فرط التعرق في الصيف: أسبابه وكيفية التقليل منه

يشعر الكثير من الناس بالحرج نتيجة التعرق الذي يصيب أجسادهم؛ إذ يجدون في ظاهرة التعرق سبباً يعوق قيامهم بنشاطاتهم اليومية والترفيهية؛ بل إنَّهم يصابون بالخجل لدرجة امتناعهم عن ارتداء بعض أنواع الملابس التي يمكن أن تظهر التعرق بشكل واضح ويضطرون لتغيير ملابسهم أكثر من مرة نتيجة ذلك.



على الرغم من أنَّ التعرق وظيفة طبيعية من وظائف الجسم العامة عند الإنسان الذي يبدأ الجسم الإنساني بممارستها بعد مرور أشهر قليلة على ولادته، ومن المعتاد حدوث التعرق عند القيام بالنشاطات كممارسة الرياضة أو إذا كانت حرارة الجسم مرتفعة أكثر من الدرجة الطبيعية.

كما توجد حالات غير طبيعية في التعرق وتدعو إلى القلق مثل قلة التعرق "اللاعرقية" والتعرق الزائد "فرط التعرق" ولا سيما في فصل الصيف، فما هو التعرق؟ وما هي أسبابه؟ ومتى يكون حالة طبيعية؟ ومتى يصبح أمراً غير طبيعي يستدعي العلاج؟ سوف نتعرف إلى ذلك من خلال هذا المقال.

ما هو المقصود بالتعرق؟

التعرق هو ظاهرة طبيعية يطرح من خلالها جسم الإنسان مفرزات مكونة من الماء والأملاح المعدنية والمركبات الكيميائية الأخرى؛ وذلك بواسطة الغدد العرقية الموزَّعة في الجسم والبالغ عددها من اثنين إلى أربعة ملايين غدة في الإنسان العادي، وهي عبارة عن هياكل أنبوبية صغيرة متوزعة في الجلد تنتج العرق.

وعلى الرغم من الإزعاج الذي يسببه التعرق بسبب رائحته الكريهة والإحراج الذي يسببه للإنسان، إلا أنَّه وسيلة طبيعية لتبريد الجسم؛ إذ تبلغ درجة حرارة الجسم الطبيعية 37 درجة مئوية، وعند زيادة درجة حرارة الجسم عن هذه الدرجة الطبيعية مهما كانت أسباب هذا الارتفاع يساعد تبخر العرق عبر مسامات الجلد على خفض درجة حرارة الجسم مرة أخرى.

ما هو فرط التعرق:

فيُقصد به زيادة كمية العرق عن الحد الطبيعي اللازم لتنظيم حرارة جسم الإنسان وتبريده بحيث يتقطر العرق من أيدي الإنسان أو قد يغمر ملابسه ويفقد الإنسان هنا السيطرة؛ إذ يحدث التعرق بمعزل عن درجة الحرارة أو الحالة المزاجية، وينتج عنه العديد من المشكلات مثل الجفاف ومشكلات الجلد، ويصيب الفئة العمرية الفتية، خاصةً المراهقين، وله أنواع عدة:

1. فرط التعرق الأولي:

يحدث هذا النوع نتيجة زيادة التعرق في اليدين والقدمين والوجه والرأس وتحت الإبط، ويبدأ هذا النوع من التعرق في مرحلة الطفولة؛ إذ يصيب نحو 30 إلى 50 من الأفراد الذين لديهم أسباب عائلية موروثة في فرط التعرق.

2. فرط التعرق الثانوي العام:

هذا النوع الذي ينتج عن حالة طبية؛ أي يكون من الآثار الجانبية لتناول بعض أنواع الأدوية، وعادة ما يبدأ في مرحلة البلوغ؛ إذ يتعرق الجسم بأكمله أو منطقة معينة من الجسم ويزداد التعرق بشكل ملحوظ في أثناء النوم.

أسباب التعرق:

تُعَدُّ أسباب التعرق الأولي مجهولة في معظمها، لكن لاحظت الدراسات أنَّ أغلب المصابين بالتعرق من هذا النوع لديهم أفراد في عائلاتهم مصابون به، وهذا يؤكد أنَّ السبب في الغالب وراثي، أما بالنسبة إلى النوع الثاني من فرط التعرق - أي الثانوي - فهناك مجموعة كبيرة من الأسباب نذكر منها:

1. الطعام:

هناك أنواع محددة من الأطعمة التي يسبب تناولها تحفيز الجسم لزيادة إفراز التعرق ومن أبرزها الأطعمة التي تحتوي على مادة "البيورين" مثل الطعام الحار والتوابل والبقوليات واللحوم الحمراء ومنتجات الصويا والسبانخ، إضافة إلى المواد التي تحتوي على الكافيين مثل القهوة وكذلك المواد التي تحتوي على النيكوتين كالتبغ.

