شك النساء بأزواجهن: أنواعه، وأسبابه، وطرق التعامل معه

تعيش أغلب النساء في دوامة الشك، مقتنعات بأنَّه الخيار الأكثر أماناً في علاقتهن مع أزواجهن، فيَعشن أيامهن في قلق واضطراب، ويتحولن إلى مدمنات لوسائل المراقبة والتجسس والتلصص، غير آبهاتٍ بالحدود الشخصية والمساحات التي يجب أن تُحترم لدى كل شخص.



تتبنى أغلب النساء مقولة: "الرجال غير مخلصين"، متبعات سياسة التعميم السلبي، وقد زادت شكوك الزوجات بخصوص سلوك أزواجهن بفعل الانتشار الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي، والانفتاح الهائل الحاصل ما بين الذكور والإناث، من جهة أخرى، شَرْعَن قسم كبير من المجتمع قضية الخيانة بفعل انقلاب المعايير الحاصل فيه، فأصبح يُنظَر إلى العلاقة بين الرجل المتزوج والأنثى العزباء على أنَّها علاقة صداقة تندرج ضمن إطار الحرية والتواصل الاجتماعي، إضافة إلى ذلك، ربطت معظم النساء قيمتهنَّ الإنسانية مع السلوك السلبي الذي يسلكه الزوج، فنسين رسالتهن وغايتهن في الحياة، وركزن كل وقتهنَّ في التدقيق والتمحيص وراء أزواجهن، الأمر الذي جعلهن دائمات الألم النفسي والضيق؛ فعوضاً عن بحثهن عن هواياتهن وسعيهن إلى تربية أولادهن، لهثن وراء جوالات أزواجهن، ونقَّبن ما بين ممتلكاتهم بهدف إثبات أفكار سلبية وشكوك نخرت عقولهن.

لقد نسيت أغلب النساء أنَّ الأصل في الزواج هو الثقة المطلقة، وتوجهن إلى اعتماد الشك بوصفه أسلوب حياة، الأمر الذي حول حياتهم الزوجية من إطار الحوارات العميقة والهامة إلى سيل الاتهامات والتبريرات التي لا جدوى منها.

لم تتوقف العديد من النساء لكي تسألن أنفسهن:

  • "وماذا بعد؟".
  • "هل تستحق الحياة أن نقضيها بِكَمِّ الشكوك المدمرة تلك؟".
  • "هل سألت النساء أنفسهنَّ إن كانت شكوكهنَّ مبنية على يقين ودلائل حاسمة، أم أنَّها قد بُنيت على مجرد إحساس واهٍ".
  • "هل يُعدُّ التجسس والتلصص علاجاً للمشكلة أم أنَّه يهولها؟".
  • "ما الأمور الواجب عليكِ القيام بها لإعادة إحياء الثقة بينك وبين زوجك؟".
  • "هل ما زلت تتعاملين مع زوجك بناءً على خطأ في الماضي فعله واعتذر عنه مُبدياً أسفه وندمه الحقيقي؟".

مَن قال لكِ أنَّ إطلاق الأحكام على زوجك أمرٌ طبيعي، إنَّ إطلاق الأحكام من أكبر الثغرات التي يقع بها أغلب الناس، والتي تؤدي إلى الكثير من المشكلات الإنسانية.

لنفترض أنَّك تأكدتي بالدليل القاطع من خيانة زوجك لكِ، فالسؤال هنا: "هل خانكِ أنتِ، أم أنَّه قد خان الله؟"، "ولماذا تشخصنين المسألة، وتعدِّينها طعناً في قيمتك وكرامتك"، فهو قد خان قيمه، وربه، وأخلاقه، وسيحاسب على هذا في الدنيا والآخرة؛ أما أنتِ فلماذا تحرقين أعصابك، وتدمرين صحتك الجسدية والنفسية، وتقتلين أحلامك وطموحاتك وحياتك، في مقابل سلوك غير مسؤول قام به غيرك؟

ماذا تفعلين إن كنتِ لا تثقين بزوجك؟ هذا ما سنتناوله في هذا المقال.

ما هو الشك؟ وما هي أنواعه؟

هو حالة من عدم اليقين، يحتار فيها الإنسان فيما يخص أمراً ما بنسبة متساوية، أي أنَّه لا يستطيع أن يرجح كفة أحد الخيارين على الآخر، كأن يعتقد أنَّ نسبة صواب الأمر 50% ونسبة خطئه 50%.

