علامات الحسد وعلاجه وحكمه في الإسلام

الحسد هو من أمراض النفوس والقلوب، وهو كراهية الحاسد لنعمة الله على أخيه، وتمنِّيه زوالها عنه. قال الله تعالى في كتابه الكريم: {أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَىٰ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۖ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا} (سورة النساء، الآية: 54).



وعن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "العينُ حق، ولو كان شيءٌ سابق القدر لسبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا"، وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- يأمرني أن أسترقي من العين". ولكن، ما هي أسباب الحسد؟ وما هي علاماته؟ وما هي طريقة علاجه؟ وهل هناك أنواعٌ للحسد؟

سنوضّح كلَّ هذه الأمور في السطور القليلة القادمة، تابعوا معنا.

ما هي أسباب الحسد؟

تعدَّدت أسباب الحسد، وتعدَّدت الأسباب التي ينتج عنها، وتوزَّعت بين أسبابٍ مسؤولٍ عنها الحاسد، وأخرى مسؤولٍ عنها المحسود، وهناك أسبابٌ مُشتركةٌ فيما بينهما. نذكر من هذه الأسباب:

  1. البغضاء والعداوة والكراهية والحقد.
  2. الكِبَرُ والغرور والإعجاب الزائد بالنفس، والتي تجعل الحاسد يشعر دائماً أنَّه أفضل ممَّن حوله.
  3. محبَّة الحاسد للرئاسة، وطلبه للجاه، ومحبَّته لأن يُثنَى عليه دائماً؛ وبالتالي عندما يتفوَّق عليه أيُّ شخص، يرغب بزوال نعمة هذا الشخص عنه أيَّاً كان.
  4. شدة بغي المحسود، وكثرة تطاوله على العباد.
  5. حبُّ الحاسد للدنيا بشكلٍ كبيرٍ جداً.
  6. تعزُّز الحاسد وترفُّعه.
  7. ظهور النِعَم والخيرات على المحسود.
  8. عدم الرضا بالقضاء والقدر.
إقرأ أيضاً: الحقد: تعريفه، وأضراره، وعلاجه، وحكمه في الإسلام

علامات وأعراض الحسد:

هناك الكثير من العلامات والأعراض التي تبيِّن الإصابة بالحسد، والتي تظهر على الشخص المحسود، نذكر منها:

  1. ثقلٌ في رأس المحسود ومؤخرة كتفه.
  2. يُعاني المحسود من اضطراباتٍ مُفاجئةٍ في المشاعر والسلوكات.
  3. كُره المحسود لبعض الأفراد بمُجرَّد رؤيتهم.
  4. شعور المحسود بالملل عند قيامه بأيِّ عمل.
  5. إصابة المحسود ببعض الأمراض النفسية والعصبية.
  6. شحوب وجه المحسود، وذلك بسبب انحباس دمه عن عروق وجهه.
  7. كثرة نسيان المحسود للأمور الهامَّة.
  8. تفكير المحسود باستمرار، مع صعوبةٍ في السيطرة على أفكاره؛ كما ويعمل عقله بصورةٍ مستمرة.
  9. فقدان المحسود ثقته بنفسه، وشعوره بالخوف والعصبية والتوتر بشكلٍ مُستمر، وقضاء المحسود معظم وقته بمفرده.
  10. يشعر المحسود بالإحباط بشكلٍ دائم، وبأنَّه غير محبوبٍ من قبل الآخرين.
  11. يشعر المحسود باحتقانٍ في صدره.
  12. تعرُّق المحسود بشكلٍ دائم، وخاصةً في منطقة الظهر.
  13. يشعر المحسود بتنميلٍ في ذراعيه وساقيه.
  14. بكاء المحسود، وأحياناً يمكن أن يذرف الدموع دون أيِّ أسبابٍ واضحة.
  15. يقوم المحسود بحركاتٍ لاإرادية.
  16. خفقانٌ في نبضات قلب المحسود.
  17. توتر عضلات المحسود.
  18. يشعر المحسود بضَعفٍ عام، وبأنَّهُ غير قادرٍ على العمل.
  19. تظهر في أماكن مُختلفةٍ من جسم المحسود كدماتٌ زرقاء أو خضراء، دون وجود سببٍ واضح.
  20. عدم قدرة المحسود على التركيز، وشُعوره المُستمر بالنُعاس.
  21. يسعُل المحسود سُعالاً جافاً.
  22. تظهر لدى المحسود أحياناً مشاكل في الدم.
  23. إذا كانت المحسودة مُرضعاً، فمن المُمكن أن يجُفَّ حليبها.
  24. يمكن إصابة المحسود بالعُقم.
  25. إذا كان المحسود طفلاً رضيعاً، فمن المُمكن أن يرفض الرضاعة أو شُرب الحليب.
  26. فُقدان المحسود وظيفته بشكلٍ مُفاجىء.
  27. يُعاني المحسود من تساقط شعره، كما ويمكن أن يُعاني من القيء والإسهال، ويُصبح سريع الغضب.
  28. ينشغل المحسود بأخطاء الآخرين، في حين يتجاهل ويتناسى أخطاءه.
  29. الكوابيس المُستمرة، وقد يرى المحسود بعض الرموز في المنام، والتي يمكن أن تدلَّ على الإصابة بالحسد، ومنها: رؤية الحديد في المنام، أو رؤية أنَّ أحداً ينحتُ جسده أو سيارته أو أيَّ غرضٍ من أغراض منزله، أو رؤية لبس النظارة إذا كان من الأشخاص الذين لا يلبسونها، أو رؤية العين في المنام والتي تؤكِّد إصابته.
  30. عند رؤية المحسود للشخص الذي حسده، فإنَّه يشعر وكأنَّ هناك شيئاً ثقيلاً على صدره يُسبِّب له الألم، ويُصيبه بالاختناق.
  31. زيادة التثاؤب في أثناء قراءة القرآن الكريم.
  32. يُصاب المحسود بالاكتئاب وقلَّة الكلام.
  33. فقدان وزن المحسود بشكلٍ كبير، وذلك بسبب نقص الشهية.
  34. يُصبح الشخص المحسود غيرُ مُهتمٍّ بلباسه أمام أقرانه.
  35. يُعاني المحسود من ألمٍ شديدٍ في البطن.
إقرأ أيضاً: أعراض الإصابة بالعين والحسد وعلاجها بالقرآن الكريم

