علامات تُدل على أنَّك غافل عن حياتك

هل لديك اتِّجاه واضح لحياتك؟ ما هي أهدافك وأحلامك لحياتك الشخصية والمهنية وصحتك وعلاقاتك وأموالك؟ هل تسعى إليها بجد؟ أم أنَّها قابعة في عقلك الباطن فقط؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "سلستين تشوا" (Celestine Chua)، وتُحدِّثنا فيه عن 8 علامات تشير إلى أنَّك تضيِّع حياتك دون وعي.

الغافلون هم الأشخاص الذين يعيشون حياتهم في حالةٍ من اللاوعي، فأن تكون مستيقظاً لا يعني أن تكون واعياً، فكثيرٌ من الناس مستيقظون لكنَّهم يعيشون في حالة اللاوعي؛ فهم لا يدركون تماماً من هم، ولا يفهمون السياق الشامل للكون الذي يشكِّلون جزءاً منه ولا هدفهم الحقيقي فيه.

يبدو الغافلون مثل أي واحدٍ منَّا، لكنَّهم مجرد أجساد تتحرَّك دون تفكير، هل سبق لك أن رأيت أشخاصاً لا يعرفون بوضوح ما يريدونه من حياتهم؟ أشخاصاً يعيشون كل يوم بيومه ولا يفكِّرون أبداً في المستقبل أو ما يريدون؟ هؤلاء الناس غير قادرين على إخبارك ما هو الهدف من حياتهم إذا سألتهم، فيمارسون كل يوم نشاطات مختلفة، مثل العمل، واللعب، وارتياد الحفلات، والنوم، وتناول الطعام، لكن لا علاقة لأيٍّ منها بخطتهم النهائية لحياتهم، فهؤلاء الناس هم الغافلون.

فيما يأتي 8 علامات تُنذر أنَّك غافل عن حياتك:

1. النظر إلى الحياة نظرة ضيِّقة الأفق:

ما هي الحياة بالنسبة إليك؟ هل تقتصر على الذهاب إلى المدرسة أو العمل، والعودة إلى المنزل وتناول الطعام والنوم، والاستمتاع بين هذه النشاطات؟ بخلاف ما قد يعتقده بعض الأشخاص، فإنَّ الحياة أكبر ممَّا تراه أمامك مباشرة؛ إذ يوجد عالم أكبر بكثير من عملك وعائلتك وأصدقائك، لكن لا يدرك الغافلون ذلك، ولا يفهمون أنَّ حياتهم هي جزء من الكون، وجزء من تاريخ البشرية، وجزء من شيء أكبر ممَّا يرونه كل يوم.

2. عدم انسجام حياتك مع غايتك منها:

هل تعرف ما هو هدف حياتك؟ هل لديك رؤية واضحة لما تريد أن تكون عليه حياتك بعد 20 سنة من الآن؟ أم أنَّها ضبابية وغير محدَّدة؟ لا يدري الغافلون ما هو الهدف من حياتهم، وعادةً ما تكون أهدافهم مُبهمة وسطحية، أو أخبرهم شخص آخر بأنَّه يجب أن يسعوا إليها في مرحلة ما من حياتهم، في حين لدى بعضهم فكرة عن أهدافهم وأحلامهم، لكنَّهم يؤجِّلونها لمتابعة الأشياء التي يتوقَّع الآخرون منهم القيام بها.

3. عيش حياة رتيبة:

يعيش الغافلون حياة رتيبة، ويكرِّرون الأشياء نفسها يومياً دون سيطرة واعية منهم، فيعملون خلال أيام الأسبوع، ويتطلَّعون إلى أيام العطل ليعيدوا شحن طاقتهم، ثمَّ يُكرِّرون الروتين نفسه، وتستمر هذه الدورة أسبوعاً بعد أسبوع دون نهاية مرتقبة، فهم معتادون عليها لدرجة أنَّه لا يمكنهم فعل أي شيء لتغييرها.