يُعدُّ الشك طبيعياً إن لم يؤثر على جودة حيواتنا، ويساعدنا على اتخاذ القرارات بطريقة أكثر منطقية؛ كأن نشك في مدى فاعلية منتج تجاري عندما نشتريه لأول مرة، في حين يتحول الشك إلى شك سلبي، ومدمر للعلاقة الزوجية في حال بدأ الإنسان في اعتماد سياسة سوء الظن في الآخر، دون وجود أدلة قاطعة أو براهين، مستنداً إلى أفكار وإحاسيس وافتراضات غير منطقية، صنعها من وحي خياله، ومعتمداً على وسائل مؤذية جداً في سبيل إثبات صحة فرضياته، كأن تحترف الأنثى تقنيات التجسس والتلصص بهدف مراقبة زوجها التي تملك شكوكاً حول تصرفاته، دون أن تعي أنَّها تحل المشكلة بمشكلة أكبر، والخطأ بخطأ أكبر.

قد يصل الشك لدى بعض الأشخاص إلى حالة مرضية، مثل اضطراب الوسواس القهري، بحيث يفقد هنا الشخص ثقته بالآخر تماماً، ويخسر كل علاقاته، ويصاب بالعديد من المشكلات الجسدية أيضاً، وهنا يحتاج الإنسان في هذه الحالة إلى أخصائي نفسي للمعالجة.

شاهد بالفيديو: 7 أسباب تجعل التكنولوجيا تدمر العلاقات العاطفية!

لماذا تشك المرأة في زوجها؟

1. الصورة النمطية:

تتبنى معظم النساء معتقداً مفاده: "أنَّ الرجال موضع شك على الدوام، فهم غير مخلصين"، الأمر الذي يجعلهن دائمات الشك في أزواجهن، وبعيدات كل البعد عن الأصل والجوهر، فالثقة المطلقة بين الطرفين هي الأصل في الزواج الناجح. من جهة أخرى، يساهم الإعلام والمسلسلات التلفزيونية والأفلام في تعزيز صورة الرجل الخائن، المتعدد العلاقات، غير المخلص، بالإضافة إلى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي وما تبثه من مظاهر انفتاح مبالغ فيها بين الذكور والإناث، حتى باتت العلاقة بين الرجل المتزوج والأنثى العزباء شكلاً من أشكال الصداقة "المتحضرة".

2. عدم الثقة بالذات:

مَن يتبنى الشك هو شخص فاقد الثقة بذاته، وينتظر قيمته من الآخر، فتراه يشك في حب الآخرين له أو في إخلاصهم ووفائهم له، الأمر الذي يجعله دائم القلق والاضطراب النفسي؛ وفي حين يتصرف الشخص الواثق بنفسه بطبيعية وقوة أمام الآخرين، ولا يأبه لتصرفاتهم معه، فهو لا يستمد قيمته من الخارج، بل يستمدها من قيمه ومن ربه.

تعاني الأنثى التي تجعل زوجها مركز حياتها ومحورها، وتعيش أيامها في حالة مراقبة مستمرة لأدق تفاصيله، وتُولِي الاهتمام الأكبر لشكوكها وظنونها، وتنسى عملها وأولادها وشخصيتها وشغفها.

3. الغيرة العمياء وعدم مراعاة الخصوصية:

ترغب العديد من النساء في امتلاك الرجل، وتغار عليه من الأخريات غيرة مجنونة، الأمر الذي يجعلها تشك في أصغر تفصيل يقوم به، مما يحول حياتهما إلى جحيم، فبدلاً من توجيهها سهام الشك إلى سلوكات زوجها بحجة الغيرة عليه، كان لزاماً عليها توجيه جهودها من أجل الاهتمام به وتفهمه أكثر، أي أنَّ تحول تركيزها إلى إشباع احتياجات زوجها النفسية؛ بدلاً من تركيزها على الأخريات وطريقة تعاملهن مع زوجها.

تعتقد الأنثى أنَّ الزوج مُلكَها، وكذلك الرجل، فهنالك سوء فهم للزواج من قبل كلا الطرفين، إذ يعتقد الطرفان أنَّ الزواج هو انصهار وذوبان كل طرف في الآخر، الأمر الذي يجعلهما ينتهكان المساحة الخاصة لبعضهما بعضاً، كأن تتجسس الأنثى على هاتف زوجها المحمول معتقدةً أنَّ ذلك من حقها، وأنَّ شكوكها تغفر لها تجسسها، في حين أنَّها تعالج الخطأ بالخطأ، ولكن في الحقيقة الزواج قائم على احترام الحريات الشخصية والحدود والمساحات الخاصة لكل من الزوج والزوجة.

