ظاهرة السرقة عند الأطفال وطرق التعامل معها

إنَّ مفهوم السرقة واضح بالنسبة إلى الآباء، فهم يعرفون أسبابها، وأبعادها، وأضرارها على الفرد والمجتمع، لكنَّ الأطفال لا يدركون تماماً ما السرقة، وما تبعاتها، ونتائجها، وما نظرة القانون والدين والمجتمع إلى السارق، وفي هذا المقال أعزاءنا الآباء، سنقدِّم لكم ظاهرة السرقة عند الأطفال، وطرائق التعامل معها؛ لذا تابعوا معنا في السطور القليلة القادمة.



ماهي مظاهر السرقة عند الأطفال؟

تُصنَّف السرقة عند الأطفال وفق الأنواع الآتية:

1. السرقة من باب المغامرة والاستطلاع:

يكون الدافع إلى السرقة في هذا النوع، بسبب حب الطفل للاستطلاع والمغامرة وتجربة أشياء غريبة بالنسبة إليه، ولم يرها سابقاً.

2. السرقة بهدف تحقيق الذات:

يمكن أن يقوم الطفل بالسرقة بهدف إشباع الرغبات الشخصية، والحاجات الداخلية التي يرى فيها ذاته، مثل: سرقة المال بهدف شراء بعض الأشياء التي يحتاج إليها، والتي تحمل صفات مميزة لكي يُظهر نفسه أمام أصدقائه، أو السرقة من أجل الذهاب إلى مدينة الألعاب، وغيرها من الأمور التي يهمه تحقيقها.

3. السرقة الكيدية:

يُعبِّر الطفل في هذا النوع عن نزعاته العدوانية تجاه الأشخاص الآخرين؛ حيث يقوم الطفل بالسرقة، في محاولة منه للانتقام من الأشخاص الأكبر سناً، لكي يلحق بهم الخوف والذعر.

4. السرقة الناتجة عن الاضطراب النفسي للطفل:

توجد كثيرٌ من العوامل النفسية التي تدفع الطفل إلى السرقة، منها: الجوع، أو حب الاستطلاع والمغامرة، أو إثبات الذات والنفوذ، وهذه العوامل والدوافع النفسية العميقة تظهر على شكل اضطراب سلوكي، لا يمكن الكشف عن الصراعات المرضية في نفس الطفل، والتأكد من وجودها، إلا من خلال التحليل النفسي.

5. السرقة بدافع حب التملُّك:

قد يرى الطفل لعبة أعجبته لا يمتلكها، ومحروم منها، فيقوم بسرقتها والاحتفاظ بها خفيةً لفترةٍ من الزمن حتى يلعب بها، ثم يعيدها إلى صاحبها بعد أن يُشبع رغبته الذاتية في اللعب بها، وتفقد الجاذبية التي كانت تحتلها في نفسه؛ لذا يجب على الأبوين في هذه الحالة، تلبية طلبات طفلهما، وشراء ما يُحبه من الألعاب، لإشباع حب التملُّك لديه.

6. السرقة الناتجة عن الحرمان:

يمكن أن يلجأ الطفل إلى السرقة، للتعويض عن الحرمان الذي يُعاني منه؛ إذ قد يسرق خبزاً لأنَّه يشعر بالجوع، ويمكن أن يسرق مصروف زميله؛ لذا يجب على الأبوين، تزويد الطفل بما يحتاج إليه من مصروفٍ وطعام عند ذهابه إلى المدرسة.

7. السرقة بسبب سلوكٍ مكتسب:

يمكن أن يقوم الطفل بالسرقة، بسبب الظروف البيئية المحيطة به والتي يتميز أبناؤها بالسرقة، فيكتسب منهم هذا السلوك، كما يمكن أن تكون السرقة ناتجة عن تشجيع أحد الأبوين للقيام بهذا السلوك.

8. السرقة نتيجة عدم الإدراك:

يمكن أن يقوم الطفل بالسرقة، نتيجة عدم فهمه المعنى الحقيقي لها؛ لذا يجب على الأبوين تعريف الطفل بسوء هذا السلوك، ونتائجه وعواقبه غير المحمودة.

9. التدليل الزائد للطفل:

إنَّ الطفل الذي اعتاد على أخذ كل شيء يريده، قد يأخذ جميع ما يراه من أشياء تعجبه، لاعتقاده أنَّ كل شيءٍ يريده مسموح به، وخاصةً الأطفال الذين لم تتجاوز أعمارهم الـ 6 أعوام؛ لذا يجب على الأهل، عدم السماح للطفل بفعل ما يريد وامتلاك ما يرغب فيه، كما يجب أن يعرف معنى كلمة "لا".

إقرأ أيضاً: أشهر سلوكيات الأطفال الخاطئة وطرق علاجها

ماهي أنواع السرقة عند الأطفال؟

تُصنَّف أنواع السرقة عند الأطفال كما الآتي:

1. السرقة الغبية:

تنكشف سرقة الطفل من هذا النوع بسهولة، لعدم تأمينه جميع الشروط التي تساعد على عدم كشفه ومعرفة ما قام به.

2. السرقة المعتادة:

وفيها تُصبح السرقة عند الطفل عادةً لا يمكنه التراجع عنها، ولا التخلص منها.

3. السرقة بهدف المباهاة:

يلجأ الطفل فيها إلى السرقة بهدف التفاخر والمباهاة أمام الأطفال الآخرين.

4. السرقة الجماعية:

يقوم مجموعة من الأطفال بالسرقة بعد التخطيط المسبق لها؛ حيث يكون لكل واحدٍ منهم دورٌ معيَّنٌ يجب عليه القيام به.

5. السرقة الذكية:

وفيها يقوم الطفل بسرقة ما يريد بدقة وتخطيط، ومن دون ترك أي أثرٍ لكشفه.

6. السرقة العرضية:

وهي سرقة غير دائمة؛ حيث يقوم الطفل بالسرقة مرة أو مرتين، نتيجة تحريض وتشجيع من أحد أقرانه، ولكن بعد ذلك يتراجع عن هذا السلوك.

7. السرقة بسبب الحاجة:

وفيها يلجأ الطفل إلى السرقة للحصول على بعض الأشياء التي يحتاج إليها، ولا يمكنه الحصول عليها بطرائق أخرى.

8. السرقة الفردية:

وفي هذا النوع من السرقة، يقوم الطفل وحده بالتخطيط والسرقة، من دون مشاركة أي أحدٍ آخر، ومن دون تشجيعٍ من أحد.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح للتعامل مع الطفل السارق

ماهي أسباب السرقة عند الأطفال؟

هناك العديد من الأسباب التي تدفع الأطفال إلى السرقة؛ من أهمها نذكر لكم:

1. البيئة الأسرية:

إنَّ عدم تقدير الطفل، وشعوره بالحرمان العاطفي، يجعله يبحث عن طرائق سلبية للتعويض عن ذلك، وإشباع حاجاته النفسية؛ لذا يُعدُّ عدم شعور الطفل بالأمان والاستقرار، نتيجة التفكك الأسري، أو التغيُّر المفاجئ في طريقة تعامل الأبوين معه، هو العامل الأساسي في تكوين دافع السرقة لديه.

3. العوامل النفسية:

إنَّ الفراغ العاطفي الذي يعيشه الطفل نتيجة فقدان الذات، أو الشعور بالنقص، أو الإحساس بالحرمان، يمكن أن يشكِّل لديه دافعاً مباشراً إلى السرقة، ويمكن أن تكون السرقة بهدف إثبات الاستقلالية عن الأبوين، والشعور بأنَّه يمتلك حرية التصرف.          

4. العوامل البيولوجية:

أثبتت دراسات عدَّة، أنَّ الآباء المجرمين يمكن أن ينجبوا أبناءً مجرمين أيضاً، أي يكون لديهم استعداد وراثي للسلوك الإجرامي؛ حيث إنَّ الإنسان الطبيعي السويَّ سلوكياً يختلف عن الإنسان الجانح.

5. أصدقاء السوء:

"قُل لي من تصاحب أقل لك مَن أنت"؛ إنَّ أصدقاء السوء لهم دورٌ كبير في تعليم الطفل كثيراً من السلوكات الخاطئة والخطيرة، ومن هذه السلوكات السرقة، وللأسف، توجد مجموعات من الأطفال تُجبِر الطفل على القيام بالسرقة لقبوله كعضوٍ في مجموعتهم، ويمكن أن يقوم الطفل بالسرقة لأنَّه يَعدُّهم مثله في الشجاعة والقوة، فيصبح لديه حافز قوي على القيام بهذا السلوك الخاطئ.

6. عدم تلبية حاجات الطفل المختلفة:

عندما يشعر الطفل بأنَّه أقلُّ من زملائه وأقرانه، وأنَّ ما يعطيه له أبواه لا يكفي حاجاته ورغباته، عندها يمكن أن يلجأ إلى السرقة لتعويض النقص الذي يشعر به.