قد تحدث أحياناً أشياء تؤدي إلى تغيير في هذا الروتين، مثل الانتقال إلى مرحلة مختلفة من الحياة، وتغيير المهن، وفقدان الوظيفة، وانتهاء علاقة طويلة الأمد، وما إلى ذلك، ويطلق بعض الناس على هذه الأزمة اسم أزمة منتصف العمر، وعندما يحدث هذا يفطنون إلى أنَّهم لا يعيشون حياتهم كما ينبغي، وقد يبدأ بعضهم في اتخاذ إجراءات لتغيير حياتهم، ويحاول بعضهم الآخر إقناع أنفسهم أنَّ حياتهم الحالية هي الأفضل حتى وإن لم تكن كذلك.

شاهد: 7 طرق مضمونة للفشل في الحياة!

4. ممارسة نشاطات لا تحمل قيمة:

يُدمن الغافلون ممارسة نشاطات لا فائدة مرجوَّة منها، مثل: الألعاب، والحفلات، والأكل، ومشاهدة التلفزيون، وتصفُّح الإنترنت بلا هدف، والتسوق، وغالباً لا يستطيعون التوقُّف عن ممارستها حتى يحدث شيء ما يجبرهم على ذلك، مثل أن يحين وقت النوم أو الأكل، ويكونون غير قادرين على تبرير ممارسة هذه النشاطات سوى أنَّها مُمتعة أو لا يوجد شيء آخر يشغلون وقتهم به.

5. التعامل مع الحياة بطريقة سلبية والتهرب من المسؤوليات:

يتخذ الغافلون موقفاً سلبياً في الحياة، ويعيشونها كيفما اتفق، ويتنازلون عن السيطرة لمن حولهم، ويتجنَّبون طرح سؤال "لماذا؟"، أو التشكيك في المؤسسات القائمة، ولا يحاولون التحكُّم بحياتهم.

في بعض الأحيان يجدون أنفسهم غير سعداء في حياتهم، سواء في علاقاتهم أم عملهم، ومع ذلك لا يحاولون تغيير الوضع، لأنَّهم لا يرون أي مخرجاً، ويضعون حججاً لذلك، ويعتقدون أنَّ ما يفعلونه هو تضحية مؤقتة في سبيل مستقبل أفضل على الأمد الطويل.

كما يكره هؤلاء المواجهات، ويحاولون تجنُّب المشكلات قدر الإمكان، لكن بعد فترة من التجنُّب، ستبلغ المشكلة التي لم تُحل ذروتها، ورد فعلهم السلبي حينها هو تجنُّبها وتجاهلها من خلال ممارسة نشاطات تُشتِّت انتباههم، لكن هذا لا يحل أي شيء؛ إذ تظهر المشكلة مرة أخرى في المستقبل بطريقة مختلفة، فلمجرد أنَّك ترفض النظر إلى المشكلة لا يعني أنَّها ليست موجودة.

6. التعذُّر بضيق الوقت باستمرار:

غالباً ما يكون الغافلون مشغولين طوال الوقت، وكثيراً ما تجدهم يتذمَّرون من ضيق الوقت، لكنَّهم لا يدركون أنَّهم هم من وضعوا أنفسهم في هذا الموقف في المقام الأول، وعندما يسألهم أشخاص آخرون عن السبب، لا يستطيعون تحديد كيف وفيما قضوا وقتهم.

ينتظر الغافلون وقتاً لاحقاً لتحقيق أهدافهم، لكنَّهم لا يدركون أنَّه لن يحلَّ أبداً، وعندما يحين ذلك الوقت، يكون قد مرَّ وقت طويل بالفعل، فلا يتخذون أي إجراء لأنَّ الأوان قد فات.

7. عدم الوعي بالأفكار والعواطف:

هل تعلم أنَّ 60.000 فكرة تدور في ذهنك كل يوم؟ ما هي الأفكار التي تحوم في رأسك كل يوم؟ بماذا كنت تفكِّر وتشعر قبل أن تبدأ في قراءة هذا المقال؟ أذهان الأشخاص الغافلين مشوَّشة دائماً ولا يلاحظون الأفكار التي تدور فيها.

