سايكولوجيا الثراء وطرق الوصول إليه

لا شكَّ بأنَّ المال هو أمر في غاية الأهمية والفائدة في حياة الإنسان، فالطعام يعتمد اعتماداً أساسياً على ما لديك من مال، وحتى قدرتك على شراء الأدوية لها علاقة بما تمتلكه من مال، وأيضاً ما تمتلك من مال يحدد نوعية وجودة الرعاية الصحية التي يمكن أن توفرها لنفسك، وقِس على ذلك الكثير من الأمور الأساسية في الحياة التي تتعلق بما لديك من مال.



كيف تفكر مثل الأغنياء؟

قد تكون أول خطوة لأي إنسان نحو الثراء هي تغيير تفكيره وتغيير الطريقة التي يفكر بها وتغيير معتقداته؛ إذ على أي فرد أن يؤمن بأنَّ أي إنسان على سطح هذا الكوكب يمكن أن يصبح غنياً، وأنَّ باب الثراء مفتوح لكل مَن يريد ولكل مَن يعمل ويجتهد ولكل مَن يقع ويسقط ثم يحاول من جديد.

ما هو الشيء الذي يمنع أي شخص من أن يكون غنياً؟

قد يظن معظم الناس أنَّ أكثر ما يمكن أن يمنع الإنسان من امتلاك الثروة هو الظروف الخارجية؛ من ظروف اقتصادية وسياسة عامة، أو أنَّه لم يرث من والده ما يكفي كي يبدأ مشروعاً خاصاً به، أو أنَّ ظروفه العائلية والمعيشية تقف عائقاً أمام حصوله على الثروة.

في الحقيقة كل تلك الأسباب لا تعدو عن كونها حججاً نقنع بها أنفسنا أو عقولنا؛ إذ كما نعلم يُعَدُّ الدماغ كسولاً جداً ويُحب أن يرمي كسله على الظروف والعوامل الخارجية؛ وذلك من أجل أن يريح نفسه من عناء المحاولة.

يجمع خبراء علم النفس وكل المختصين في مجال سايكولوجيا الثراء على أنَّ العائق الأول والأهم الذي يمنع الإنسان عن بلوغ الثراء هو معتقداته الخاطئة، والتي تخبره دائماً بأنَّ امتلاكه للثروة هو أمر صعب جداً وبعيد المنال.

ما هي أهم العادات التي تمكِّنك من بلوغ الثراء؟

1. مزرعة الثراء:

يجب على الفرد الذي يود أن يصبح غنياً أن يقسِّم ما يملك من أموال إلى قسمين؛ القسم الأول ينفقه على حاجاته الأساسية والضرورية؛ بينما يضع القسم الثاني فيما يُطلق عليه اسم مزرعة الثراء؛ وهي مكان يستثمر فيه الشخص ثرواته في مشاريع منتجة مهما كانت صغيرة أم متوسطة.

2. الابتعاد عن الحسد:

توقَّف عن مراقبة مَن حولك من الناس الأثرياء بعين الحسد؛ بل انظر إليهم بعين التلميذ وعين المتعلِّم الذي يريد الاستفادة من خبراتهم وتجاربهم، وانظر كم كافحوا وقاتلوا من أجل أن يحصلوا على ما يريدون، ثم انظر إلى ذاتك وحاول أن تدربها على ما تراه أنتَ مفيداً، وكل ذلك لن تقدر على فعله طالما أنتَ تنظر إليهم بعين الحسد.

3. المجازفة:

لو كان الثراء حالياً دون أيَّة خطورة ويمكن الوصول إليه دون مجازفة وبطرائق سهلة وآمنة، لأصبح جميع الناس أثرياء، ويعلم الجميع أنَّ الأثرياء لم يصبحوا كذلك دون أن يخاطروا في صفقات أو أعمال أو مشاريع كان من الممكن فيها أن يخسروا كل شيء، ولكنَّهم ربحوا كل شيء.

4. البدء بما هو موجود:

قد يكون هدفك الأساسي هو إنشاء سوبر ماركت كبيرة، وقد تكون لديك الكثير من الأفكار التي تريد أن تطبِّقها، والتي تظن أنَّها سترتقي بك إلى ما تصبو إليه، ولكن قد لا تتوفر لك الظروف حالياً في البدء بهذا المشروع؛ وهذا لا يعني أن تبقى منتظراً وترفض عمل أي شيءٍ آخر ولو كنتَ لا تحبه، فانظر إلى ما تملكه في هذه اللحظة ثم ابدأ مشروعاً من خلاله.