طرق التعامل مع ظاهرة السرقة عند الأطفال:

هناك طرائق عدَّة للتعامل مع ظاهرة السرقة عند الأطفال، ومن أهم هذه الطرائق نذكر لكم الآتي:

1. الإرشاد والتوجيه:

يجب تعليم الطفل خصال الخير، وتوجيهه إلى التمييز بين السلوك الخاطئ والصحيح، وتوعيته بطرائق سليمة من دون اللجوء إلى تعنيفه وإهانته، كنعته بالطفل السارق مثلاً؛ لأنَّ ذلك من الأسباب التي تُفقده ثقته بنفسه.

2. تعريف الطفل بمفهوم السرقة:

يجب أن يُدرك الطفل ما مفهوم السرقة، وأنَّ كل ما يأخذه ويحتفظ به من أشياء ليست ملكه، ومن دون استئذان صاحبها، يُعدُّ سرقة، مهما كان شيئاً بسيطاً، سواء قلماً، أم مسطرة، أم ممحاة، كما يجب أن يعلم أنَّ هناك عقاباً ينتظره عند قيامه بمثل هذه الأفعال.

3. توضيح معنى الملكية الخاصة:

يجب أن يفهم الطفل ما معنى الملكية الخاصة للآخرين، والملكية الخاصة به، فضلاً عن معنى الاستعارة؛ أي أن يعلم كيف يمكنه طلب أي شيء من صاحبه، مع ضرورة إرجاعه إليه في الوقت المحدد.

4. تلبية حاجات الطفل:

يجب على الأبوين تخصيص مصروف ثابت للطفل، يمكنه من خلاله شراء حاجاته والأشياء التي يرغب في امتلاكها، كما يجب على الأبوين أن يُشعِرا الطفل بأنَّه يستطيع الحصول على المال عندما يحتاج إليه، مقابل قيامه بعملٍ ما في المنزل، أو مساعدة والديه.

شاهد بالفديو: 15 نصيحة للأباء في تربية الأبناء

5. تكوين علاقات قوية مع الطفل:

يُعدُّ التواصل والحوار بين الآباء والأبناء، أمراً ضرورياً ومهماً جداً، فذلك من شأنه دعم حرية التعبير داخل العائلة؛ الأمر الذي يسمح للطفل بطلب ما يحتاج إليه من والديه من دون شعوره بأي خوفٍ أو قلق من ردود أفعالهم أو رفضهم لطلبه.

6. تعليم الطفل الرقابة الذاتية:

يجب على الأبوين تعليم الطفل مبادئ الرقابة الذاتية، وأنَّه عندما يقوم بأي سلوك صحيح أو خاطئ، فإنَّ الله يراه، وإن لم يره أحد؛ الأمر الذي يساهم في تكوين الخصال الحميدة لديه، حتى وإن لم يراقبه أبواه.

7. إشباع الحاجات النفسية للطفل:

إنَّ شعور الطفل بالحب والحنان والعطف من قبل والديه، يُعزز ثقته بنفسه، ويدفعه إلى التصرف تصرفاً صحيحاً، ويُجنِّبه كثيراً من الأفعال السلبية الناتجة عن الحرمان والبعد العاطفي بينه وبين والديه.

إقرأ أيضاً: القيم الأخلاقيّة في الإسلام، ونصائح مهمة لغرسها في أطفالنا

الأخطاء التي يمارسها الأبوين في التعامل مع ظاهرة السرقة عند الأطفال:

توجد بعض الأخطاء التي يمارسها الأبوين في التعامل مع ظاهرة السرقة عند الأطفال، ومن أهم هذه الأخطاء نذكر لكم:

  1. التحقيق مع الطفل بقسوة لإجباره على الاعتراف بالسرقة؛ الأمر الذي يدفع الطفل إلى الدفاع عن نفسه، والتخلص من هذه الاتهامات باستخدام سلوك خاطئ آخر هو الكذب.
  2. معاقبة الطفل وتعنيفه قبل التأكد من السرقة، ومعرفة الأسباب التي دفعته إلى القيام بهذا السلوك الخاطئ.
  3. إهانة الطفل والتشهير به أمام أصدقائه وأقاربه؛ الأمر الذي يزيد الموقف سوءاً.
  4. إطلاق الأبوين ألفاظاً غير لائقةٍ بطفلهما، ونعته بالصفات السيئة، مثل: أيها اللص، وغيرها من الألفاظ التي تؤذي صحته النفسية.

وبذلك أعزاءنا القرَّاء، نكون قد قدَّمنا لكم أنواع ومظاهر السرقة عند الأطفال وأسبابها، فضلاً عن طرائق التعامل مع هذه الظاهرة.

 

المصادر: 1، 2




مقالات مرتبطة