شاهد بالفديو: 6 أطعمة عليك ألّا تتناولها على معدة فارغة

2. الحالات الطبية:

هذا النوع هو الأقل انتشاراً من بين أسباب فرط التعرق، ومن الحالات الطبية المعروفة التي تسبب التعرق الزائد انقطاع الطمث عند الإناث وحدوث الهبات الساخنة في الجسم وانخفاض سكر الدم واضطرابات الجهاز العصبي وبعض أنواع السرطانات ومشكلات الغدة الدرقية والخلل في الهرمونات، ويضاف إلى هذه الحالات تناول أنواع معينة من الأدوية، مثل مضادات الاكتئاب وبعض أدوية الاضطرابات النفسية وأدوية خفض الحرارة مثل الأسبرين أو الانسحاب من تناولها.

3. نوعية الملابس:

مثل ارتداء الملابس الضيقة وكذلك الملابس ذات الألوان الغامقة كالأسود، التي تسهم في امتصاص الجسم لحرارة الشمس، إضافة إلى الملابس الثقيلة وأنواع الملابس المصنوعة من أنواع معينة من الأقمشة التي تزيد من حرارة الجسم وتسبب زيادة في إفراز العرق، مثل أقمشة البوليستر التي تُعَدُّ من أسوأ أنواع الأقمشة التي يمكن ارتداؤها في الصيف، فهي من الأقمشة المقاومة للماء ولا تمتص العرق وتزيد من حرارة الجسم بالشكل الذي يكفل تحول جسمك إلى بقع متفرقة من العرق.

من أنواع الأقمشة التي تزيد من التعرق هناك أقمشة فسكوزي المصنوعة من الحرير الصناعي التي لا تمتص الرطوبة وترفع من درجة حرارة الجسم، وهناك أيضاً النايلون الذي يدخل في صناعة الألبسة والذي يمكن أن يسبب أمراضاً جلدية عند ارتدائه في فصل الصيف.

4. شرب الكحول:

إذ يؤدي إلى زيادة حرارة الجسم، ومن ثمَّ زيادة التعرق.

5. انقطاع النفس النومي:

هو عبارة عن اضطراب خطير؛ إذ يتوقف التنفس في أثناء النوم، وإذا كنت فرداً يعاني من الشخير في أثناء النوم فربما تكون مصاباً بانقطاع النفس النومي.

إقرأ أيضاً: أمراض تؤدي إلى اضطراب النوم

6. البدانة:

تكون الدهون والشحوم المتراكمة سبباً في ارتفاع درجة حرارة الجسم، ومن ثمَّ زيادة التعرق.

7. ممارسة النشاطات المختلفة وزيادة النشاط:

مثل ممارسة الألعاب الرياضية.

8. ارتفاع الحرارة الطبيعية للطقس:

التي بدورها ترفع حرارة الجسم إلى درجة تزيد فيها التعرق.

طرائق علاج فرط التعرق:

1. تناول الأدوية المخصصة لعلاج فرط التعرق عبر وصفات طبية:

مثل مضادات التعرق أو الكريمات التي تحتوي على غليكوبيرولات، إضافة إلى أدوية حجب الأعصاب؛ أي الأدوية الكيميائية التي تحجب تواصل الأعصاب مع بعضها بعضاً فتقلل من التعرق، وهناك أيضاً الأدوية التي تقلل وتخفف من القلق والتوتر وتسهم في علاج فرط التعرق.

2. الإجراءات الجراحية:

من الإجراءات الجراحية المتبعة العلاج بالموجات الحرارية؛ إذ يتم فيها استخدام جهاز يصدر الموجات الحرارية للقضاء على الغدد العرقية عبر أكثر من جلسة، لكن في الغالب تكون عبارة عن جلستين فقط تتراوح مدة كل منها من 30 إلى 40 دقيقة ولمدة ثلاثة أشهر، ومن العلاجات الجراحية أيضاً إزالة الغدد العرقية تحت الإبط وأيضاً جراحة الأعصاب؛ إذ يقوم الطبيب الجراح بقطع الأعصاب أو التقاط الأعصاب المسؤولة عن التعرق في اليدين، ولكنَّ هذا الإجراء قد يؤدي إلى زيادة التعرق في مناطق أخرى من الجسم.