4. التعميم السلبي:

قد يُخطِئ الرجل بحق زوجته في موقف ما في الماضي؛ ولكنَّه يعترف بخطئه ويأتي إلى امرأته ويعتذر منها، ويؤكد لها نيته الحقيقية في تجاوز الماضي والبدء من جديد، إلا أنَّها تُخفق في فتح صفحة جديدة معه، وتُعمِّم تلك التجربة السلبية الماضية على كامل تصرفاته، وتجعل الشك عادة يومية تدمر سلام العلاقة بينهما، وتبقى الأنثى أسيرة تلك الذكرى ولا تستطيع الخروج منها، وإعادة بناء الثقة مع زوجها.

إقرأ أيضاً: كيف تتصرف إزاء الخيانة الزوجية؟

5. حدوث تصرفات غير مألوفة:

قد تميل الزوجة إلى الشك نتيجة وجود تصرفات معينة غير اعتيادية يقوم بها الزوج، إلا أنَّها تنقل شكوكها وأحاسيسها تلك إلى مرحلة اليقين مباشرة، وتصنع قراراتها بناء على افتراضات وتصورات قد تكون بعيدة كل البعد عن الصحة. وهنا كان لزاماً عليها أن تصبر إلى حين وجود الدليل القاطع ومن ثم تتصرف بناء على معطيات حياتها وظروفها.

أن تلهث الأنثى وراء شكوكها وتلجأ إلى التجسس والتلصص على زوجها لكي تؤكد شكوكها وأحاسيسها؛ فهذا يعني أنَّها تُقحم نفسها في دوامة الشك التي لا مخرج منها، محوِّلةً حياتها إلى جحيم، متجاهلة كل النعم الموجودة في حياتها، ومركزة كامل طاقاتها على تفاصيل زوجها الصغيرة، دون أن تدري أنَّها تعالج الخطأ بخطأ أكبر منه.

6. التجارب السابقة والبيئة الأسرية:

قد تكون الأنثى ضحية بيئة أسرية مشوهة نفسياً، كأن تكون قد نشأت في جو عائلي قائم على الشك، إذ تشك والدتها في والدها، وتشك في أولادها، كأن تقول لابنها: "أنا لا أصدقك، من المؤكد أنَّك تدخن في المدرسة"، أو تقول لابنتها: "أنتِ تتكلمين مع ذلك الشاب، أنا أعرف ذلك، لا تنكري"، بالإضافة إلى بحثها المتواصل في هاتف زوجها المحمول وفي خصوصياته؛ إذ تميل الأنثى الناشئة في بيئة كهذه، إلى الشك في زوجها وأولادها المستقبليين فهي تحاكي سلوك والدتها تماماً.

من جهة أخرى، إن تعرضت الأنثى إلى الخيانة من قبل الشريك العاطفي في أكثر من تجربة حب سابقة؛ فقد تنزع إلى تبني مقولة: "كل الرجال خائنون" وتجعل الشك سلاحها الدائم في علاقتها مع الجنس الآخر، من أجل أن تحمي نفسها من ألم الخيانة التي تراها من وجهة نظرها مؤكدة لا محالة.

