طريقة التعامل مع الانتقال من المدرسة الثانوية إلى الجامعة (الجزء الأول)

لقد تحررتَ أخيراً من القواعد الصارمة وعدم الخروج من المنزل التي يفرضها والداك عليك وأصبحتَ على استعداد لتكونَ أكثر استقلالية وثقة، هذا الوقت من حياتك مثير ومخيف بالنسبة إليك وإلى معظم الناس، فإنَّ الانتقال من مرحلة المدرسة الثانوية إلى مرحلة الجامعة هو أبرز حدث في تلك المرحلة، وقبل أن تذهب إلى الجامعة فكِّر فيما ستفعله لتساعد نفسك على الانتقال بسلاسة وسهولة.



حتى إذا كنتَ تعتقد أنَّك مستعد تماماً وكنتَ تحلم بهذه اللحظة منذ سنوات، فمن المحتمل أنَّك ستواجه صعوبة على الأقل في الانتقال إلى الجامعة، وواحد من الأمور التي تجعل هذا الأمر صعباً جداً بالنسبة إلى العديد من الأشخاص هو أنَّ هذا الانتقال هو أكثر بكثير من مجرد فكرة الذهاب إلى الجامعة؛ إذ ستكون بعيداً عن والديك لأول مرة، وستحصل على استقلالية تامة، ومن المحتمل أن تكون بعيداً عن جميع أصدقائك، وستشارك غرفة صغيرة جداً مع شخص غريب؛ أي الطريقة التي عشتَ بها حياتك خلال الـ 18 سنة الماضية ستتغير تماماً.

إذا لم يكُن لديك الدعم المناسب، ستجد صعوبةً كبيرةً في الانتقال، وبلغ معدل التسرُّب للطلاب الجدد في الولايات المتحدة (United States) حوالي 30%.

لدى العديد من الجامعات الآن برامج انتقالية لمساعدة الطلاب الجدد على الانتقال السلس ومحاولة خفض نسبة التسرُّب، وسواء كان لدى جامعتك برنامج لمساعدتك أم لم يكن، ففكِّر فيما يمكنك القيام به شخصياً لمساعدة نفسك على التكيُّف مع الحياة الجديدة هذه.

استراتيجيات ونصائح الانتقال العامة:

1. الذهاب إلى المحاضرة:

تبدو هذه الاستراتيجية واضحة، ولكنَّها قد تكون صعبةً جداً عندما لا يكون والداك موجودَين ليحثَّاك على الذهاب، وإذا لم تكُن قد رتَّبت مواعيد دروسك بعد، يمكنك تسهيل الأمر على نفسك من خلال محاولة تجنُّب المواعيد التي تعلم أنَّك ستتغيَّب عن الدروس فيها، وأحد أفضل الأمور في الجامعة هو أنَّه يمكنك أن تقرر كيف تعيش حياتك؛ لذلك إذا كنتَ مسؤولاً عن قراراتك، يمكنك إعداد جدولك اليومي لمساعدتك على تحقيق النجاح.

في دراسة لجامعة كاليفورنيا في سانتا كروز (University of California Santa Cruz) وجد الباحثون أنَّ الطلاب الذين حضروا الدروس فعلاً حققوا نتائج أفضل في امتحاناتهم النهائية من الطلاب الذين لم يحضروها، وإذا فوَّتَّ الدرس، فلن تكون لدى أساتذتك موادٌ جاهزةٌ لك عندما تعود كما كان يفعل معلمو المدرسة الثانوية، وهنا تتحمل أنت مسؤولية الحصول على المعلومات التي فاتتك، وربما يجب عليك الاعتماد على الملخصات من زميل الدراسة.

عندما كنتَ في المدرسة الثانوية، كان لديك حوالي 180 حصةً دراسيةً مختلفةً لمادَّة واحدة على مدار العام، وفي الجامعة يمكن أن يكون لديك ما لا يقل عن 30 أو حتى 15 حصةً دراسيةً للمادة الواحدة، وهذا يعني بمجرد غيابك عن مادة واحدة ستفقد كمية كبيرة من المعلومات.

فكِّر في دروسك من الناحية المالية أيضاً؛ على سبيل المثال لنفترض أنَّ الرسوم الدراسية الخاصة بك هي 7000 دولارٍ للفصل الدراسي، إذا كانت لديك خمس مواد، فإنَّ قيمة كل مادة تبلغ 1400 دولارٍ، وإذا كانت كل مادة تحتاج إلى 15 أسبوعاً على حصتين في الأسبوع، فهذا يعني أنَّ قيمة كل حصة تبلغ حوالي 46 دولاراً، وفي كل مرة تفكر في عدم حضور حصة واحدة، تخيَّل رميَ 46 دولاراً من النافذة؛ أي أنت أو والداك تدفعون مقابل تعليمك؛ لذا تأكَّد من الاستفادة منه.

2. الاندماج في الصف:

في الواقع يُعَدُّ الذهاب إلى الصف أمراً هاماً للنجاح الأكاديمي، لكن يجب عليك التركيز والانتباه بمجرد وجودك هناك أيضاً، فلا تستسلم لفقدان التركيز عندما تكون جالساً في قاعة محاضرات ضخمة، وانتبه ودوِّن ملاحظات ولا تخف من طلب المساعدة من زميل في الفصل أو أستاذ إذا كنتَ مرتبكاً.

ستكون صرامة دروس الجامعة مختلفة تماماً عمَّا اختبرته في المدرسة الثانوية، وستكون الوتيرة أسرع والمواد أكثر تعقيداً، وإذا لم تنتبه وتواكبها، فلن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً لتتأخر عن دروسك وتضيع تماماً.

عادةً في المدرسة الثانوية يوجد الكثير من الوقت الضائع في الفصل، ولكنَّك لن تجد هذا في الجامعة، وسيُدرِّس أساتذتك ما يريدون تدريسه وسيكون هذا كل شيء، وقد تجد أيضاً أنَّ فصولك الدراسية ستنتهي مبكراً أحياناً لأنَّ الأساتذة ليسوا مضطرين إلى التأكُّد من أنَّهم يملؤون كل دقيقة من الدرس بالمحتوى أو النشاطات كما كان يفعل معلموك في المدرسة الثانوية، وإذا أنهى أستاذك ما أراد تدريسه وما تزال توجد 15 دقيقة متبقية من وقت الفصل، فغالباً ما سينتهي الدرس مبكراً، وهذا يوضح أهيمة كل ثانية وكل جزء من المحتوى في الجامعة.

شاهد بالفديو: 6 نصائح مهمة لمن يعاني من قلة التركيز أثناء الدراسة

3. الاستفادة من مواردك:

الجامعات مليئة بالموارد لمساعدة الطلاب على النجاح، لكن عليك البحث عنها، وتحتوي جميع الجامعات تقريباً على مراكز للكتابة ومدرسين خصوصيين متاحين لمساعدة الطلاب، ويخصِّص الأساتذة ساعات خارج أوقات الدوام الرسمي يقدمون فيها للطلاب مساعدة إضافية ويجيبون عن أسئلتهم.

فيما يلي قائمة بالمرافق والموارد التي تمتلكها معظم الجامعات والتي يمكن أن تساعد على نجاح حياتك الأكاديمية:

  • مركز الكتابة.
  • المدرسون الخصوصيون.
  • المكتبة.
  • المستشار المهني.
  • المستشار الأكاديمي.
  • مساعدو التدريس.
  • مخابر الحواسيب.
  • خدمات تكنولوجيا المعلومات (ITS).
  • الوصول المجاني إلى المجلات الإلكترونية.
  • ساعات إضافية خارج أوقات الدوام الرسمي.

4. امتلاك استراتيجية للدراسة:

تجنَّب السهر وكُن منضبطاً لتلتزم بالدراسة ومراجعة ملاحظاتك باستمرار، وبعد أن قضيت 12 عاماً في المدرسة، يجب أن تكون لديك فكرة جيدة عن نوع الدراسة الأفضل بالنسبة إليك؛ هل تفضِّل كتابة الأفكار على بطاقات أم تفضِّل إعادة كتابة ملاحظاتك أم البحث عن مجموعة دراسة؟

يضم الحرم الجامعي أيضاً أماكن رائعة للدراسة؛ لذا ابحَث عن المكان المثالي لك، وسواء كانت مكتبةً أم مبنىً هادئاً في الحرم الجامعي أم مقعداً جيداً أم كرسياً مريحاً في مركز الطلاب بين الصفوف، فإنَّ البحث عن مكان رائع للدراسة أمر لا بدَّ منه، فحاوِل أن تجد مكاناً لا توجد فيه مشتتات حيث تكون مستعداً للدراسة فقط في هذا المكان، وبعد فترة ستعتاد على الدراسة مباشرةً عند الذهاب إلى هذا المكان.

إقرأ أيضاً: أفضل طريقة للدراسة والحفظ والاستيعاب السريع

5. العناية بالصحة البدنية:

إنَّ بدء نمط حياة غير صحي أو الاستمرار فيه في أثناء إجراء العديد من التغييرات الأخرى يجعل الانتقال أكثر صعوبةً، ووفقاً إلى موقع ساكسيس.كوم (Success.com) فأنت بحاجة إلى طعام جيد ونومٍ كافٍ وممارسة الرياضة حتى تكون ناجحاً، وعندما تعامِل جسدك بطريقة جيدة، ستشعر بتحسُّن وتحفيز أكبر، وهذا الأمر يخلق تأثيراً إيجابياً في كل جانب من جوانب حياتك.

توجد الكثير من الأمور المتعلقة بالنوم والطعام وممارسة التمرينات الرياضية التي كان من المحتمل أن تكون موجودة في حياتك من قبل، ولكنَّك ستفقدها عندما تلتحق بالجامعة؛ أي لن يكون لديك طعام مطبوخ في المنزل، ولن تتمكن من النوم في غرفتك الخاصة، ولن تتمكن من ممارسة التمرينات الرياضية أو الذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية للحفاظ على لياقة جسمك، ولن يكون لديك سريرك المريح الكبير في غرفة نوم مظلمة وهادئة، وستجعل الجامعة من الصعب التعامل مع جسمك جيداً، لكن يجب أن تبذل قصارى جهدك مع هذه الأمور.

6. بناء علاقة جيدة مع شريك الغرفة:

يمكن أن يكون زميلك في السكن مصدراً جيداً للراحة والدعم عندما تمر بهذا الانتقال، ويمكن أن يكون العيش مع شخص يعيش التجربة نفسها مفيداً؛ لذا لا تخَف من التعبير عمَّا تشعر به لزميلك في السكن وإخباره إذا كنتَ تواجه أيَّة صعوبة.

من ناحية أخرى أحياناً لا تنجح العلاقات بين زملاء السكن بسهولة، وإذا كان هذا هو الحال بالنسبة إليك، فمن الأفضل ألَّا تفرض النجاح على العلاقة فرضاً، وإذا حاولتَ جاهداً أن تكون صديقاً مقرباً لزميلك في الغرفة في حال كان التواصل بينكما معدوماً، فقد تخلق علاقة متوترة ومُربكة، كما لا يجب عليك التعامُل بطريقة سيِّئة مع زميلك في السكن إذا لم تتفق معه، فهذا سيجعل الأمور أسوأ بكثير، فابذل قصارى جهدك لتعيش مع زميل السكن بطريقة وديَّة.

8. البحث عن دائرة المقربين:

أحد الأمور التي تجعل هذا الانتقال صعباً هو أنَّه يمكن أن تكون منعزلاً حقاً، ولا سيما إذا كنتَ بعيداً عن المنزل، فحاوِل أن تجدَ دائرة من الأشخاص المقربين تجعلك تشعر بالراحة، وقد تكون هذه الدائرة في النادي أو مع مجموعة من الأصدقاء في طابق سكنك أو مع طلاب آخرين من نفس التخصُّص، وإذا كنتَ قادراً على العثور على مجموعة تناسبك، فسيكون لديك نظام دعم رائع لمساعدتك عندما تجد صعوبة في الانتقال إلى الحياة الجامعية.

إذا كنتَ تواجه صعوبةً في التأقلم، فتواصَل مع مَن حولك؛ مثل المساعدين المقيمين أو زملائك في الفصل أو أحد معارفك من منطقتك وما إلى ذلك، ومن المحتمل أن تتفاجأ بعدد الأشخاص الذين سيكونون على استعداد لمساعدتك على الشعور بالراحة ومساعدتك على الانتقال إلى الجامعة.

وفقاً لمجلة يو إس نيوز آند وورد ريبورت (US News & World Report)؛ يحدث نجاح الجامعة عندما يُبهرك الأكاديميون في المؤسسة، ويساعدك الجانب الاجتماعي للحياة الجامعية على التعلُّم والنمو لتصبحَ شخصاً جديداً رائعاً، وعندما تلغي أحد هذه الجوانب وتشعر بأنَّك غير مندمج، فإنَّ حياتك الجامعية بأكملها ستكون صعبة.

إذا وجدتَ نفسك منغمساً في الجانب الأكاديمي وتتجاهل الجانب الاجتماعي تماماً، فقد تدرك أنَّه لن يكون لديك نظام دعم عندما تحتاج إليه.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح لتكون صاحب شخصيّة اجتماعيّة ومحبوبة

9. الشعور وكأنَّك في المنزل:

عندما تدخل غرفة السكن لأول مرة قد تشعر بأنَّها غير جذابة للغاية، وحتى إذا لم تكُن تفهم في أمور الديكور، فخصِّص بعض الوقت لمنح غرفتك بعض اللمسات التي تجعلها تبدو كغرفتك في المنزل، وحاوِل إضافة ستائر إلى نافذتك أو علِّق صور عائلتك وحيواناتك الأليفة، أو أَضِف سجادة، وعندما تفتقد وسائل الراحة وتشعر بالحنين إلى منزلك، فإنَّ هذه اللمسات الصغيرة يمكن أن تُحدِثَ فارقاً كبيراً.

يمكنك أيضاً التعامل مع الجامعة وكأنَّك في بيتك من خلال إيجاد أماكن للذهاب إليها تُذكِّرك بمنزلك أو عائِلتك؛ على سبيل المثال ربما تحب الذهاب إلى المركز التجاري مع والدتك؛ لذا ابحَث عن أقرب مركز تجاري وخصِّص بعض الوقت للاسترخاء هناك، وربما تجد نفسك تفتقد كلبك أو قطتك؛ لذا ابحَث عن مأوى للحيوانات المحليَّة واعرِف ما إذا كانوا يقبلون المتطوعين.

من الطبيعي أن تشعر بالوحدة والحنين إلى المنزل، فلا تخَف من الشعور بهذه المشاعر، لكن لا تنشغل بها أيضاً، واتَّخذ بعض الخطوات العملية لتشعر بالتحسن، وكلما انشغلت واندمجت أكثر مع المجتمع في جامعتك، قلَّ شعورك بهذه المشاعر.

10. التعرُّف إلى استراتيجيات التكيُّف:

عندما تبدأ بالصراع مع أمر ما أو تشعر بالتوتر إلى ماذا تلجأ؟ ربما ترغب في ممارسة الرياضة أو تحتاج إلى إجراء محادثة طويلة مع والدتك، فاحرَص على معرفة استراتيجيات التكيُّف الخاصة بك وابحَث عن طرائق يمكنك الاعتماد عليها بسهولة في أثناء وجودك في الحرم الجامعي.

من الأخطاء التي يرتكبها الكثيرون من الطلاب عندما يتمتعون فجأة بقدر كبير من الحرية هي أنَّهم يلجؤون إلى الحفلات والتسكُّع مع الأصدقاء كآلية للتكيُّف والتأقلُم، وقد يكون هذا الأمر مغرياً حقاً، ولكنَّ هذه الاستراتيجية لن تنجح على الأمد الطويل، ويمكن أن تجعل الجامعة أصعب عليك بدلاً من أن تكون أسهل.

شاهد بالفديو: 7 طرق تساعدك على التكيّف مع متغيّرات الحياة

11. طلب المساعدة:

لا تخشَ طلب المساعدة سواء من والديك أم أساتذتك أم أصدقائك أم مركز الصحة النفسية في الحرم الجامعي، فلا حرجَ في الاعتراف بأنَّك تجد صعوبةً وتحتاج إلى مساعدة، وكل طالب جامعي لديه احتياجات تتعلق بالصحة النفسية، وتدرك المزيد من الجامعات الحاجة إلى دعم الصحة النفسية للطلاب، وجميع الجامعات تقريباً توجد فيها مراكز للصحة النفسية أو يوجد فيها مستشارون متاحون للطلاب.

إذا كنتَ تجد صعوبة حقاً في الانتقال، فلا عيبَ أيضاً في إعادة تقييم اختيارك للجامعة؛ أي ربما اخترتَ جامعة بعيدة جداً عن المنزل أو أدركتَ أنَّك تجد صعوبةً في مواكبة تخصصك، فإذا لم يكُن الوضع الذي أنت موجود فيه مناسباً، فقد تجد أنَّ الانتقال أسهل كثيراً بمجرد تغيير بعض الظروف.

في الختام:

إذا كنتَ تعتقد أنَّ فكرة الانتقال من المرحلة الثانوية إلى الجامعة أمر سهل، فمن المحتمل أنَّك ستواجه صعوبةً، ومن الأمور التي تجعل هذا الأمر صعباً جداً بالنسبة إلى العديد من الأشخاص هو أنَّ الانتقال هو أكثر بكثير من مجرد فكرة الذهاب إلى الجامعة، ولقد تحدثنا في هذا الجزء من المقال عن استراتيجيات ونصائح الانتقال العامة؛ والتي تتضمن الذهاب إلى الفصل والاندماج فيه، والاستفادة من الموارد، وامتلاك استراتيجية للدراسة، والتعامل مع الجسد بطريقة جيدة، وبناء علاقة وديَّة مع شركاء السكن، وتحديد دائرة العلاقات، والشعور وكأنَّك في المنزل، وتحديد استراتيجيات التكيُّف، وأخيراً طلب المساعدة، وفي الجزء الثاني من المقال سنتحدث عن بعض الأفكار الأخرى المتعلقة بالاستعداد للجامعة بدءاً من السنة الأولى في المرحلة الثانوية، فتابعوا معنا.




مقالات مرتبطة