3. ارتداء الملابس ذات الألوان الفاتحة التي تعكس أشعة الشمس:

والابتعاد عن الألوان الداكنة التي تمتص أشعة الشمس وترفع من حرارة الجسم، إضافة إلى انتقاء الملابس من نوعية أقمشة معينة في الصيف، مثل الملابس المصنوعة من الكتان أو القطن المعروف بقدرته العالية على امتصاص العرق والسماح للهواء بالنفاذ إلى الجسم، إضافة إلى الملابس المصنوعة من أقمشة الحرير الطبيعي مثل الشيفون والكريب اللذين يعملان على خفض درجة حرارة الجسم، كما يجب ارتداء الألبسة الفضفاضة والواسعة.

4. الاستحمام بشكل يومي بالماء الفاتر أو البارد:

الذي يعمل على خفض حرارة الجسم واحتفاظ الجسم برطوبته، ومحاولة الابتعاد عن المياه الساخنة التي تقوم بفتح مسام الجلد وزيادة إفراز العرق.

إقرأ أيضاً: الفوائد الجسدية والنفسية للاستحمام

5. استخدام مضادات التعرق وليس مزيلات التعرق:

فمزيل التعرق يغطي فقط على رائحة التعرق، بينما تعمل المضادات على تضييق الغدد العرقية تحت الإبط، ومن ثمَّ تقليل التعرق، ويمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، مع الانتباه إلى ضرورة عدم استخدام مضادات التعرق بعد إزالة شعر الجسم حرصاً على عدم الإصابة بالتهابات الجسم.

6. التقليل من الأطعمة التي تحتوي على البهارات والحار والكافيين والنيكوتين:

واستبدالها بالأطعمة المرطبة مثل الفواكه واللبن "الزبادي".

7. اختيار الأحذية والجوارب المصنوعة من المواد الطبيعية:

إذ تسهم في تهوية القدمين ومنع تعرقهما، وكذلك يجب خلع الحذاء وعدم ارتدائه لفترة طويلة.

8. تجنُّب ممارسة الرياضة أو التمرينات الرياضية في منتصف النهار:

أو حين تكون حرارة الجسم مرتفعة، ويُفضَّل ممارستها إما في الصباح الباكر أو عند الغروب.

9. محاولة الاسترخاء:

والابتعاد عن القلق والتوتر ومسببات الضغط النفسي ومحاولة السيطرة عليها.

شاهد بالفديو: 10 أمور مذهلة تحدث للجسم عند الاسترخاء

10. شرب كمية كافية من السوائل:

لا سيما الماء، ويُفضَّل شرب كمية جيدة منه في الصباح الباكر للحفاظ على رطوبة الجسم.

11. استخدام البخاخ أو المرذاذ في ترطيب الجسم:

أي قم برش رذاذ الماء لترطيب الجسم وخفض درجة حرارته.

في الختام:

فرط التعرق هو إفراز كمية كبيرة من العرق تتجاوز الحد المطلوب لضبط حرارة الجسم، وغالباً تنشأ في مرحلة الطفولة أو في سن البلوغ والمراهقة، لكن يمكن أن تظهر أيضاً في أيَّة مرحلة عمرية أخرى نتيجة أسباب مختلفة مثل القلق والاكتئاب، ومع مرور الوقت وازديادها يصاب الناس بالحرج نتيجة التعرق المفرط والرائحة الكريهة الناتجة عنه، خاصة في فصل الصيف، وغالباً ما يسرع هؤلاء الناس للبحث عن حل لهذه المشكلة التي تسبب لهم انخفاض وتدني تقدير الذات وتعوق قيامهم بعملهم كما يجب؛ بل حتى ممارسة حياتهم الطبيعية.

لكنَّ فرط التعرق هو حالة طبية قابلة للعلاج، كما توجد علاجات طبيعية في المنزل يمكن لها أن تسهم في التخفيف منه وعلاجه؛ لذا يكفي تشخيص السبب الرئيس له واختيار الحل الملائم للتخلص منه.

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 7




مقالات مرتبطة