على سبيل المثال، لو كانت لديك أرض زراعية، فابدأ بها ولو كنتَ لا تحب هذا النمط من الأعمال، فإن اهتممتَ بمشروعك هذا وسألتَ أهل الاختصاص، سيدر عليك المال بالتأكيد، وربما يكرمك الله ويعطيك أكثر مما كنت تظن، وربما تحب هذا العمل فعلاً وتستمر فيه وتجده مربحاً، وكل هذا كان من الممكن ألَّا يحدث لو أنَّك بقيت تنتظر الفرصة السانحة.

إقرأ أيضاً: علم النفس التحفيزي: سر قوة الدافع

5. سؤال أهل الاختصاص:

في كل مشروع تود البدء به؛ لا بدَّ لك أولاً أن تجمع المعلومات الدقيقة عن إمكانية إقامة هذا المشروع والجدوى الاقتصادية منه وأساليب التسويق، وما إلى ذلك من الجوانب التي من الصعب عليك أن تكون محيطاً بها كلها؛ لذا من الأفضل لك أن تسأل أهل الاختصاص فقط ولا تستمع لما يقوله عامة الناس، ويجب عليك أن تحذر من أنصاف المثقفين الذين يدَّعون العلم والمعرفة في جميع المجالات.

6. التأسيس والمتابعة:

حين تؤسس فريقاً خاصاً بك من الأفضل أن تنتقي أفراده من المتخصصين في المجالات التي لا تملك الخبرة الكافية فيها، فإن كان مجالك هو الدراسات الاقتصادية، فيجب أن تختار فريقك ممن يتقنون فنون التسويق على سبيل المثال، وبعد انتقاء أفراد الفريق بطريقة منهجية ومدروسة، يجب الاستمرار في متابعة هذا الفريق، والوقوف على الأفكار الجديدة التي يمكن أن يقترحوها، ووضعها في الحسبان، والاستماع للمشكلات والهموم والمصاعب ومحاولة حلها.

7. فن الشراء:

إنَّ معظم الأثرياء في العالم أكدوا أنَّهم في مرحلة ما قبل الثراء كانوا يقصدون شراء المنتجات ذات الثمن المرتفع، ويبتعدون عن المنتجات الرخيصة؛ لأنَّهم يعرفون تماماً أنَّ الأولى ذات جودة عالية تدوم لديهم فترات طويلة، بخلاف المنتجات الرخيصة التي يصيبها العطب بعد فترة قصيرة، ويضطر الشخص إلى شراء غيرها؛ ولذا وَفقَاً لهذا المبدأ تُعَدُّ الأغراض ذات الثمن المرتفع أكثر توفيراً للمال.

8. القوة الإبداعية:

إنَّ كل الأثرياء في العالم قد بدؤوا بإمكانات متواضعة جداً كان يملكها معظم الناس، ولكنَّهم تميزوا عن غيرهم بأنَّ أفكارهم كانت جديدة وغير مطروقة من قبل؛ وهذا ساهم في نمو إمكاناتهم البسيطة إلى ما هم عليه من ثراء في هذا الوقت.

شاهد بالفديو: أسرار الإبداع والنجاح في العمل والحياة

9. تربية الثراء:

يمكننا أن نَعُدَّ الثراء مرادفاً لمهارة تنمية المال واستثماره؛ لذا من الممكن أن يكون الثراء مهارة يمكن أن نتعلمها، وفي نفس الوقت يمكن أن نعلِّمها لأبنائنا وأطفالنا وندربهم على عادات وأفكار مالية بسيطة، ولكنَّها تعبِّد الطريق أمامهم في درب الوصول إلى حريتهم المالية وحسن إدراتهم لمواردهم وطاقاتهم.

10. إتقان فن التفاوض:

إنَّ أي عمل تجاري أو ربحي يحتاج إلى كسب ثقة الناس وإعجابهم، فعلى سبيل المثال لا يمكن لأي بائع أن ينجح في تجارته دون أن يتقن فن التفاوض مع الناس؛ إذ لا يخسر في تجارته ويرضي زبائنه في نفس الوقت؛ إذ إنَّها مهارة يجب على أي باحث عن الثروة أن يتقنها.