إقرأ أيضاً: 10 أسرار يجب على كل امرأة أن تعرفها من أجل الزواج الناجح

ماذا تفعلين إن كنتِ دائمة الشك بزوجك؟

  1. يجب عليكِ أن تعلمي بداية أنَّ الشك مدمر للعلاقة الزوجية، وأنَّ مَن يستسلم لشكوكه فكأنَّما يستسلم إلى الجحيم، ويجب عليكِ أن تعلمي أنَّ التجسس والتلصص من أبشع الوسائل لمراقبة زوجك، ولقد حرم الله سبحانه وتعالى الظن السيء والتجسس والغيبة لما لهما من آثار سلبية، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ ۖ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ)، [سورة الحجرات، الآية:12].
  2. اعلمي أنَّ الأصل في الزواج هو الثقة، لذلك بادري بالحسنى مع زوجك، وأعطيه الحب والثقة والاهتمام والحنان، وسيكون من أروع ما يكون معك.
  3. كوني رحيمة مع زوجك، فكلنا خطاؤون، ولا تنسفي كل حسنات زوجك وكل مواقفه النبيلة لمجرد قيامه بخطأ واحد؛ ففي حال اعترافه بالخطأ وإبداء النية الحقيقية في التغيير؛ عليك مسامحته وإعادة جسر الثقة بينك وبينه.
  4. تجاهلي شكوكك وسلمي أمرك لله، فإن كان زوجك خائناً؛ فسيكشفه الله لك لا محالة، فلا توجد جريمة كاملة، فلا تضيعي أيامك وطاقتك في سبيل البحث عن دلائل لإثبات شكوكك، بل اهتمي بنفسك ومارسي كل ما ترغبين به من رياضات ورقص ونشاطات، وانشغلي في تربية أولادك بالشكل الأمثل.
  5. عليكِ بالدعاء لله، لكي يُدخِل الراحة والأمان إلى قلبك، ويساعدك على تجاوز شكوكك.
  6. في حال تيقنتِ أنَّ زوجك على علاقة مع إمرأة أخرى؛ فيجب عليك في هذه الحالة المحافظة على هدوئك وتوازنك الانفعالي، لأنَّ الانفعال وإطلاق الأحكام السلبية لن يُثمِران إلا المزيد من المشكلات، ولا تنسي أنَّ الحكم لله وحده، فمن غير الإنصاف أن تحكمي على شخص بصفة سلبية قاسية، وتتجاهلين كل حسناته وأفعاله النبيلة فقد يكون قد تزوج بالثانية بالحلال؛ لذا أحسني الظن. ومن أجل المحافظة على ثباتك يجب عليكِ الفصل ما بين الفعل والفاعل، فلا يمكنك أن تنعتي زوجك بالخائن لمجرد أنَّه تزوج من ثانية، فقولي بينك وبين نفسك: "زوجي الذي أحبه واحترمه، قام بسلوك سلبي". من جهة أخرى، اعلمي أنَّكِ لا تملكين زوجك وكذلك زوجك لا يملكك، بل الله هو مالك كل شيء، فلا تأخذي الموضوع على أنَّه يمس كرامتك ووجودك بل اعلمي أنَّه لم يخونك.
  7. في حال تيقنك من خيانة زوجك؛ كوني واضحة مع ذاتك، واجلسي مع نفسك ورتبي أمورك بناء على ظروفك ومعطيات حياتك، فليس المهم الآن أن تواجهي زوجك وتعلني الحرب عليه، وتنشري جريمته على الملأ، بل المهم أن تسألي نفسك: "وماذا بعد؟"، "هل تمتلكين الخطة البديلة؟"، "هل أنتِ مستعدة لخطوة الانفصال عنه؟"، "هل أنتِ مستعدة للبقاء معه ومسامحته؟". تتطلب خطوة مواجهة زوجك الكثير من الدراسة والوعي، فيجب أن تحضري نفسك لكل الاحتمالات، فقد يُبدِي زوجك أسفه وندمه على فعلته طالباً مسامحتك، وقد يُبدِي عدم اهتمامه لك ولمشاعرك، ويُعلِن تمسكه بعلاقته الخائنة.
  8. لكل مقبلة على الزواج؛ يجب عليكِ أن تأخذي الوقت الكافي في دراستك لشريك حياتك، ففترة الخطوبة هي فترة ذهبية لكي تحللي شخصية شريك حياتك، وقيمه في الحياة، وأساليب تعامله مع المشكلات، وخططه في تربية الأطفال، ومشاريعه لتطوير سوية حياتكم، ومفاهيمه عن الصح والخطأ، من شأن ذلك أن يساعدك على الانتقال إلى الخطوة التالية براحة بال وثقة.
  9. اعلمي أيتها المقبلة على الزواج أنَّ الثقة لا تُبنى على عجل، ولا تُبنى على الكلام والوعود، بل على المواقف وحدها؛ لذلك حللي مواقف شريكك العاطفي ومن ثم اعطيه ثقتك.

الخلاصة:

الثقة أهم بند من بنود العلاقة الزوجية، اعطي زوجك الثقة والحنان والاهتمام، وتجاهلي شكوكك إن وجدت، ولا تلهثي وراء الأوهام، ولا تقعي في فخ الأحكام. سلمي أمرك إلى الله، فهو الأقدر على حل كل أمورك، وفي حال تيقنك من خيانته لك؛ لا تنفعلي بل اجلسي مع نفسك وكوني مستعدة لكل الاحتمالات، واعلمي أنَّه لم يخنكِ، بل خان قيمه ومبادئه وربه.

 

المصادر: 1، 2، 3، 4، 5، 6




مقالات مرتبطة