8. انعدام الحافز أو الطموح:

الغافلون غير متحمِّسين أو مندفعين في حياتهم، ويعيشون فقط لأنَّهم موجودون في هذه الحياة، فيقضون حياتهم في العيش وَفق توقعات الآخرين لما يجب أن يحققوه في حياتهم، وفي حين أنَّ بعضاً منهم لديهم أهداف وأحلام شخصية، فإنَّهم يتجاهلونها للسعي وراء أشياء أُخرى يشعرون أنَّه يجب عليهم القيام بها.

لمحة عن غفلتي في حياتي:

لقد كنتُ في غفلةٍ من حياتي حتى عام 2006؛ إذ كنت مشغولة بالسعي وراء أهداف ضبابية، مثل الحصول على نتائج جيدة، وكسب المال والنجاح، والحصول على درجات عالية في المشاريع والامتحانات، وكنت مشغولة بكسب المال من خلال عملي في التصميم والتعليم، وكان محور حياتي أن أصبح ثرية وناجحة.

عندما لم أكن مشغولة بفعل ذلك، كنت ألعب مع أصدقائي أو أمارس نشاطات غير مفيدة، مثل التسوق، ومشاهدة البرامج التلفزيونية المفضَّلة لدي، أو الدردشة عبر الإنترنت، أو مجرَّد تصفُّح المواقع العشوائية، حتى إنَّني ما زلت أتذكَّر الألعاب التي كنت مُدمنة عليها أنا وأصدقائي في ذلك الوقت، مثل لعبة "ووركرافت" (Warcraft)، و"غنباوند" (Gunbound)، وكانت برامجي المفضلة "فريندز" (Friends)، و"أمريكان آيدول" (American Idol).

عندما كبرت، بدأت أصحو ببطء بعد وقوع أحداث عشوائية في حياتي، ومع ذلك كنت ما أزال إلى حدٍّ كبيرٍ في غفلة من أمري وأعيش وفق معايير المجتمع، وأفتقر إلى رؤية شاملة في الحياة، لكن عندما كنت على وشك التخرج، صحوت من غفلتي.

نظام التعليم مقسَّم إلى مراحل؛ المدرسة الابتدائية والإعدادية والثانوية ثمَّ الجامعة، وبصفتنا طلاباً، كل ما يجب علينا فعله هو أن نُحرز نتائج جيدة بما يكفي للتقدُّم من مرحلةٍ إلى أخرى، فيمثِّل التخرج من الجامعة نهاية الطريق في رحلة التعلُّم، وهنا تقف أمام مفترق طرق.

لقد أجبرني تخرُّجي الوشيك على التفكير فيما إذا كان هذا هو ما أريد أن أفعله مدى الحياة، وجعلني أفكِّر في المعنى الفعلي لحياتي، وعندما نظرت إلى الحياة نظرة شاملة، اكتشفتُ أنَّ الإنجازات الخارجية الأنانية لا تهمُّ على الأمد الطويل، فهي ممتلكات مادية غير دائمة، لها قيمة في الوقت الحالي، وربما أكثر من ذلك بعد 10 سنوات، لكن ليس بعد مئات أو آلاف السنين، فعندما فكَّرت في المستقبل البعيد أصبح من الواضح أنَّني لا أريد أن أعيش بقية حياتي بهذه الطريقة.

اكتشفت في النهاية هدفي الحقيقي، وهو مساعدة الآخرين على تحقيق أقصى إمكاناتهم، والعيش على أفضل وجه ممكن، وإلهام جميع الغافلين للصحوة من غفلتهم، وإطلاق العنان لكل الإمكانات الكامنة داخلهم.

شاهد أيضاً: 6 علامات تدل على نجاحك في الحياة حتى لو لم تشعر بذلك

الغافلون عن حياتهم من حولنا:

كلما نظرت حولي، أرى الغافلين يبدِّدون حياتهم، ويتسابقون مع الزمن، فهم مشغولون في كسب المال من أجل حياة أفضل، لكنَّهم لا يعرفون ما تعنيه حياتهم، ولا يدركون أنَّهم يضيِّعونها، فأراهم يحرمون أنفسهم ممَّا يريدون حقاً، أو لا يعرفون ما يريدونه أصلاً.

فقد تزعجني رؤية كل الإمكانات المهدورة في هؤلاء الأشخاص، وفي بعض الأوقات أرغب في القسوة عليهم حتى يستفيقوا من غيبوبتهم، وأيضاً أشعر بالسعادة عندما أجدهم يغيِّرون حياتهم لسببٍ ما.

ففي السنوات القليلة الماضية، رأيت أشخاصاً من مكان عملي السابق ودائرتي الاجتماعية يستيقظون من سباتهم ويتَّخذون قرارات صعبة لتحقيق أهدافهم، فعندما يحدث ذلك أشعر بالسعادة، لأنَّني أعلم أنَّه مهما ارتكبوا من أخطاء، ستكون الأمور على ما يرام ما داموا يحافظون على تركيزهم.

إقرأ أيضاً: ما هي الغاية من الحياة؟ وكيف تعثر على وجهتك فيها؟

الصحوة من غفلتك:

ربما اكتشفتَ للتوِّ أنَّك غافلٌ وتضيِّع حياتك، فعندما تستيقظ لأول مرة، قد يصدمك كم مرَّ من حياتك وأنت في غفلة منها، وقد تكون غاضباً من نفسك أو مستاءً، أو قد تكون مكتئباً، وهذا منطقيٌّ تماماً، فأهم شيء هو ما تفعله بعد صحوتك، فهل ستخدع نفسك وتعود إلى غفلتك؟ أم أنَّك ستواجه الواقع بشجاعة، وتبدأ في عيش الحياة التي من المفترض أن تعيشها؟

أدرك أنَّك تستطيع التحكُّم بوضعك، ويمكنك البدء في التصرف بناءً عليه الآن، ومن خلال اتخاذ الإجراءات الواعية، يمكنك تمهيد الطريق للحياة التي تريدها.

فأنا في كل يوم أتخذ إجراءات واختيارات تُقرِّبني من أهدافي، ويمكنك أن تفعل الشيء نفسه أيضاً، بصرف النظر عن مكانك في الحياة الآن، وبصرف النظر عن هويتك وعمرك، لم يفت الأوان أبداً على أن تكون الشخص الذي من المفترض أن تكونه، لكن ما لم تتصرَّف وفقاً لما تريد، فلن يتغيَّر شيء.

فمن السهل العودة إلى الحياة التي اعتدتها، لكن هل هذا ما تريد فعله حقاً؟ هل هذه هي الطريقة التي من المفترض أن تعيش بها؟ هل تعيش حقاً أفضل حياة ممكنة بهذه الطريقة؟

إقرأ أيضاً: ما هو نمط الحياة الخامل؟ وما هي طريقة التخلص منه؟

ما بعد الصحوة:

إذا قرَّرت الصحوة من غفلتك، فستبدأ حياتك الآن، فالطريق أمامك لن يكون سلساً، بل سيكون صعباً، وقد تشعر بالرغبة في الاستسلام في بعض الأحيان، لكنَّني أعدك أنَّ السعادة ونوعية الحياة التي ستظفر بها في النهاية تستحق العناء، وأضمن لك أنَّك ستجد إحساساً بالإنجاز على هذا المسار لا يقارن بأي شيء آخر قمت به على الإطلاق.

في الختام:

سأنهي هذا المقال باقتباس من فيلم "المحارب السلمي" (Peaceful Warrior): "الموت ليس الفاجعة، بل الفاجعة هي أنَّ معظم الناس ليسوا أحياء".

المصدر




مقالات مرتبطة