علامات الحسد في الزواج:

من الممكن أن يُصاب بالحسد أيُّ زوجين سعيدين ومتفاهمين في زواجهما، وعلاقتهما جيدةٌ فيما بينهما، وبالأشخاص المُحيطين بهما أيضاً؛ ويكون لهذا الحسد علاماتٌ وأعراضٌ واضحةٌ نذكر منها:

  1. يشعر كلٌّ من الزوجين المُصابين بالحسد بعدم الرضا عن المظهر العام للزوج أو الزوجة.
  2. تحدث فيما بينهما حالةٌ من الكراهية دون أن يكون لها أيُّ أسبابٍ واضحة.
  3. يحاول كلٌّ منهما عدم التماس الأعذار للآخر.
  4. زيادة الغضب بين الزوجين لأسبابٍ تكون تافهةً في أغلب الأوقات.
  5. يحاولان دائماً إنهاء أيِّ خلافاتٍ بسيطةٍ يمكن أن تحدث فيما بينهما بالطلاق، وعدّه الحلَّ الأمثل.
  6. قد تصل الكراهية فيما بينهما إلى درجة أنَّ أحدهما قد لا يرغب بسماع اسم الآخر.
  7. يُصاب كلٌّ منهما بالشكِّ الزائد الذي لا مُبرِّر له.
  8. عدم قدرة كلٍّ منهما أن يدقِّق النظر في وجه الآخر.
  9. الخوف من الآخر، مع عدم وجود مُبررٍ كافٍ لهذا الخوف.
  10. يمكن أن يصل الأمر إلى تفكير أحدهما بالانتحار.
  11. قد يحدث فيما بينهما إهاناتٌ وتجاوزٌ لحدود الاحترام دون إدراكٍ لذلك، أو حتَّى الإحساس بهذا.
  12. قد يحدث أن يتصيَّد أحدهما أخطاء الآخر، وينتظر وقوعه فيها.
  13. قد يشعر كلا الزوجين بالنفور من المنزل، والرغبة بالبقاء خارجه.
  14. تحدث دائماً مُشكلاتٌ كثيرةٌ فيما بينهما في أغلب أوقات تواجدهما معاً في المنزل.
  15. قد يشعر كلاهما بالتعرُّق المُستمر وآلام الجسم.

ما هو حكم الحسد في الإسلام؟

لقد حرَّم الإسلام الحسد، ونهى عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تَبَاغضوا، ولا تدابروا، ولا يبِع بعضُكم على بيعِ بعضٍ، وكونوا عباد الله إخواناً، المُسلمُ أخو المُسلم، لا يظلمُه، ولا يحقِّرُهُ، ولا يخذُله، فالتقوى ها هُنا -ويشير إلى صدرهِ ثلاث مراتٍ- بحسبِ امرءٍ من الشَّرِّ أن يَحقِرَ أخاهُ المُسلمَ، كلُّ مُسلمٍ على المُسلمِ حرامٌ، دمهُ ومالهُ وعِرضُهُ".

كما وحذَّر الرسول -عليه الصلاة والسلام- من الحسد، فعن أبي هُريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم: "إياكُم والحسد، فإنَّ الحسد يأكُلُ الحَسناتِ كما تأكُلُ النار الحَطب". ولأنَّ الحسد هو تمنِّي زوال النعمة من المحسود، وإلحاق الضرر به؛ فإنَّه يُعدُّ من باب إلحاق الأذى والضرر بالآخرين، وهو ما نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}. [سورة الأحزاب: الآية: 58]. وقال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الفلق: {وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ}.

