عش حياتك ولا تهتم بأسلوب حياة الآخرين

لا تسمح لأحد بأن يملي عليك أفعالك، وتقبَّل حقيقة أنَّ الأشخاص مختلفون بالأفكار والآراء، وأنَّ لكل شخص أسلوب حياة مختلف؛ ولا يعني الاختلاف أنَّ أحدهم أفضل من الآخر أو أكثر تفانياً في عمله، فالجميع في نهاية المطاف يحلمون بالنجاح.



ومع ذلك، يتفاعل الجميع على نحو مختلف مع التحفيز العاطفي، فلا يعالج شخصان الأحداث أو المعلومات بالطريقة نفسها تماماً؛ بل لدى كل شخص طريقته الخاصة في فعل الأشياء، وهذا ينطبق انطباقاً خاصاً على القادة في أيِّ مجال، سواء كانوا كوتشز في الشركة، أم مديرين تنفيذيين أم رواد أعمال.

ومع ذلك، فإنَّنا نطبِّق كثيراً من نصائح المساعدة الذاتية العامة التي يفترض من يعطيها أنَّها تناسب الجميع والتي تتضمن الروتين الشخصي والعادات والحيَل مثل: استراتيجيات تعزيز الإنتاجية والطعام الصحي والسلوك المناسب ومواعيد النوم وتحقيق الثراء وكيفية تأسيس مشروع عبر الإنترنت وغيرها الكثير.

لكن لن ينفعك أيٌّ من ذلك شيئاً ولن يوصلك إلى أيِّ مكان، وينطبق هذا أيضاً على المديرين التنفيذيين وقادة الأعمال، لسبب بسيط هو أنَّهم لا يسمحون لأيِّ شخص كان أن يملي عليهم كيف يفكرون أو يتصرفون.

يتَّبع القادة الحقيقيون طريقهم الخاص، ويثقون بإحساسهم، ولديهم الشجاعة والإيمان لفعل الأشياء بطريقتهم الخاصة، بالطبع لديهم منتورز ومعلِّمون، لكنَّ هذا المنتورينغ مختلف عن غيره، فهو يرشدهم في الأمور الشخصية الخاصة بهم، وليس إرشاده كالهراء عديم الفائدة المنتشر هذه الأيام.

إنَّ أسوأ شيء في كل هذا المحتوى العام أنَّ ناشريه ليس لديهم هدف سوى زيادة الإعجابات والأرباح وعدد المتابعين، ولا يهتمون بمصلحة الشخص، وينشرون أية صيحة رائجة ملائمة للعصر، وتتمثل مهمَّتهم في إتخام ملايين القراء دون الاكتراث بما يريد هؤلاء قراءته.

إقرأ أيضاً: 8 طرق تساعدك على عيش حياة سعيدة بعيداً عن الكآبة

قارِن ذلك بما قاله ستيف جوبز (Steve Jobs)، الشريك المؤسِّس لشركة آبل (Apple) للأجهزة الذكية خلال خطاب التخرُّج الشهير في جامعة ستانفورد (Stanford University) عام 2005:

"وقتك محدود؛ لذا لا تضيعه في عيش حياة شخص آخر، ولا تحصر نفسك في أن تعيش مع نتائج تفكير الآخرين، ولا تدع ضجيج آرائهم يكتم صوتك الداخلي، والأهم من ذلك، امتلك الشجاعة لتتبع قلبك وحدسك، فهذان يعرفان تماماً ما تريد أن تصبح حقاً، وعدا عن ذلك فهو أمر ثانوي".

كان جوبز (Jobs) محقاً تماماً بشأن كون المبادئ أو المعتقدات الشعبية فخاً، فلو عرف جوبز (Jobs) فقط عدد الأشخاص الذين سقطوا في هذا الفخ من خلال التكنولوجيا المتطورة التي ابتكرتها شركة (Apple)، لكان قد جُنَّ.

ربما تكون أعظم مفارقة في العصر الحديث هي أنَّ الغالبية العظمى من المديرين التنفيذيين وقادة الأعمال الناجحين - وهم محط إعجاب الجميع - لا يضيعون دقيقة من وقتهم الثمين في قراءة هذا النوع من التفاهة الشعبية أو إعادة نشره؛ بل هم مشغولون جداً في العمل والأمور الجادة.

وفقاً لآخر تقرير صادر عن موقع خدمات الأعمال دومو وَسي إي أو (Domo and CEO.com)، لا يستخدم 61% من المديرين التنفيذيين ضمن قائمة فورتشن (Fortune) وسائل التواصل الاجتماعي على الإطلاق؛ في حين يستخدم البقية - ثلاثة أرباعهم تقريباً - منصة لينكد إن (LinkedIn) فقط، وعدد قليل منهم نشط عليه؛ وذلك ليس لأنَّ لديهم أموراً أهم ليشغلوا بالهم بها؛ بل لأنَّهم يجدون هذه الوسائل عديمة القيمة.

إقرأ أيضاً: كن نسراً، كن أنت التغيير الذي تنشده في هذا العالم

من المعروف عن المديرين التنفيذيين حبهم للمطالعة، فهم ينكبون على قراءة كتب الأدب الكلاسيكي والخيال الشعبي والسيَر الذاتية التاريخية، كما يقرؤون كتباً عن الأعمال التجارية لمؤلفين مختصين مثل المستشار الإداري الأمريكي بيتر دروكر (Peter Drucker)، أو قصصاً درامية حول كيفية تغلُّب المديرين التنفيذيين المحنكين على الشدائد لتحقيق نتائج مذهلة.

صرَّح بيل غيتس (Bill Gates) الشريك المؤسِّس لشركة مايكروسوفت (Microsoft) أنَّ كتاب الأعمال المفضل لديه هو كتاب قديم استعاره من مينتوره ورجل الأعمال الكبير وارن بافيت (Warren Buffett) بعنوان "مجازفات العمل" (Business Adventures) لمؤلِّفه جون بروكس (John Brooks).

يوضِّح غيتس (Gates) أنَّ بروكس (Brooks) الذي كان يعمل كاتباً لدى مجلة نيويوركر (New Yorker) كان راوي قصص مذهل يتمتع بمعرفة عميقة بخفايا شركات ضخمة مثل زيروكس (Xerox) لخدمات الطباعة وجنرال إلكتريك (General Electric) الصناعية وفورد (Ford) للسيارات، ورؤى قوية حول مستلزمات النجاح في الأعمال الحقيقية العالمية.

يقول غيتس (Gates): "على عكس الكثير من الكتَّاب في مجال الأعمال في يومنا الحاضر، لم يختصر بروكس (Brooks) عمله في دروس تعليمية أو شروحات مبسطة للنجاح، ولم يكتب مقالات تتضمن قوائم من النصائح والمعلومات؛ بل مقالات طويلة تعالج قضايا، ويتعمق في استكشاف القضايا ويقدِّم بعض الشخصيات التي تستحق الإعجاب ويتحدث عن نجاحهم".

يتابع غيتس (Gates) حديثه ليقول إنَّ الكتاب لا زال رائجاً حتى الآن؛ وذلك لأنَّه يتحدث عن الطبيعة البشرية وكيف يتفاعل القادة مع الظروف الصعبة، بقدر ما يتحدث عن شركات محددة، وهذا العامل البشري (الدراما) هو الذي يلهم القراء التفكير واستخلاص استنتاجات ذات صلة بظروفهم الخاصة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة