُه في شَهرٍ أكثَرَ منه صيامًا في شَعبانَ) متفق عليه.

ولم ينقل أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم صام المحرّم كاملاً بل المحفوظ عنه صوم عاشوراء، ولأنّ قاعدة الشرع التيسير في باب النافلة ولذلك شرع أياماً يسيرة ورتب عليها أجراً عظيماً.

ونهى أيضاً عن صوم الدهر، ويسّر في صوم التطوّع فجعل أكمله صيام نبي الله داود صوم يوم وترك يوم، وكل هذا تخفيفاً على المكلّف ودفعاً للمشقّة حتى لا تمل النفس وتكل.

إقرأ أيضاً: الصوم وأثره في تهذيب النفوس وصحّة الأبدان

فالذي يظهر أنّ صوم الشهر تاماً من خصائص الفرض شهر رمضان وأنّه ليس من السنّة إتمام صوم شهر إلّا رمضان حتى لا يشبه النفل بالفرض، لكن لو صام إنسان الشهر كلّه جاز ذلك ولا كراهة فيه وإن كان عمله خلاف الأولى.

ويتأكّد صوم يوم عاشوراء وهو اليوم العاشر من شهر محرّم والسنّة أن يصوم يوماً قبله أو يوماً بعده، وقد ورد في صومه فضل عظيم، عن أبي قَتادةَ رضي الله عنه قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيامِ يومِ عاشوراء فقال: (صِيامُ يومِ عاشُوراءَ، إنِّي أحْتسِبُ على اللهِ أنْ يُكَفِّرَ السَّنةَ التِي قَبلَه).

 

المصدر: موقع اليمامه




مقالات مرتبطة