شاهد: أعراض الإصابة بالعين والحسد وعلاجها

علاج الحسد:

1. الرُقية الشرعية:

هناك الكثير من الآيات القرآنية التي تُتلَى للعلاج من الحسد، وهُناك أدعيةٌ أوصانَّا بها رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- للرُقيَّة الشرعية منه، فعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان إذا اشتكى رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- رقاهُ جبريل وقال: بسم الله يُبريكَ، ومن كُلِّ داءٍ يَشفيكَ، ومن شرِّ حاسدٍ إذا حسد، ومن شرِّ كُلِّ ذي عَينٍ"؛ وعن أبي نَضَرة، عن أبي سعيدٍ، أنَّ جبريل أتى النبي -صلَّى الله عليه وسلم- فقال: "يا محمد، اشتكيت"، فقال: "نعم"، فقال: "بسم الله أَرقيكَ من كُلِّ شيءٍ يؤذيكَ، ومن شَرِّ كُلِّ نفسٍ أو عينِ حاسدٍ الله يَشفيكَ، بسمِ الله أَرقيكَ".

إقرأ أيضاً: الرقية الشرعية في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة

2. المُداومة على قراءة القرآن الكريم:

عزيزي القارئ، بإمكانك قراءة كُلٍّ من سورة الإخلاص، والمُعوذتين، وسورة المُلك قبل النوم؛ وقراءة سورة الرحمن، وسورة الجن، وسورة يس في الصباح؛ وقراءة سورة الصافات، وسورة الدُخان، وسورة المعارج مساءً.

3. تذكُّر نِعَمَ الله التي مَنَّ بها علينا:

إذا كنت خائفاً من أن تحسد ما لديك من نِعَمٍ، أو تحسد أيَّ شخص؛ فيجب عليك قول: "ما شاء الله، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله"، فقد قال الله سُبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {ولولا إذ دخلتَ جنَّتك قُلتَ ما شاء الله لا قوة إلَّا بالله}؛ أو قول الله أكبر ثلاث مراتٍ؛ أو الصلاة على النبي محمد -صلَّى الله عليه وسلم. فعن عامر بن ربيعة قال: قال رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم: "إذا رأى أحدكم من نفسه أو مالهِ أو أخيه ما يُعجبُهُ، فليَّدعُ له بالبركة، فإنَّ العين حق".

4. قضاء الحوائج بالكتمان:

لقد أوصانا نبينا محمد -صلَّى الله عليه وسلم- بكتمان أمورنا، وأن نُحافظ على سرِّنا في قضاء الحوائج، فعن مُعاذ بن جبل-رضي الله عنه- أنَّ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- قال: "استعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان، فإنَّ كُلَّ ذي نعمةٍ محسود".

إقرأ أيضاً: أدعية تحصين الإنسان لنفسه

5. الالتزام بذكر الله سبحانه وتعالى:

وذلك بالمُداومة على الاستغفار، وقراءة المُعوذتين وآية الكُرسي وسورة الإخلاص ثلاثَ مراتٍ صباحاً ومساءً، فعن عبد الله بن خُبيب قال: "خرجنا في ليلةِ مطرٍ وظُلمةٍ شديدةٍ نطلبُ رسول الله -صلَّى الله عليه وسلم- ليُصلِّي لنا، فأدركناه، فقال: أصلَّيتُم؟ فلم أقُل شيئاً، فقال: قُل، فلم أقُل شيئاً، ثُمَّ قال: قُل، فقُلت: يا رسول الله، ما أقول؟ قال: قُل هو الله أحد والمُعوذتين حينَ تُمسي وحين تُصبح ثلاثَ مرات، تكفيكَ من كلِّ شيءٍ".

ومن الأذكار التي يُمكننا ذِكرها بعد كُلِّ صلاة: "اللهم أنت ربي لا إله إلَّا أنت عليك توكَّلت وأنت ربُّ العرشِ العظيم، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكُن، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله، أعلمُ أنَّ الله على كُلِّ شيءٍ قدير، وأنَّ الله قد أحاطَ بكُلِّ شيءٍ علماً، وأحصى كُلَّ شيءٍ عدداً، اللَّهم إنِّي أعوذ بك من شرِّ نفسي وشرِّ الشيطانِ وشِركِه، ومن شرِّ كُلِّ دابةٍ أنت آخذٌ بنَاصيتها، إنَّ ربِّي على صراطٍ مُستقيم".

إقرأ أيضاً: أفضل العبادات عند الله سبحانه وتعالى

6. يجب حماية أطفالنا من الحسد:

كان الرسول -صلَّى الله عليه وسلم- يُعِيذُ الحسن والحسين، ويقول: "إنَّ أباكما كان يعوذ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذُ بكلماتِ الله التامة، من كُلِّ شيطانٍ وهامَّة، ومن كُلِّ عينٍ لامَّة".

وبذلك عزيزنا القارىء نكون قد بينَّا لك علامات الحسد، وأسبابه، وكيفية علاجه، وحكمُه في ديننا الإسلامي.

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة