صفات وخصائص الشخصية المنظمة وأشهر مجالات عملها

تمثل الشخصية النظام الكامل من الميول والاستعدادات الجسمية والعقلية الثابتة نسبياً التي تُعَدُّ مميزة للفرد وتحدد طريقته الخاصة في التوافق مع البيئة المادية والاجتماعية على حد تعبير "بيرت" (BURT)، فهي عبارة عن تنظيم يضم جميع الخصائص التي تميز الفرد عن غيره وتجعله يظهر بوضوح متميز وشكل مختلف عن الآخرين، والشخصية ميزة الإنسان ومجموع تصرفاته وأعماله وطريقة تفكيره.



تمثِّل دراسة الشخصية المصدر الرئيس لفهم السلوك والتنبؤ به، وتتمتع كل شخصية بخصال مميزة مرتبطة بها؛ صفات لا نشاهدها بالعين لكن نستنتجها من التصرفات والأعمال ونستطيع من خلالها التنبؤ بما يمكن أن يقوم به هذا الفرد فيما إذا تم وضعه في موقف معين أو بأي اتجاه سوف يسير في المستقبل.

إذاً فالسمة أو الصفة تشير إلى نمط سلوكي متكرر ومستقر يمارسه الشخص تجاه نفسه والآخرين، وتسمح لنا طبيعة السمة المتكررة بالتنبؤ بما سيكون عليه الفرد في المستقبل، كما تحتوي على معيار اجتماعي لتقييم الشخصية؛ إذ نقول هذه الشخصية تتخذ من العدوان سلوكاً لها، وهذه الشخصية وقورة، وتلك الشخصية منظمة أو متسلطة أو منطوية وغير ذلك.

لكن يبقى من المحتمل أن تتغير وتتبدل هذه الخصائص والسمات بفعل عوامل عدة منها الانفعالات والدوافع والمستوى التعليمي والثقافي، وأياً يكن سوف نتحدث اليوم عن إحدى أنواع الشخصيات التي كانت محط نقاش وجدل في الكثير من الأحيان؛ إنَّها "الشخصية المنظمة" ذات الصفات الإيجابية والتي تسعى إلى اكتساب قدراتها ومهاراتها معظم الناس.

أولاً: ما هي الشخصية المنظمة؟

"إيمان" ربة منزل تحب أن تضع كل شيء في مكانه وتركز في تفاصيل الأشياء داخل المنزل مهما كانت صغيرة وبسيطة، وعلى حدِّ تعبيرها فذلك يسهل عملها ويوفر عليها الوقت الذي كانت ستمضيه بحثاً عن الأشياء، بالإضافة إلى المنظر المرتب الذي يكتسبه المنزل بسبب هذا التنظيم.

في الحقيقة، "إيمان" ليست الشخصية الوحيدة التي تحب التنظيم، فخلال حياتنا نصادف العديد من الأشخاص المشابهين لـ "إيمان" والذين يعمدون إلى اعتماد التنظيم سلوكاً ونهجاً في الأعمال التي يقومون بها وفي كل تفاصيل حياتهم، وهذا ما ندعوه بالشخصية المنظمة.

فالشخصية المنظمة تتميز بقدرتها على إدارة الوقت بشكل جيد، فإدارة الوقت ليست فقط فناً؛ بل هي السبيل الكفيل بأداء الأعمال بنجاح أيضاً، وتعمل الشخصية المنظمة على تدوين كل ما يجب عليها من أعمال ضمن أجندة خاصة بها وتضبط كل منها بالوقت بدقة، فهي شخصية لا تعتمد على الذاكرة في تذكر أعمالها، فلا مجال لنسيان أحد أعمالها لأي سبب كان، كما تعمد إلى ترتيب هذه الأعمال بحسب الأولوية؛ أي الأعمال المستعجلة أولاً ومن ثم الأعمال الأقل أهمية، وأخيراً الأعمال التي يمكن لها أن تؤجَّل دون أن تُحدث ضرراً.

الشخصية المنظمة لا تكتفي بترتيب أعمالها فقط؛ بل تعمد إلى ترتيب المكان الذي تجلس فيه، كما تقدر الجهود التي يبذلها زملاء العمل، فهي شخصية متوازنة ومستقرة في جميع جوانب حياتها بحيث تستطيع التوفيق بين حاجاتها المختلفة ومتطلباتها.

شاهد: كيف تكون منظماً لتتحكّم بيومك كما تريد؟

ثانياً: خصائص الشخصية المنظمة

1. محبة للإبداع:

تمتلك الشخصية المنظمة القدرة على ترتيب فوضى الواقع، وتستنتج من خلال ذلك ما يجب أن يكون عليه الواقع في المستقبل، فتتخذ من أدوات الحاضر سبيلاً لرؤية المستقبل، فالتنظيم أساس الإبداع ومنطلق له.

2. الموضوعية:

تكون الشخصية المنظمة بعيدة كل البعد عن التحيز والمحاباة والأنانية وتفضيل المصلحة الشخصية على الآخرين، فهي ترى أنَّه يجب الفصل بين واجبات العمل وبين العلاقات الشخصية، فلا يجوز للأعمال الخضوع للآراء والقرارات الفردية غير الحكيمة أو للمصلحة الذاتية.

3. النزاهة:

الشخصية المنظمة شخصية أمينة، فغالباً ما تتصف بالاستقامة والإخلاص فيما تقوم به، فهي بعيدة عن الفساد الذي يحدث نتيجة سوء استخدام الإدارة وملتزمة بالقانون قولاً وفعلاً.

4. الكفاءة المهنية:

تعبِّر الكفاء المهنية عن النجاح في أداء الأعمال الموكلة إلى الشخص بنجاح، بالإضافة إلى إنجازه مهام أخرى من غير اختصاصه، فالكفاءة المهنية مجموعة من المعلومات والمعارف والخبرات والمهارات المهنية التي يمكن قياسها وملاحظتها من خلال سلوك الفرد وتصرفاته وطريقة إنجازه للأعمال، فالشخصية المنظمة تعمل بشكل دائم على تطوير كفاءتها المهنية، فنراها تلتحق بالدورات التي تتصل بطبيعة عملها، كما تعمد إلى قراءة المعلومات والحصول على المعارف بما يضمن تطوير مسيرتها المهنية وكفاءتها الشخصية.

5. فن إدارة الوقت بنجاح:

تقوم الشخصية المنظمة بترتيب أعمالها وربطها بمواعيد محددة يجب أن تنجز فيها الأعمال بدقة وبنجاح.

6. الاتزان:

فنجد لديها الانفتاح على المشاعر الإيجابية، وهي صادقة وصريحة وحنونة وتمنح الدفء للآخرين، ولديها مستوى منخفض من السلوك العدواني والقليل من مشاعر الغضب، كما تتحكم برغباتها.

7. المرونة:

تتميز الشخصية المنظمة بقدرتها العالية على التكيف مع حياة المحيط الاجتماعي الذي تعيش فيه، كما تتقبل النقد والتنبيه إلى الأخطاء وتسمع نصائح الآخرين وتعمل بها.

8. المسؤولية:

تشعر الشخصية المنظمة بالمسؤولية لمجرد تكليفها بأي عمل؛ إذ تقوم بدراسة الموقف دراسة جيدة متعمقة قبل أن تقوم باتخاذ القرار.

9. الاستفادة من تجارب الآخرين:

فهي تعرف كيف تتعلم درساً من تجارب الآخرين وتستفيد منها في تطوير ذاتها وتنميتها وتحسين جودة حياتها، فتوفر بذلك على نفسها قدراً كبيراً من الوقت ومواجهة الصعوبات.

10. الاستقلال:

الشخصية المستقلة تميِّز ما لها وما عليها بين ذاتها وبين الأفراد والمحيطين بها، وتتخذ قراراتها لمواجهة الأحداث دون تساهل.

11. التفاعل الاجتماعي:

تعمد الشخصية المنظمة إلى تحليل العلاقات الاجتماعية إلى جانبين نفسي ومنطقي، فلا تجد مشكلة في التعاون مع الآخرين للقيام بالأعمال، كما تكون بعيدة عن الصراع الاجتماعي الذي يحدث لاستلام السلطة.

12. متسامحة:

المرونة النفسية الكبيرة التي تتمتع بها الشخصية المنظمة تمكِّن من التراجع عن الخطأ وترك المكابرة وعدم التمسك به والاعتذار عن أخطائها.

ثالثاً: كيف تكون شخصية منظمة؟

1. ضع خطة خاصة بوقتك:

يجب أن تعرف كيف تمضي وقتك، فما هي الأشياء التي تستغرق معك وقتاً طويلاً؟ وما هي الأشياء التي تنجزها بسرعة؟ حدد الأعمال اليومية التي يجب عليك القيام بها، ومن ثم رتبها حسب الأولوية بالنسبة إليك والتي يمكنك تحديدها من خلال ترتيب الأهداف التي تريد تحقيقها، واضبط كل عمل منها بالوقت الذي يجب أن تنتهي به والتزم بذلك.

2. تعلَّم المهارات وطوِّرها:

لأنَّك أصبحت تعرف نوعية الأعمال التي يجب عليك أن تقوم بها، يجب عليك أن تحدد نوع المهارات التي يتطلب كل عمل وجودها والسعي إلى امتلاكها إن لم تكن موجودة لديك وتطويرها باستمرار إن وُجدت.