دور المرونة النفسية في الوصول إلى الثراء:

إنَّ رحلة الوصول إلى الثراء هي رحلة معقدة وصعبة نوعاً ما من جميع النواحي، وخاصةً النفسية والشعورية؛ إذ وجد خبراء علم النفس أنَّ مسيرة الانتقال إلى حالة الغنى هي مسيرة تتعارض مع عواطف ومشاعر الإنسان، وتتطلب قدرة جيدة على ضبط المشاعر والعواطف والتحكم بها وتعديلها بطريقة تسمح لنا بالاستمرار في الرحلة.

يؤكد الكثيرون من علماء النفس أنَّ المرونة العقلية والنفسية ضرورية جداً لتحقيق الثراء؛ بل تكاد تكون النقطة الأهم على الإطلاق؛ وذلك لأنَّ المرونة النفسية ضرورية لكي ينهض الإنسان مجدداً بعد كل سقوط، فالرحلة صعبة ومليئة بالعقبات والمصاعب.

ما هي الأفكار والمعتقدات الخاطئة المتعلقة بالثراء؟

يسود في العديد من الثقافات والمجتمعات - وخاصةً دول العالم الثالث - أنَّ المال هو نفاية الحياة، وهو مجموعة من الأوساخ التي يجب على الإنسان الترفع عنها والسمو فوقها.

إنَّ هذا التفكير قد يحمل في طياته نوعاً من الفضيلة، وخصوصاً من ناحية النهي عن جمع الأموال بطرائق غير شرعية، وهذا أمر مرفوض من جميع النواحي سواء الأخلاقية أم الاجتماعية أم الإنسانية وحتى الاقتصادية.

لكن ما عدا ذلك فإنَّ الاستثمار في المال هو ما يجعل الحياة أكثر سهولة، ويقوي الاقتصاد من جميع النواحي؛ وهذا ينعكس على الحياة من ناحية الغذاء والدواء والصحة والتعليم وما إلى ذلك من أمور تفيد الفرد والمجتمع.

إقرأ أيضاً: المعتقدات: تعريفها، ونشأتها، وأنواعها، وكيفية التحرر من السلبية منها

هل الثراء يرتبط مع معدل أعلى للإصابة بالأمراض المتعلقة بالضغط النفسي؟

تَشيع الكثير من الأقاويل، والتي تربط المال والثراء بالضغط النفسي المستمر والذي يؤدي إلى تحريض أو مفاقمة عدة أمراض، مثل ارتفاع الضغط الشرياني أو الداء السكري أو داء الشرايين الإكليلية، وحقيقة هذا الكلام دقيقة من ناحية أنَّ الضغط النفسي يفاقم هذه الأمراض أو حتى يسببها.

لكن دعونا نأخذ الأمر من جوانب أخرى؛ هل الثراء يسبب حقاً هذا الضغط النفسي الهائل الذي يسبب كل هذه الأمراض؟ قد يبدو هذا الضغط النفسي مبالغاً به بعض الشيء، ومن جانب آخر؛ أليس الفقر والعوز والحاجة هي أهم مسببات الضغط النفسي؟ وماذا يمكن أن يسبب الضغط النفسي والأمراض المتعددة أكثر من سوء التغذية وانعدام الأمن المالي؟

أثبتت العديد من الدراسات الغربية أنَّ أكثر الاضطرابات النفسية سببها انعدام الأمن المالي، وأنَّ نسبة كبيرة من الخلافات الزوجية سببها القضايا المادية، وأنَّ معظم مشكلات الإنسان النفسية والعضوية والحياتية يمكن حلها من خلال وجود الأمان المادي.

في الختام:

في نهاية هذا المقال من الهام جداً أن ننوه إلى قضية هامة؛ فصحيح أنَّ الثراء هو هدف محق لأي شخص، لكن من الهام جداً ألَّا يكون هذا الطريق محفوفاً بالأضرار والمخاطر على حياة الناس ومصالحهم الشخصية؛ إذ إنَّ أسوأ ما يمكن أن يفعله أي إنسان هو أن يبني ثروته على أوجاع الناس وتعاستهم وآلامهم.

المصادر: 1، 2، 3




مقالات مرتبطة