3. لا تجعل من حياتك أمراً صعباً:

من خلال الالتزام القاسي بالجدول الذي قمت بوضعه، يجب أن تتحلى بالمرونة حتى تستطيع تحقيق الهدف من التنظيم؛ لذا ضع الجدول بشكل مرن وتوقَّع أن يطرأ عليه أي تغيير على أي نوع من النشاط سواء أكان من ضمن العمل الذي تلتزم بإنجازه أم نشاطاً ترفيهياً خاصاً بك، فالخطة الموضوعة يمكن أن تغيرها الظروف، فلا يجب أن تشعر بالفشل والإحباط؛ بل تحلَّ بالمرونة وقم بتكييف خطتك مع المتغيرات.

4. نظِّم الأشياء التي تستخدمها في عملك:

حاول أن تضع الأشياء التي تستخدمها في إنجاز عملك في أماكن معينة؛ أي قم بترتيب مكان عملك بالشكل الذي يسهل عليك الوصول إليها عند الحاجة إليها، وليس معنى ذلك أن تتبع نظاماً صارماً في الترتيب وأن تغدو إنساناً عصبياً فيما لو تم تغيير بسيط عليها؛ بل الهدف من ذلك هو توفير الوقت الذي كان من الممكن أن تصرفه في البحث عن أشيائك، بالإضافة إلى الراحة النفسية التي يمكن أن تشعر بها بسبب الترتيب والتنظيم الموجود في بيئة العمل.

5. اعمل وفقاً لاستطاعتك:

لدى كل إنسان مستوى معين من الطاقة التي يمكن أن يستخدمها في إنجاز أعماله، فالتزم بهذه الطاقة ولا تحاول أن تتجاوزها بإجهاد نفسك والعمل بشكل مبالغ فيه.

شاهد أيضاً: 9 عادات يمارسها الأشخاص المُنظَّمون

6. اعمل وفقاً للقدرات التي تملكها:

اعرف القدرات العقلية والجسدية التي تملكها واعمل ضمنها ولا تحاول تولِّي مهمة أنت تعرف أنَّها تفوق قدراتك وأنَّك سوف تعاني فيما إذا حاولت أن تنجزها.

7. كن واقعياً:

تحلَّ بالواقعية في وضع أهدافك، فيوجد العديد من الأفراد الذين لديهم خيال خصب وأفكار رائعة لكن لا تناسب الواقع الذي يعيشون فيه؛ لذا غالباً ما يفشلون في تحقيق أهدافهم، فيجب عليك أن تقوم بصياغة أهدافك وفقاً لمعطيات الواقع الحقيقية.

8. اهتم بصحتك:

الصحة البدنية هي مفتاح توليد الطاقة التي يستخدمها الجسم لتأدية أعماله؛ لذا اهتم بالرياضة وبممارسة الألعاب والتمرينات الرياضية التي تمدك بالطاقة، بالإضافة إلى الحصول على عدد ساعات كافٍ من النوم، كما يجب الاهتمام بنوعية الغذاء وكمياته؛ لذا احصل على نظام غذائي متوازن.

إقرأ أيضاً: كيف تنظّم حياتك بالشكل الصحيح بعيداً عن الفوضى

9. اسأل نفسك وقيِّم النتائج:

إذا ما أردت تأجيل أحد الأعمال الواجبة عليك، فاسأل نفسك ما هي نتيجة هذا الفعل؟ وما هي المشكلات التي يمكن أن تحدث نتيجة ذلك؟ وما هو تأثيرها في المستوى الشخصي والعملي؟ وفكر فيما إذا كان يمكنك التعامل مع هذه المشكلات عند حدوثها وإذا كان بالإمكان تلافيها، وشجع نفسك على إنجاز عملك كي تتجنب هذه المشكلات.

10. لا تنسَ أن تجعل من الاسترخاء وقيلولة الطاقة جزءاً أساسياً من روتينك اليومي:

فهما يعملان على إعادة شحنك بالطاقة التي تمكِّنك من تأدية واجباتك بنجاح.

إقرأ أيضاً: التنظيم: مفهومه، وأنواعه، ومبادئه، وأهم أهدافه

في الختام:

عند البدء بتنظيم الوقت قد تجد صعوبة في الالتزام بذلك، لكن تذكَّر مدى الفرحة والراحة التي تنتابك عند إنجازك للأشياء كما خططت لها؛ لذا عليك التحلي بالشجاعة وأن تتعلم كيف تقول "لا" لبعض الأشياء التي يمكن لها أن تدفعك بعيداً عن هدفك، فابتعد عن الكسل والتأجيل وعاهد نفسك بالالتزام بالوقت الذي خصصته لإنجاز هذا العمل أو ذاك، ويوماً بعد يوم سوف تجد أنَّ التنظيم والالتزام أصبحا ضمن عاداتك اليومية.

المصادر: 1،2




مقالات مرتبطة